أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج كتن - المضحك والمبكي في السياسة – تشريح -جماهيرية-















المزيد.....

المضحك والمبكي في السياسة – تشريح -جماهيرية-


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 01:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السياسة عملية جادة يتعلق بممارستها ونتائجها مصير مجتمعات بكاملها. وهي احياناً تدعو للقلق والإحباط أو للأسى والمرارة.. أو للرضى والأمل.. أي طيف من المؤثرات المتناقضة ولكن المتعايشة التي تشكل ما يختزنه البشر من مشاعر إنسانية متنوعة. ومن حسن الحظ أنها أحياناً تدعو للابتسام وللضحك، فهناك من يمتهن الادوار الكوميدية المعتمدة على التصوير الكاريكاتوري للسياسيين ومواقفهم وخطاباتهم وسياساتهم، فيما أن رجال سياسة يستخدمون الإضحاك بطريقة ذكية لتمرير سياساتهم وضمان قبولها بين الناس.
وهذا لا يمنع من وجود سياسيين يعملون لسياسات تبدو جادة فيما هي بالنسبة لكثيرين تهريجاً يدعو للقهقهة حتى الإستلقاء، ومنهم في العصر الحديث المهداوي في عراق عبد الكريم قاسم، ومحمد الصحاف الذي أضحك العالم بخطبه التي كوم فيها جماجم الأميركيين عند أسوار بغداد بينما دباباتهم تتنزه فوق جسور دجلة! لكن لا أحد يضاهي العقيد القذافي قائد "الثورة" والجماهيرية الليبية العظمى الذي أعلن منذ أسبوعين الجهاد ضد سويسرا كدولة "كافرة"! وطالب المسلمين بمقاطعة طائراتها وسفنها وبضائعها، وكفر كل مسلم يتعامل معها في أي مكان من العالم! غضبته على سويسرا بدأت عندما أوقف إبنه هانيبال وزوجته ليومين بجنيف بتهمة ضرب الخدم في فندق.
قال القذافي عن سويسرا، وهي من ارقى دول العالم، انها ليست دولة بل عالم مافيا! وسحب أموال ليبيا –أمواله!- من مصارفها المشهورة كخزينة للعالم. وطالب الأمم المتحدة بإزالتها من الوجود وتقسيمها وإلحاق أجزائها بالمانيا وفرنسا وإيطاليا! علما أنه في خطابه الأخير أمام الجمعية العمومية مزق ميثاق الأمم المتحدة واعتبره لاغياً وقال عنها أنها تجمع لدول رؤسائها وصلوا لمناصبهم عن طريق الفساد وشراء الاصوات! كما أوقف إعطاء فيز لمواطني 25 دولة أوروبية كعقوبة لسويسرا!
هذه الأخيرة ليست طرائفه الوحيدة، فقد سبق أن أُعلن عنه نبياً صحراوياً جديداً، وليثبت ذلك أصر القذافي على سكنى الخيام! كما قدم نفسه منظراً عالمثالثياً في كتابه الأخضر، المعتبر دستوراً لليبيا المحرومة من دستور منذ 41 عاماً! واصبح عميداً للحكام الديكتاتوريين في المنطقة وهو المخضرم الذي انتقل من الناصرية للقذافية للأفريقانية للمشيخانية والإفتاء بالجهاد ضد بلاد الكفر.
لم يقصر في إيجاد حلول للمشاكل العويصة في المنطقة فابتكر حلاً يقوم على إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بإقامة دولة "إسراطين!" باعتبار أنه مهتم بسلامة الطرفين، والتاريخ برأيه يقول أن اليهود سيبادون، ودولة "إسراطين" ستحميهم من الاندثار. علما بأن ليبيا تعلن أحيانا أنها غير مهتمة بالمسألة الفلسطينية فهي دولة إفريقية اكثر منها دولة عربية!
