أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مرح البقاعي - ريحانيّات واشنطن














المزيد.....

ريحانيّات واشنطن


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 21:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هو رجل نبتت روحه في الشرق، وتعاظمت في الغرب، إلا أنها بقيت تحوِّم في دوائر لبنان الصغير الذي كان يحلم أبداً أن يراه موحّداً، حرّاً، قوياً بإنسانه، دامغاً أثره بين الأمم الكبرى.

"لبنان ـ باريس ـ نيويورك.. في الأول روحي، وفي الثاني قلبي، وفي الثالث جسدي"، هي مقولته الأشهر التي رسمت الخط الجغرافي لمسيرته الفكرية التي كتبت التاريخ قبل أن يكتبها.

إنه أمين فارس الريحاني، المفكر التنويريّ، اللبناني المولد، والأميركي المستقر؛ واحداً من أصحاب المحصلات المعرفية العالمية الذين واصلوا من موقعهم ما وراء البحار إثراء حركة النهضة العربية، بتقلباتها البنيوية كافة، ثقافيا وسياسياً واجتماعياً.

في واشنطن تقليد سنوي تقيمه عائلة الريحاني كل عام إحياء لمسيرته التنويرية الناضرة، وهذا العام احتضنت هذا الاحتفال جامعة ميريلاند بالقرب من العاصمة الأميركية واشنطن بالتعاون مع منظمة "من أجل لبنان" ، وحضره جمع من العرب الأميركيين والمستشرقين المهتمين بحركات الفكر التي شكلت الجسر الواصل بين شرق وغرب، وفي الاتجاهين. وقد كانت لي غبطة الحضور بين المحتفين.

ولد الريحاني في قرية الفريكة من قضاء المتن في لبنان في العام 1876، وتلقى علومه الأولى في المدرسة الفرنسية التابعة لإحدى الإرساليات في قريته الصغيرة. وفي الثانية عشرة من عمره رحل وعائلته إلى نيويورك حيث التحق في العام 1897 بكلية نيويورك للحقوق. أقبل الريحاني بشراهة على المصادر المعرفية والفكرية والأدبية التي أتاحتها الثقافات الغربية من إنكليزية وفرنسية وأميركية؛ وتأثر الريحاني الشاب بالمؤرخ توماس كارليل الذي كان ناقداً صعباً للمجتمع الاستهلاكي الرأسمالي الغربي حيث تسيطر القوة المستغِلة على مقدرات الشعب. كما انجذب الريحاني بشكل خاص إلى المفكر جون ريسكين الذي كان يعتقد بإمكانية الخلاص من الانحرافات الاجتماعية للمجتمع الرأسمالي عن طريق التربية الأدبية والفنية والأخلاقية.

أميركا لم تخلع عن الريحاني رداء العربية ولغتها العامرة، بل جعلته يتوغل في دراسة أمهات كتبها وأعلام مؤلفاتها حتى خلص إلى ترجمة لزوميات أبي العلاء المعري إلى الانكليزية، المؤلف الذي نشر في الولايات المتحدة في العام 1903 وكان علامة ناصعة ومبشّرة في طريق شهرته العريض.

وجهاً لوجه قابل الريحاني شرقا بغرب، راصدا كل منهما في أسقامه واعوجاجه، مشيرا إلى مواقع القوة والضعف في قواميهما، قابلا بمظاهر ورافضا أخرى. هكذا كانت "زيتونة" رسول الحضارتين: زيتونة "لاشرقية ولاغربية".

وردا على مقولة المفكر الإنكليزي في ذلك الوقت ردياروز كيبلنغ" الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا"، كتب في مؤلفه "الريحانيّات": "لدى الشرقيين من القناعة والاكتفاء ما لو وجد في الغرب لخفّ التكالب على الماديّات، ولقلّت الحروب ونكباتها. وفي الشرقيين، وعلى الأخص المسلمين منهم، من الديمقراطية الحقيقية في الحياة الاجتماعية ما لو توفّر لدى الغربيين ليسّر لهم حل مشكلاتهم"، ويختم "إن خلاصة الصحيح السليم من ثقافة الشرق والغرب، ممزوجة موحّدة، إنما هي الدواء الوحيد لأمراض هذا الزمن الدينية والاجتماعية والسياسية".

الريحاني يسترجع كل عام هنا، وفي الحفل المهيب الذي أقامته جامعة ميريلاند إحياء لتاريخه قالت الشاعرة مي الريحاني سليلة الريحاني فكرا وأدبا وحاملة شعلة الشعر والحرية في الولايات المتحدة والعالم:" رؤية أمين الريحاني تتلخص في ضرورة تحريك فكر الأفراد والمجتمعات والشعوب لجهة الاعتراف أن ممارسة الحريات والإصلاح وتأكيد التعددّية، سياسية كانت أم اجتماعية أم دينية، لهي من أوليات الحقوق الإنسانية. وأردفت:" لقد نذر الريحاني سنيّ عمره في محاربة مظاهر التطرف والاستبداد، وتمكين شعائر الكرامة الإنسانية، والدفع بحرية الفكر وقيم التسامح بين شعوب الأرض كافة".


من أمهات تركة الريحاني الفكرية باللغة الانكليزية: رباعيات أبي العلاء ، اللزوميات ، مجموعة شعرية بعنوان أنشودة الصوفيين، وابن سعود ونجد. أما بالعربية فكتب: الريحانيات، ملوك العرب، تاريخ نجد الحديث، وقلب العراق . ومقدِّماً لمؤلفه الأهم "ملوك العرب"،والذي يدرّس في كبرى جامعات العالم، يقول الريحاني: " تعالوا اسبحوا معي إلى بلاد عجيبة على فقرها، إلى شعب كريم على آفاته، وإلى أمة حرة أبية على ذنوبها".

المفكّر الروسي زلمان ليفين، وفي كتابه الذي يحمل عنوان "فيلسوف الفريكة" يقول واصفاً أمين الريحاني: " في رأيه ـ أي الريحاني ـ أن العودة إلى الإيمان الخالص تمثّل الطريق الأسلم للقضاء على انقسام البشرية وتناحرها وشرذمتها، وهي وحدها الطرق التي تؤدي إلى الإخاء الإنساني العام".

في العام 1940 توفي الريحاني في لبنان، وفي إصبعه خاتم، لازمه باستمرار، وقد نقشت عليه عبارة: "القوّة مع الحق، والحق لايموت".

سلام



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء ضد المرأة!
- وماذا عن سجينات سوريا يا سيّدة كلينتون!
- البرادعي لرئاسة الولايات المتّحدة
- جرائم الياقة البيضاء
- عزيزي فوكوياما
- وصايا عشر إلى -الإدارة- السوريّة
- Iranophobia
- -الحُرّة- الأميركية تبثّ بالألوان!
- Persona non grata
- ماليزيا.. ليه؟
- إسلاميون أم مسلمون؟
- مضاد حيويّ للاستبداد
- صقر 2012
- بين الشَرَّيْن !
- بيضة الأفعى
- مرح البقاعي: المرأة تدفع ثمن تحالف الدين مع السلطة
- جينات لغوية
- مرح البقاعي: الإنسان أولا ثم الأرض
- نصّي قميص عثمان
- زفرة


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مرح البقاعي - ريحانيّات واشنطن