|
غزة بدها تسافر....!!!!!
مشيرة جمال أبو شماس
الحوار المتمدن-العدد: 3004 - 2010 / 5 / 14 - 16:55
المحور:
كتابات ساخرة
بدأ نهاري باتصال هاتفي من أحد الأصدقاء يخبرني بأنه ينتظر دورة ليغادر غزة ،بعد حوار قصير أقفلت الخط و أنا مستاءة جدا لخبر سفر صديق عزيز،تجاوزت الأمر بعد حوار قصير مع الذات،أنجزت بعض الأمور وتوجب على الاتصال بصديقة كانت تحاول الاتصال بي ولم تسعفها الشبكة،
"ألو كيف حالك أنا مبسوطة كتير خالو كلمنى رح يبعتلى الفيزا اليوم ،وآخر الشهر مسافرة ،حبيت ابشرك اول وحدة"
ما هذا الخبر السيئ ،علها تجد ضالتها في تلك البلاد،لكنني لازلت لا أعلم ما الخصوصية في إبلاغي على رأس القائمة خبر محزن كهذا ،ذهبت حيث يجلس أبي وأمي يتناقشان في أمور دوما مهمة واليوم وما افجعني حين سمعت الحديث ،
أمي : "طيب هما كلهم بدهم يسافروا " أبي : "أه كلهم حتى حمودة بده يبعت لخطيبته بعد شهر" أمي : "كمان ولاد ام حسن رح يطلعوا ورا بعض عمهم باعتلهم " ابي: " سمعت وفي تنين من صحابي طالعين ع ماليزيا ،وولادهم بلحقوهم بس يخلصوا امتحانات " أمي :"تنساش بدنا نودع جيرانا وقرايبنا وصحابنا الى بدهم يروحوا يعملوا عمره " أبي :"في كتير منهم بدهم يطلعوا ع العمره وبدهمش يرجعوا "
استمر الحديث على هذا المنوال ما يقارب النصف ساعة وأنا أقف أحصى عدد الأقارب و الأصحاب المهاجرين بلا رجعه، يال الخسارة كلهم أحبهم، أوليس هذا عدد كبير من المسافرين اسمعه لهذا اليوم ،ولكن لم تنتهي الإثارة عند هذا الحد ،كالعادة صدفت أخى الصغير في طريق عودته من المدرسة ،وبدأ سلسلة حديثة المختصر عن يومه ،وبعد سؤالي عن سبب تأخره ،
"كنت انا والجنجي عند استديو فلسطين بده يتصور علشان جواز السفر اصله اهله بدهم يهاجروا والله ،وبد همش يرجعوا ،وبتعرفي كعبورة كمان بعد الامتحانات بده يسافر مع ابوه وامهم السنه الجاية بتلحقهم ،وفي ولدين من الصف كمان بدهم يسافروا ،ومحمد واحمد ومحمود اخواتهم مسافرين هجرة بعرفش وين"
ذهول أصاب حواسي بالشلل لم اسمع باقي الأسماء واللوائح الراغبة في السفر،لم أفق إلا على صوت أخي،
"مشيرة انتى مش وعدتينى ازا بتسافري اسافر معك ،سافرى بدكيش تسافري،كل صحابي مسافرين يعنى هما احسن مني " هذا آخر ما توقعت أن يصيب الوباء رأس أخي ،لم أتذكر أنني طرحت عليه السلام ،أنجزت بعض الأعمال وكان لابد أن أكون في اجتماع قبل بدء الاجتماع دوما تدور أحاديث جانبية ونميمة مثقفة حيث لا اعلم ما الفرق بين النميمة المثقفة والنميمة العادية التي عهدناها منذ الصغر بكل الأحوال ليس هذا هو موضوعنا ، لا اعلم هل سوف تصدقوني إذا قلت لكم أن الحديث كان عن أصدقائنا وزملائنا الذين سافروا والذين ينتظرون السفر،الأجمل من ذلك حضور صديق إلى الاجتماع وهو ممتعض وغاضب والسبب بسيط،
