|
على اسرائيل أن تدرك الخارطة الإقليمية للمنطقة تغيرت ..
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 00:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
......النقطة المفصلية في تغير ملامح الخارطة الإقليمية للشرق الأوسط،كانت الفشل الإسرائيلي الذريع في إلحاق الهزيمة بحزب الله في الحرب العدوانية التي شنتها عليه وعلى المقاومة اللبنانية في صيف/2006،فتلك الحرب الأولى التي خاضتها إسرائيل بالوكالة عن أمريكا من أجل استولاد شرق أوسط جديد خالي من قوى المقاومة والممانعة العربية والإسلامية ويخضع للسيطرة الأمريكية والإسرائيلية الكاملتين،هذا الشرق الأوسط الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة"كونداليزا رايس"، لم يرى النور ولم يخرج لحيز التنفيذ،لأن حزب الله أجهض تلك الولادة وخلط الأوراق وبعثرها،فإسرائيل لم تعد اللاعب الوحيد في المنطقة،وليست العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا من أجل قمع وتدمير أية قوة ناشئة أو تتبلور كقوة محلية أو إقليمية معادية لمصالحها ودورها وأهدافها ووجودها في المنطقة. وأيضاً لا بد من القول أن هناك مجموعة من العوامل ساهمت في عملية التغير تلك،حيث الفشل الكبير الذي منيت به السياسة الخارجية الأمريكية سواء في العراق أو أفغانستان أو القدرة على تطويع سوريا وإخضاعها ترهيباً وترغيباً،كما أن القيود والتعقيدات التي وضعتها دول الاتحاد الأوروبي أمام تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي دفعت بها نحو تعزيز علاقاتها بالعالمين العربي والإسلامي وتحديداً مع سوريا وإيران على حساب علاقاتها الأوروبية ومع إسرائيل. ومن جهة أخرى الفشل الأمريكي في العراق وعدم القدرة على لوي ذراع إيران بالعقوبات بمختلف أشكالها والتهديد بالحل العسكري لمنعها من امتلاك أسلحة الدمار الشامل، كرس ورسخ إيران كقوة إقليمية في المنطقة لها تأثير في أكثر من ساحة ومجال عربياً وإسلامياً،يضاف إلى ذلك الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على القطاع في كانون أول/2008،هذا الصمود عزز من حضور وتأثير حلف المقاومة والممانعة والمعارضة عربيا وإسلاميا. والتطورات الإقليمية هذه أنهت دور مصر كلاعب رئيسي في الساحة العربية والإقليمية،حتى أن دولة بحجم قطر أصبحت أكبر تأثيراً وحضوراً عربياً وإقليمياً من مصر،كذلك ضعف الدور السعودي الى حد كبير،وهذا الفراغ الناتج عن غياب شبه كلي للدول العربية عن المسرح والتأثير المحلي والإقليمي،وكذلك تراجع الدور الأمريكي،دفع بالقوى الإقليمية الأخرى تركيا وإيران من أجل مليء هذا الفراغ. ومن هنا شاهدنا ولمسنا تطوراً هاماً وملحوظاً على صعيد السياسة الخارجية التركية،وبحكم دورها وعلاقاتها لعبت دوراً هاماً في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل،وأيضاً دخلت على خط المصالحة الفلسطينية وكذلك صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الآسرة ل"شاليط" أضف إلى ذلك الدخول على خط الملف النووي الإيراني والتقدم مع إيران والبرازيل في مؤشر لتبلور قطب أو تحالف عالمي ثالث على حل مشكلة تخصيب اليورانيوم الإيراني في تركيا وليس في بلد آخر،وكذلك التقدم والتطور الكبير على صعيد العلاقات وتعزيز التعاون مع سوريا،كلها مؤشرات على أن تركيا تسعى للعب دور إقليمي هام في المنطقة،وبحكم طبيعة العلاقة القائمة بين حزب العدالة الاجتماعي التركي بقيادة رجب طيب أردوغان والحكومة المقالة في غزة،وجدنا أن القيادة التركية شكلت رافداً وداعاً أساسياً للحكومة المقالة في غزة،ناهيك عن اتخاذها لمواقف داعمة ومؤيدة لنضالات الشعب الفلسطيني،بل كانت على صعيد الموقف والممارسة أكثر تقدماً وتأثيراً من كل مواقف النظام الرسمي العربي،حيث وجهت انتقادات لاذعة للحصار الإسرائيلي لقطاع غزة واتهامها بارتكاب جرائم حرب وقتل للأطفال أثناء حربها العدوانية على القطاع في كانون أول/2008،حتى أن الرئيس أردوغان انسحب من مؤتمر دافوس الاقتصادي على هذه الخلفية،عندما أشاد وبرر واختلق الذرائع الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيرس" ب وتلك الحرب العدوانية وقتل الأطفال. ومن هنا سعت تركيا من أجل كسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة،وقدمت الكثير من المساعدات لأهلنا في القطاع وشاركت في أكثر من حملة