أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - ويبقى الأسير المناضل جمال أبوجمل شامخاً.....















المزيد.....

ويبقى الأسير المناضل جمال أبوجمل شامخاً.....


راسم عبيدات

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 12:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


..... ستة عشر عاماً متواصلة لم تفض من عضضه شيئاً ،ستة عشر عاماً مرتحلا من سجن لآخر يحمل صليب ألآمه،لم يفقد البوصلة أبداً،وبوصلته تؤشر دائماً أن لا عودة إلا لجبل المكبر مسقط رأسه،هذا الجبل الذي طالما حلم ويحلم بأن يخرج من معتقله وقد تحرر وعادت له عروبته،تلك العروبة التي تسلب يوماً بعد آخر،فأبو جمل يصاب بالذهول عندما يعلم بأن السرطان الاستيطاني لم يعد يبعد سوى عشرات الأمتار عن بيته،وأن الاستيطان يتمدد في المكبر تمدد النار في الهشيم،وكذلك أسماء الشوارع في المكبر تعبرنت،ومساحتها الجغرافية تضيق شيئاً فشيئاً بفعل المصادرات والاستيلاء على الأرض.
أبو جمل الذي دخل السجن في ريعان شبابه،ربما بحسه العفوي أدرك أن أوسلو لم يحقق للشعب الفلسطيني من أهدافه شيئاً،وأن الحديث عن السلام ليس إلا وهماً وكلاماً لذر الرماد في العيون،بل كان له الكثير من التداعيات والمخاطر السلبية والآثار المدمرة على الشعب والأرض،فكما قسم الشعب قسم الأرض.
المهم أبو جمل لا يجيد فذلكات وشعارات وكلام المنظرين من أن أوسلو سيجلب اللبن والعسل الى الشعب الفلسطيني،فهو يشاهد ما يجري على الأرض،حيث الشعب الفلسطيني يجترح شكلاً جديداً من أشكال المقاومة،إنها حرب السكاكين،أو ما يسمى بالسلاح الأبيض،والعديد من العمليات بها تنفذ على مقربة من الجبل،ويقوم بها أناس من القرى والبلدات المجاورة للمكبر،وحس أبو جمل الوطني العفوي دفعه لأن يكون واحداً من مناضلي حرب السكاكين،فيقوم هو وعدد من أبناء بلدته بطعن مستوطن على قمة الجبل ويصيبونه بجراح خطيرة،وليحكم بعدها أبو جمل بالسجن لمدة اثنان وعشرين عاماً،وفي السجن ومن بعد فترة التحقيق أختار أبو جمل أن يكون مناضلاً في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،وربما خياره نابع من انتماءه الطبقي،فهو من عائلة فقيرة وبسيطة،وقد تكون الأحاديث والمشاهدات التي كان يكونها أو يسمع بها عن الجبهة الشعبية من كونها تنظيم منحاز للفقراء والمعدمين من أبناء شعبنا،وما تتمتع به من سمعة نضالية بين جماهير شعبنا،هي التي دفعت به لمثل هذا الخيار.
وفي المعتقل أدرك أبو جمل أن عليه تعويد نفسه على حياة جديدة،ليس بفعل ظروف وشروط وقوانين إدارة السجون،بل علية أن يتعود على الحياة التنظيمية والحزبية،فلا يكفي أن يقول بأنني عضو في الجبهة الشعبية،بل عليه أن يستوفي شروط واستحقاقات العضوية،وفي البداية عليه أن يتعلم القراءة والكتابة،ومن حسن حظ الرفيق أبو جمل أنه وجد من يقوم بهذه المهمة رفاق خلص ميامين من أمثال ياسين أبو خضير وسامر أبو سير وجهاد العبيدي،والذين كانوا من الرفاق الذين يتحلون بسعة الصدر والصبر،حيث كانوا يفردون له مساحة واسعة من وقتهم للتعليم،وبالمقابل أبو جمل كان لدية الرغبة والإصرار على التعلم،وبالفعل بتوفر الإرادة والمتابعة من قبل الرفاق حقق أبو جمل إنجازات عظيمة في هذا الجانب،فهو لم يكتفي بمعرفة القراءة والكتابة ،بل أخذ أكثر من دورة في الخط وحتى في تجويد القرآن من أجل أن يكون قادر على متابعة ومعرفة ما يدور من حوله،ومن أجل أن يكون جاهزاً لما يطلب منه من تكليفات وكتابة تقارير تنظيمية وإعتقالية،وأبو جمل بحكم طبيعته وسجاياه فهو إنسان بسيط وهادئ إلى أبعد الحدود،فيه الكثير من براءة الأطفال،ولذا تراه يتمتع بمحبة كل أبناء الحركة الاعتقالية،وهو لا ينسج ويقيم علاقاته الشخصية على أسس عشائرية وتنظيمية،بل على أساس أن المعتقلين هم عائلة واحدة بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية،وهو تعلم من التجارب بأن الاحتلال في عمليات القمع والتفتيش لغرف المعتقلين وأقسام السجن المختلفة لا يفرق بين معتقل وآخر في القمع والاستهداف،بل يستهدف الجميع بغض النظر عن لونهم السياسي،وأبو جمل حتى في أحلك الظروف الاعتقالية من قمع وتنقلات،تراه محافظ على رباطة جأشه.
