أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جورج كتن - عندما تحولت الشيوعية إلى وباء














المزيد.....

عندما تحولت الشيوعية إلى وباء


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:24
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


بات من الصعب منذ بداية القرن الحالي على أي ديكتاتور في أية بقعة من العالم أن يفلت من العقاب لجرائم ارتكبها بحق شعبه أو شعوب مجاورة، فقد تتالت محاكمات قادة صرب وإفريقيين والرئيس العراقي المخلوع، وانطلقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وصدرت المذكرة بتوقيف رئيس متربع على كرسي الحكم لاتهامه بارتكاب جرائم ضد مواطنيه الدارفوريين، وتجري الآن محاكمة مسؤولين كمبوديين رغم مرور ثلاثين عاماً على انهيار نظامهم الدموي، والحبل على الجرار.. فعدالة العولمة تمهل ولا تهمل.
لم يكن أحد يتوقع عندما استولى الحزب الشيوعي الكمبودي –الخمير الحمر- على السلطة عام 1975 أنه لن يستمر أكثر من أربعة أعوام، فالشيوعيين كانوا مشبعين بالحماسة لما سموه "عصر التحول من الرأسمالية إلى الاشتراكية"، فالرأسمالية برأيهم حينها تعاني أزمتها الأخيرة. ولتسريع انهيارها رأى الخمير الحمر وزعيمهم بول بوت أن الشيوعية هدف نبيل يبرر قتل مئات الآلاف.
ووجدوا أن أفضل طريقة لإلغاء الطبقات هي إلغاء المدن وتحويل كل سكانها للريف ليصبحوا فلاحين، فالفلاح حسب الكتاب الأحمر المقدس لماو هو المثال الأعلى للإنسان الشيوعي "من طراز جديد!". وهكذا أخلى الخمير الحمر العاصمة بنوم بنه من سكانها -3 ملايين- بجرة قلم. الترييف عملية معاكسة للتمدين مارسها عسكريو الانقلابات الشرق أوسطية من أصول فلاحية بتسهيل الهجرة للمدينة لتتحول إلى تجمع ريفي كبير. أما الخمير الحمر الأكثر "ثورية" فابتكروا إلغاء المدينة لأنها مصدر "إفساد"، لخلق مجتمع فلاحي نقي بلا شوائب مدنية أو ثقافية أو تجارية أو صناعية، كما عمل هتلر لمجتمع ألماني نقي خاص بالعنصر الجرماني.
أغلق الخمير الحمر المدارس والجامعات والمستشفيات والمصانع، ولاحقوا المثقفين والفنانين الذين أصبحوا في عداد المجرمين، فقتلوا كل من يحمل نظارة أو جريدة بتهمة أنه مثقف، فطبقة "الأنتجلنسيا" حسب التعبير الشيوعي "متذبذبة" من المفضل إبادتها. ومنعوا الأديان ودمروا معابد ومساجد وقتلوا رجال دين بوذيين ومسلمين وعشرات آلاف الكمبوديين من أصل تايلاندي أو فييتنامي أو صيني لمجرد انتمائهم هذا. فالتعددية غير مستحبة ماركسياً، حتى أنهم ألغوا التعدد اللوني!! فمنعوا الملابس الملونة لمواطنيهم لأن الخميرعرفوا بارتداء الملابس السوداء، مما يذكر بالطالبان الأفغان وإجراءاتهم الهمايونية المنسوبة للإسلام.
وبما أن الماركسية الينينية ستلغي المال وتبني مراحيض للبروليتاريا من الذهب، فقد اختصر الخمير الحمر الطريق فألغوا العملة والبنوك والتجارة. وبما أن الشيوعية قالت أن العائلة ستضمحل قاموا بفصل الأطفال عن أهلهم ومنعوا تداول تعبيري أم وأب وأعطوا للمنظمات الحزبية صلاحية تقرير من سيتزوج من. وكان مجرد صدور كلمة تشكك بالنظرية الشيوعية وتطبيقاتها "الخلاقة" كافية لإعدام صاحبها.
خلال أشهر تحول أهالي المدن إلى فلاحين وتحول الفلاحون قسرياً لعمال زراعيين في مزارع الدولة الجماعية المنشأة على عجل، ونتج عن إلغاء الحوافز المادية انهيار الإنتاج الزراعي مما أدى إلى مجاعة كبرى. ورد الخمير بإجبار الفلاحين على العمل الشاق المرهق لساعات طويلة تحت التهديد بالقتل الذي كان يتم لجميع أفراد أسرة الفلاح المقصر. وسمي هذا "حزماً ثورياً" لجعل الفلاحين يعملون، لتصادر الدولة الحاصلات الزراعية وتترك للناس ما يكفي لاستمرار المجاعة.
