أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - جعفر المظفر - إني أرى عزت الدوري ضاحكا















المزيد.....

إني أرى عزت الدوري ضاحكا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 22:04
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    



يمكنك أن تختلف مع الشيوعيين العراقيين على أشياء عدة, منها ما هو سياسي ومنها ما هو عقائدي, ومنها ما يتعلق بدورهم في تاريخ الصراع بين الفئات السياسية في العراق وبخاصة ذلك الذي تلي مباشرة ثورة الرابع عشر من تموز.
غير إن هناك ثمة أتفاق عام على إن الشيوعيين قبل تلك الثورة كانوا اشد الوطنيين نضالا ضد الحكم الملكي, وإنهم قدموا في مواجهة تحديات تلك المرحلة العديد من الشهداء وأصبح الكثيرون منهم نزلاء مزمنين في سجن نقرة السلمان, وتوزع آخرون منهم على مختلف أنحاء العراق سجونا وإبعاد.
ومع إن ذلك لا يلغي التاريخ النضالي والوطني للفئات السياسية الأخرى ومنها حزب الاستقلال والوطني الديمقراطي وحتى البعث الحديث التكوين, غير إنه لا يتقاطع مع حقيقة إن الشيوعيين, دون كل هؤلاء, كانوا معارضة محرمة من قبل السلطة, وإن الانتماء إليهم كان تهمة خطيرة بكل المقاييس.
نعم إن هناك أسبابا أكيدة دفعت السلطة آنذاك لتصعيد هجمتها ضد الشيوعيين وكان في مقدمتها عامل الصراع الدولي, ولهذا لا يمكن إغفال الدور البريطاني وأثره على طبيعة تلك المواجهة , لكن ذلك لا ينفي حقيقة تأثير التلاحم المبدئي بينهم وبين فقراء العراق, كما لا يلغي أيضا مواقفهم الصلبة وتضحياتهم الكثيرة. حتى إذا ما رحل الحكم الملكي رأينا كم كان كبيرا التفاف الشارع الجماهيري حولهم.
ومع الاعتراف بذلك, أي بالتاريخ النضالي وقربى الشيوعيين المبدئية للأغلبية الفقيرة, كسبب هام لذلك الالتفاف, فإن السبب الأشد تأثيرا كان هو الأسلوب الذي جابهت به السلطة السعيدية الشيوعيين, والذي تحولت نتائجه لصالح الأخيرين.
لقد توجه العهد الملكي في أغلب الأحيان إلى اتهام أكثر الوطنيين الذين يقفون ضده بتهمة الشيوعية وكأنه كان يعمل كدليل لها. ولا يخفى تأثير هذا الأسلوب على تحديد هوية الانتماء السياسي للكثيرين. وفيما بعد وقع الشيوعيون في الفخ نفسه, حينما تعاملوا مع العديد من الذين يختلفون معهم, بتهمة الانتماء للبعث, فعملوا أيضا كأدلاء لخصومهم الشرسين.
هكذا وجد البعض نفسه داخل صفوف البعث ليس إيمانا بنظرية الحزب وإنما لأنه صار محسوبا تماما على البعث, ومثلما قدم نوري السعيد خدمة للشيوعيين فإن الشيوعيين لم يتأخروا برد الجميل ولكن للبعثيين هذه المرة.
إن كثيرا من الشيوعيين كان قد انضم إلى حزبه قبل أن يقرأ " رأس المال ", كما أن كثيرا من البعثيين قبل السلطة كان قد انتمى إلى حزبه وتدرج فيه قبل أن يقرأ " في سبيل البعث ", وربما ظل هؤلاء وأولئك إلى آخر حياتهم دون أن يقرءوا الكتابين, ولن نتعجب حينما نتعرف على إن عددا من كوادر الطرفين كانوا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة.
صحيح إن هؤلاء كانوا قد تأثروا إلى حد كبير بالخطابات السياسية آنذاك, وبأحداث المرحلة العاصفة من معارك ومجابهات وتظاهرات, لكن الصحيح أيضا أن تحسب أساليب المجابهة وعناوينها كعامل مؤثر لتحديد هوية ذلك الانتماء, حتى أن البعثيين أنفسهم ظلوا يستعملون لفترة طويلة مفردة " التوريط " لضمان كسب المنتمين الذين لم يكون ولاءهم السياسي النهائي قد حسم بعد.
ويأتي " التوريط " هنا كمعنى لعملية وضع العنصر المستهدف لغرض الكسب في جو نفسي خاص وعام يجعله يقرر بالنهاية حسم موضوع إنتماءه بعد أن تبدأ الناس تتعامل معه كبعثي رغم إنه لم يكن قد أصبح كذلك, ولا أظن أن الشيوعيين كانوا غير مطلعين على أهمية هذا الأمر واحسب إنهم كانوا السباقين إليه.
إن عودة إلى الشارع العراقي وخاصة في السنتين الأوليتين اللتين أعقبتا ثورة الرابع عشر من تموز سوف تطلعنا على المشهد التالي, ففي حين نرى الشيوعيين يحتلون مركز المشهد وما حوله فأن جميع القوى السياسية الأخرى كانت تتوزع على أطرافه, ولأولئك الذين ما زالت آذانهم على نشاطها فإن هتاف " خمس ملايين تصيح حزب الشيوعي بالحكم " ما زال داويا, ومعلوم إن الخمسة ملايين كانت تمثل العدد النهائي لنفوس العراقيين حينها.