وفي المعتقل كان يدمن على شيئين،وربما بحكم طبيعته البدوية الإدمان على شرب الشاي،وكتابة الرسائل للرفاق والمعتقلين والأهل والأصدقاء،رغم أن الرفيق ياسين أبو خضير كان يرد له على الرسائل التي يرسلها له بأقذع الأوصاف والألفاظ،ولكن كما يقول المثل"ضرب الحبيب إزبيب" فما أن يبلغوه الأسرى بأن له رسالة من الرفيق ياسين أبو خضير حتى تنفرج أساريره وتراه يزهو ويختال في الساحة كالطاووس.وطبعاً ياسين لم يقصد أبدا ًتحقير الرفيق أبو جمل أو تقزيمه،بل على سبيل المزاح والمداعبة وما يكنه له من محبة وتقدير.
وأبو جمل كانت تربطه علاقة قوية بابن مجموعته شادي هلسه الذي تحرر من الأسر في إفراجات أوسلو/عام 1999،بعد أن قضى ستة أعوام من فترة حكمه البالغة ستة عشر عاماً،وتحرره ترك فراغاً في حياة الرفيق أبو جمل لفترة من الزمن حيث كان دائما الحديث عنه وتذكره،وبعد فترة من الزمن تعود على تحرر رفيقه،ولكن عاد شريط الذكريات مجدداً وليشتعل بقوة عندما سمع عن أن رفيقه شادي أعيد اعتقاله مجدداً في أوائل عام 2009،فهو لم يترك شاردة أو واردة أو معتقل جديد إلا وسأله عن ابن مجموعته،هل شاهده أو رآه أو سمع عن ترحيله إلى سجن ما ؟وكان أبو جمل في حالة ترقب مستمر لأبن مجموعته ويسأل الأهل أثناء الزيارة إن كان لديهم أخبار حوله،ولم يفقد أبو جمل الأمل عندما سمع عن ترحيل ابن مجموعته إلى سجن أخر أثناء فترة توقيفه،فكان لديه أمل كبير بعد الحكم أن يرحل إلى سجن آخر،قد يكون السجن الذي هو موجود فيه،ولكن حتى هذه الأمنية ولحظة الفرح تلك،لم يشأ أن يحققها الاحتلال لأبو جمل الذي كان يجري الطقوس والإستعدادت لاستقبال رفيقه،وإعطاءه "برشه" سريره لكي ينام عليه،طبعاً إذا سمح له أبو جمل أن ينام فسوف يتسامران حتى الصباح،وسيطرح أبو جمل عليه الكثير من الأسئلة الشخصية والاجتماعية وأحوال البلد والوضع السياسي وقصور مؤسسات الأسرى والسلطة والأحزاب بحق الأسرى وعائلاتهم وغيرها الكثير من الأسئلة التي يمتلك شادي ردود عليها أو التي لا يمتلك ردود أو إجابات عليها أو لا يريد الإجابة عليها.
ونقطة هنا أود أن أسجلها فالرفيق أبو جمل الذي إلتقيته في عام 2002 في سجني شطة ونفحة،لم تكن بادية عليه حالة عدم الثقة واليأس والإحباط التي ألقى أوسلو بظلالها بشكل كبير على أبناء الحركة الأسيرة،ولم يكن يستعجل الخروج من المعتقل،ولكن في عام 2005 عندما سجنت مرة أخرى سألت الرفاق والأخوة عنه،فقالوا أن أبو جمل أصبح يستعجل الخروج من السجن،وهو لم يعد يشرب الشاي بالسكر،واستعجاله الخروج من السجن له علاقة بالشروط والظروف والحياة الاعتقالية والمعتقلين أنفسهم.
ورغم أن الأسير أبو جمل كان يمني النفس بأن يكحل عينية بمشاهدة والده قبل أن يرحل،لكن لم تتحقق له هذه الأمنية،فحاله كحال الكثير من الأسرى الذين رحل أحبتهم من والدين وأخوة وأخوات وأقرباء وهم في السجن،ولعل عزاءه هنا كان في رفيقه المثل والقدوة ياسين أبو خضير الذي رحل والديه وهو في السجن.
ورغم عتمة وظلمة السجن وقساوة وعسف السجان،فأنا واثق بأن الرفيق الطيب المخلص المنتمي جمال أبو جمل سيبقى كما عهدته شامخاً كشموخ بلدته جبل المكبر،تلك البلدة التي أنجبته وأنجبت المئات من المناضلين،الذين ما زال العشرات منهم يقبعون في سجون الاحتلال من ضمنهم اثنان من عمداء الحركة الأسيرة هم المناضلين بلال أبو حسين وابراهيم مشعل والقائمة لم تنتهي بعد، بل مستمرة باستمرار الاحتلال ووجوده.
القدس – فلسطين
24/5/2010
0524533879
[email protected]



