المكان ... في أغنية الفنانة فيروز ...

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 893 - 2004 / 7 / 13 - 08:04
المحور: الادب والفن
    

مريم نجمه :

المكان.... في أغنية الفنانة فيروز ...
إنهضن .... يا سجينات....!

استلقيت على سريري..,
لأنال فسحة من الراحة الجسدية ... والفكرية ,
بعد نهار أشغال شاقة في المدرسة ... والبيت ,
فتحت المذياع بجانبي –
وإذا بصوت حبيبتنا الفنانة ( فيروز ) ... تغني..
بصوتها الملائكي...وبلهجة حادة متمردة تقول :
(انهضن... يا سجينات
يا شهر زاد ... أعيدي
فوق المغاني
ردي لنا العشايا..
وللحكايا..
عمر يعاد
وأعيدي...
يا شهر زاد
غني ليالينا
أنا شهر زاد القصيدة
وصوتي غناء الجراح
أنا كل يوم جديدة ..
وكان شهر يار
يبدّد النساء... والأشعار
رأيت دموع العذارى
رأيت بكاء السنين...
وكيف تضيع العذارى..
وكان شهر يار
يسهر كل ليلة...
سجين ألف ليلة ..
وصار سجين الحكاية
فقلت : انهضن يا سجينات
أنا شهر يار ..
أنا شهر زاد ) . *
--------
.لا أدري ... لماذا هزتني كلمات هذه الأغنية ؟
مع أنني كنت قد سمعتها مرات عديدة قبل اليوم -؟!
لقد هزّت كياني الإنساني ... والفكري .
تمعنت جيدا في كلمات هذة الأغنية .. ومضمونها –
توقفت هنيهة ..لأغوص بعباراتها.. وأبعادها ... وتأثيرها-
قلت في نفسي : هذه أول مطربة وأول فنانة تغني هذا الكلام –
يا لها من فنانة ... مناضلة .. مناضلة بالأغنية.. بالكلمة واللحن .
كان هذا عام 1986 -
أخذت أكتب كلمات الأغنية من شفاهها العذبة ...
التي تذوب أقسى القلوب
وتهز صخور جبالنا السمراء ..
ورمال صحارينا المترامية ...
وتحدو لقوافل سفن الصحراء
حاضنة في ضلوعها ... خيام البدو..
ومخيمات اللاجئين ... وبيوت المهجرين
والمنفيين .. والمبعد ين المنتشرين في كل أصقاع الدنيا .
...........
إن ريح المدى قد دخل في شرايين الأفق القرمزي...
ليوصلها حركة .. وحنينا .. وحبا .. وملائكة
ترجعنا إلى أرواحنا .. الى سمائنا ,
أرضنا ... أوطاننا الثابتة المجذرة ..
في طين التكوين .. ودلتات الأنهار الخالدة ,
وسواحل البحار المفتوحة على العالم والكون .
لا أدري فعلا إلى أين حملتني أغنيتها .. وكلماتها..
إنهضن يا سجينات ...!!؟؟
وأنا المغربة عن وطني .. وأهلي
وبيتي .. وملعبي.. وحارتي
ووجوه أصدقائي... وأولادي ...؟!
....... *
فشهر زاد التي غنتت لها فيروز .. إمرأة
إمرأة جمعت بين الذكاء الفطري والحيلة.. في التعامل مع الرجل .
إنها ( ضعيفة ) لكنها تدير البيت والرجل بحكمة .. وشجاعة ..
وحب .
شهر زاد مثال ونموذج للمرأة الشرقية بوجه عام الي هي بقدر ما هي
ضعيفة (حسب النظام الإقتصادي والسياسي ) والشأة والبيئة التي تعيش فيها –
بقدر ما هي قوية وذكية .. وصبورة .
كائن شفاف وقوي –
إنسان بكل معنى الكلمة ,
كذلك .. استطاعت بذكائها...
أن تبعد السيف ( سيف الإستبداد الذكوري ) - من أخيها الرجل – عن رقبتها ..ومصيرها .
.......
من هذا المنطلق أردت أن أكتب عن الفنانة فيروز .
الإنسانة الفنانة ... كم غيرت وطورت من مفاهيم...
وعقليات خاطئة في المجتمع ... صقلتها .. ودفعتها بطريقة مباشرة أحيانا ,
وأحيانا أخرى غير مباشرة .. لتتخلى عنها .. وتتجاوزها .
وبالمقابل تخلق وتجسد قيم ومفاهيم وعادات أكثر حرية ... وحضارية.. وعصرية..
أخلاقية ... وإنسانية .
وبالتالي لكي تخدم مبادئ المساواة وتحرير الإنسان.. والمجتمع من قيود الماضي وأغلاله الصدئة..
المحنطة.. التي تجعل المعادلة غير صحيحة بين الرجل والمرأة – بين الخير والشر – بين الحق والباطل –
بين الحب والحقد والكره والخداع.... الخ –
بين الأرض ... وأصحابها ومغتصبيها .
ولأنها أيضا .. قد ساهمت في تصحيح الكثير من الخلل في مجتمعاتنا الشرقية .
صححت معادلة كبيرة جدا هي معادلة المجتمع ككل ..
بقيمه .. ومعانيه .. بفلسفته .. ووجوده.. بخلفياته ..وتطلعاته.. وتحرره ... وذلك..
بسلاح الأغنية والموسيقى والفن عامة .. لتحاكي عقله وأحاسيسه –
وبسلاح العلم ... والعمل أولا ليستطيع الإنسان أن يتقدم .. يتقدم ويطور –
ويستقل شخصيا بكيانه .. وفكره .. وانتاجه .. وتنمية عقله- ليلغي بالتدريج يوما بعد يوم الأسس الخاطئة
في مجتمعاتنا , لنستطيع أن نصل الى عصر المعرفة ... والعالمية ... واحترام الإنسان .
..........
وبعد هذه التأملات والتحليلات الذاتية ... أخذت أكتب –
أخذت أجمع وأجمع أغاني فيروز _ أو بالأحرى ( الأغنية الرحبانية ) –
وبدأت أشرح وأقيم – وأفند وألقي ضؤ النقد والملاحظة – والدراسة – والتحليل النفسي ..والثقافي –
والوطني والإنساني _ وأخيرا ...
الدور التربوي على هذه الأغنية .. لما لها علاقة في إختصاصي ( تاريخ جغرافية وتربية ) ورؤيتي للأغنية ..!
..................
*1 يتوسط الصفحة بطاقة ( كرت بوستال ) يمثل شهر زاد وشهر يار – للنحات العراقي : محمد علي حكمت –
* 2 في الصفحة الثانية أيضا ( بطاقة ) نفس الصورة بوضع اّخر – بغداد –
للموضوع بقية اّمل أن أنشرها في مناسبات أخرى .
من مقدمة مؤلفي : المكان .. في أغنية فيروز
مريم نجمه – هولندا -

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل