أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غسان سالم - (العالم مسطح) دعوة لدخول القرن الواحد والعشرين















المزيد.....

(العالم مسطح) دعوة لدخول القرن الواحد والعشرين


غسان سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2934 - 2010 / 3 / 4 - 15:30
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يبدأ (توماس فريدمان) كتابه باقتباس من يوميات كريستوفر كولومبس مكتشف العالم الجديد الذي ظنه في البداية الهند، انطلاقا من كروية الأرض، المشكوك بأمرها آنذاك، لكن (فريدمان) يبدأ رحلته من الهند وتحديدا من ملعب للغولف في (نادي كي جي أي) في مدينة بنغالور، الواقعة جنوب الهند، وقد وصلها من فرانكفورت، وذلك لإعداد تقرير عن الهنود وأعمال التكنولوجيا والمعلومات التي بداوا يبرعون فيها، وتحول إليهم الأعمال ، من أمريكا وأوروبا.
لقد وجد (فريدمان) هناك، في بنغالور، هنودا تحولوا إلى أمريكيين، كما صادف كولومبس بالصدفة أمريكيين ظنهم هنودا!
لقد عاد (فريدمان) إلى البيت واخبر زوجته بالنبأ العظيم "حبيبتي، اعتقد ان العالم مسطح!)
اكتشف (فريدمان) تسطح العالم داخل شركة هندية تدعى (انفوسيس تكنولوجيز ليميتد) عندما تجول مع الطاقم التلفازي (ديسكوفري تايمز) وبرفقة (ناندان نيلكاني) رئيس الشركة، حيث تقوم شركة (انفوسيس) بكتابة برمجيات حاسوبية لشركات أمريكية، وتجري فيها العمليات الخلفية للشركات "كل شيء" كما يقول (فريدمان).
داخل مكتب نيلكاني يوجد اكبر شاشة مسطحة، ويتم خلالها عقد الاجتماعات مع آخرين من نيويورك ولندن وبوسطن وسان فرانسيسكو وعبر بث حي (دائرة تلفازية) بحسب قول نيلكاني الذي أضاف إلى (فريدمان) وباعتزاز "تلك هي العولمة"، وأستدرك قائلا "لقد أصبح الملعب مستويا، يا توم!"
إذن العولمة تقود إلى تسطح العالم وانتقال الأعمال واستوائها كالماء في الأواني المستطرقة، حسنا من أين بدأ هذا كله؟
بعد عصر الفقاعة (استثمار مئات الملايين في تركيب وصلات النطاق العريض حول العالم، الألياف الضوئية) بدأت تدار الأعمال من أماكن مختلفة وتنجز الشركات العديد من أعمالها عن طريق تحويلها إلى شركات أخرى أو أشخاص بعيدين عن مقراتها، لينجزوا هذه الأعمال بكلفة اقل ووقت أسرع، ويطلق على هذه الظاهرة الاقتصادية (التلزيم)، وأصبح ذلك ممكنا بعد ان تطورت تقنيات الاتصال بشكل كبير ورخصت أسعار الكومبيوترات والبرمجيات كل هذا جعل "بلدانا مثل الهند قادرة على التنافس في العمل وفي مجال المعرفة العالمية".
ويقول (فريدمان) "كان ناندان يقول، بحسب اعتقادي، ان الملعب يتسطح.. يتسطح! يتسطح! يا الهي، انه يخبرني بان العالم مسطح!!"
ويعني هذا ان الساحة التنافسية العالمية أصبحت مسطحة، ولم يعد هناك قمة وقاع، كل شيء أصبح مستويا.
"إننا نقوم الآن بربط كل مراكز المعرفة في العالم بعضها مع بعض في شبكة عالمية واحدة يمكنها - اذا لم تعرقلها السياسة والإرهاب - ان تكون فاتحة لعصر مدهش من الازدهار والإبداع".
ما الذي يحاول قوله (فريدمان) في كتابه هذا؟ ما الذي يريد ان يصل إليه؟ لقد شعر في تلك اللحظة التي أدرك فيها ان العالم أصبح مسطحا، وان القمم لم تعد موجودة، ساحة اللعب تحولت من محدبة إلى مستوية، ان عصرا جديدا بدأ، ولم نكن نعلم! كنا منشغلين بحروب بوش الأب، كما يصف (فريدمان)، لكن في المقابل كانت الأحداث تتابع وتتطور التقنيات، وترخص أسعارها، والتي تحول العالم من عالم محدب بيضوي إلى مسطح! يؤكد (فريدمان) بأننا كنا منشغلين، نغفل ان عصرا جديدا بدأ، عصر ينتقل فيه العالم إلى مسافات ابعد مما كنا نتصور، لقد سقطت مفاهيم الثورة الصناعية، لم يعد للمنتج ذلك الارتباط القومي، ولم يعد التسويق يرتبط بالمسافة، كلها انتهت، لقد ظهر شيء جديد وما يزال مستمرا، لم تكتمل بعد معالمه، ولا نستطيع ان نفهم ما يجري ان بقينا نفكر في عقلية القرن العشرين، نحن على أعتاب مرحلة جديدة من مراحل الإنسانية والتي يقول عنها الكاتب "اذا كنت محقا بشان تسطح العالم فسيذكر كأحد تلك التغيرات الأساسية، مثل قيام الدولة القومية أو الثورة الصناعية، وأنتج كل منهما، في زمانه، كما لاحظ (روثكوف) تغيرات في دور الأفراد، ودور الحكومات وشكلها، وطريقة إبداعنا، وطريقة مزاولتنا الأعمال، ودور النساء، وطريقة خوضنا الحروب، والطريقة التي رد بها الدين...، هناك شيء يتعلق بتسطيح العالم سيكون مختلفا بشكل نوعي عن غيره من هذه التغيرات العميقة: انه السرعة والاتساع اللذان تأسس بهما".
