أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الفقاعة-قصة قصيرة















المزيد.....

الفقاعة-قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3051 - 2010 / 7 / 2 - 22:18
المحور: الادب والفن
    




بكثير من القلق المعجون بيأس متطرف، أطلقت عيني تجوسان المكان، تتفحصان كل نأمة ، رئتاي تتنفسان هواء خانقا، تزوغ الرؤية في عيني و تهرب الفكرة من رأسي الذي صاركخزانة ذات طبقات فارغة واحدة فوق الأخرى، هاهي فارغة تماما ، لا تحوي شيئا ، الحيرة هي كل ما كان يجول في خزانة رأسي الفارغ ، شيء ما من وراء فراغ رأسي، يحرضني على البحث و التقصي و عدم الركون إلى هذا الفراغ،ليحركه ببطيء شديد يمينا و شمالا ككرة ذات جدار رقيق كجدار الفقاعة و هكذا وجدت أن علي أن أعرف بشكل واضح وضوح ما أرىمن خلال الزجاج الشفاف الذي يفصلني عن ذلك الجالس في الغرفة الزجاجية، تتكدس أمامه ملفاتنا، تتوتر جلودنا الرقيقة من عوز في تكوينها و ليس لرفاه باذخ ، هذا الرجل الذي لا زال منذ الصباح يعذبنا بصقيعه المنثال من عينين باردتين كثقبين لا معنى لهما،، ربما كان بروده مستمدا من البرد الذي يبثه حوله ، جهاز التكييف الأبكم الواقف كحارس سلجوقي قرب الزجاجة الشفافة الموصدة بوجوهنا محروسة بأسباب ذلك الحارس السلجوقى الأعزل الذي يتملق ذلك الرجل بوميضه الخافت بين الحين و الحين، ذالك الرجل الذي يبدو كإله محنط في علبة زجاجية ، كان قد اختزلنا جميعا بملفات اختلفت بحجومها و ألوانها،لم يكن عجيبا بعد ذلك أن تتجمع نتف من غيوم تفكيري لتدور في رأسي الفارغ فاقدة قدرة القفز منه، رأسي الذي كان كالكرة كما رؤوس الآخرين الجالسين قربي و أمامي و خلفي و أولئك الذين يسيرون بتكاسل في ممرات المشفىو كذلك رأس هذا الرجل البارد يتطاول أمامه عمود ملفاتنا فيحجب جزءا من أنفه الطويل المعقوف بلباقة هندسية تثير زوبعة من الدهشة الداهمة لسكوني المصطنع رغم ذلك الفوران و الأزيز في رأسي ، ذلك الرجل البارد هو سبب فوراني رغم أن رأسه مثلنا جميعا كالكرة بيد أن أنفه خرج كثيرا عن التكوين فتميز عنا نحن ضائعي الأنوف بحدود كرات رؤوسنا و أعلن تمردا من نوع ما، مما سبب تراجعي عن قناعتي بكون رأسه مثل رؤوسنا ، رؤوسنا كفقاعات مهتزة على أعناقنا معرضة لشتى صنوف الهزات، فقاعات لا بد لها أن تنفجر في أية لحظة وعندما توصلت إلى مغزى تصوري ، هدأ قليل من الفوران و تماسك رأسي ولم يعد يهددني بالإنفجارو قلت في سري إن كثير من الفقاعات تقاوم انفجارها بالحفاظ على حجومها كما هي، جعلني ذلك أكثر طمأنينة مع علمي الأكيد بأن رأسي لا يمارس زهوا بل يكابد ألما و كنت غير منتبه لتلك المخاتلة المعنوية فيما يخص الفارق بين الزهو و الألم فهما في لحظة ما يتماثلان إذ إن كليهما يؤول إلى انفجار، إذن ما العمل وهذا رأسي قد صار كفقاعة محشوة بألم مالح، لا زلت أجلس أمام هذا الكائن الباردتفصلني عنه تلك الزجاجة الشفافة لدرجة الخديعة و الخبث و هي تبدو كذلك لاكتشافي توا أنها تغري على تجاهل وجودها كزجاجة فاصلة بيني و بين هذا الذي أخفت ملفاتنا أغلب أنفه المعقوف و جزء من جبهته الضيقة فبدا رأسه مرة أخرى كفقاعة مميزة تبث موجات مربكة لعيوننا التي بدت كفقاقيع صغيرة تلتصق بفقاقيع رؤوسنا ، في البداية أردت أن أتلمس يقينا فيما يخص الفراغ الذي حولي و كأنني جزء من لوحة