أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - اليونان.. نموذجا وضحية أولى للأزمة















المزيد.....

اليونان.. نموذجا وضحية أولى للأزمة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3012 - 2010 / 5 / 22 - 13:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ شباط (فبراير) الماضي، لم تفلح محاولات انتهاج سياسة "الانقاذ السريع" التي ترافقت مع سياسات تقشفية قاسية، في وضع اليونان على سكة حل إنقاذي لأزمتها الراهنة، لا سيما في ظل تضارب العديد من الرؤى للخروج من الأزمة المالية العالمية، وفي مسار يذكّر بالأزمة التي علقت بين براثنها الأرجنتين، وهي الدولة التي اعتبرت صاحبة أضخم تخلف عن سداد ديونها، قبل عقد من الزمان؛ ها هي أثينا تطلق نداء استغاثة جديدا (23/4/2010) بعد أقل من شهر من إقرار القمة الأوروبية لصيغة الدعم المالي، تطالب فيه بتفعيل خطة المساعدة المالية التي من المتوقع أن يشارك الاتحاد الأوروبي بثلثيها، وصندوق النقد الدولي بالمتبقي منها. وذلك على الرغم من إشارات سبق وأفادت أن الاتحاد الأوروبي لن يسمح لأي طرف خارجي بالتدخل في "قضاياه الداخلية"، على اعتبار أنها "قضايا سيادية"، لكن الأزمة المالية العالمية، وهي ذاتها أزمة النظام الرأسمالي، لم يكن من السهل الوصول إلى حلول "خلاصية" لها، فكان هذا "الخرق" للسيادة المالية الأوروبية من قبل سيادة مالية خارجية، تمثلت في مسارعة كل من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة إلى إعلان التلبية والدعم لليونان، نظرا "لحاجتها الوطنية لتفعيل آلية الدعم والمساعدة".

رغم ذلك، يبقى السؤال الملح، يتمحور حول قدرة المساعدات المالية المشتركة – الخارجية – على تغطية عجوزات الدول المأزومة، ففي الحالة اليونانية ينبغي على أثينا تسديد 39 مليار يورو من أصل ديونها البالغة 300 مليار يورو خلال 12 شهرا، لكن سياسة كهذه وعلى المدى الطويل، لا تشكل سوى تضميدا خارجيا لجرح نازف. وللدلالة على ذلك، فما أن تحركت مؤشرات الأسواق الأوروبية إيجابا لبعض الوقت، نتيجة إعلان طلب المساعدة، حتى عادت وهبطت بعد أن قدّر المستثمرون أن خطة الإنقاذ المنتظرة منذ مدة طويلة، والتي قد تكون الأكبر (750 مليار يورو)، لن تجلب أكثر من انفراج على المدى القصير، وستفرض تقشفا أكثر قسوة ومعاناة ومزيدا من الانكماش الاقتصادي.

وفي أعقاب إعادة تقييم المفوضية الأوروبية للعجز المالي اليوناني بنسبة 13،6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهو رقم فاق التقديرات السابقة، تابعت أثينا محادثاتها مع المفوضية والمصرف المركزي الأوروبيين، وصندوق النقد الدولي حول البرنامج المالي الممتد على ثلاث سنوات، بما يتضمن من قروض ثنائية من الاتحاد الأوروبي بحوالي 30 مليار يورو، وبفائدة تقارب نسبة الـ 5 في المئة، وحوالي نصف هذا المبلغ من صندوق النقد الدولي، وتتوقع أثينا وسط هذه المعمعة، وصول شريحة أولى من المساعدات التي يبدو إقرارها أكثر من حاجة ملحة وإنقاذية للاقتصاد اليوناني، خاصة مع مرور قطوع موعد تسديد سندات سيادية بقيمة 8،5 مليارات يورو في التاسع عشر من أيار (مايو) الجاري، ما يعني أن تفعيل آلية المساعدة ما هو إلاّ "الملاذ الأخير" للاقتصاد اليوناني الذي بات يتطلب وضوحا مطلقا، في شأن إعادة الهيكلة في العامين المقبلين.

