أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - المدينة المأزومة














المزيد.....

المدينة المأزومة


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 22:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن ندرك فداحة الانفجار الديموغرافي في المدن العربية، إلا إذا تذكرنا أن سكان مدينة كالقاهرة، على سبيل المثال، لم يزد في أوائل القرن العشرين على نصف مليون شخص، ومع استمرار معدل النمو الذي ساد في العقود الثلاثة أو الأربعة السابقة، فان كل المدن العربية الرئيسية تحذو حذو القاهرة في التوسع الديموغرافي العشوائي.
نحن بصدد ظاهرة تتطلب فحص وتحليل الآلية التي يتم بها تضخم المدينة العربية، ففي فترة معينة كانت الزيادات في عدد سكان العواصم العربية نتيجة لأزمة التشكيلات السابقة للرأسمالية، مما دفع قُدماً بدور العاصمة كمركز للنشاط السياسي والاقتصادي والإداري للبلاد كلها، وأدى تغيير خطوط التجارة وتدهور الحرف التي تخصصت فيها بعض البلدات، تمييزا لها عن الريف، إلى هجرة أبنائها إلى العاصمة.
لعبت مؤسسة الخدمة العسكرية الإلزامية دوراً مهماً في ترييف المدينة، فكل قوة العمل الجديدة أخذت تمر بهذه المؤسسة، وبعد أن تقضي فترةً من حياتها في العاصمة أو المدينة، فان جزءا كبيراً منها يرفض العودة إلى الريف الخامل، بعد أن ألف حياة المدينة، حتى وان كانت هذه الأخيرة، ستؤدي إلى سحقه وتهميشه وتهشيمه أيضاً.
إن التخطيطات النظرية الفقيرة والمحدودة لم تنجح في متابعة الانقلاب الذي جرى في حياة المدينة المشرقية خاصةً، وإذا كان صحيحاً أن المدينة العربية، حتى بدون الهجرة إليها من الريف، منقسمة اجتماعياً، فان ترييف المدينة من خلال النازحين إليها، أدى إلى نشوء تمايز حاد بين سكان المدينة الأصليين وهؤلاء «الغرباء» القادمين إليها، والذين لم تكن، وهي المأزومة أصلاً، قادرة على أن تستوعبهم، وتدمجهم في قطاعاتها الحديثة، فكان أن حولتهم إلى جيش من العاطلين السافرين أو المقنعين.
في النتيجة نشأت حول العواصم مستوطنات وضع اليد، حيث يتكدس المهاجرون من الريف، الذين يظلون يشعرون بالغربة في المدينة وسط ظروف سكنية ومعيشية صعبة.
يكفي أن نستذكر أو نعيد قراءة المنتج الإبداعي العربي عن صورة المدينة العربية في مطالع القرن العشرين: عن القاهرة والاسكندرية في الثلاثينات، ودمشق وبغداد في الأربعينات والخمسينات، أو عن بيروت في عز تألقها في الستينات يوم كانت هذه المدن مصهراً للأفكار والتطلعات الجديدة.
كانت المدن نفسها أكثر نظافة وأناقة وتنسيقاً وذوقاً في شكل بنائها وفي تصميم شوارعها، قبل أن يجتاحها النمط القبيح من أشكال العمارة، حيث البنايات متفاوتة الارتفاع والمتنافرة الألوان، والمتراصة بدون فسح للضوء، حتى البيئة في مدننا كانت أكثر عذرية، قبل أن يداهمها هذا التلوث المهول من سحب الغازات وعوادم السيارات والناقلات، وهذا التطور العشوائي في البناء الذي خلق تكدسات بشرية مهولة، تعيش في المدن لكن لا علاقة لها بنبضها الحقيقي.
كانت الحداثة فكرة أصيلة وعميقة حتى وهي تمر بمخاضها العسير في مواجهة المحافظة والتزمت لأنها كانت تتكئ على قوة اجتماعية حقيقية صاعدة تغطي اهتماماتها ساحات واسعة من الاقتصاد والتعليم والثقافة والفن وصولاً إلى الفكر نفسه الذي كان يتحلى بشجاعة يندر وجودها اليوم، وكان رواده يقارعون بقوة الحجة والإرادة، كوابح التغيير.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون والديمقراطية
- عن الغفران والنسيان
- نشيد النساء نحو الحرية
- مجيد مرهون وتاريخنا
- دموع على مقلتي مجيد مرهون
- علي دويغر: قامة شامخة من هذا الوطن
- تعدديتنا النافية للتنوع
- في المسألة الديمقراطية
- في المسألة الديمقراطية
- عن آليات الفساد
- تمويه العبودية
- عالم الصورة لا الكلمة
- لفهم زمننا
- تسفيه التاريخ – 2
- تسفيه التاريخ - 1
- على صلة بيوم المرأة البحرينية -3
- على صلةٍ بيوم المرأة البحرينية – 2
- على صلةٍ بيوم المرأة البحرينية - 1
- من أجل إصلاح الحال
- ماذا يريد قطاع رجال الأعمال؟


المزيد.....




- مغنية تؤدي النشيد الوطني الأمريكي بالإسبانية احتجاجًا على مد ...
- -أضرار جسيمة- بمستشفى بعد موجة صواريخ إيرانية في جنوب إسرائي ...
- قطر.. سفارة أمريكا تعلن تقييد الوصول إلى قاعدة العديد مؤقتا ...
- ‌‏وزير الدفاع الإسرائيلي: خامنئي سيدفع الثمن
- سياسة برلين الشرق أوسطية على نار الحرب بين إيران وإسرائيل
- الكربون في الرئة يكشف سر تطور الانسداد الرئوي
- مستشفى سوروكا يتعرض لأضرار خلال استهداف إيراني واسع في جنوب ...
- موسكو: ننتظر مقترحات واشنطن لاستمرار الاتصالات معها
- -أكسيوس-: الجيش الأمريكي وحده يحتفظ بسلاح حاسم في المواجهة م ...
- نتنياهو: سنجعل النظام في طهران يدفع ثمن القصف وسنزيد قصف إير ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - المدينة المأزومة