أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - رائحة صدام ومذاق امريكي















المزيد.....

رائحة صدام ومذاق امريكي


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 917 - 2004 / 8 / 6 - 09:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مر في رأسي العديد من الصور والذكريات, بعضها جميل ومعظمها مؤلم, عن زمن الحرب العراقية الايرانية والاحزان والخوف, وانا اقرأ بقلق تصريح وزير الدفاع العراقي عن "العدو الاول للعراق", وتطابقه مع الموقف الاسرائيلي من ايران, في هذا الوقت بالذات.
وازداد قلقي وانا اكمل ما قاله وزيرنا حازم شعلان, لمجلة واشنطن بوست, اليمينية الامريكية. فتحدث شعلان, بطريقة من يحسب كلماته بدقة, عن "البلد الذي خاض حربا ضد بلاده من 1980 الى 1988". فاوحى الوزير لمن يقرأ بلا تمحيص, بان ايران هي الملامة على الحرب, دون ان يلزم نفسه بشكل حرفي بتلك المغالطة المفضوحة.

اكان الوزير يريد بذلك تبرئة صدام من احدى اكبر جرائمه الانسانية ويحولها الى عمل بطولي للدفاع عن العراق؟

ويتحرك كولن باول بتناسق مع تلك الفكرة فيرسل تحذيراً من بغداد إلى إيران من محاولات "كسب نفوذ" في جنوب العراق, مذكّراً بأن "دماء كثيرة أريقت بين الشعبين على مر السنين". كأن اميركا التي كان نفسه مسؤولا في حكومتها وقتها, لم تحث المعتدي على اشعال الحرب ولم تدعمه سياسيا بشكل لم يسبق له مثيل, وثم لم تحرص على ادامة سيل تلك الدماء هذا طوال تلك السنين بدعم الطرفين للمحافظة على التوازن واستمرار القتال.

اليس من الغريب انه حتى السفير البريطاني في العراق يصرح بانه يجب الاعتماد على الادلة الثابتة وليس الاشاعات في التعامل مع ايران, وعدم المبالغة في نفوذها في الجنوب (مقابلة مع جريدة المدى, 3 اب 2004)؟
انا لااكذب السيد شعلان فيما ادعى من مستمسكات ولا استبعد كذلك التدخل الايراني في العراق ومحاولة الحصول على نفوذ فيه, فقبل كل شيء من حق ايران ان تقلق على مسار الامور وهي ترى هذه القوة الهائلة تتجمع عند حدودها وتهددها بمناسبة وبلا مناسبة. فأيران مستهدفة بشكل صريح من قوتين هائلتين لهما استعداد شديد للعنف والاعتداء: اميركا واسرائيل. ابتداءا من التصريحات العدائية والتهديدات الى تطوير صواريخ جديدة الى منح الحماية المفاجئ لعناصر مجاهدي خلق, والذين كانوا يعتبرون لحد اليوم ارهابيين لقتلهم امريكان في السبعينات (بالطبع قتلوا عراقيين اكثر في التسعينات دفاعا عن صدام, ولكن حكومتنا لم تجد ان من واجبها ان تحتج على القرار الامريكي).
اما كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس بوش لشؤون الأمن القومي فترى ان "الحل الجذري والوحيد هو إعداد خطة محكمة تستهدف «الاطاحة الكاملة» بالنظام القائم" . فهل ان ايران ملامة بعد كل هذا من قلقها من "اصدقائنا" الجدد؟. الم تكد اميركا ان تدخل العالم في حرب نووية حين اراد السوفيت تحشيد صواريخ نووية في كوبا القريبة منها؟ وهاهي اميركا تزيد التوتر في المنطقة فتعين نيغروبونتي سفيرا لها في العراق, خبير الارهاب الدولي, الذي جعل من الهندوراس قلعة لتصدير الارهاب الى جيرانها(http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=20653).

من المفهوم والمتوقع ان تكون سياسة ايران الحالية غير مناسبة ومؤذية, بل وخطرة, لكننا يجب ان نجد كل الطرق السلمية الممكنة لتغييرها. واول هذه السبل تطمين ايران الى اننا لن نسمح باستغلال اراضينا لضربها. لكننا بدلا من ذلك نتجه الى العكس, فيصرح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقابلة مع صحيفة "صنداي تليجراف" البريطانية يوم 4-7-2004: مؤكدا أن حكومته لن تمانع في أن توجه الولايات المتحدة ضربات لدولا مجاورة لبلاده تقدم دعما لمقاتلين يشنون هجمات على "قوات التحالف"، في إشارة إلى سوريا وإيران، انطلاقا من الأراضي العراقية!
ان هذا الاسلوب في الرد يؤكد المقالق الايرانية ويشجعها على المزيد من محاولة التدخل في الشؤون العراقية, فماذا سيكون لدى السيد الوزير للرد على ذلك غير الحرب التي هدد بها؟ وعندها سيكون للحكومة المؤقتة الحجة الكافية لالغاء الانتخابات والبقاء مع جيش الاحتلال الى الابد, والقاء اللوم على ايران "لقتلها الديمقراطية".

