أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد وهيب فتاح العزي - جمال حافظ واعي يفضح تجارة الذئاب !!














المزيد.....

جمال حافظ واعي يفضح تجارة الذئاب !!


محمد وهيب فتاح العزي

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 15:04
المحور: الادب والفن
    


سمح لي الان بولوج خفايا ( تجارة الذئاب ) يوم قال شاعرنا الراحل ( حسين مردان ) انه لن يرتفع الانسان الى القمة الا عن طريق الحضيض ، فانه قول يرصد ظاهرة فكرية واجتماعية وسياسية ابتدأت منذ اول التاريخ واتصلت في مراحله المختلفة ، وأقول الحق ان مقولة حسين مردان قد وعاها جيدا الاديب العراقي المغترب جمال حافظ واثرها بقوة وجرأة يحسدا عليها اذ انه نشر نصوصه في الثمانينات والتسعينات بشكل يبشر بالقادم ويفضح القائم .
مثلا ان جمال الحافظ نشر نصا قصصيا بالغ الجرأة والفصاحة والتعبير عن القصد ، وهذا حدث عام 1992 حين كان يعمل في جريدة القادسية وكتب القصة المذكورة وليس بالامكان نشرها بسهولة في ذلك الوقت حيث الرقابة المشددة والسلطة الثقافية البوليسية اضافة الى وجود هاني وهيب بما يعرف عنه من حزب النظام السابق وكونه احد المتعاونين مع ذلك النظام في اصطياد المثقفين المشاكسين ولعل جمال حافظ واعي هو احدهم .
في ذلك النص القصصي عدد كبير من الرموز والدلالات الخفية العميقة التي لم يكن من السهل نشرها في صحف النظام ولكن اديبنا المشاكس استطاع بدهاء ان ينشر القصة في جريدة القادسية حين قام بتزوير امضاء هاني وهيب بالموافقة على نشرها وهكذا رأت قصة تجارة الذئاب النور وحصلت على ضجة كبيرة يومها لنشر قصة بهذه الرمزية الفاضحة ، ونقول بايجاز ان القصة تتحدث بضمير المتكلمين عن لسان ( قطعان الخراف ) وكيف انها مستعدة لأن تقيم مادبة للذئاب حتى تاكل لحومها الطرية .؟؟
والمفارقة السوداء ان جمال حافظ يرصد بشئ من التندر حقيقة العلاقة القائمة بين قطعان الخراف وبين الذئب فهذا الاخير يتم تصويره وكانه يقيم في عزلة فستأتي اليه الخراف طواعية وتقدم له اجسادها البضة ( كان ينبغي ان نقدم انفسنا على طبق وهو جاثم في عزلته ) فالذئب الرمادي هو الذئب ومنزلته الرفيعة هي المنزلة العظمى في التاريخ والخراف هي الخراف والخوف الذي استوطن في خلايانا وغرائزنا ولغتنا وكل التفاتة من التفاتاتنا هو القربان المقدس الذي نقدمه له !! وهنا نلاحظ مهارة القاص وهو يتلاعب باللغة والرموز ليحقق معادلة سردية قوامها كشف التهالك والعصف اللذين يحيطان بالخراف وهي قرينة للشعب المجروح يومها ، في حين انه صور الذئب في مكان عال ٍ ومنزلة عظمى في التاريخ وهو رمز واضح للدكتاتور والصولجان .غير ان الانتقالة السردية البارعة للقاص تمثلت بقلب المعادلة المذكورة بين الخرفان والذئب او بين الشعب والدكتاتور اذ جعل العلاقة بينهما عكسية بمعنى ان الخراف اصبحت هي المهيمنة بينما الذئب اصبح ضحية وفريسة للذئاب وان فعل السرد امام علاقة تبادلية فالذي كان آكلاً اصبح ماكولا بينما الذي فريسة اصبح قاضما .
والحقيقة ان جمال حافظ قد ادرك اللغة مبكرا فهذه القصة الرمزية تعود الى عام 1992 وهي منشورة في جريدة القادسية ولكن خصوصيتها تاتي كونها قراءة مبكرة للتاريخ القادم او بمعنى اخر ان الكاتب قد تنبأ بالواقع والاحداث قبل حلولها باكثر من عشرة اعوام ، وان طبيعة العلاقات الاجتماعية والسياسية قد انهارت او تقاطعت الى النقيض فالشعب الذي رمز له بالخراف عام 1992 اصبح يمثل الذئاب او يقوم بدورها بالقتل / النهب / الاغتصاب / الحرق / اكل الذئاب وسواء ذلك من عيوب البطش والارهاب كما حصل بعدعام 2003 وما جرى من ممارسات ارهابية وافعال استبدادية وقيام البعض باكل البعض الاخر ونهش حقوق وهويات هذا الوطن المبتلى ، ومن الواضح لنا كشعراء ان القاص جمال نحج بتصوير المصير السوداوي الذي سقط ( ذئب ) التسعينات وكيف انهار وتم ابعاده ومطاردته وقتله من قبل الخراف التي طالما اتخذها مائدة لطعامه وجشعه ، ان القاص جمال حافظ قال الشئ في قصته الرمزية هذه ولكن ابرز ما حقققه هو الرؤيا الكاشفة للعلاقات والمصائر بين ذئب مستبد و خراف تحولت الى وحوش وارهابيين وقتلة .

