عبد العزيز الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 10:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بعض المفاهيم الفلسفية تعتبر جوهرية تستند على الضرورة الفكرية وربما الضرورة الوجودية وان أدراك جوهر وماهية وموقع هذه المفاهيم في فكر وممارسة الفرد والمجتمع يعطي كشفا ايدولوجيا وتاريخيا (ثقافيا وحضارياً) اذ ان مفاهيم كالحقيقة والزمان والمطلق والضرورة وثنائياتها الواقع الزمن والنسبية والصدفة مفاهيم جوهرية يبني عليها العقل (أي عقل) بناءات حياتية متكاملة. والذي يهمني في هذا المبحث الأولي هو الوقوف على واقع تداول وتناول هذه المفاهيم في فكر وذهن وممارسة الإنسان العراقي واعتمادها في تحليل شخصيته من منطلق ممارسته الفلسفية للحياة وتاريخه الفلسفي كما هو الحال في الدراسات المعتمدة مناهج العلوم النفسية او الدراسات اللغوية او الاجتماعية.
ودراسة وتحليل المعطى الفلسفي للفرد او المجتمع تكون ذات جدوى اكبر للدراسات اللاحقة هذه .ولكن الغريب في الأمر هو عدم تبلور مثل هذا النهج العلمي في الأدب الفلسفي في العراق او المنطقة على حسب علمي وهو ما يسترعي الانتباه ويدعوا الى تقدير ومناقشة هذا البحث الأولي
زمن ام زمنان
يعيش العراقي محنة زمنه الخاص مشاكله ومشاكل عائلته ويعيش مشكلة زمن مجتمعة(الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي ) وزمن دينه ومعتقداته وهو الزمن الماضي.زمن الصراعات في القرن الأول الهجري تحديدا وهو زمن شريك لزمنه الحاضر ولا ينظر اليه العراقي كأي مميز بين تدرج الزمن (وهو أمر فرغ منه البحث على مستوى البشرية وأصبح من بديهيات المنطق واللغة والواقع) بشكل عقلاني فلا يفصل (في عقله) الزمن الى الماضي والحاضر والمستقيل وهو لا يدرك عقليا ان الحاضر هو زمنه وهو ما يقع بين يدية و يمكن فية معالجة جوانب وجودة المحشور بين زمنين ليسا سوى مفاهيم مجردة في العقل ليس لهما أي وجود فعلي مؤثر في الحياة الاجتماعية للفرد او المجتمع.ان هذا القصور في فهم الزمان وكونة نسبيا وهو ما فرغ منه كل البشر الأسوياء عدا العراقيين يقود الى اكتشاف العلة الثانية في العقل العراقي.
النسبي والمطلق
في كل جوانب الحياة الفكرية ,فهم التاريخ والعلم والأخلاق والحكم والسياسة لا يفهم العراقي الأمور إلا كونها مطلقة نهائية ,غير متدرجة وحكمة على أي شئ بالرغم من تبدله لضرورات الاقتصاد وتمشية العيش(كما يحلو له ان يفسر أنواع النفاق المختلفة ) هو حكم واحد في الجوهر على الأشخاص والمواضيع والإحداث
كل ذلك يعيش الى جانب تناقض رهيب يعيشه في إدراكه للنسبية في طرائق معيشته واختلاف وضعة الطبقي ومستواه الاجتماعي وحتى مستواه الصحي او الثقافي يعيش فية في ازدواجية رهيبة تغلي في داخلة دون قدرة فكرية على الاقتراب من فهم النسبي. العقل العراقي لا يفهم ولايمكن أن يفهم الأشياء في وجودها النسبي وذلك أيضا مردة الى عدم القدرة عقليا على التمييز بين...