وللعقيد نظريات في الدين والتاريخ، منها أن عيسى جاء كرسول لبني إسرائيل فقط لتصحيح شريعة موسى فلا علاقة له بآسيا وأوروبا وأميركا وأفريقيا! فبقاء أديان اخرى غير الإسلام خطأ تاريخي خطير! لذلك نصح اسكندينافيا –بلاد الرسام الدانماركي الشهير- بدخول الإسلام! ومن نظرياته أن كل العرب والمسلمين متعاطفين مع الإمام علي لذلك فكلهم شيعة! والإيرانيون جميعهم سنة لانهم يؤمنون بسنة محمد! والدولة الفاطمية الشيعية قامت في شمال إفريقيا وليس إيران، وهو يريد أن يبعثها من جديد في إفريقيا كدولة فاطمية عصرية!
كما له نظريات في السياسة ونظم الحكم إذ اعتبر أن تعدد الاحزاب وتداول السلطة يعني "معاملة الشعوب مثل الحمير"، ورأى أن العالم كله مشمئز من الاحزاب والديمقراطية فهي مهزلة ودجل! والعالم كله في النهاية سيقتنع بتقليد "لجانه الثورية" وهي برأيه حكم الشعب المباشر لنفسه، دون أن يعترف بانها تابعة للاجهزة الامنية.
لكن الجانب الطريف في السياسة الليبية، لا يخفي الوقائع المأساوية التي يعيشها الشعب الليبي، فمن أصل 6 ملايين ليبي هناك مليون تحت خط الفقر، و البطالة 30% ، في دولة تصدر النفط لتنفق معظم إيراداته لتمويل حركات عالمية راديكالية وإرهابية ولدعم انقلابات في دول إفريقية، وخطف ونسف طائرات خطوط جوية مدنية واغتيال دبلوماسيين، فضلاً عن الفساد ونهب المال العام وفشل خطط التنمية وتدني الخدمات ومشاريع وهمية مثل "النهر العظيم" لإنتاج العظمة وليس جر المياه..
وبعد التحول المفاجئ في سياسة النظام في العام 2003 إثر عقوبات دولية وضعت ليبيا في عزلة دولية شبه كاملة، تحولت موارد البلاد لدفع تعويضات لاهالي ضحايا الطائرات المنسوفة التي بلغت المليارات، وإغلقت معسكرات تدريب الإرهابيين من شتى انحاء العالم، وتم التخلي عن برامج تطوير أسلحة الدمار الشامل لتذهب الاموال التي أنفقت عليها هباءً منثورا، ومنها الأسلحة الكيماوية التي استخدمها النظام في حرب تشاد. ومن الطرائف ما صرح به مسؤولون ليبيون من أن تخلي ليبيا عن برامجها النووية "سيشدد الخناق" على الإسرائيليين ليكشفوا أسلحتهم للدمار الشامل.
تحولت ليبيا من "الإشتراكية" للرأسمالية نظرياً، إذ أن الدولة لا زالت تهيمن على معظم الفعاليات الاقتصادية. ولا يمكن أن يحدث التحول إذ أن الممسكين بالسلطة والثروة لن يتخلوا عنها بسهولة، والمسألة برأي العقيد ليس لأن الاشتراكية فشلت في العالم ولكن "لأن الشعب لا يفهم في الاشتراكية"!!.
كما عانى الشعب الليبي من القمع لاربعة عقود متوالية، منها إعدامات للمعارضين في السبعينيات والثمانينيات، فالإعدام والمؤبد هي الاحكام شبه الوحيدة للمعتقلين السياسيين أمام المحاكم المدارة من قبل السلطة. الإعدام لأي ممارس لعمل حزبي أو معارض ل"ثورة الفاتح"، والمؤبد لنشر معلومات "تسئ" لسمعة البلاد أو تزعزع الثقة بها في الخارج! علماً بان هناك سلطة واحدة هي التنفيذية التي تصدر القوانين و يتبعها القضاء، وهي تنفذ أوامر القائد التي تصلها عن طريق اللجان الثورية..
