أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - الطلاق ظاهرة صحية















المزيد.....

الطلاق ظاهرة صحية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 12:42
المحور: المجتمع المدني
    


يزدادُ الانسانُ خبرة وتعلما كلما تقدم به العمر , ويضيف إلى نفسه وعائلته كل خبراته الزمنية , وتتطور ملكة الانسان الفكرية فيعرفُ حقوقه وواجباته المنوطة به , والإنسان بشكلٍ عام تزداد مطالبه بنيل كافة حقوقه كلما شعر أنه انسان قوي وقادر على حماية نفسه , لذلك تزداد عوامل التجزأة بين الجماهير والحكومات كلما اصبح الشعب أكثر ثقافة , وكذلك المرأة تزداد رغبتها بالانفصال عن الرجل كلما عرفت حقوقها وقيمتها وقيمة الحرية وحقوقها الشرعية والمدنية , وهذه فرضية حقيقية وهي أن نسب الطلاق بين الزوجين تزداد في المجتمعات الحقوقية والتي تكثر فيها مرسسات االمجتمع المدنية والتي تنال فيها المرأة حقوقها وحريتها بامتياز.

قديماً كان أبغض الحلال إلى الله الطلاق بسبب مشاكل الإنفاق على أبناء المطلقة أو على المطلقة نفسها , لقد كانت المرأة في المجتمعات القديمة محرومة من العمل ومن مساواتها بالرجل , لذلك كانت قدرتها على الاستقلال قليلة جداً , وكانت فكرة الطلاق غير مجدية وغير نافعة , مثل فكرة تحرير العبيد , لقد كان العبيد يعودون إلى أسيادهم بعد تحريرهم لعدم قدرتهم على تأمين ظروف معيشية سليمة وكانوا ينظرون لغير العبيد وهم فقراء غير قادرين على تأمين المعيشة السليمة لهم ولأولادهم , وكذلك المرأة كانت من الصعوبة بمكان أن تجد في بيت أهلها مكاناً يؤويها هي وأولادها لذلك كانت تفضل العبودية وبيت الزوجية على الطلاق , هذا طبعاً في حالة أنها فكرت في الطلاق , والطلاق هو الظاهرة الاجتماعية المنتشرة في كل المجتمعات الحديثة , وكلما أصبحت المجتمعات أكثر مدنية كلما ارتفعت فيها نسبة الطلاق بمعدلات ملحوظة , وتزداد نسبة الطلاق في المجتمعات التي تستجيب فيها حكوماتها إلى مطالب الجماهير العريضة المنادية بالمساواة وبحرية المرأة وحقها في العمل وحقها في اختيار شريك حياتها , وكلما كانت المرأة قوية ومتمكنة كلما كانت قدرتها على الاستقلال أيضاً قوية , ففكرة الطلاق تنبع من رأس المرأة القوية القادرة على تأمين حاجياتها اليومية , وبما أن المجتمعات القديمة كانت غير قادرة على النهضة بنفسها لذلك كانت فرصة البقاء للمتمردين على النظام العائلي ضئيلة أو معدومة على الإطلاق , وهذا هو التفسير العلمي والمنطقي للحديث النبوي القائل (إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق).

ولكنه اليوم ظاهرة منتشرة جدا فإن كان الزواج عملية تنظيم علاقات أسرية فإن الطلاق أيضاً تنظيم آخر لشكل العلاقات العائلية أو ينشأ عن رغبة الطرفين بالانفصال بسبب بعض الإشكاليات الزوجية , والمشاكل تكون غالباً بسبب ضعف المهنية في مؤسسة الزواج , فهذه المهنية في مؤسسة الزواج لم يتطلع إليها أحد إلا النادر والقليل , فإدارة مؤسسة الزواج تتم في مجتمعاتنا العربية بصورة تلقائية وعشوائية من قبل أزواج غير متدربين على إدارة المنزل أو مؤسسة العائلة الصغيرة (النواتية) ولكي لا تقع مضاعفات جديدة يلجأ المتزوجون في نهاية الأمر إلى الطلاق إما عن طريق المحكمة وإما بشكل ودي من خلال اتفاقات على شروط الطلاق وإذا كان بين المتزوجين أطفال فإن الشروط تلك تكون معقدة أكثر من شروط عقد الزواج نفسه , ويبقى الطلاق في نسبة متزايدة عند المجتمعات المتحضرة ويبقى محافظاً على نسبته القليلة أو المعدومة في المجتمعات الريفية الأقل حظاً في التعليم وفرص العمل للجنسين الذكوري والأنثوي .

ومهما حرصنا على استمرارية دوام مؤسسة العائلة فإن الطلاق نتيجة حتمية بسبب كثرة الاستثمارات وبناء المصانع ونزول الحكومات عند رغبة الجماهير بمساواة المرأة بالرجل في كل الميادين , وبسبب ارتفاع نسبة الناشطات الحقوقيات وحملات التوعية تزداد نسبة الطلاق أكثر لأن المرأة حين تعرف حقوقها تبدأ مع الرجل في عملية تصادم تنتهي هذه بطلاق أو انفصال الطرفين عن مؤسسة العائلة , وقد مرت العائلة خلال مشوارها الطويل في عدة مراحل تطورية كان آخرها عائلة الإنسان التقني التي تتكون من أم بيولوجية وأب اجتماعي لكثرة الطلاق والزواج وبعبارة أوضح هي العائلة التي يعيش فيها الأبناء مع الأم وزوج الأم في بيت واحد , وهذه العائلة عندنا نادرة جدا بسبب حصول الأب على أولاده من الزوجة بعد زواجها برجل آخر, لذلك في مجتمعاتنا العربية يوجد الأب البيولوجي والأم الاجتماعية.