قبل اسبوع فقط اتفقت دول جوار العراق في اجتماع لها بالقاهرة يوم 21-7-2004 على عقد اجتماع لوزراء داخليتها في إيران لبحث سبل "القضاء على الجماعات المسلحة والإرهابية في العراق والمنطقة"، مؤكدين على ضرورة عدم قيام الحكومة العراقية بتوجيه التهم الى تلك الدول بشأن عدم ضبط حدودها دون دليل، وعلى خطورة الزعم بأن ذلك يتم بعلم سلطات هذه البلدان. صحيح ان هذا ليس ضمانا, وان الصدق غير مضمون فيه, ولكنه يصلح كنقطة انطلاق للضغط السياسي والدبلوماسي على تلك الدول للالتزام به, والبناء عليه.

لقد استبق زيباري اجتماعات دول الجوار بالقاهرة قائلا: إن "بعض هذه الدول تسعى إلى محاربة أمريكا على أراضينا، وفي النهاية ندفع (العراقيين) ثمن ذلك". وهي كلمة حكيمة, فلا يفترض ان نسمح بتصفية الحسابات على ارضنا. ولكن لاقناع الاخرين بذلك يفترض بالمقابل ايضا ان نردع اميركا عن تصفية حساباتها, او اشعال حروبها الجديدة من خلال ارضنا. كما يجب ايجاد السبل المقنعة لطمأنة كل دول الجوار, بل وقبل كل شيء, الشعب العراقي نفسه الى خلو كردستان من النشاط الاسرائيلي وعدم الاكتفاء بنفي ذلك بشكل باهت.

لا ننس اننا مدينون لايران باعتذار لتدميرنا اياها لثمان سنوات لحساب الولايات المتحدة نفسها, عندما كانت تدعم دولة صدام حسين كثاني دولة بعد اسرائيل.

ولا ننس ان لايران مواقف مشرفة من عدد هائل من اللاجيئني العراقيين حين اواتهم وعاملتهم بافضل مما عاملهم اخوتهم العرب مئات المرات, واسألوا نزلاء رفحا.

ولا ننس كذلك ان مواقف ايران من المحتل الذي يهدد كيان العرب, اسرائيل, اشرف من مواقف كل الدول العربية نفسها واكثر مبدأية.

ان لعلاقتنا مع ايران اهمية ستراتيجية لايجب التعامل معها بمثل هذا الاستخفاف, فأن كان الامريكان "سيخسرون" بعض "نفطنا" فنحن وجيراننا سنخسر ما بقي من دمائنا, ان اشتعلت هذه المنطقة من جديد.
وبدلا من ان يصلح السيد شعلان ما يمكن اصلاحه في تعليق لاحق, نجده يزيد الطين بلة بتوكيده التهديد حين يقول انه يأمل " أن يفهم الايرانيون جيدا هذه الرسالة ". ثم يؤكد " لان العراق بلد عريق خلفه سياج منيع هو الدول العربية "
بالطبع لن يقتنع احد بان وزيرنا يستند فعلا الى "السياج المنيع" من الدول العربية التي لم تؤيد اي منها اسلوبه بل انتقدت تصريحاته العنيفة, مثلما فعلت جهات عراقية عديدة منها المؤتمر الوطني, فلا يبق الا ان الوزير كان يشير ب "السياج المنيع" الى الجيش الامريكي.

ومما يؤكد مقالقنا ان الوزير شعلان لم يذكر اطلاقا ضمن تهديداته اللجوء الى القانون الدولي ورفع شكوى الى الامم المتحدة, كما يفترض في اية دولة تحترم القانون. ولاشك ان هذا الاسلوب جاء بوحي من الدولتين الوحيدتين في العالم التين لاتخفيان احتقارهما القانون الدولي : اميركا واسرائيل.

