قاسم محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 21:51
المحور:
القضية الكردية
قبل أن ادخل الى موضوع المقال اود ان أذكر المواطن الكوردستاني الكريم باننا خسرنا معركة الانتخابات السلمية لمجلس النواب العراقي قبل أن نبدأها، عندما وافقت في حينها (في العام الماضي) القيادة السياسية الكوردستانية وكتلة التحالف الكوردستاني داخل البرلمان العراقي على عدد المقاعد المخصصة لمحافظات الإقليم مقارنةً مع باقي أجزاء العراق.
نذكر قائمة التحالف الكوردستاني والمتمثلة بالحزبين الرئيسيين الحاكمين، وحركة االتغيير المعارضة ايضاً انه مهما أختلفنا سياسياً في الاقليم، كذلك على شكل النظام السياسي الحزبي القائم والمرفوض في الاقليم، كان من المفروض ان تحتم علينا جميعاً المصلحة الوطنية والقومية العليا بأن نتفق على برنامج العمل السياسي المشترك، على استراتيجية قومية واضحة وصريحة، ان نضع الاهداف القومية المشتركة الاساس والقاعدة والقاسم المشترك لبرنامجنا الانتخابي ولعملنا السياسي المقبل في العراق، من أجل حصول الکورد علی القدر الأکبر من الأصوات في الإنتخابات، لکي یکون للکورد ثقل سیاسي کبیر في المعرکة السیاسیة المقبله داخل الپرلمان وداخل الحکومة العراقیة، كي تكون الكتلة الكوردستانية القادمة داخل مجلس النواب العراقي رقماً كبيراً في المعادلة السياسية في العراق بحيث لايمكن تهميشه،ومن أجل ان يكون للكورد دور مؤثر على صنع القرار السياسي في بغداد المركز، وذلك من أجل ضمان الحقوق القومیة المشروعة لشعبنا الکوردي التي ناضل من أجلها عشرات السنین وقدم من أجلها آلاف الشهداء من خیرة شباب الکورد.
مشاركة الكيانات والاحزاب الكوردستانية في انتخابات مجلس النواب العراقي، بقوائم متعددة ومختلفة هي مسألة طبيعية، صحية وديمقراطية، وتقطع الطريق امام الهيمنة والاحتكار الحزبي، اذا لم يتمكنوا ولم يستطيعوا الوصول الى اتفاق يمكنهم المشاركة في الانتخابات ضمن قائمة كوردستانية واحدة. لكن المشاركة في الانتخابات بقوائم مختلفة تضع بحد ذاتها هذه القوائم والكيانات السياسية الكوردستانية امام مسؤوليات وطنية وقومية، عليهم الالتزام بها من اجل المصلحة القومية العليا. الالتزام بالمسؤوليات القومية تفرض على هذه الكيانات السياسية الكوردستانية، المنافسة الانتخابية الشريفة والصراع الفكري النزيه على اساس المقاييس والمعايير الوطنية والقومية. لم يحصل هذا وللاسف الشديد. في المقابل رأينا مرةً اخرى إنشغال الاحزاب الكوردستانية الرئيسية وحركة التغيير المعارضة ايضاً بتبادل الاتهامات والطعن بالآخر وتشويه السمعة الساسية للآخر، وكاد أن يصل الى حد المواجهة المدنية في السليمانية بين أنصار حركة التغيير وقوات الامن التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني (كان من المفروض ان تكون هذه القوات تابعة للاقليم وليس للاحزاب).
بدلاً من ان تعمل كتلة التحالف الكوردستاني وحركة التغيير على تهيئة ارضية مناسبة وملائمة للصراع الفكري النزيه والشريف بينهما
في خدمة القضايا الوطنية والقومية العليا وعلى اساس الدفاع عن الحقوق القومية المشروعة للكورد في العراق، تحول وكما في المرات السابقة الى صراع حزبي ضيق الافق من اجل المصالح الحزبية وتوسيع النفوذ الحزبي بين الجماهير الكوردستانية.
للاسف الشديد يعيد التأريخ نفسه مرةً اخرى، حيث هذا الصراع الحزبي الغير نزيه والبعيد كل البعد عن المواقف والالتزامات الوطنية والقومية، يعود بنا الى مآسي الماضي، الى الكوارث والويلات التي أنتجها الصراع الحزبي الضيق واللامسؤول بين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني من اجل الهيمنة الحزبية على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا، في تسعينيات القرن الماضي، وبالتالي كانت النتيجة المؤلمة، التفكك والانقسام في الصف الكوردي والتدخل الاقليمي واضعاف المواقف السياسية الكوردستانية تجاه المركز.
