أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس قومي - الدرس الأخير















المزيد.....

الدرس الأخير


الياس قومي

الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 23:05
المحور: الادب والفن
    



" ما زادَ القهرُ إلاَّ حياةً للشعوب !! "

من يحسن الكتابة ويجيد فن القراءة؛ يوهم ذاته كثيراً!!
يخشى أن يُفلت فنجان قهوته من يده المرتجفة!!
ركبته تسافر فوق الأخرى خارج حدود مقعده؛ من الخليج حتى المحيط؛
لكن لم يحن الوقت بعد!!
الأقلام باتت مكسرة والصفحات خالية جرداء...و كلُّ الحصص الدراسية أختفت!!
حناجرٌ وعويلٌ ونساءٌ وعبادٌ تجوبُ البلادَ؛ تطوف السهولَ والوهادْ،
تبحثُ عن مأوى لتسترَ وجهها؛ عفواً عورتها؛ ولوأحرق اللهيب جسدها!!
حالةٌ من الذهول؛ فوضى...حتى الحروف نطقها بدا صعبا،
وطوابع البريد تتراكم فوق الأرصفة المتبرمة من وقع أقدام العسكر،
والظلمة تسدل بوابتها، وقبابٌ ومآذنُ في القدس تعلن حالة الأستنفار العام!!
زوجته أحرقت السيجارة أطرافَ أصابعكْ :
بيكاسو لم يستكملْ لوحتَه أختلطتْ عليه الألوان!!
الراين عادَ يعزفُ سمفونيته: المرمر يتفتتْ على يد بسمارك!!
ودافنشي يهمسُ في سره: الجوكندا لم يعفرها التراب فالزلزال بعيدْ!!
وأمراءُ الشعر يجترونَ أبياتَ ولّادة ومرايا الأثداء الحمر:"( أنا والله أصلحُ للمعالي وأمشي مشيتي ... أمكِّن عاشقي من ...وأعطي قبلتي من يشتهيها") !!
وساحات المدن تتقيأ شظايا البارود وعلب السردين،
عربات القمامة هي وحدها ما عادت تجيء؛ إنَّها تخطت حواجز الأسلاك!!
جيمس بوند ذاك العطار؛ أستقلَ قطاراً طريقهُ سالكةٌ، إشاراتٌ خضرٌ: دعه يمر، إشاراتٌ
حُمرٌ: دعه يمر، أصبح يطوف البلدان من "ساوث بنما " إلى شمال بلاد الواق واق !!
يروج بضاعته، أوروبا شاخت سحنتها؛ وبشرة كتفيها ما عادت تجتذب السواح !
ديموقراطية " فاست فود": كم خدعَ مظهرها، استبدلت بيسرٍ ما في جعبتها مقايضة بقوافل
بعض من بني " الميدل إيست " كم كانت صفقة رابحةً؟!
اليورو يكتسحُ جبالَ الألب، يرسو في مياه التايمز!!
كيف عادوا إلى التعامل بالمقايضة ياأستاذ؟!
دقَّ الجرسُ لاتخرج للباحة، أنتَ متعبٌ جداً يانزار..؟!
يتساءلُ في سرِّه لمن ذاك البيت ومنذ متى شُيدت تلكَ الخيامْ ؟!
كان يقصد بيتا من الشعر!! لا، إنه يقصد بيته المكان الذي وُلدَ فيه، لقد هُدمت كما بالأمس في دير ياسين وتل جنين، لا لا، لقد أصابه الدوار من شدة النظر في مياه الخليج. يثرثر تجوب في ذاكرته الكلمات؛ مثل تلك السفن المحملة بالعتاد؛
وهي تجوب شطآن بلاده!! يعود إلى نفسه:
" بلادُ العرب أوطاني؛ من الشام لبغدان، ومن نجد إلى يمن؛ إلى مصر فتطوان"
يكمل رحلته" لمت الألامُ منا شملنا؛ ونمت ما بيننا من نسب،
فإذا مصر أغان جُلقٍ؛ وإذا بُغداد نجوى يثرب" آه
" أنا أين سرتُ أرى الأنامَ أحبتي؛ الأهلُ أهلي والديارُ دياري"
تمتلئ عيناه بالدموع يغوص في أعماق التاريخ، يعود للوراء يتذكر
الأستاذ حنا عزيز وماجد عز الدين،مدرسا اللغة العربية، آه كم كان يحبها،
لا بل ومازال يعشقها، كان يحاول جاهداً أن يختص بها؛
إلاَّ إنَّ كلَّ محاولاته باءت بالفشل؛ كان ترتيبه الأول في صفه لذا
فقد اُجبر على دخول القسم العلمي!!
لكن من يوقف نزيف الكلمات ؛ من يمنع هذا الوعاء من
استإ جار الماضي؟!
من لا يعلم إنَّ التلاميذ هم الجداول التي تغذي الأنهار؟!
هل من أحدٍ لقادرٌ على وقف ذاك النزيف؟!
كم كان الوقوف على الأطلال أمراً لابدَّ منه؟!
نعم لكلِّ من أراد أن يكتبَ معلقةً أوقصيدةً؟!
واليوم بيوتنا هاهي أطلال ودمار، فليكتب أحفاد أمرؤ القيس وعنترة والبحتري والأخطل والمازني وجبران ونعيمة وشوقي والسياب وقومي والعسّاف؛