العالم يتسطح وهذا التسطح ينتشر بسرعة كبيرة وفي بقاع واسعة من الأرض، لم يعد التغيير صفة خاصة في بقعة واحدة أو ملكا لمجموعة بشرية واحدة، فسمة التغيير المتسارعة عالمية، أو هكذا هي إنها (العولمة!) التي بدأت، وما تزال تتشكل، وهي تربك الجميع، تجعلهم يشعرون بالخوف، والقلق، لكنها تحصل، وتستمر، ولم نصل بعد إلى نتائجها النهائية أو شكلها النهائي، لم تستقر بعد العاصفة التي بدأت عندما "تهدم الجدار وارتفعت نوافذ (ويندوز)" كما يخبرنا (فريدمان) بذلك، ويقصد بالجدار، انهيار جدار برلين في 11/9/1989، الذي تزامن مع أطلاق شركة مايكروسوفت لبرنامجها (وندوز)، الذي جعل من الكومبيوتر سهل الاستخدام ومن قبل الجميع. لم يعد حكرا على نخبة تعمل في مراكز الأبحاث أو الدوائر الخاصة.
في تلك اللحظة انتقل العالم من (القيادة والسيطرة) إلى (الاتصال والتعاون)، ولم تعد قيمة (المنتج) تخلق عموديا، من الأعلى إلى الأسفل، بل أفقيا، من خلال نقاط متوازية، لان العالم أصبح مفتوحا للكل، للذي يقدم عمله بسعر ارخص، ويستفيد بأنه حصل على عمل، المزيد من الدخل، وارتفع مستواه المعيشي، بعد ان كان يعيش تحت خط الفقر، وفرص عمل جديدة. العالم المسطح يعني بحسب (فريدمان) مزيدا من فرص العمل التي تنتقل من الدول الصناعية إلى دول أخرى تمتلك الأيدي العاملة وقوانين تحمي الاستثمارات.
رأس المال يبحث عن الأرخص، والأقل أجرا، وهنا تنتقل الأعمال من الدول الغربية، الغنية - جزء من الأعمال- إلى مناطق وبلدان تنجزها بتكلفة اقل، وهذا تم بسبب التطور الكبير بتكنولوجيا الاتصالات، فلم تعد الأيدي العاملة تسافر إلى حيث توجد الأعمال، بل الأعمال تسافر إلى حيث توجد الأيدي العاملة، وهذه الظاهرة ما زالت في بدايتها وسيكون لها تأثير كبير على الشعوب المختلفة، وفي مختلف المضامين، وهذه الظاهرة تتجاوز تأثيرها الاقتصادي، فالحدود تذوب، والأفراد بدأوا قادرين على نقل أو انجاز أعمالهم دون ان يغادروا غرف نومهم.
إننا أمام عصر جديد، هذا ما يحاول (فريدمان) قوله في كتابه (العلم مسطح)، إننا نعيش نقطة تحول لمسيرة البشرية، لان هذه الظاهرة تتقدم بسرعة، وما يزال الكثيرون غافلون عنها.
العجيب ان هذه الظاهرة التي ولدت من أحضان الرأسمالية، تحدث عنها ماركس وانجلز في (البيان الشيوعي) كما يقول مؤلف الكتاب "كان ماركس واحدا من اول من المحوا إلى امكانية تحول العالم إلى سوق عالمية، غير مقيدة بالحدود الوطنية، لكن ماركس كان يصف الرأسمالية بتشاؤم ونقد عنيف، لكنه وصف هذا التحول للرأسمالية (قوة تذيب كل الإقطاعيين، المواطنين، الهويات الدينية، وتجعل الحضارة العالمية محكومة بأوليات السوق)".
هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، (فريدمان) يريد أن يخبرك بما يجري، بينما أنت منشغل بقضم لقمة من سندويج (مكدونالدز)، وتتحرك - أنت فرد من العالم الثالث- نحو مكتبك المرمي في احد دوائر الدولة، والتي قرر مديرها استغلال الميزانية المخصصة لدائرته، لهذا العام، بنصب منظومة الانترنت، أنت الآن تبتلع لقمتك الأخيرة، وقد وصلت إلى المكتب، بعد القاء التحية تستفسر ما الذي يجري؟، فيخبرك الشاب الذي يمد توصيلات الشبكة إلى كومبيوترك: أنت الآن مرتبط بالعالم، ويمكنك الاتصال بأي شخص تريد، أينما كان، كما يمكنك إرسال ملاحظاتك حول بعض الكتب الرسمية أو المعاملات إلى موظف موجود في العاصمة، والتي تريد أخذها غدا إلى الوزارة، كي لا يكون فيها نقص أو خطأ ما.
لكن فجأة تدرك انك لا تمتلك بريدا الكترونيا، ولا تعرف استخدام محركات البحث، ولم تدرك بعد القوة الهائلة التي ارتبطت بكمبيوترك الذي كنت تستخدمه كطابعة لطبع بعض الكتب الرسمية، وفي اغلب الأحيان للاستماع إلى أغانيك المفضلة أو اللعب على لعبتك المفضلة (spider) أو أي لعبة أخرى، وكان عامل الخدمات - صغير السن - ينصبها لك ويعلمك اللعب بها، ببساطة أنت خارج العالم المسطح الذي يتحدث عنه (فريدمان)، انك تعيش بالقرب من العصر الجديد، لكنك ما زلت خارجه، ويريدك (فريدمان) ان تعود وتدخل هذا العالم، ان هذا الكتاب دعوة لدخول القرن الواحد والعشرين.
يتحدث (فريدمان) عن العوامل التي جعلت العالم مسطحا، لكن هل جميع العالم مسطح؟ بالطبع لا، ليس كل العالم مسطحا، إذن العالم غير مسطح! بل يتجه نحو التسطح، ويدرك فريمان ذلك اذ يقول "اعرف ان العالم ليس مسطحا، لا تقلق إني اعرف ذلك، إني واثق من ذلك، ان العالم اخذ يتقلص ويتسطح منذ بعض الوقت، وان هذه العملية تسارعت بشكل مثير في السنوات الأخيرة، فنصف العالم يشارك اليوم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عملية التسطح أو يشعر بآثارها".
أين يقع النصف غير المسطح؟
يمكنك الحصول على الإجابة بعد قراءتك الكتاب!.