تحولت البلاد إلى معسكر اعتقال كبير من نموذج معتقلات ومعسكرات العمل الستالينية. وأدت أعمال الإبادة والتعذيب والترحيل القسري والعمل الشاق والمجاعات وانتشار الامراض إلى مقتل ما لا يقل عن مليون ونصف كمبودي أي خمس سكان البلاد، التي تحول إسمها إلى "كمبوشيا الديمقراطية"!! نعم لا غرابة فهي "الديمقراطية" من النموذج الشيوعي المسمى حتى الآن في دول معدودة : الديمقراطية الشعبية!!
عملياً كان مستحيلاً مواجهة النظام الدموي المدعوم بالنظرية الشيوعية بجهود بقايا الشعب الكمبودي المنكوب، وربما لولا الصراع الكمبودي- الفييتنامي الذي أدى لاحتلال فييتنام لكمبوديا وإنهاء نظام الرعب والموت الوحشي، لاستمر الوباء الشيوعي عقوداً عديدة كنظيره الكوري الشمالي مثلاً. ورغم أن الخمير خسروا الحكم والتجأوا للغابات عند الحدود مع تايلاند، فقد استمروا بالوجود بعد تلقي دعم سياسي ومادي من تايلاند وأميركا والصين بحجة مواجهتهم للاحتلال الفييتنامي، إلى أن انسحبت فييتنام من كمبوديا وسلم آخر معقل للخمير في العام 1998.
مات بول بات قبل محاكمته، فظروف البلاد الداخلية أدت لمرور وقت طويل إلى أن تم الاتفاق بين الامم المتحدة وكمبوديا على تمويل وتشكيل المحكمة من قضاة كمبوديين ودوليين وباعتماد قوانين دولية ووطنية. سيحاكم أمامها الأحياء من بقايا قيادات النظام الشيوعي ومنهم : ديوك مدير السجن الرئيسي للتعذيب والإبادة، وشيا منظر الحزب، وساموفان رئيس الدولة، وساري وزير الخارجية، وسيريث وزير الشؤون الاجتماعية.
من المؤسف أن الديكتاتوريين في منطقتنا لم يرعووا بعد، إذ يتصورون أن "عدالة العولمة" لن تطالهم، فكل منهم يعتقد أن "على رأسه ريشة". فالرئيس البشير سخر من المحكمة الجنائية الدولية وصرح: "أنها وقضاتها وكل من يدعمها تحت جزمته"، علما بأن 108 دولة مشاركة في اتفاقيتها وتدعمها، ولا نتوقع أن تكاتف الحكام العرب معه في قمة قطر سيفيده كثيراً.
ممانعة الحكام ممكنة في الوقت الضائع ولكن الديكتاتورية تلفظ أنفاسها الأخيرة. وعلى الأغلب ستكون نهايتها في هذا القرن لتوضع مخلفاتها في المتحف الإنساني إلى جانب الفأس الحجرية والمحراث الذي تجره الحيوانات، في المكان الذي لم ينجح الماركسيون بوضع الرأسمالية فيه.






#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل المرشح لوراثة الاستبداد!
- عبثية مبادرة إخوان سوريا
- أوجه القوة الأميركية في خطاب أوباما
- المطلوب من أوباما في الشرق الأوسط
- مقاومة -لطيفة- لحكم الطالبان
- المسألة المسيحية المشرقية
- عوائق الديمقراطية في المنطقة العربية
- مساهمة أخرى لتجفيف منابع الأصولية
- روسيا والغرب والحرب الباردة وأيتامها
- بين العصر الحجري والعصر النووي
- عدالة العولمة
- مجلس إعلان دمشق: ليبرالية أم واقعية؟
- التناقض الرئيسي بين الحداثة والتخلف
- إقليم كوردستان العراق تجربة رائدة في المنطقة
- هل يتضعضع التحالف القومي- العربي الإسلاموي؟
- مجزرة سنجار والصهر في الأكثريتين
- الخطاب الأمازيغي لا يصل إلى النخب الكردية
- الإمبراطورية الرثة
- حماس : الدم الفلسطيني خط أخضر!
- الإرهاب يخرج من عباءة المقاومة


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جورج كتن - عندما تحولت الشيوعية إلى وباء