**************


تجارة الذئاب


جمال حافظ واعي
1/6/1992

اننا ارتال القطعان هذه الخراف المعدّة للموت على طاولة اسمها المرعى. قررنا ان نقيم حفلة باذخة للذئب، هذا الذي اتعبناه في مطاردته ايانا.. كان ينبغي ان انقدم انفسنا له على طبق وهو جاثم في عزلته فالذئب هو الذئب ومنزلته الرفيعة هي المنزلة العظمى في التاريخ، والخراف هي الخراف، والخوف الذي استوطن في خلايانا وغرائزنا ولغتنا وكل التفاتة من التفاتاتنا هو القربان المقدس الذي نقدمه له!!
ذات يوم تفشى خبر في الغابة بان الذئب اقام "مزارا" للقطعان وقتم – سادن المزار- والذي هو من حاشية الذئب بالترويح لهذا المزار والاعلان عنه بانه ماهول بكل الاحلام التي تطمح لها الخراف. وحين انطلت اللعبة على هذه الخراف المسكينة ودخلت الى هذا المزار اقفرت الغابة واجدبت ولم يعلم بعدها – حتى الطبيعة- عن أي اثر لهذه الخراف فقد ابتلعها المزار.
والمزار هو المزار وعلى امتداد التاريخ فهناك مزار للتسلية او للبكاء المجاني وهناك مزار اجباري تحضره برغبتك او بدون رغبة وهناك مزار اعد كيما تفرغ فيه جيوبك تحت قدمي التاجر. ان ذاكرة الذئب مكتظة بالضحايا لذلك فانه ينظر الى الموجودات على انها ضحيته الدائمة والازلية والتي يجب ان تقدم له فروض الطاعة حتى وهي تلفظ انفاسها.
لقد اخطأ البعض حين اعتبر الزمن ولحظاته هي يمثابة ذئب يفترسنا لانها تفترسنا بلا دماء.
هنالك ذئاب توغل في ذئبيتها فتأكل حتى اعشاب الخراف كيما تجعلها عاطلة عن الحركة فيسهل اقتناصها وبالتالي فان الذئب يأكل فريسته بدون مطاردة!!
انها الذئاب المتخمة التي تمتلك اكثر من كرش واكثر من فم واكثر من شهية.
ان الخراف التي لاذئب يطاردها تطارد نفسها وتاكل اجسادها لانها ادمنت ضعفها واستكانت لذلتها وهي موقنة بانها خلقت اصلا كيما تكون وجبة طازجة لنزوات الذئب وشهيته. والا فهل من المعقول حسب اعتقاد هذه الخراف ان يكون العالم بلا ذئاب وبلا انياب توغل في اللحوم الطرية!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا حصل لمدلاة ضريح كربلاء لمهرجان .. تنور
- ليس مهماً ان تجوع العوائل ..!المهم ان تسود الديمقراطية
- سلطة الثقافة وثقافة السلطة
- بين الحرية والتحرير


المزيد.....




- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى
- رسومات وقراءات أدبية في -أصيلة 46- الصيفي استحضارا لإرث محمد ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد وهيب فتاح العزي - جمال حافظ واعي يفضح تجارة الذئاب !!