أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل يمكن مواجهة وجود الطائفية السياسية بشعار -الدين لله والوطن للجميع- ؟















المزيد.....

هل يمكن مواجهة وجود الطائفية السياسية بشعار -الدين لله والوطن للجميع- ؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لا شيء يكون بدون علة".
مارتين هيدگر
فيلسوف ألماني

لا شيء يكون بدون علة, هذا ما يدركه كل إنسان عاقل ومعقول في تفكيره. وهكذا يمكن أن نجد العلة في كل مشكلاتنا, فالجهل والفقر والمرض هي نتاج التخلف الاقتصادي والاجتماعي في السياسات غير العقلانية للحكومات العراقية المتعاقبة وكذلك في الفساد المالي الذي لا يبقي مالاً كافياً للتنمية وتشغيل العاطلين. المذهبية ترتبط بتباين الاجتهادات إزاء الدين أو تفسير القرآن والحديث أو ما يطرحه المجتهدون. والطائفة هي التي تؤمن بهذا المذهب أو ذاك, أي المجموعة البشرية التي تؤمن بهذا المذهب أو الرأي أو ذاك. وهو أمر طبيعي واعتيادي. ولهذا فالمشكلة في العراق ليس في وجود مذاهب أو طوائف مختلفة في إطار دين واحد هو الدين الإسلامي, بل المشكلة في الطائفية السياسية السائدة في العراق, أي التمييز بين الطوائف في التعامل اليومي, وهذا ما عاشه الشعب العراقي خلال السنوات السبع المنصرمة, وهذا ما نراه أيضاً في تشكيلة الوزارات والمؤسسات التي يرأسها شيعة أو سنة. عندها يمكن أن نفهم معنى الطائفية. ولهذا لا يجوز الالتفاف على المعنى المقصود حين يكتب البعض الطائفية وحده, بل المقصود استخدام الطائفية سياسياً لمصالح فئة معينة ضد مصالح الطوائف الأخرى. والأحزاب السياسية القائمة على أساس طائفي أو مذهبي تمارس الطائفية السياسية, أي تمارس التمييز بين المواطنات أو المواطنين على أساس مذهبي.
لم يكن العراق خال من الطائفية, سواء أكان ذلك في العهد الأموي أو العباسي أم العثماني أم في فترة العهد الملكي وفي فترة حكم الأخوين محمد عارف أو ففة حكم البعث الأولى والثانية. وهذا الواقع يتناقض مع ما يصرح به البعض بأن العراق كان خالياً من الممارسة الطائفية التمييزية وليس المذهبية السوية. وكانت فترة حكم عبد السلام محمد عارف أولاً ومن ثم فترة حكم البعث الدكتاتوري الأخيرة هي من أخس واشرس الدكتاتوريات التي عرفها العراق والتي مزجت بين الاستبداد والقسوة والقمع من جهة وبين الشوفينية والطائفية السياسية من جهة أخرى.
وكان الشعب في غالبيته العظمى ومن أتباع جميع الديانات والمذاهب الدينية ومن جميع الاتجاهات الفكرية غير الفاشية ضد الدكتاتورية والقسوة والشوفينية والطائفية السياسية وضد التمييز في الحكم والتي ومصادرة الحقوق الفردية والقومية التي جسدها نظام البعث الفاشي خلال فترة حكمه. وتصور البعض أن سقوط النظام الفاشي سيزيل الطائفية السياسية من اذهان الكثير من القوى السياسية في العراق وسيفتح الطريق أمام الديمقراطية. ولم اشترك, كما لم يشترك الكثير من الكتاب الديمقراطيين, في هذا الرأي, إذ كان يعتمد ذلك الرأي على تسطيح للواقع العراقي وإلى تصور ميكانيكي ساذج للعلاقة بين الظواهر وتداعياتها في المجتمع.
التقسيم الطائفي قد أقر من جانب العديد من قوى المعارضة العراقية منذ اجتماع دمشق في العام 1990 ومن ثم في مؤتمر بيروت (1991) واجتماع فيينا (1992) ومؤتمرات صلاح الدين (1992) ومؤتمر واشنطن (1999) ولندن (2002) المتتالية. وما حصل في فترة حكم المستبد بأمره پاول بريمر كان تنفيذاً لذلك التوزيع السابق وبالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية. لم تشعر قوى المعارضة العراقية بمخاطر هذا النهج في الفكر والسياسة, إذ أن الجميع كان مستهدفاً من جانب نظام البعث, إلا أن سقوط نظام البعث وضع المجتمع وجهاً لوجه أمام طائفية سياسية من نوع آخر لم يعرف قبل ذاك في العراق, رغم أن الطائفية السياسية هي واحدة من حيث العواقب التي تتسبب بها.