ولم يفوّت صندوق النقد الدولي مناسبة الدعم الموعودة، دون أن يسهم في توجيه نصائحه ووصفاته المشروطة لليونان، وضرورة معالجة الضعف الهيكلي في الامتثال الضريبي ومعاقبة المتهرّبين الكبار من دفع الضرائب، على أن جدوى المساعدة، لم تخل من شكوك بعض المحللين الذين رأى بعضهم أن اعتراف اليونان بحاجتها إلى المساعدة، لن يكون نهاية مطاف الأزمة، بل إن السبيل الوحيد لتقف اليونان على رجليها من جديد، يتوقف على حصر إنفاقها في حدود مواردها، وإذا ما استمرت الأزمة على المدى القصير؛ ولم تستطع أثينا إنقاذ اقتصادها من شبكة ديونها الداخلية والخارجية، فإن الوضع المستقبلي سيبقى يكتنفه المزيد من عدم اليقين، كون المشكلات الأساسية التي تواجه الاقتصاد اليوناني، أعمق من أن تحلها الحقن والمنشطات المؤقتة، التي قد تفلح في سداد فوائد الديون والقروض، ولكنها لن تنجح في حل الأزمة المالية العامة، وعودة انتظام الاقتصاد للعمل كما في دولة غير مأزومة.

ويعدّ تدخل صندوق النقد الدولي في شؤون اقتصاد من المفترض أنه يتعايش ضمن نسق دولتي موحد، سابقة خطيرة على الأقل في نظر بعض الأوروبيين، حيث أن تطلع ولجوء منطقة اليورو إلى الخارج، دليل ضعف سياسي واقتصادي، ناهيك عن أن الأزمة الراهنة في اليونان، أدت إلى كشف العواقب السلبية المترتبة على فقدان الاتحاد الأوروبي انسجام السياسات الاقتصادية لدوله الأعضاء، كما وسلطت ضوءا ساطعا على هشاشة المحور الألماني – الفرنسي، وقدمت دليلا آخر على ضعف مؤسسات الاتحاد، وعجزها عن تحصين العملة الأوروبية.

وبذا.. يمكن القول أن أوروبا الموحدة لم تستطع مقاومة تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وإيجاد حلول ناجعة لمشكلات دولها الاقتصادية والمالية، بما يحفظ لها سياداتها، دون الدخول في أنفاق بيت الطاعة الدولي – الأميركي تحديدا – ودون التلويح برفع راية الاستسلام أمام المؤسسات التي تهيمن عليها "قوى الأزمة" كالولايات المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد، ولهذا فإن مبعث القلق الأوروبي بالدرجة الأولى، يعود إلى أن الأزمة المالية والنقدية الحالية، تأتي في وقت كان فيه الأوروبيون يخططون لإرساء تحرك اقتصادي شامل، يساعدهم على تحديد إستراتيجية مشتركة، للخروج من الأزمة التي تواجهها اقتصادات الدول الرأسمالية الصناعية، منذ نهاية عام 2008.

ويترافق تزامن الأزمة المالية الحالية، مع ملامح ظهور خلافات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي إزاء عدد من الملفات البينية، حيث بات بعض الأوروبيين على قناعة من أن واشنطن تعمل بشكل أو بآخر، على تهميش المواقف الأوروبية وحراكاتها، ومحاولاتها الإسهام بإيجاد معالجات وحلول لبعض القضايا الإقليمية والدولية. علاوة على أن الأزمة اليونانية ربما فضحت أو أضاءت على وضع للاتحاد الأوروبي، قد لا يسهم في استمرار نهوضه مستقبلا، فالأزمة اليونانية ليست ناتج وضع داخلي، بقدر ما أن أثينا هي ضحية قوى الأزمة المالية العالمية/الأميركية، ورهونها العقارية، فهي في وضعها الثقة في غير محلها، وتوجيهها نحو "قوى الأزمة"، أوقعت نفسها ضحية عملية احتيال على نطاق دولي غير مسبوق. ما يضع أوروبا اليوم في دائرة الحاجة الملحة لوجود خطة إنقاذ حقيقية، تحمي أعضاءها من المضاربين، وتوجد آليات تنسيق مستقلة لسياساتها المالية والاقتصادية.