الضرورة والصدفة
يقف العقل العراقي بذهول وبالتالي باستسلام امام الظاهرة (بصورة عامة)ولا يقدر ان يميز الضرورة والجوهر في الأشياء والظواهر, وما يعكس جوانب منها(أي الصفات) وما يحيط بها من ظواهر اخرى من الخارج ويؤثر في الحركة داخل الظاهرة .لان الظاهرة في عقله غير مرتبطة بأي جوهر, فالجوهر والصفة في الاشياء والظواهر لدية امر واحد... لا وجود لقوانين وعلل لحركة الظواهر ,ولذلك من الصعب قبوله بالنظرية العلمية, وتأخذ الظاهرة طبيعية كانت أم اجتماعية شكلا مطلقا في العقل العراقي (لا تمييز بين العوامل الرئيسية والثانوية ,الأساسية والفرعية وهي اهم ما يتطلبه فهم الظاهرة ) وللصدفة وجود في عقلية فئة قليلة والغالبية لاوجود للصدفة لديهم في جدلية الضرورة والصدفة في الظاهرة . وربما يقول احدهم ان عموم الناس في العالم لا تتعمق في الفلسفة ناهيك عن الشعوب, الا ان الامر ليس كذلك لان كل الشعوب وفي كل الاوقات تمارس الفلسفة في حياتها بالكامل والفكر العام هو انعكاس للافكار المؤثرة في المجتمع سياسيا واجتماعيا من خلال منظومة عادات وسلوكيات واخلاقيات تفرضا مؤسسات المجتمع ,العائلة ..المدرسة مؤسسة العمل المؤسسة الدينية ومجموع هذه المنظومة من العادات والسلوكات والاخلاقيات هي بكل بساطة الفلسفة العامة للشعب , او ما يمكن ان يميز بالخصوصية الفلسفية لشعب مااو مجتمع ما .
وكل شي في الفلسفة العامة للعقلية العراقية أزلي (دهري) في الزمان وقدري مفروض من خارج الظاهرة الخالية من الجوهر..... الإنسان في ذاته (على المستوى الاجتماعي.) يبدو غريبا ان كان يدعي بجوهراو مبدأ او ارادة حرة ولذلك فان الانسان هنا عبد مطلق للظاهرة الطبيعية والاجتماعية وليس لدية فكاك او ارادة ازاء الزمان او المكان او القبيلة او المنطقة او الدين والمذهب او العنصر والرس ,ضعيف ازاءها باستمرار بالرغم من محاولات التمرد على العبودية هذه يعود مجددا الى قيودها معترفا بقدريتها ودهريتها الراسخة.
الحقيقة والواقع
ان ما دفعني الى هذا الدرس بالإضافة الى جملة ضرورات, هي المقولة العراقية التي يضع فيها العراقي (ذو المقام الرفيع اجتماعيا) رجلا فوق رجل ليقول لك( في الحقيقة والواقع) وهو يعبر بذلك عن كل القصور الفكري والجهل الفلسفي وبالتالي الإفلاس المنطقي من حيث ان مشكلة الفصل بين او إيجاد الرابطة بين الواقع(الطبيعة,الموضوع.المادة.....الخ) وبين الحقيقة(المثال الذهني المجرد,الفكرة عن الشئ. الوعي, المفاهيم....الخ) هذه (اللخبطةالذهنية) في تركيبة العقل العراقي هي التركيبة المخيفة التي قادت إلى ماهو عليه العراقي اليوم
من تخلف في الوعي وقصور في الفهم وكسل على العمل او الإبداع في الحل والإصلاح واستمرار في الرجوع والتراجع....
انه وضع اليد على مواطن الالتهاب وتوجه الى تشخيص المرض الأساس (اختلال العقل وانعدام المنطق) مع كامل اعتذاري لكل المتجاوزين في وعيهم لهذه المستويات وهم ليسوا بالقليل ولكن الحديث في القاعدة غير الحديث في الاستثناء.
ووفق هذا المنهج يمكن دراسة الجذور للفهم الفلسفي للحياة للشعوب الأخرى والتي هي النتيجة لخصوصية التاريخ ولخصوصية تشكل الوعي الخاص عبر هذا التاريخ الخاص ويمكن عقد المقارنات للمساهمة في وضع الحلول الجذرية لأكثر المشاكل تعقيدا في حياة الشعوب.
#عبد_العزيز_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