كما يشتهون وكمايحلو لهم؟!...
تُرى هلْ سيكتبونها بلغة أحجموا عنها الإبداع؛ منذ أن وضعوها في خانة القواعد والأعرابْ وهل الإبل تُعقل عندَ المسير يأستاذ؟!
ترى من أين توصلوا لهذه الأحجية؛ أيُّ عربي كان؟!
هل حقاً يوضع الحمام في قفصٍ ؟!
هل حان موعد إنطلاقتها ؟!
لتعود إلى حضن إبن خلدون والفارابي لتبحر من جديد في عالم الفلسفة؛
عالم البحث والتفكير نحو أفاقٍ جديدة؛ بدلا من التقوقع والخمول!!
أو ليست اللغة وعاء حيّ مثلُ من ينطقها؛ تنمو وتكبر وتورق ؟!
يسافر عبر الزمن يمتطي خطوط الطول تارةً، وتارة خطوط العرض
" بيك بين بيك بين" بالأمس قالوا: إنها متوقفة!!
نعم لكن أرها متأهبة لساعة الصفر!!
في داخلها تختزل إمبراطورية لم تكن الشمس تغيب عن حدودها.
تكفهر وجوه من كان الغرور قد وجد فيهم له مسكناً ،
كانوا يظنون أنهم وحدهم يجيدون الكر والفر!!
والعرب ترتطم بجدار الصمت؛ تتساءل مامعنى نظرية دمج الأعمار:يجيب أحد المختصين في علم الأثار: الأطفالُ عندنا يولدون؛ يكبرون؛ ومن ثم يستشهدون
في الدفاع عن أرض الوطن، في الذود عنه كلَّ ذلك في عدة شهور!!
هل هذا هو الأستنساخ يا أستاذ؟!
أحقاً أصبحنا نحن العرب نجيدُ فعل الأستنساخ؟!
كمْ هي صعبةٌ وقاسيةٌ حالةَ التمردِ والإنفلاتْ؟!
لكن الغلبة مازالت لتلك الحدود !!
أي حدود تقصد ياولدي ! ما بِّه أستاذنا اليوم!!
هل يظن الحدود على خارطةِ كتب الجغرافيا!!
أتعني سايكس بيكو؟! نعم وكل الأتفاقيات التي جزأت بلادي!!
لعن الله تلك الحدود ؛ أيُّ حدود!!
أنا لم أرَ سوى سواتر ترابية؛ لقد قالها لي أحد رعاة الماشية: لقد صنعتها ألياتنا المزنجرة يوم لم يكن لديها ماتفعله، ليتنا إذن نعود لحياة البداوة؛ سنتنقل بحريتنا من دون مايلزمنا؛ جواز سفر. ذاك نحتاجه عندما نسافر إلى بلاد الأفرنج، مابكَ يا أستاذ تتطلع...؟!
صوت يدوي ترتج الأرض ومن عليها؛ أنفجار بركاني؛ لا هذا من نوع آخر؟!!
رغم كل ماتعلمناه في الخدمة الألزمية، لم يحدثنا ذاكَ المساعد عن مثل هكذا أنفجارات
نعم هي من نوع جديد إنَّها من دون لون!!
شيخٌ من اليمن السعيد يقرأ تعويذة: فعلوها ثانية ببني شيبان، من غير رهان ربحوا المعركة ،والأنسجة أصبحت عسيرة حتى التراب لم يعد يحتملها والحوتُ فاغرٌ فاهُ، ومواسم الصيد على الشطآن، وأجيال تتلو أجيال.
تلستوي أرهقه نعش" البروسترويكا" غاصت قدماه في ثلوج القوقاز والبلطيق!!
ودوي نابالم الحجارة مازال يهدرُ : "مطر... مطر... بالنعمة أنهمر" أيُّ مطرٍ هذا إنَّه قصفٌ وخراب ، يمسحُ جبهته، يعيدُ صياغةَ روايته " لم تعد تقلع إلى يافا"!!
وأسوار غزة مثل أريحا تنتظر معجزة من فوق،يعرفها جيداً من قرأ التاريخ.
همنغواي للتو عاد مزهواً من رحلته، يغتسل، يحاول أن يتبرأ،
يتطهر في مياه هدسن، عشرةُ الاف دولار... خيرٌ من ثلاثين من الفضة!!
يدون عند قدمي تمثال الحرية : البردُ ما عادَ يجيءْ...!!
والملكُ المجذومُ يتفرسُ موطىءَ ناقته؛ يبحثُ عن وطنٍ؛ يرسم ُخارطةً
من القطب الشمالي لآخر أفريقيا السوداء، في كتابه " منْ أحرقَ روما ؟!"
يتنقل ما بين الاعراب والأغراب؛ يبحث عن كِنّدَه، عفواً عن مملكته،
فاطمة تلطم وجه وصيفتها، واعرباه؟!
هتكتْ سترَ راحلتي جيوشَ الروم... واعرباه!!
أنتصفَ الليلُ والتلفازُ أفرغ حمولتَهُ، ينهضُ، ينتفضُ
أبي علمني درساً لنْ أنساهُ: " العربُّ أمةٌ باقيةُ... العربُّ أمةٌ باقيةْ".

* * * *

الياس قومي
شاعر وأديب سوري مقيم في كندا.




#الياس_قومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دينٌ عليَّ ياديانا أنْ أوفيهِ
- المسافرة
- الموتُ بالمجان...


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس قومي - الدرس الأخير