وإذا كان العنصر الحيوي في المعادلة الأوروبية، يكمن في مخاطر تفشّي الأزمة إلى دول أخرى، وخاصة البرتغال وإسبانيا وبدرجة أقل إيرلندا وإيطاليا، ما سيجعل منطقة اليورو أمام وضعية غير مسبوقة، من جرائها قد تتعرض لبداية تفكك فعلي؛ الأمر الذي ساهم في جعل الدول الأوروبية توجه اتهامات مباشرة للمضاربين وبعض المصارف ووكالات الاقتراض، وخاصة الأميركية، بأنها هي من يغذي الأزمة، بحثا عن مكاسب ضيقة، لإلحاق أكبر قدر من الإضرار بمنطقة اليورو والعملة الأوروبية. وما يزيد الطين بلة تصاعد تلك الدعوات داخل وخارج أوروبا، كي يتمكن صندوق النقد الدولي من إدارة الأزمة اليونانية، وهو ما رفضه المسؤولون الأوروبيون حتى الآن، لكونه لو تم يمكن أن يمثل أول انتهاك دولي لحرمة منطقة اليورو، ويؤكد عمليا انعدام نفوذ المصرف المركزي الأوروبي، وهو الذي جعله المسؤولون الأوروبيون، ومن خلال اتفاقية ماستريخت عام 1992، حارس المكتسبات النقدية والاقتصادية المشتركة.

وسط هذه الأجواء الضاغطة، وفعالية "قوى الأزمة"، ودخول اليونان في نفق "المسار الأرجنتيني" والاقتراب من كونها أولى الضحايا الأوروبيين لسياسات المضاربة والرهونات العقارية التي أصابت قلب النظام الرأسمالي، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة؛هل يستطيع قادة الاتحاد الأوروبي مقاومة ضغوط صندوق النقد الدولي، وهو يدخل أو يتدخل كـ "شريك مضارب" في محاولة للإسهام بإيجاد حل ناجع للأزمة اليونانية، بالإضافة إلى مواجهة ضغوط المضاربين في أسواق المال في نفس الوقت، وذلك حتى يمكن الإبقاء على قدرة الدول الأعضاء الاحتفاظ بقدرتهم الدفاع عن عملتهم الموحدة، ضمن مهام مواجهة مهددات تماسك الاتحاد ذاته؟. أخيرا هل تفلح "سياسة الإنقاذ السريع" في تجنيب اليونان مآل أن تكون أولى ضحايا أزمة النظام الرأسمالي، أم أن الأزمة أعقد وأطول مما يُتصور؟. وما اليونان اليوم سوى حقل تجارب، ومحاولة أخرى من محاولات تكييف وإعادة هيكلة وموضعة النظام الرأسمالي، للتعايش مع أزمته البنيوية والهيكلية الضاغطة.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن النكبة.. الأرض التاريخية للشعب الفلسطيني
- الفلسطينيون ومأزق التفاوض على المفاوضات!
- مفاوضات لا تعد إلاّ بالفشل
- مفاوضات التقارب وترياق الوعود العرقوبية
- رقابات تفتيش فسطاطية تتناغم و-حسبات- تكميم الأفواه
- تهويد القدس والتصدي لمشاريع أسرلتها
- المقاومات الحلولية والوطن المغيّب
- قناع الترانسفير الجديد والمهمات المتجددة
- ستارت 2 : آمال التوقيع ومنغّصات المصادقة
- حتى توراتيا لم يكن هناك -قدس يهودية موحدة-
- حذار لعنة تديين الصراع
- ماذا بعد فشل مباحثات -انعدام الثقة- الأميركية - الإسرائيلية؟
- فلسطينية الأرض ومحددات الصراع على هويتها
- عالم يتغيّر وقمم لا تبدّل ولا تغيّر
- بلدوزر الاستيطان الاسرائيلي حين يرسم حدود التفاوض وتعقيداته
- الانتفاضة الثالثة: حاجة ذاتية ودوافع موضوعية
- فرض التسوية و -الأيقونة المقدسة-
- اليونان.. هل تكون حبة رمل أوروبا؟
- الأوكرانيون يهزمون -ثورتهم البرتقالية- .. ديمقراطيا
- عودة إلى المسكوت عنه في العلاقات الأميركية - الصينية


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - اليونان.. نموذجا وضحية أولى للأزمة