#راسم_عبيدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غصن الزيتون للدبكة الشعبية وليس للتعامل مع الواقع ..
- أخر ما حرر ...
- نتنياهو متصالح مع ذاته ..
- أضحكوا على الشعب تسعة وتسعون مره وصارحوه بالحقيقة مره ..
- النكبة متواصلة ومستمرة ...
- حرب على الأسرى .....حرب على قيادات الداخل الفلسطيني...
- اسرائيل والترجمة الفورية لإستئناف المفاوضات ..
- عندما لا يتحدث البعض من فمه
- في ذكرى عيد العمال العالمي/ واقع الطبقة العاملة الفلسطينية
- سعدات عزل مستمر ومتواصل ..
- صارحوا الشعب بالحقيقة ..
- يوم استقلالهم .....يوم نكبتنا ...
- أزمة الصواريخ السورية / والتعديل في ميزان القوى ..
- دعم القمم العربية ..
- لننتصر لأسرانا في معاركهم النضالية ..
- القدس/ المطلوب حالة نهوض وتوحد ..
- قمم بلا معنى وبلا قيمة ..
- الأسير المناضل ابراهيم مشعل/ يدخل عامه الإعتقالي العشرون ..
- في يوم الأرض .....ماذا تبقى من الأرض ...؟؟
- تجارة المراكز الطبية


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راسم عبيدات - ويبقى الأسير المناضل جمال أبوجمل شامخاً.....