كتاب العالم مسطح
(تاريخ موجز للقرن الواحد والعشرين)
تاليف: توماس فريدمان
ترجمة: عمر الأيوبي
الناشر: دار الكتاب العربي
بيروت - 2006

قراءة: غسان سالم



#غسان_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذهب وصوت
- قراءة في كتاب(التوتاليتارية)
- مرشحون (زينة!!)
- قراءة في كتاب (الأكراد وبناء الأمة)*
- لماذا السرية؟
- قراءة في كتاب (الاختيار)
- قراءة في كتاب بناء الدولة ل(فوكوياما)
- الايزيديون والبرلمان العراقي القادم
- قراءة في كتاب (الديمقراطية التوافقية مفهومها ونماذجها)
- تناقضات الإعلام العراقي في الأربعاء الدامي
- الايزيديون والشبك ضحايا الصراع والتطرف
- قراءة في كتاب (عام قضيته في العراق)
- المغلوب على أمره .. !
- الانسحاب المشرف يشترط دولة مستقرة
- قراءة في كتاب (في قلب العاصفة)
- خلل يجب تجاوزه
- قراءة في كتاب (نهاية العراق)
- (الوطنيون الجدد) و دكتاتورية الأغلبية
- احتفاء
- سبعة ايام في ايران (3)


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - غسان سالم - (العالم مسطح) دعوة لدخول القرن الواحد والعشرين