رشدي بكاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 15:54
المحور:
حقوق الانسان
I) مجموعة من الأسئلة تستوجب أن تطرح وتقارب الإجابة في اعتقادنا:
إن التطور الديمقراطي ينتعش مع الاعتبار المحلي أو الفرعي فهل التلازم مفروض أم نسبي والقرار المركزي, إذا كان رابط يجمع بين مفهوم الديمقراطية و الاعتبار الفرعي فما هي طبيعته؟ هل هو اعتبار مفروض ولازم؟ وإذا كان كذلك في أي منحى يتم وضعه؟ في الواقع إذا كانت العلاقة على الأقل تاريخية النشأة بين الفرعي و الديمقراطي لا تضع مجالا للشك فانه من السهل ملاحظة انه من الممكن وضع موازنة بين المفهومين, لكن بدون فصل.
السبب الأول الممكن رصده في هذا الاتجاه يتسم بالبعد المنطقي فالديمقراطية هي تدبير ذووا الشأن لشؤونهم, فهل الديمقراطية العملية لأي جهاز هي المشاركة لجميع المنخرطين و المهتمين. الديمقراطية ببساطة هي الطريقة اللتدبيرية للشؤون الداخلية المتصفة بالعمومية. فهي تفترض على الممثلين الذين لا يخضعون للشرعية إلا عن طريق أغلبية من المنخرطين, وان هذه الأغلبية بإمكانها أن تراقب من يمثلها. المبدأ "حكم الشعب نفسه بنفسه"لا يمكن حصره فقط مركزيا في البنيات التمثيلية المبرزة داخل البنيات, فالتقدير من حيث الفلسفة السياسية الديمقراطية تفرض مشاركة كل المنخرطين عن طريق التعريف بالتدبير للشؤون الوطنية, وتتخذ أيضا, حتى لا يكون هناك تناقض بين المركزي و المحلي, فأفراد المنظمة الطبيعيين, أو الموضوعين قانونا, يديرون شؤونهم هم وليس غيرهم. الديمقراطية على المستوى المركزي -هي مرتكزة و معتمدة أساسا- مرفقة بالديمقراطية على المستوى الفرعي.
السبب الثاني الممكن رصده في نفس الاتجاه يكتسي طابعا تاريخيا يقوي السبب النظري. فالتدبير الفرعي لا يبدأ في التململ إلا بعد فترة الانفتاح والاستقرار, بمعنى يتم دمقرطته. هذا المفهوم يفرض بعض التعيينات التي لا تكون إلا عن طريق الانتخاب, وهذا الأمر هو إذن تطبيقي كذلك على المستوى الفرعي و المركزي. إن فكرة الانتخاب هي شرط الديمقراطية الذي يمكن من وضع اليد بطريقة للأعضاء على ممثليهم, وهي تربط وجود مواقف محلية, بأحد الأشكال الأكثر تطبيقا للنظام الديمقراطي بمعنى التنظيم التداولي.
لكن هذا المفهوم يكتسيه بعض الغموض و الضبابية بل وحتى التناقض فيما يخص الرابط الذي يتم وضعه بين الديمقراطية وتدبير الشؤون الفرعية. فالضبابية تأتي من التدقيق بين تنمية تدبير الشؤون الفرعية ومسلسل الدمقرطة, هذا التدقيق يعتبر خاطئا لان الديمقراطية لا تبدأ بالتدبير للشؤون الفرعية حين يتم الوعي بأهميتها, و لا تختفي باختفاء هذا التدبير الفرعي. مركزيا من الممكن أن تكون هناك ديمقراطية أو دمقرطة, في حين من الممكن أن نجد فروعا غارقة في البيرقراطية و الحزبوقراطية.
أساسيا أليس هناك تناقض بين القول بالتدبير الفرعي للشؤون الفرعية و الديمقراطية؟ إن الديمقراطية هي نظام المساواة, الأكثرية, الوحدوية, في حين أن تدبير الشؤون الفرعية يمثل الاختلاف, الفر دانية, التفرقة. بالتأكيد أن الرابط بين الديمقراطية و الانتخاب خيار مخادع: من جهة, فالانتخاب يمكن أن يكون واجهة فقط, ولا يعلل التدبير الديمقراطي. من جهة أخرى, ليس من الضروري أن تكون هناك انتخابات حتى يكون هناك تدبير جيد للشؤون الداخلية فرعيا و مركزيا.
كخلاصة يمكن أن نقول أن الإسهال الذي أصاب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في عملية خلق الفروع محكوم في نهاية المطاف والأمر نحو مركزية الديمقراطية المفروضة بالانتخاب.
الديمقراطية من الممكن أن نعرفها شكلا بأصلها فهي التعبير بورقة الانتخاب على إرادة الأغلبية, ومن هنا الاستقلال الكلي عن سؤال الفروع في اتخاذ القرار وسؤال الديمقراطية, إن الإشكال يكون سياسيا محايدا. لكن ليس من الممكن أن نأخذ بخلاصة الفقدان التدريجي للفروع داخل منظمة ديمقراطية كل ما يمكن قوله هو أن النظام يكون كليا ديمقراطيا, أو يكون فقط ديمقراطي على المستوى المركزي أو يكون فقط ديمقراطيا على المستوى الفرعي.
الديمقراطية كذلك يمكن تعريفها بغاياتها, بمحركها بمعنى إعمال بعض أو كل المساواة بين المنخرطين. الفروع المحلية تمثل عائقا في توحيد الأشكال و القواعد و الشروط, لكن هل توحيد الأشكال شرط للديمقراطية؟ هذا المفترض الإرادي يكون السبب الثالث للديمقراطية, لان هذه الأخيرة لا يمكن تعريفها فقط بأشكالها القانونية أو بغاياتها, لكن كذلك بمحتواها المعياري.
الديمقراطية و التدبير الفرعي للشؤون المحلية تقود نحو نقاش معادلة المركز و الفرع, هل من الممكن وجود فروع ديمقراطية ومركز غير ديمقراطي؟ هل يمكن أن يوجد مركز ديمقراطي و فروع أو بعض الفروع غير ديمقراطية؟
الديمقراطية و التدبير الفرعي للشؤون المحلية هي معادلة ما يمكن أن نسميه بفكرة الشرعية. فالديمقراطية بدون شك هي الشكل الأكثر شرعية على المستوى المركزي و المبدأ الديمقراطي للنخبة أو الصفوة التي تدبر الشؤون العامة داخل الجمعية عن طريق اتخاذ المواقف و تاطير المواطنين في اتجاهها. كذلك وجود فرع منتخب محليا هي ترجمة لقرارات وحاجيات الفروع فهي أكثر شرعية من غيرها من الأجهزة, الإشكال يأتي إذن من سلطة اتخاذ القرار و من المختص. بالمقابل أكثر مما سبق, التحليل القانوني لا يعدوا شافيا و مجيبا عن جميع الإشكالات.
بتتبع
#رشدي_بكاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