لقد توقعت حصول هذا التوجه في السياسة العراقية بعد أن تتم الإطاحة بالنظام وخشيت منها على مستقبل العراق ومسيرة الشعب منذ التسعينيات حين صدر كتابي الموسوم "ساعة الحقيقة: مستقبل العراق بين النظام والمعارضة" في العام 1995, كما برز أيضاً في كتابي الموسوم "المأساة والمهزلة في عراق اليوم" الصادر في 2000.
أشرت وأشار الكثير من الكتاب إلى أن التحولات الجارية في أسماء القوائم ليس الدليل على تغيرات فعلية جارية على المواقف الفكرية والسياسية للقوى والأحزاب السياسية الإسلامية العراقية, سواء أكانت شيعية أم سنية, فهو تكتيك يراد منه كسب أولئك الناس الذين أصبحوا ضد الطائفية السياسية وممارساتها اليومية بسبب ما عانوا منه خلال السنوات السبع المنصرمة, وأن هذه الأحزاب, كما أرى, لم تغير من اتجاهاتها الفكرية والسياسية لأنها قائمة على هذا الأساس. كما لم ينفع كسب بعض العلمانيين والديمقراطيين إلى قوائم إسلامية سياسية في تغيير نهجها أو وصول بعضهم إلى المجلس النيابي , فهذه المسائل لم ولن تغير من طبيعة وحقيقة تلك الأحزاب. وهذا ما نعيشه اليوم إذ النتائج تشير إلى ما يلي:
** عادت القوى الإسلامية السياسية الشيعية إلى تشكيل البيت الشيعي مجدداً من حيث دمج دولة القانون بالائتلاف الوطني العراقي, فالأصل هو الائتلاف الوطني العراقي.
** ارتفاع عدد النواب الفائزين الذين مارست قواهم السياسية العنف الشديد إزاء المجتمع ومارست الطائفية السياسية بعنف وشراسة في مقابل تراجع من يسمون بالمعتدلين!
** عدم حصول الديمقراطيين والعلمانيين الذين التحقوا بالأحزاب الإسلامية السياسية, بأمل الحصول على مقعد أو وزارة, على أي مقعد في المجلس الجديد.
** دفع هذا الأمر حتى قبل الانتخابات إلى حصول استقطاب شديد للسنة في قائمة العراقية بحيث أصبحت الممثل لهم والتي لا يمكن تجاوزها بأي حال.
** من هنا نقول عادت الطائفية والمحاصصة الطائفية إلى الصدارة لتلعب دورها في تحديد مسار العمل السياسي العراقي في السنوات الأربع القادمة بخلاف ما كان ولا زال الادعاء من الطرفين!
** ولم يعد التحالف الكردستاني قادراً على التأثير كما كان في السابق أو تغيير الصيغة والمعادلة التي تريد فرضها القوائم الإسلامية السياسية الشيعية بشكل خاص, فقد تراجعت حصته من 60 مقعداً إلى 43 مقعداً. ومع ذلك فهو يعتبر بيضة القبّان ارتباطاً بتمثيله للشعب الكردي الذي لا يمكن تجاوزه في تشكيل أي حكومة عراقية.
كتب الأخ الأستاذ ضياء الشكرچي مقالاً يشير فيه إلى أن "الأحزاب الإسلامية السياسية لا مستقبل لها في العراق", وهذا الاستنتاج صحيح من حيث المبدأ وعلى المدى البعيد, ولكن علينا استكمال هذه المقولة الصحيحة بالمقولة التالية التي أدعيها بأن "مستقبل العراق غير مشرق في ظل الأحزاب الإسلامية السياسية التي تمارس الطائفية السياسية", إذ إنها ستبقى ولفترة أخرى في الحكم ولكنها سوف لن تكون لصالح وحدة الشعب وحريته العامة وحرية الفرد ولا لصالح الحياة والحريات الديمقراطية. وهذا الاستنتاج يشمل الأحزاب القائمة على أساس طائفي والتي تمارس الطائفية السياسية والتي برهنت عليها خلال الأعوام المنصرمة.
