أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس قومي - البيت الحزين














المزيد.....

البيت الحزين


الياس قومي

الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


البيت الحزين ؟!
قصة قصيرة
بقلم المهندس: إلياس قومي

لم يكن يختلف عما تحيط به من بيوت ، كان جميلاً تزينه شجرة كبيرة ، وتسيجه شجيرات صغيرات .. وذو موقع ممتاز على ناصية شارع رئيسي. سنواتٌ مضتْ
والرجل يعتني بالأشجار والدار وكل مافيه.
بالأمس دق الجرس، بابا أفتح الباب،.امرأة في العقد الرابع تبدو جميلةً، ممشوقة
القامة، محياها يبعث الدفء، سرعان ما دفعت ما في يديها، تناول منها تلك الحاجة المغلفة، نظرت إليه بابتسامة، ومضتْ مسرعةً واختفت.
مجموعة من النسوة، جئنَّ لزيارة على ما يبدو... قالها في نفسه ولِمَ لا !!
ليس في الأمر ما يعنيه، لا زوجة لديه لتشاركهم . أدمعت عيناه وأخذه الماضي
إلى ضفتيه ؟! كانوا يتبادلون الزيارات مع الجيران ، كم كان لتلك الزيارات من
معانٍ. هومايزال يزورهم ، لكن لم تعد بذات النكهة .
كم كانت جميلة ليست الأيام والزيارات التي رحلت وحسب، وإنما وجه زوجته
الذي مازال يلاحقه صبح مساءْ، لم تكن تغادره الابتسامة أبداً، لتنعشه حتى في الحالكات من الصعاب.
ظل يبحث عن تلك المرأة التي طالما شاهدها في إحدى الصالات الكبيرة.
لِمَ أحضرت بعضاً من الطعام يا ترى؟!
لم يستطع حينها سوى أنْ يتلقفه من يديها . تذكر يوم كانت تلك الجارة أيضاً تقوم
بجلب بعض من الحلوى وليتناولا فنجان من القهوة معاً. كم من مرةٍ جاءت لذات الفنجان...لكن الأمر قد أختلف على ما يبدو اليوم.
لقد تغير كل شيء. وهل إن رحلت الزوجة يعني لا أحد في البيت؟
وماذا لو الرجل هو منْ رحل؟ هل كان سيحدث ذات الفعل عند هؤلاء؟
لماذا كُتب عليهم العيش في دارٍ واسعة تفتح صدرها للشمس والهواء والأفكار ؟!
لم ينسى ذاك الرجل الشهم كيف يجلب الأطباق تلو الأطباق، تارةً هو وتارة بنات
أبنته، اللواتي هنَّ صديقات لأبنته معاً في ذات الصف . لكن البارحة اختلفت
المقايمن العيونلعيون تجوع وتتذوق وتشم أيضاً ؟ كان يعرف إنَّ العشق يبدأ من العيون لينتهي حيث القلب. لكن لِماذا كل مايقدم أصبح مقبولاً لديه!!
وهو الذي ما عرفَ غير العطاء؟ ماهو السر من كلِّ هذا؟!
لم ينسَ تلك العجوز التي تستدعيه حال أن تجهز له الطعام ليجلبه إلى بيته؟
كم من مرةٍ فعلتها زوجة الراعي فهي لا تنس أيام الأعياد والمناسبات؟
ولِمَ هذا الجفاء يدمدم في سره : حتى الفتيات لم تعد تزورهنَّ صديقاتهن إلا ما ندر ؟!
ماهو السبب في كل هذا التوحش والتفرد. إنَّ البيت الذي يفقد ركناً من مكوناته، ليس هو الذي يتغير فقط على ما يبدو!! بل الذين كانوا على تماسٍ معه أيضاً . فمنهم من يراه فرصةً للمساعدة، ومنهم من يراه فرصة للابتعاد. لكن تبقى السكين تغرز في الأعماق،والدم ينزف في السر والعلن.أما كان باستطاعته أن يتزوج وكفى؟!
أما كان من الممكن أن يقع في دوامة جديدة غير محسوبة النتائج...؟