أُقحمت في مساحتها إقحاما فشعرت إنني أنحشر بين طبقات فراغي حشرا و بعد انشغالي بمحاولاتي البائسةلاستيضاح أسباب وقوعي في هذا الموقع من اللوحة الماثلة في رأسي الذي هو كالفقاعة و أثناء ذلك و بكثير من التفاهة استغرقت في النوم على احدى المصاطب التي تجعل مؤخرتك مخططة عرضيا خاصة إذا كنت ممن يتعاطون الأسبرين و مسيلات الدم الأخرى ذات الألوان و الأسماء الكثيرة و هكذا رأيتني في عالم النوم وقد تحققت تصوراتي في اليقضة ، نعم قلت في نفسي ها نحن مجرد فقاعات نطفو في حوض مليء بالماء نسبح فيه فرادى و جماعات حجومنا مختلفة ، كأجيال من الفقاعات ، تصفعنا تيارات الهواء فنتقلب في كل اتجاه تتوالى بيننا الأنفجارات بعضنا ينفجر و يفجر غيره ، المنفجرون من كل الأحجام و هل هنا ك حرجا في انفجار فقاعات؟ لكنني و أنا فقاعة لاحظت أن الكبار ينفجرون و هم في حالة من الزهو العارم ، علمت ذلك من الألوان القزحية على أسطح فقاعاتهم بعضها ينفجر بسرعة فائقة و أعني تلك الملطومة بتيار الهواء الشديد الآتي من مكان ما خارج تصور الفقاعة بعضنا يلوذ بخبث خلف التعرجات الكثيرة في جدران الحوض لكنني لا أعتقد بأنها كانت تخطط لانتظار فرصة نجاة وهل يعقل ذلك في حياة الفقاعة ، انتبهت لحجمي مبكرا رغم انني أرى غيري قد اقترب من نقطة انفجاره لاستبداد الزهو به و إغراء الحجم لكنني لا أستطيع الأقتراب منه و تحذيره خوفا من انفجاره علي مسببا انفجاري أيضا و تلك برأيي معضلة كبيرة ، أن ترى غيرك ينفجر ولا تسنطيع انقاذه ثم يختفي ولا يترك أثرا، تنشغل بعد ذلك بلملة أشلاءه التي انتشرت على مساحة واسعة وكان هذا آخر عمل يقوم به كائن الإنفجار المنتشر و هكذا بعد مرور الصدمة تنشغل بالأنتباه إلى نفسك فتبحث جاهدا عن مكان تلوذ به ، القليل منا من يلوذ بالتعرجات أو يلوذ بغيره من الفقاعات الكبيرةو الغالب أنه سيحافظ على بهجته و زهوه المشوب بعدم الاستقرار لحين انفجار الفقاعة التي يلوذبها، عند ذلك ربما ستفجره معها و ينتهي الأمر لكن الأكيد أن لا معنى لعمر الفقاعة مهما طال و عندما رأيت الصورة واضحة في نومي و استوعبت المغزى من ذلك لكزني أحدهم قائلا: انهض لقد نادى البواب باسمك لكن الموظف ذا الأنف المعقوف لم ينتظر و ألقى بملفك جانبا عند ذلك شعرت بأن رأسي يتوتر... تمتمت ، آه لقد أتت لحظة انفجاري ، نقرت بأصابعي الواهنة على الزجاج الشفيف ، و أثناء دخولي صرخ في وجهي أين كنت ؟ ها ، إذهب تعال غدا ، في هذه الأثناء كان جلد فقاعة رأسي قد بدأ بالتمدد دون شعور إلا بألم مالح مريع تلفت لعلي أجد ملاذا ألوذ به من صفع ريح هذا الكائن البارد فلم أجد فانفجرت و لم أعد شيئا وانتبهت إلى أن عيني كانتا فقاعتين صغيرتين تلوذان بمحجريهما و كنت ممددا على سرير معدني بارد تحف بي أجهزة و أسلاك و أنابيب من البلاستك و أمامي اسطوانة تتقافز فيها فقاعات مع كل شهيق و زفير سمعتها تكركر ضاحكة و غلبني النوم مرة أخرى و عدت فقاعة في حوض كبير لا ملاذ فيه من صفع الريح.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات
- سل الفؤاد-قصيدة
- مولعون بالوهم
- مسامير الأوغاد - شعر
- احلام
- السيدة ذات الوردة البيضاء
- الطبول
- الحصن
- المهمة
- إغتيال الحمامة
- الدغل
- ميسان


المزيد.....




- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الفقاعة-قصة قصيرة