لم تعد الإدارة الأمريكية هي القوة الفاعلة في العراق, وهذا أمر جيد, ولكن الفعل الراهن في العراق هو لإيران بالدرجة الأولى وللصراع العربي الإيراني بالدرجة الثانية, أي تدخل حكام الدول العربية في الشأن العراقي, وهو الأمر السيئ حقاً. وهذا الأمر سيعقد إلى حدود بعيدة إمكانية إلغاء وجود العراق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة, بسبب المخاطر التي يمكن أن يشكلها العراق بسبب الوجود الأمني والسياسي الكبيرين لإيران في العراق, إضافة إلى التحالف الإيراني مع سوريا من جهة, ومع بعض المليشيات الشيعية في البلاد من جهة أخرى. ولكن المشكلة تبرز أيضاً في التدخل المتواصل لحكومات بعض الدول العربية, وخاصة السعودية والخليج وسوريا.
يواجه عراق اليوم محنة عصية بسبب نتائج الانتخابات وغياب قدرة التيار والقوى الديمقراطية العربية في التأثير على الأحداث وعلى مسار تشكيل الحكومة بسبب غيابه أو ربما تغييبه عن قبة ومقاعد مجلس النواب. ولكن هكذا أراد الشعب, وكلنا يعرف أسبابه وجرى البحث فيه كثيراً.
ويصعب التكهن بما سيؤول إليه الوضع بشأن تشكيل الحكومة أولاً, وبشأن السياسات التي ستنتهجها في الفترة القادمة ثانياً, والمخاطر التي ستبرز بسبب نشاط قوى الإرهاب والمليشيات المسلحة على حياة ومصالح المجتمع ثالثاً.
إن التخويل الممنوح لقوى الإسلام السياسي الشيعية والسنية كبير حقاً وهو يهدد بتكريس ظاهر الاستقطاب الطائفي السياسي وما ينجم عنه من ظواهر سلبية في حياة الإنسان والمجتمع, إذ أن هذا التخويل يهدد مبدأ المواطنة الحرة ولا يسمح بتطبيق شعار "الدين لله والوطن للجميع", وفي هذا تكريس الانشطار الشعبي والممارسات غير الديمقراطية من جانب السلطة وقوى في المجتمع.
إن الوضع القائم في العراق لن يسمح بتشكيل حكومة من طرف واحد بل ستكون حكومة تشترك فيها كل القوائم الفائزة وسيجري توزيع الحقائب الوزارية وفق أسس معينة, أي وفق الاستحقاقات الانتخابية, ولكن ستبقى أوضاع الوزارات في بنيتها الطائفية السياسية وفق الحالة التي كانت عليها في العام 2005, وفي هذا تجاوز على حقوق المواطنة التي يفترض أن لا تميز بين الأفراد على أساس الدين أو المذهب أو العقيدة أو القومية أو الفكر والسياسة.
8/5/2010 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلوة مع النفس : صراع الأجيال وتجلياته الإيجابية والسلبية !
- هل يمكن بناء الديمقراطية في العراق ؟
- هستيريا الصراع على السلطة في العراق ... إلى أين؟
- رسالة إلى رابطة الأنصار الشيوعيين فرع ألمانيا
- هل سيبقى الهم العراقي خلف ظهور الفائزين بالانتخابات؟
- أيها الناس احذروا ثم احذروا ثم أحذروا .. فميليشيات جيش المهد ...
- الفاشيون المجرمون يوغلون بدماء الشعب العراقي...!
- هل من جديد في تجربة القوى الديمقراطية – العلمانية في العراق؟
- رسالة شكر وتقدير واعتزاز
- قراءة حزينة في كتاب -شاهد عيان: ذكريات الحياة في عراق صدام ح ...
- المرأة والكتابة والنشر في موقع الحوار المتمدن
- هل من علاقة بين نتائج الانتخابات والإرهاب الدموي في العراق؟
- الإرهابيون القتلة يمارسون مهنتهم بنجاح .... فهل فشلنا في الم ...
- تحية وفاء ووقفة إجلال لشهداء الكُرد الفيلية , شهداء الشعب ال ...
- أسئلة موقع ومجلة زهرة النيسان وإجابات الدكتور كاظم حبيب
- رسالة مفتوحة إلى الأخ السيد عباس العگيلي
- خلوة مع النفس ...القطط السمان المتنفذة وحديث الناس ...!!
- ملاحظات مطلوبة على تعليقات حول مقالاتي بشأن تصريحات السيد طا ...
- إذا كانت أحداث عبد السلام عارف في الفترة 1958-1963 كمأساة .. ...
- رسالة مفتوحة إلى الزميل رئيس الهيئة الإدارية لنادي الرافدين ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - هل يمكن مواجهة وجود الطائفية السياسية بشعار -الدين لله والوطن للجميع- ؟