أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - جعفر المظفر - عن الديمقراطيتين .. الأمريكية والعراقية














المزيد.....

عن الديمقراطيتين .. الأمريكية والعراقية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2928 - 2010 / 2 / 26 - 08:33
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


إن كثيرا من الظواهر المرضية التي ترافق تجربة الديمقراطية في العراق مردها إلى طبيعة النشأة وسياق التكوين. وننتيجة لتأثير الفوارق الزمانية والمكانية فإنه لا يمكن إصدار أحكام ميكانيكية على إمكانات نجاح الديمقراطية في العراق أو خلوها من العيوب الجوهرية وذلك اعتمادا على النجاحات التي تحققها هذه الديمقراطية في بلدان أخرى.
الديمقراطية الأمريكية مثلا لم تنشأ من رؤيا ثقافية وسياسية مجردة عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي. صحيح إن هذه الديمقراطية كانت قد مرت بمراحل متعددة من التطور, لكن الصحيح أيضا أن هذه الديمقراطية كانت منذ بدايتها حاجة أمريكية متأسسة على سياقات اقتصادية واجتماعية أساسية وإنها كانت تتطور سياقيا بتناغم مع المتغيرات الجوهرية التي تطرأ على واقع العلاقات الاجتماعية المتأسس على التحولات الاقتصادية بدء.
هكذا نرى إن تلك الديمقراطية كانت قد مرت في مراحل متعددة من التطور, وكل تطور حيوي فيها قد جاء بناء على حاجة استدعته, فنرى إن الإنسان الأسود المستعبد كان محروما من التصويت وكذلك المرأة, غير إن الحرب الأهلية بين الشمال الصناعي والجنوب الزراعي, والتي حسمت لصالح الشمال, قد أشرت نهاية مرحلة الرق بالاتجاه الذي سيجعل من القوة السوداء جزء لا يتجزأ من منظومة القوى الديمقراطية ذاتها ويهيأ بعد ذلك لسلسلة من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أوصلت الرجل الأسود إلى رئاسة البلاد ذاتها وكادت أن تأتي بامرأة أيضا.
هنا نتوقف أمام حقيقيتين أساسيتين, إن هذا التطور الجوهري على مستوى تحويل القوة السوداء من قوة مستعبدة إلى قوة من قوى الحرية والديمقراطية لم يأتي من فراغ كما إنه لم يتأسس على قيم أخلاقية وروحية مجردة هدفها التعبير عن احترام حقوق الإنسان والتأكيد على روحية الحب للعنصر الأسود والتعاطف معه.
إن الأمريكي الذي كان صاحب قرار تحرير السود والقبول به كجزء من العملية الديمقراطية هو ذاته الذي أسس نظام الرق كحاجة اقتصادية أوجبتها ظروف إنتاجية خاصة, وهو الذي سينهيه أيضا كحاجة اقتصادية استوجبتها ظروف مغايرة بالاتجاه الذي رتب للأسود مكانة اجتماعية جديدة وحقوق إنسانية متقدمة نسبيا على حالتها السابقة.
لا الدين المسيحي وقيمه هي التي أسست لذلك التطور ولا تعاليم السيد المسيح هي التي قادت إليه, وإنما عملت هذه وتلك كثقافة مساندة للثقافة الاقتصادية السباقة في الفعل والتأثير.
وفي الإسلام هناك تشابه وتماثل لدور الدين, فالقرآن ذاته هو " حمال أوجه " كما يقول حكيم السيف وسيف الحكمة علي بن أبي طالب, وبإمكان الاشتراكي, كما بإمكان الراسمالي أن يوظف بعضا مما فيه لصالحه, ومثلهم يستطيع المؤمن بنظام الرق أن يدّعي أيضا إن القرآن لم يلغي الرق أساسا لعدم وجود نص يحرمه.
