أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - في الطبائع المتلونة للاستبداد الآسيوي














المزيد.....

في الطبائع المتلونة للاستبداد الآسيوي


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 14:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا حدود لطبائع الاستبداد، وإن كان لها ميزة أو ميّزات التوالد والتكاثر، والانتقالات القسرية، كل في نطاقها الجغرافي أو القاري. والاستبداد الآسيوي الذي خبرناه ونخبره الآن في بلادنا، كما وفي النمط الآسيوي القديم/ المتجدد، ورغم أنه يغيّر جلده، إلاّ أن أحد طبائعه أنه لا يتلون في إطار إجتماعي أو طبقي واحد، بل هو لصيق العديد من الأطر الاجتماعية على اختلاف النظم السياسية التي تقلّبت في السلطة؛ من الاتحاد السوفييتي السابق ونظام رأسمالية الدولة الذي كانه، إلى النظام الحالي في كوريا الشمالية، إلى الأنظمة السوفييتية السابقة، بعد تفكيك شراكتها وإعادة تأسيس السلطة، على شاكلة ما كان ويكون من طبائع الاستبداد الشرقي، تلك التي أضحت ميزة أنظمة وسلطات هي في التحليل السياسي والسوسيولوجي لتركيبها "ملكية"، فيما هي في الأصل والجوهر التكويني لتركيبها الدستوري، يُفترض أنها "جمهوريات" قامت وتقوم بتملّك الشعب والمجتمع والدولة، وحوّلت سلطتها إلى نوع من "قدر لا يُرد"، وأنظمتها إلى نمط طغياني، يتسيّد فيه "طاغية البلاد" زعامته للأمة، عبر تشريعات دستورية، من لدن "الصانع الأول" لـ "لطاغية أبو الأمة"؛ البرلمان الذي باتت سلطته التشريعية، طوع بنان الطاغية وسلالته العائلية.

هكذا نشأت وتنشأ طبائع "الأبوّة البطركية" في النطاق الآسيوي، الذي طالما عرفت أنماطه الإقطاعية سمات شرقية خصوصية، وها هي تلك الأنماط وإذ يُعاد تقنيعها، فلكي تضحي سمات سلطة سياسية مدنية شكلا، حيث لم يعد يُكتفى "بتصفيحها" للزعيم الفرد (الأب)، أثناء ممارسته مهامه الدستورية، بل وبعد ذلك أيضا؛ على ما أضحى "أبو الكازاخ" في كازاخستان، ومن قبله "أبو التركمان". ولا يختلف حال قيرغيزيا، وعديد من الدول الأخرى في الفضاء السوفييتي السابق، عن ما يجري في المنطقة عموما، على أن "الأبوّة" هنا تحولت إلى نوع من التقديس لشخص الزعيم، الطاغية سلطته وعبر أدواته على كل سلطة في بلاده، فهو الأب لكل سلطة هو ذاته "صاحبها"، وهو ذاته من تفرّعت كل السلطات من "شجرته" لتعود إليه أو إلى سلالته وعائلته، على شكل قوانين يشرّعها مجلس "نواب الشعب" الذي تحوّل بقدرة "الأب الزعيم" إلى مجلس "الزعيم الأب"، فهو وشركاه مالكو زمام السلطة السياسية، كما السلطة الاقتصادية، وكل سلطة في البلاد.

وكما عندنا، في الفضاء العربي الراهن، ولكن بشكل مقنّع وغير مُعلن، فبعد حوالي العقدين من الزمن، لجأ برلمان جمهورية كازاخستان للموافقة على تعديل دستوري، إضافة إلى منح الرئيس نور سلطانوف نزارباييف لقب "زعيم الأمة"، مع كل ما يتبع ذلك من ميزات وامتيازات، فهو يحوّله إلى شخص فوق كل القوانين، ويلفّه بهالة من القداسة، ويعفيه من تحمل تبعات أي قرارات سياسية اتخذت في البلاد، على مدار سنوات حكمه منذ العام 1991 وحتى الآن. والأهم أن القانون يمنح نزارباييف (70 سنة) حصانة أبدية، حتى لو غادر مقعد الرئاسة، فلا يمكن ملاحقته جنائيا على جرم ارتكب خلال فترة حكمه أو بعدها، ولا يحق لأي سلطة بموجب القانون اعتقاله أو توقيفه، أو المطالبة بمثوله أمام جهات قضائية حتى في قضية إدارية مثل مخالفة سير.( راجع الحياة 14/5/2010).