ومهما حاولنا أن نحمي المجتمع من الطلاق فإننا لن نستطيع ذلك لأنه أي الطلاق نتيجة حتمية لتطور شكل العائلة النواتية وإحدى أهم انعكاسات مظاهر دولة القانون والمؤسسات التي تزداد فيها مؤسسات المجتمع المدنية الحقوقية الراعية للمرأة وكلما عرفت المرأة حقوقها كلما كانت فرصة التصادم بينها وبين زوجها كبيرة , وهنا لا يكون التصادم فقط بين الزوج والزوجة بل التصادم يكون بين نمط المجتمعات القديمة ونمط المجتمعات الحديثة والتغيير الكبير هو شكل من أشكال الصراع ليحل النمط الجديد بأسلوبه محل الأنماط القديمة, والطلاق بحد ذاته ليس مشكلة اجتماعية ولا نفسية كما يشير إلى ذلك بعض الخبراء في علم السلوك الإجرامي بل هو أصلاً وجد ليحل كثيراً من المشاكل النفسية المعقدة والإجرامية, ولكن تصبح نتائج الطلاق عند الجيل الثاني من المطلقين هي التي عليها علامات الإجرام والانحرافات السلوكية عند أبناء المطلقين نتيجة الإحساس بالحرام من حنان الأم ونظرة المجتمع للمطلقة ولأبناء المطلقة وتكون تلك المشاكل على الأغلب مشاكل نفسية وإجرامية وانحرافاتٍ سلوكية تنعكس كمؤثرات على سلوك أبناء المنفصلين.

واليوم الموضوع مختلفٌ تماماً فالمرأة أصبحت قوية , والحكومات في كل يوم تستجيب للديمقراطية وللحرية وحقوق الإنسان , وتستجيب لرغبة النقابات والقطاعات النسوية بضرورة مزاحمة المرأة في ميادين العمل مع الرجال , لذلك هي قوية وتعرفُ حقوقها ولهذه الأسباب تزداد نسبة الطلاق في هذه المجتمعات الحقوقية , عدى عن ذلك حملات التوعية لحقوق المرأة وانتشار الناشطات الحقوقيات كل تلك الأمور عززت وتعزز من دور المرأة الريادي في خدمة المجتمع المحلي وفي تطوير نفسها إداريا واجتماعيا .

واليوم تزداد نسبة الطلاق في المجتمعات العربية في المناطق التي تكون فيها المرأة عاملة بنسبة ملحوظة , وهنا تجدر الإشارة إلى أن معدلات الطلاق ترتفع في المناطق التي ترتفع فيها نسبة النساء العاملات قبل نسبة النساء المتعلمات , وقد شاهدتُ طوال حياتي نسب الطلاق ترتفع عند النساء العاملات الموظفات المستخدمات في المصانع والشركات قبل النساء المنخرطات في الكليات العلمية , فالتعليم ليس سبباً للطلاق والفارق الاجتماعي ليس سبباً في طلب الطلاق , ولكن قدرة المرأة على العمل هي التي ترفع وتزيد من معدلات الطلاق .

وهنالك حديث يقول من استطاع منكم الانفاق0البائة) فليتزوج , وهذا يدلُ على أن الرجل نفسه كانت قدرته على الإنفاق ضعيفة فكيف ستكون للمرأة قدرة على الإنفاق المنزلي وترأس العائلة .
وكذلك ترأس العائلة والرجل موجود على رأسها هذه الظاهرة نادراً ما نجدها إلا في العائلات التي تكون فيها المرأة عاملة ومنتجة , لذلك الطلاق اليوم ليس مُبغضاً وليس جرماً بل هو نتيجة حتمية لتطور المجتمعات نحو الأفضل فهذه الظاهرة سوف تنتشر انتشارا واسعاً حتى تصبح جميع النساء المستعبدات من قبل أزواجهن في حرية كاملة وتامة ومساواة مع الرجل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة المعلم
- تفسير سورة لإيلاف قريشٍ إيلافهم
- هل من حقي أن أختار ديانتي؟
- الثقافات المتعددة
- سيكولوجيا العنف ضد المرأة في المجتمعات الاسلامية
- فتنة المسلمين
- الحكومات العربية ضد الشعوب العربية
- الاسلام من وجهة نظرأنثربولوجية
- امرأة من أهل النار
- -كلب العَربْ بسكُت من حاله-
- هل أنا كاتبٌ مأجور؟
- الاسلام هو الاعلام الأقوى في العالم
- الحاكم العادل
- الحاكم الفردي القمعي الجلاد المستبد العادل
- لو أن بني أمية انتصروا على الهاشميين
- ملح وسُكر
- إلى كل أم في عيد الأم1
- رجل من أهل النار
- المجتمع المدني الاسلامي
- بيته مقابل مسجد الأبرار


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - الطلاق ظاهرة صحية