وإن من الممكن تفسير التفاف الشارع العراقي آنذاك بتفسيرات عدة. غير إن جميع تلك التفسيرات لا يمكن أن تخلو من حقيقة إحساس الشارع الفطري بحق الشيوعيين لإستيراث الحالة الوطنية العراقية وتمثيلها, ولا يمكن فهم ذلك بمعزل عن دور أكيد للسلطات الملكية في " توريط " ذلك الشارع ودفع كثير من الوطنيين للإنتماء إلى الحزب الشيوعي الذين شكلوا بدورهم أيضا عامل جذب مؤثر لذلك الشارع إضافة إلى فاعلية وقيمة التاريخ النضالي للكوادر الشيوعية وقربها السلوكي والفكري من الكادحين والفقراء.
ثمة عوامل مضافة تلعب أيضا دورا بارزا في تحديد الولاءات السياسية. من ناحية هناك الميل إلى المعارضة المزمنة والموروث عراقيا عن تعاقب قرون من الاضطهاد التي راكمت الاستعداد الغريزي لهذه المعارضة. ونفهم إن التأييد الذي يحظى به هذا النظام أو ذاك لا يعبر بالضرورة عن موقف تاريخي ثابت وقد يأتي نتيجة لكراهية النظام السابق أكثر مما يأتي كتأييد حقيقي للنظام اللاحق.
ومن ناحية ثانية فإن كثيرا من الناس ميالين إلى التعاطف مع المظلوم ضد الظالم, حتى لو لم يظهر ذلك التعاطف من خلال موقف آني مباشر. ومهما قيل عن التردي الأخلاقي الذي يعاني منه المجتمع العراقي نتيجة لانحرافات النظام الصدامي والعهد الذي تلاه فإن القيم الأخلاقية الموروثة يمكن أن تظهر على السطح حال التماس.
إن الأحزاب الشيعية الحاكمة قد استثمرت مفهوم " المظلومية " اشد إستثمار, لما له من موقع مؤثر في الموروث الثقافي والسياسي الشيعي, لكنها لم تتبين إن هذا المفهوم لا يمكن التلاعب به دون حذر شديد, وإن بإمكان حده الجارح أن يقتل المتلاعبين به أيضا حينما يتعرف الوعي "الشيعي " على حقيقة إن حامل ذلك السيف قد أصبح هو الظالم وإن ضحيته هو المظلوم, وإنه بذلك لم يعد يستحق أن يحمل ذلك السيف لأنه فقد أخلاقية الفرسان وأصطف مع معسكر " معاوية وبن العاص " الذي رفع المصاحف كاذبا على أسنة الرماح.
وإن أخطر ما في هذا الأمر أن تعيد " سلطة المظلومية " بنفسها ترتيب الخانات من جديد فيصبح الظالم مظلوما والمظلوم ظالما, ويكون حينها لمفعول المظلومية نفس الأثر ولكن باتجاه آخر.
وأسأل .. إذا كان الذين قتلهم صدام بالأمس " ظلما " من " الشيعة " قد دفع بأهاليهم وعشائرهم وأصدقائهم لأن يساندوا ويؤيدوا الأحزاب التي ترفع سيف المظلومية بإسمهم فما الذي يمنع
أهالي وعشائر وأصدقاء المظلومين الجدد أن يساندوا " أي حزب " يرفع ذات السيف ضد الظالم الجديد, خاصة وإن المظلومين الجدد وأهاليهم وعشائرهم وأصدقائهم هم من الشيعة أيضا وإن ثقافة المظلومية ليست ملكا لأحد.
ثم أسأل أيضا عن سر هذه العبقرية السياسية التي ليس لها مثيل والتي يجسدها دهاقنة الأحزاب الشيعية لعلي أحظى ببعض منها.
ويبقى أن من المهم التأكيد على الأهمية الحاسمة للعامل الثالث. فإن تحمل الراية يجب أن تكون جديرا بها, كما إنه يجب إدراك إن الهجوم ضد عدوك نوعان, إيجابي وسلبي.
الأول يشنه اؤلئك الذين تتطابق أقوالهم وأفعالهم فيكون تأثيرهم على رعيتهم تأثير الصدق, فيكسبوا .. لا لأنهم قالوا ولكن لأنهم قبل ذلك فعلوا فكان قولهم قرينا لقولهم.
والثاني يشنه أولئك الذين تتناقض أقوالهم وأفعالهم فلا يكون لهجومهم إلا مفعول الضد لما يبتغوه, وان تكن محقا في توجيه الشتيمة لعدوك يجب أن يكون سلوكك قادر على درء ذات الشتيمة عنك, وليس غريبا أن يؤمن الناس بمصداقية شخص يشتمه كاذب وبأمانة آخر يشتمه لص وببراءة ثالث يتهمه مخاتل.
ومع إني لم أكن انوي المقاربة بين تاريخين, أحدهما شيوعي والآخر بعثي, فألغي بذلك ما أقترفه الصداميون من جرائم بحق شعبنا وما تسببوا به من كوارث, إلا إن ذلك لا يمنعني من القول إن من يعادي صدام والصدامين يجب أن يكون جديرا بهذه المهمة, فيصدق به الناس لأمانته ونزاهته, وإلا لكان هو بالذات من يعيد مكيجة وجه الصدامية القبيح.
وإني لأرى من هنا "عزت الدوري " ضاحكا وسعيدا وكأني أسمعه يقول..
مزيدا من الاجتثاث, وشكرا على الهدية, وأهلا وسهلا بالبعثيين القدامى والجدد.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها محض أمنيات


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - جعفر المظفر - إني أرى عزت الدوري ضاحكا