اليوم كل شيء صار في مهب الريح ، حتى الطعام تغير، وقت الفطور تغير ،
حتى العمل تغير، حتى موعد النوم تغير، موعد الكتابة تغير ، وقت المطالعة تغير!!
لقد أصبحت كل الأشياء مثل ولادة القصيدة، من غير موعد تجيء!!
مثل من قرعة الباب مساء أمس !!
لكن هناك ما هو لم يتغير. باقٍ كما هو، كما تركته زوجته، ثيابها لم تزل معلقة على
ذات العمود داخل خزانة الثياب. وثوبها الليلي معلقاً على ذات المشجب الخشبي.
والجرائد مازالت تأخذ حيزا لا بأس فيه من غرفته ، شيء واحد أضيف إلى غرفته هو توسط الجدار الذي يقابله صبح مساء، صورة لتلك التي رحلت من دون وداع . يعود لبقايا أوراق قديمة كتبها ، يتذكر أيام الجامعة . لم تعد تلك الكتابات سوى فسحته الوحيدة ، يجول ، يرحل مابين السقف والجدران التي هي الأخرى ما عادت تعرف للضحك معنى. شيءٌ واحدٌ يربطه بالعشق هو قراءة الجرائد والكتب وما ترسله تلك الفضائيات. لكن سرعان ما ينتثر عبيرها على صدر ذاك البيت الحزين. ولتنعكس ضياء وحباً في عبارات الاستحسان والإعجاب من قارئ يوقفه وهو في أحد المخازن الكبيرة حيث تتواجد الصحف المحلية ليشكره ويثني على كتاباته. أو لربما بعض الثناءات تجيئه عبر تلك الشاشة الصغيرة التي يطل منها على العالم البعيد. يعود للوراء... يتذكر ينتشي فرحاً. كم كان يزهو أمام من يحبها ؟ تذكر تلك الأصوات وهي تطالبه أن يعيد بيتاً من الشعر أحبه من كانوا يستمعون إليه، مازلت صورة تلك الطالبات اللواتي خبئنَّ وجوههنَّ على مدرج كلية الهندسة ذات مرة من شدة الحياء. لقد تغيرت ملامح وجهه، إزداد شيباً،
هي لم تبخل عليه ، ساندته ووقفت لجانبه تعمل يداً بيد. حتى يوم رحلت كانت في طريقها لتشتري ما يلزم للبيت من حاجيات. ترى ماذا بوسعه أن يفعل وبناته؟!
ولماذا الكتب أوصت باليتامى والأرامل...؟! هل لمن يعيشون على هذه الأرض، أم يقصدون من في الآخرة، الأحياء منهم ... ؟! لماذا علم الاجتماع يفرز جوانب خاصة لمثل تلك الحالات؟! ترى من يسدد فاتورة الأسى والألم والحزن ؟!
من أينَ يُشترى لهم وصفات حب جديد تنعش القلب والفؤاد؟
وهل من الواجب أن يظلوا مكتوفي الأيدي ينتظرون معونة السماء؟!
ولِمَ لا فقد تنصفهم أكثر مما أنصفتهم الأرض ؟!
وهل من الواجب: أن يعلنوا للملأ حاجتهم لأخوة وبنات أحباء على قلوبهم؟!
هل من الواجب أن يزيلوا تلك الأشجار وليدونوا على جدران البيت إنَّه خالٍ
من زوجة تعيد له الابتسامة والحب والهناءة، خالٍ من أم تعرف كيف تعيد
الحنان والسعادة والحبور لأطفالها. هل من الواجب أن يصبحوا متسولين،
كي يعلم من لا يعلم من اللجان الاجتماعية: إنَّهم مازالوا حزانى ؟!
****** ****** ****** ***** *****






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى العاشرة لرحيل شقيقنا الشاعر عبد الأحد قومي
- الدرس الأخير
- دينٌ عليَّ ياديانا أنْ أوفيهِ
- المسافرة
- الموتُ بالمجان...


المزيد.....




- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس قومي - البيت الحزين