ولهذا أقول إن الحرية ذاتها لا تحققها التعاليم الربانية أو المناهج الفلسفية لوحدها وإنما الذي يحققها بالاساس قيما اقتصادية وإجتماعية تفضي إلى وجود حاجة لإنسان حر إلى إنسان حر يقابله, أما القيم الربانية والأخلاقية فهي قيم تبشيرية وساندة وضاغطة وداعمة, ولولا ذلك لما قاتل الجنوبي الأمريكي من أجل بقاء الأسود مستعبدا, وقاتل الشمالي من أجل تحريره, رغم إن الاثنين معا كانا أخوة في الدين, وكان مع الجيشين قساوسة يرفعون نفس الإنجيل وبنفس الطبعة وتاريخ الإصدار.
أما المسألة الثانية التي يجب أن نهتم بها فهي أن القوى الأمريكية التي أسست للديمقراطية, وحرستها, وطورتها كانت قوى ديمقراطية, ولو لم يكن هناك وجود مقرر لهذه القوى لما قدر لتلك الديمقراطية أن تتأسس أو أن تتطور.
لنتصور الآن إن الجنوبيين كانوا هم المنتصرين في الحرب الأهلية ونسأل, هل كان بإمكان علاقاتهم الإقطاعية ووقوفهم ضد برجوازية المدن أن يطور الحالة الديمقراطية إلى أبعد مما كانت عليه ؟!
بطبيعة الحال سيكون الجواب ب كلا معقولا, لماذا.. لأن ديمقراطية الإقطاعيين في الجنوب هي غير ديمقراطية الصناعيين في الشمال, وكان مقدرا أن يكون الوضع أسوءا فيما لو قدر للكنيسة أو لقوى الدين السياسي أن تكون هي المهيمنة على اتجاهات حركة المجتمع.
إن الديمقراطية إذن ليست حالة روحية أو أخلاقية مجردة عن واقع مادي وإنما هي نظام بأهداف ولوائح وأنظمة عمل ومؤسسات تتأسس لحاجة لها وليس حبا أو ولهاً بها, ولا بد لها أن تأتي كنتيجة لسياق معقول من التطور الاقتصادي وما يؤسس له من متغيرات في الوعي والثقافة والحقوق, ولا يمكن لهذه الديمقراطية أن تتأسس إلا على أيدي قوى تؤمن بها لحاجة مادية هدفها ترتيب العلاقات بين الفرد والدولة والمجتمع بما يحافظ على حقوق الإنسان ويكفل التطور على كل الأصعدة.
وان أي قول يخرج عن هذا المعنى سوف يكون فيه قدر كبير من السذاجة وقدر أكبر من التضليل, فالديمقراطية ليست نظام مقدسات كما إن كل شيء عندها جائز للمناقشة ومن ثم الدحض أو التغيير أو التعديل, أما الدين مثلا فهو نظام مقدسات لا يجيز العمل بالديمقراطية لأنه نظام أمْري وإرشادي وتوجيهي ويمكن لرجالاته السيطرة من خلال الهيمنة الروحية على الحركة الاجتماعية بالاتجاه الذي يصب لصالح رجالاته ولم يكن مقدرا للمجتمعات الأوربية أن تحل هذه المعضلة إلا بعد انتصار العلمانية ولولا ذلك لما رأينا سيارة تسير ولا طائرة تطير ولظلت الأرض مسطحة والشمس هي التي تدور حولها وليس العكس.
إن الديمقراطية العراقية المتأسسة على فعل سياسي غير مستند إلى قاعدة إجتماعية وإقتصادية والتي لا شأن لشعبها معها إلا في يوم الإنتخابات والخاضعة إلى إرادات دولية وإقليمية ستكون في مواجهة أيام صعبة, ولسوف يتراجع تأثيرها ويقل فعلها بإتجاهات البناء لحين حسم الإقتتال بين القوى المتصارعة وبعد أن تتبين بوضوح هوية الدولة العراقية القادمة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كما في السياسة كذلك في الطبيعة ... الديمقراطية وأحزاب رد الف ...
- وما زال العراق تحت التكوين
- إني أرى عزت الدوري ضاحكا
- إنها محض أمنيات


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - جعفر المظفر - عن الديمقراطيتين .. الأمريكية والعراقية