"شو هالحظ يعنى انا بعد ما خلصت ورق الفيزا تطلع السفارة مسكرة "
هذا شخص آخر صدقا انه الصدمة الحقيقية انه صديقي اللدود نقضي جميع الوقت سويا نتسكع سويا ونغنى ونعمل وناقش ونتشاجر سويا حتى أننا نتشارك في ذات شهر الميلاد والبرج ذاته يجمعنا ، لا اعلم إذا كنت قد أديت عملي جيدا لهذه اليوم ولكنى حاولت فعل ذلك وبعد نهار شاق نفسيا وجدت انه من الجيد لو هاتف بعض صديقاتي لأعيد شتات ذهني علنا إذا جلسنا في مكان هادئ حصلت على ضالتي ،بعد الاتصال الهاتفي كانتا فعلا هناك عندما ولجت المكان وجدتهما منهمكتين جدا بين أوراقهن وحواسيبهن النقالة ،طرحت السلام مره لا إجابة..!! مره أخرى لا إجابة ..!! كعادتي صفعت واحده أفاقت الأخرى، "شو بتعملوا " "بنعبي طلب منحه دراسية لاميركا "
ما أجمل هذا النهار اكتفيت بهذا القدر من الإثارة، جمعت ذاتي وعدت أدراجي إلى المنزل فلا طاقة لي بسماع أسماء أناس أخرى ممن أحبهم مدرجه على لائحة المسافرين،وجدت أخي الأوسط واقف بالباب يضرب أخماسه بأسداسه ،ماذا هناك هل هناك خطب ، "يا ساتر مالك شو صاير "
"هلقيت انا مجنون وانتى عاقلة انا شو بدي اضل اعمل في غزة افهم ،هى حمزه سافر وبشتغل ومكيف وبعتلى وحكالى بس انتا تعال بالشنته وبتعرفش اشى وبتشتغل وبتتعلم "
الآن أصبحت أنا المجنونة في كل هذا ،لم أسعفه في ذلك الوقت كنت ابحث عمن يسعفني ،خفت أن أفيق يوما ولا أجد احد في المنزل شعرت اننى إذا ما فتحت الشباك في صباح اليوم المقبل سوف أجد الشوارع خاوية والمحال التجارية مقفلة ،وحركة المرور معطلة خفت إذا ما نزلت الأدراج أجد منزلي في بلد أخرى ،خفت ألا أجدتي ،هل فعلا غزة مسافرة ,,,,؟؟؟؟؟. في لحظة إفاقة تذكرت أن المعابر مغلقة وأن غزة محاصرة ،حينها شكرت الله على نعمة الحصار وعلمت الحكمة الربانية من حصار غزة ،كيف هو الوضع إذا فتح المعبر لأسبوع واحد هل سوف تصبح غزة خاوية ،هل البلاد الأخرى جنان ونحن لا نعلم ،تعددت الدوافع منهم من يبحث عن ذاته ومنهم من يسعى إلى المال ومنهم ومنهم و منهم ، لكن كيف توصلوا إلى هذا الحد من الإجماع في ظل الانقسام ،من المسئول عن هذا كله، الحكومة في غزة أم الحكومة في الضفة "الناس بحكومة احنا بتنتين". الاحتلال الانقسام الحصار ،الجوع والجهل المرض أيهم ، من سوف يحاسب على هذا الشعور العام من الانهزام ،أصبح الهروب هو الحل الوحيد ،أنا لا اعلم الوضع في الضفة الغربية ولكنني اعلم أن المكان الذي أعيش فيه مهدد بالخواء والنتيجة لفتح المعبر أسبوع بحرية هي أن غزة كلها مسافرة.
#مشيرة_جمال_أبو_شماس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اكشفوا الستار فمن فعل العار يغسل العار
-
لقد صرعكم جسد تلك العاقلة شعرا .......!!!!!
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|