هذا غيض من فيض تحصين الرئيس: زعيم الأمة، أبو الكازاخ، وتحييده من كل ما قد يعترض البشر من حساب لما يقترفونه في حياتهم الدنيوية، في السلطة وخارجها، بعد أن تصبح حياته الطبيعية متعذرة حتى في غرفة نومه ومنتفعاتها. فأي قانون وطني، إن لم يكن نتاج سلطة مرتهنة لأصحاب المصالح والمنافع المتنفّذين في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كنخب مالية وتجارية صاعدة، ونخب سياسية تحوّلت مع الوقت إلى طغم امتهنت بيع وشراء السلطة لمن يدفع أكثر، ولمن يؤمّن لها استمرارية عملها، بغض النظر عن طبيعة السلطة؛ أكانت تزعم أنها شيوعية أم رأسمالية، أو حتى ذلك النمط الهجين من الأنظمة التي صارتها أنظمة في آسيا الوسطى، وحتى في بلادنا، حيث السلطات السلالية التوريثية، لا تقل طغيانا واستبدادا عن أنظمة الاستبداد الشرقي آسيوية الطابع.

وإذا كانت السلطة في أروقة الأنظمة الأبوية – الطغيانية، قد "ارتفعت" قليلا أو كثيرا، لتسمو أو لتفصح عن كونها "الوظيفة القدرية"، فإن دورها هذا إلى جانب رموز السلطات الدينية الأبوية ورأسمالها الرمزي، قد مرت في دور إنشاء بنى مجتمعية بديلة، طيّعة في استجاباتها لتلونات السلطة، دمّرت معها كل إمكانية بتواصل حلقات التطور الطبيعي؛ المجتمعي والسياسي أو الدولتي لمجتمعاتنا ودولنا المعاصرة. وهذا ما يمكن ملاحظته وتقريره الآن، حيث انقطعت وتنقطع أواصر العلاقة المدنية؛ ليس داخل المجتمع الوطني ومكوناته، بل وبين "المجتمعات" التي آل إليها مجتمع الملل والنحل المتصارع والمتعادي في داخله ومن داخله، مع الداخل ومع الخارج على حد سواء.

هل هي وظيفة الاستبداد بكل طبائعه، أم أن الاستبداد الشرقي – الآسيوي تحديدا – له وظيفة أخرى؛ وظيفة تدمير كل الروابط المدنية، وإحالتها إلى التقاعد، واستنباط روابط بدائية جديدة، سلفية طاغية وطغيانية، تعود إلى الماضي السحيق، في مجتمعات ودول لم تبرح بعد نطاقها البدائي؟.

إن إعادة إنتاج السياسة بجرعات نرجسية عالية، وفي نطاقات سلطوية أبوية، يُعاد معها إنتاج وتكريس طغيانية الفرد الزعيم، هو تماما ما يفيض عن حدود الطبائع الاستبدادية المقيمة هنا في بلادنا، كما في "بلاد الأبوات" في آسيا الوسطى، فأيّ "شيوعية" كانت تلك التي أفرزت أنظمة كتلك، بعد سقوط "الوكالة الحصرية" السوفييتية، وأي "وطنية" تكون تلك التي أضفت وتضفي على أنظمة "التحوّل الاستبدادي" الملكية الوراثية واقعيا من داخلها، والجمهورية المقنّعة من خارجها، مبررات توريثها وتوارثها سلطة ليست من حقها بالمطلق؟ وأي دولة – أمة هي تلك التي تمنح للاستبداد مرتبة مرجعيتها العليا في كل شؤون الحكم والحياة؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابتذالات الانقسام الفلسطيني وأضراره الانحطاطية
- اليونان.. نموذجا وضحية أولى للأزمة
- وطن النكبة.. الأرض التاريخية للشعب الفلسطيني
- الفلسطينيون ومأزق التفاوض على المفاوضات!
- مفاوضات لا تعد إلاّ بالفشل
- مفاوضات التقارب وترياق الوعود العرقوبية
- رقابات تفتيش فسطاطية تتناغم و-حسبات- تكميم الأفواه
- تهويد القدس والتصدي لمشاريع أسرلتها
- المقاومات الحلولية والوطن المغيّب
- قناع الترانسفير الجديد والمهمات المتجددة
- ستارت 2 : آمال التوقيع ومنغّصات المصادقة
- حتى توراتيا لم يكن هناك -قدس يهودية موحدة-
- حذار لعنة تديين الصراع
- ماذا بعد فشل مباحثات -انعدام الثقة- الأميركية - الإسرائيلية؟
- فلسطينية الأرض ومحددات الصراع على هويتها
- عالم يتغيّر وقمم لا تبدّل ولا تغيّر
- بلدوزر الاستيطان الاسرائيلي حين يرسم حدود التفاوض وتعقيداته
- الانتفاضة الثالثة: حاجة ذاتية ودوافع موضوعية
- فرض التسوية و -الأيقونة المقدسة-
- اليونان.. هل تكون حبة رمل أوروبا؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - في الطبائع المتلونة للاستبداد الآسيوي