ناسين هذه المرة ايضاً القضية المحورية والهدف الرئيسي من وراء مشاركة الكورد في انتخابات مجلس النواب العراقي. وبالتالي لم نسمع بشكل واضح وصريح ومختصر، ومن خلال برنامجهم الانتخابي، ماالذي سوف يقدمونه للشعوب الكوردستانية في بغداد المركز.
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف يحولوا قبة الپرلمان العراقي الى منبر سياسي للدفاع عن الحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية في العراق الجديد.
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف ينتزعوا من الدولة العراقية الاعتراف الواضح والصريح بالحدود الجغرافية لاقليم كوردستان؟
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف يعملون من اجل تثبيت الحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية استناداً الى الدستور، وليس السعي وراء الحصول على المناصب السيادية من اجل المنافع الشخصية والمراكز الاجتماعية، كما في المرات السابقة، وترك القضايا الوطنية والقومية تحت رحمة وشفاعة المركز.
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف يعملون على حل مشكلة تحديد ميزانية الاقليم؟
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف يعملون على حل مشكلة الموارد النفطية بين الاقليم والمركز؟
- هل تعهدوا للشعوب الكوردستانية بأنهم سوف يعملون على حل جميع المشاكل العالقة، ومنذ سنين، بين الاقليم والمركز؟
كان يتوجب على كتلة التحالف الكوردستاني وحركة التغيير، كحد أدنى، وبغض النظر عن المشاركة في الانتخابات بقوائم متعددة، الاتفاق على توحيد الخطاب السياسي الكوردستاني، وتوحيد المواقف والقيام بالدعاية الانتخابية وتعبئة الجماهير الكوردستانية على أساس العمل من أجل تثبيت الحقوق القومية المشروعة للشعوب الكوردستانية في المعركة السياسية المقبلة في داخل مجلس النواب العراقي القادم، وعلى أساس الوقوف على الثوابت الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية.
نتيجة الاوضاع السياسية الحساسة والدقيقة في مدينة كركوك، بالاضافة الى المؤامرات والتدخلات الاقليمية في شؤون كركوك ومماطلة الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 بعدم تطبيع الاوضاع في مدينة كركوك بغية عدم تنفيذ المادة 140 من الدستور حول مايسمى بالمناطق المتنازع عليها، كانت الجماهير الكوردستانية تنتظر من كتلة التحالف الكوردستاني وحركة التغيير ان ترتقيا الى مستوى المسؤولية الوطنية والقومية والمشاركة في الانتخابات في مدينة كركوك بالتحديد بقائمة اخوية كوردستانية واحدة، من اجل اظهار الحجم الحقيقي للكورد في هذه المدينة، كذلك من اجل اثبات كوردستانية هذه المدينة ليس للعراق وللحكومة العراقية فحسب بل للدول الاقليمية وللعالم اجمع ايضاً. لذلك كنا ننتظر وبالتحديد من حركة التغيير ان تكون السباقة الى طرح هذه المبادرة بأعتبارها قائدة المعارضة السياسية في الاقليم وعلى ادراك تام بأخطاء الحزبين الكورديين الرئيسيين في كركوك بتفضيل مصالحهم الحزبية هناك على حساب المصالح الوطنية والقومية. لكن للأسف الشديد أنجرت حركة التغيير ايضاً الى نفس المستنقع الحزبي والصراع الكوردي الكوردي الغير نزيه في كركوك على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا.
أستطاعت الائتلافات العراقية الاخرى بنجاح وبكل جدارة، على سبيل المثال، الإئتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون، على احتواء مكونات عراقية مختلفة من اقصى الجنوب الى الوسط وغرب العراق ضمن قائمة انتخابية واحدة، رغم تباين مواقفهم ومصالحهم السياسية، لكن لم تتمكن القوى الكوردستانية بالمشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي ببرنامج سياسي مشترك، بغض النظر عن مشاركتهم بقوائم متعددة، رغم ان المصالح القومية المشتركة بين القوى الكوردستانية اقرب واقوى بكثير، أو بالاحرى كان يجب ان يكون اقوى واكبر، من المصالح السياسية المشتركة بين باقي المكونات العراقية الاخرى الداخلة في تحالفات سياسية مع البعض. انه حقاً موقف غير مشرف، مؤسف، مؤلم ومخزي للتحالف الكوردستاني وحركة التغيير.
ان اي تنازل من قبل اية جهة لصالح الطرف الآخر او القبول بالمساومة على حساب القيم والمباديء الحزبية من قبل اي طرف تصب بحد ذاتها في خدمة المصلحة الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية. ليس صعباً فهم هذه المعادلة السياسية البسيطة لكل جهة، حزب، كيان سياسي او قائد ومناضل وطني يريد حقاً خدمة قضية شعبه واحترام تضحياته وتحقيق اهدافه الوطنية والقومية المشروعة.
دانيمارك-كوبنهاكن، الاحد 21 مارس 2010
#قاسم_محمد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