بالإضافة لمجزرة راح ضحيتها مئات المعتقلين السياسيين في معتقل "أبو سليم" في صيف 1996 لإرهاب المجتمع الليبي.. ويصل الامر احياناً للتصفية الجسدية للمعارضين وأشهرها قضية الإمام موسى الصدر ورفيقه.. وتقوم الاجهزة الامنية بخطف المعارضين وجلبهم إلى ليبيا كمنصور الكيخيا وجاد الله حامد مطر وعزت يوسف المقريف ..
ومن المعارضين الرازحين في السجون فتحي الجهني الذي دعا في العام 2002 لإلغاء الكتاب الاخضر فاعتقل ثم أطلق سراحه نتيجة ضغوط خارجية ليصرح في اول يوم من خروجه بأن القذافي ديكتاتور، ليعاد للسجن في اليوم التالي ولا يزال. ومثل جميع الدول الديكتاتورية فالجمعيات والنقابات مسيطر عليها والصحافة مؤممة وليبيا مصنفة لدى منظمة "صحفيون بلا حدود" في المرتبة 154 من أصل 176 لمدى حرية الصحافة فيها..
يتوازع أبناء العقيد السلطة ومنهم سعدي الذي يقود القوات الخاصة المكلفة بحماية النظام، ومعتصم المسؤول الاول في الجهاز الامني وأبرز الرافضين للإصلاح الداخلي، وهانيبال الذي ورط والده في حرب مع دولة "كافرة". لكن أشهرهم سيف الإسلام، الليبي الوحيد "الحر!" الذي يمكنه أن ينتقد "الاستبداد" و"الاشتراكية" في ليبيا ويتحدث عن الديمقراطية الغربية، دون أن يقدم للمحاكمة بتهمة الخيانة. فقد دعا لدستور وقوانين جديدة وانتخابات شفافة، وعارض اللجان الثورية وطالب بديمقراطية ليبية لا تقل عما في هولاندا! كما طالب بالخصخصة لإنهاء هيمنة الدولة على الاقتصاد واقترح مناطق حرة للاستثمار وتطوير فنادق سياحية فاخرة وإبطال الفيز للأوروبيين وتحويل ليبيا إلى "دبي" شمال إفريقيا. ووصف معارضي إقتراحاته بأنهم حمقى، دون أن يستثني أحداً.
إذا كانت ميزة النظام الليبي مواقفه السياسية التي تشيع الضحك في العالم، فذلك يجب ألا ينسينا المعاناة المأساوية للشعب الليبي في مستوى معيشته المتدهورة وحرياته المفقودة وتقدمه المعاق، طوال أربعة عقود عجاف ذاق فيها الأمرين ولم ير بعد بريق أمل في نهاية النفق المظلم.
* المضحك والمبكي مجلة سورية أغلقت منذ الستينيات، تناولت السياسة باسلوب كاريكاتوري محبب للقراء.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ القرضاوي المثير للجدل
- نموذج لرجل دين شجاع
- الفتنة، من أيقظها ؟
- الطلبة أدرى بشؤون دنياهم -رجع التلامذة للجد تاني-*
- إشكالية الإصلاح الديني
- من الأكثر مقاومة ضمن -المقاومة-؟
- العملاق الصيني وأقلياته
- لا مكان آمن للحكام الديكتاتوريين
- الزلزال الإيراني – تشريح انتفاضة
- انتصار جديد للديمقراطية على البندقية
- من حزيران إلى غزة : ماذا جنى العرب من حروبهم
- الطالبانية والعالم المتحضر في الميزان
- عندما تحولت الشيوعية إلى وباء
- البديل المرشح لوراثة الاستبداد!
- عبثية مبادرة إخوان سوريا
- أوجه القوة الأميركية في خطاب أوباما
- المطلوب من أوباما في الشرق الأوسط
- مقاومة -لطيفة- لحكم الطالبان
- المسألة المسيحية المشرقية
- عوائق الديمقراطية في المنطقة العربية


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج كتن - المضحك والمبكي في السياسة – تشريح -جماهيرية-