عندما وضعوا في الدستور (المؤقت) ان وزير الدفاع يجب ان يكون مدنيا, مثل الدول المتمدنة في العالم, استبشرنا خيرا في ابعاد هذا المنصب الخطير عن الغرور وقصر النظر السياسي الذي يميز العسكر, ويهدد البلاد باخطار هائلة لامبرر لها. لكن هذا الاجراء الشكلي لايبدوا كافيا لحماية البلاد من اندفاع العنف.
ان ثقة حكومتنا العمياء بالامريكان لاتدل على الحكمة. وانقل لكم رأيا من داخل اميركا نفسها: كتب توني جوت مدير معهد ريمارك في جامعة نيويورك في مجلة «نيوزويك» يقول: «... لقد بات معروفاً بصورة واسعة اليوم ان الثقة بين الديموقراطية الاقوى في العالم وحلفائها وصلت الى نقطة انحدار لم يسبق لها مثيل. فلا يوجد احد اليوم خارج الولايات المتحدة واسرائيل ممن يثق بالولايات المتحدة او برئيسها. وكانت اميركا في الماضي دولة يعجب بها الناس أو يُخشى طرفها أو تُحسد، أما الآن فهي باختصار دولة لا ثقة بها».
اخيرا, لا اجد بدا من تذكير السيد الوزير بانه جزء من حكومة "مؤقتة", جاءت بها الظروف وليس الانتخاب, ولا ينتظر الشعب منها الا ان تدير البلاد بامانة لحين تمكنه من انتخاب حكومته الحقيقية. لقد وضعت شروط لتمنع هذه الحكومة من اتخاذ قرارات ذات اثر بعيد على البلاد, فهل يتصور السيد الوزير ان اشعال توتر حرب مع دولة جارة ليس ذو اثر بعيد على العراق؟ يضع كبار الموظفين والتجار وربما الوزراء, لوحات كتب عليها بعض الحكم, مثل " الحلم سيد الاخلاق" و "هذا من فضل ربي", و" تذكر قدرة الله عليك", انا ارى ان توزع على حكومتنا لوحات كتب عليها "تذكر انك حكومة مؤقتة".

لقد شاءت الصدف والظروف ان امر بايران واقضي بها مع زوجتي ما يزيد على السنة, خلال سفرة الهرب واللجوء. ورغم انها لم تكن سفرة سهلة, لكني لا انسى هذه السنة التي شعرت فيها بالامان اكثر مما شعرت في العراق نفسه, رغم اني من اصل سني, ولم اكن اصلي, ورغم ان وحشا من بلادي كانت قد مزق لتوه هذا البلد الجميل وشعبه الطيب وقتل وعوق مليون او اكثر من ابنائه.
في اصفهان, وبالصدفة, شاهدنا بخجل بالغ, زوجتي وانا, معرضا لصور عن خرمشهر المحمرة. المدينة الرائعة التي كان جيش صدام قد احرقها كما يحترق عود الكبريت. ورغم ذلك لم نسمع من اي ايراني, كلمة واحدة مؤلمة او متكبرة خلال وجودنا في ايران وصار لنا العديد من الاصدقاء وكان لنا الكثير من الذكريات والصور الحلوة في اصفهان وطهران وشعرنا ان ايران حقا وطننا الثاني, وحلمنا ان تسود الصداقة بين شعبينا الجارين الطيبين. وحين زرنا متحف طهران اكتشفنا ان التماثيل فيه مشابهة تلك في المتحف العراقي في بغداد!

في البصرة وضع صدام مجموعة تماثيل تشير الى ايران, ليقول للناس ان الخطر يأتي من هناك, وليثبت في الحجر كراهية ارادها بين العراقيين والايرانيين. لكن الخطر لم يأت الى البلاد من حيث تشير تماثيل صدام, بل جاء من قصره, الذي كان دوما مصدر اللالام لكل العراقيين, بل وللايرانيين والكويتيين ايضا. ان من مهمة الحكومة العراقية المؤقتة, ليس فقط تسليم حكومة الشعب القادمة عراقا خاليا من الارهاب, ولكن ايضا, عراق يتمتع بعلاقات صداقة مع جيرانه, فلا تعود التماثيل على شط العرب تشير الى حيث يهددنا الخطر, بل الى حيث يعيش لنا اصدقاء.
‏05‏ آب‏، 2004



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الصناديق السوداء
- طوابع عجمان واحتفالات مكتبة الاسكندرية
- اصوات ناشزة في قمة العالم
- نيغروبونتي: السجل الخطير لسعادة السفير
- امن اللصوص وجدار التوسع
- صدام وشرف الجنس
- الجيش الصغير والحلم القديم بالسلام
- عراقي ارهابي ام عراقي عميل؟
- مداح القمر
- العراق يعبر الشارع الخطر
- لحظة ايها الملائكة
- الانتخابات الاوربية في هولندا: نصر لليسار وهزيمة للحكومة وعد ...
- الهدية الرئاسية
- منطق النمل: غضب عراقي في البرلمان الهولندي
- القراءة الطائفية
- بحثا عن - التكنوقراط
- كلام الملوك
- الثأر...الثأر...لدماء كربلاء والكاظمية!
- 188: احترام لمرونة الشريعة


المزيد.....




- تُعتَبَر هذه البحيرة الضخمة في إسبانيا إنسانًا وفقًا للقانون ...
- -لا نريد أن نعيش نكبة أخرى-.. شاهد ما قاله رياض منصور عن إخر ...
- هل تؤدي عمليات تجميل الوجه إلى الإصابة بالإيدز؟
- منحته 3 آلاف جنيه إسترليني.. بريطانيا ترحل طالب لجوء إلى روا ...
- شرطة نيويورك تداهم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب
- تقارير: إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة من أجل اتفاق غزة ...
- بيان صادر عن المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصه ...
- طريقة علمية لتجنب الكآبة
- -كلاشينكوف- تكشف عن درونات جديدة بمواصفات مميزة
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - رائحة صدام ومذاق امريكي