دولية بحرية لكسر ذلك الحصار،ولعل حجم الجهد الكبير الذي بذلته رسمياً وشعبياً في تسيير سفن أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة،كان يعني الشيء الكثير لأمريكا وإسرائيل،فهو يعني أن تركيا تتحول لقوة إقليمية وتعزز موقعها في المنطقة على حساب الدورين الأمريكي والإسرائيلي،كما أن ذلك يضعف الموقف الأمريكي والإسرائيلي من استمرار الحصار على غزة،ويشكل بداية لتفسخ التحالف الدولي القائم على هذا الصعيد. وما يجب أن نلحظه هنا أن القرار الإسرائيلي بمهاجمة سفن أسطول الحرية،وما نتج عنه من سقوط شهداء وجرحى،كان عن سابق إصرار وترصد وليس لأن المتضامنين على سطح السفينة مرمرة أبدوا مقاومة واشتبكوا مع الجنود الإسرائيليين،فهذه الرواية الزائفة دحضها المتضامنين وبالذات النائبة حنين الزعبي،والتي تعرضت إلى حملة تحريض عنصرية غير مسبوقة على خلفية ذلك،وشرع في إجراءات قانونية شكلية لتجريدها من حصانتها البرلمانية ومحاكمتها واستحداث قانون حنين الزعبي،وبالتالي فمهاجمة أسطول سفن الحرية هو رسالة إسرائيلية – أمريكية إلى تركيا بعدم تجاوز الخطوط الحمراء في حدود دورها الإقليمي،وقد ترافقت عملية مهاجمة أسطول الحرية على بعد 120 ميل بحري من حدود قطاع غزة بقيام حزب العمل الكردي بإطلاق صاروخ على القاعدة التركية في الإسكندرونة وما نتج عنه من قتلى وجرحى،وتورط الموساد في ذلك،وكذلك إعلان الحزب عن انتهاء الهدنة مع الجيش التركي،كل هذا ليس له سوى تفسير واحد،وهو انه على تركيا أن لا تتمادى أكثر في حدود تعزيز علاقاتها مع إيران وسوريا والمقاومة الفلسطينية،وإلا فإن إسرائيل وأمريكا سيفتحان عليها أبواب جهنم،وكل ذلك متوقف على طبيعة الرد التركي على الغطرسة والعنجهية الإسرائيلية،فإذا رضخت لما قامت به إسرائيل،فإن الرسالة تكون قد وصلت،أما إذا ما واصلت تركيا الطريق الذي شقته وردت على عنجهية إسرائيل وغطرستها على أكثر من صعيد ومجال من خلال الإصرار على تشكيل لجنة تحقيق دولية ومستقلة ومحاكمة الجنود الإسرائيليين الذين ارتكبوا تلك الجريمة كمجرمي حرب،ومواصلة إرسال السفن من أجل كسر الحصار على قطاع غزة بحماية السفن الحربية،والإصرار على أن تعتذر إسرائيل عن جريمتها وقرصنتها،فهذا يعني أن هناك تحولات إقليمية في المنطقة تترسخ،وبما يقصي إسرائيل عن الاستمرارية في اللعب كلاعب وحيد في المنطقة تفرض سطوتها وسيطرتها بفعل قوتها العسكرية دون ردود قاسية ومساءلة ومحاسبة.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حنين الزعبي والكلاب المسعورة ..
-
شكراً لأمريكا ..؟؟
-
اقتحام اسطول التضامن / جريمة حرب بامتياز ..
-
قوانين عنصرية بالجملة ..
-
لماذا كل هذا التحريض وكل هذه الجرائم ..
-
ويبقى الأسير المناضل جمال أبوجمل شامخاً.....
-
غصن الزيتون للدبكة الشعبية وليس للتعامل مع الواقع ..
-
أخر ما حرر ...
-
نتنياهو متصالح مع ذاته ..
-
أضحكوا على الشعب تسعة وتسعون مره وصارحوه بالحقيقة مره ..
-
النكبة متواصلة ومستمرة ...
-
حرب على الأسرى .....حرب على قيادات الداخل الفلسطيني...
-
اسرائيل والترجمة الفورية لإستئناف المفاوضات ..
-
عندما لا يتحدث البعض من فمه
-
في ذكرى عيد العمال العالمي/ واقع الطبقة العاملة الفلسطينية
-
سعدات عزل مستمر ومتواصل ..
-
صارحوا الشعب بالحقيقة ..
-
يوم استقلالهم .....يوم نكبتنا ...
-
أزمة الصواريخ السورية / والتعديل في ميزان القوى ..
-
دعم القمم العربية ..
المزيد.....
-
-نفتقدك-.. كيتي بيري تغيب عن زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
-
في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم ال
...
-
ليلة تحييها ليدي غاغا وإلتون جون.. وتوقعات اليوم الأخير لحفل
...
-
هل توجد مؤشرات حقيقية تدفع نتانياهو للتوجه نحو إقرار هدنة في
...
-
-عراك بين إسرائيلي وإيراني- في أستراليا.. ما هي حقيقة الفيدي
...
-
-شهيدات لقمة العيش-.. مصر تودع 18 فتاة قضين في حادث مأساوي
-
خلفيات التوجه الأمريكي نحو إقرار وقف لإطلاق النار بغزة
-
رواندا والكونغو الديموقراطية توقعان اتفاق سلام في واشنطن
-
التداعيات المحتملة لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورو
...
-
تحذيرات من موجة حر قياسية تضرب جزء من أوروبا ومخاوف من حرائق
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|