أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - قطار بغداد...















المزيد.....

قطار بغداد...


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 20:27
المحور: الادب والفن
    


النازل للبصرة
قطار بغداد...
عماد عبد اللطيف

في حربهم قبل/ قبل الاخيرة
اخذوني في قطار الفجيعة
النازل للبصرة .
من يومها ...
لم اصعد لبغداد ثانية
اصبحت بغداد بعيدة جداً
والبصرة بعيدة جداً
وعلى اسوارهما جند كثيرون
لايشبهون جنود العراق النبيلون
كاخوة يوسف .

* * *


كل قطار نازل للبصرة
محشو بالجنود .
جنود بلا احذية .....
جنود بلا بنادق ....
جنود بلا خبز ....
جنود مهزومون سلفا .


* * *


كل قطار صاعد لبغداد
محشو بالتوابيت .
برؤوس شابت من ذهول الهزائم .
هزائم بلا هزيمة
هزائم دون جنود
وقادة محشوون بالقش
كلهم نازلون...
نازلون...
نازلون...
والقطار هو الصاعد وحده

* * *



منذ امتطيت القطار النازل للبصرة ...
وانا مبتلى بالخراب .

فكيف اجتر بعد هذي الحروب
برسيم مسراتي ؟ .
ومذ صعدت لبغداد لابكي غربتها
ماعاد قطار الليل يجوب ازقتها
وماعدت اعرف كرخها والرصافة .
من ستين عاما ...
وانا ابن بغداد
بغداد روحي...
اعرف كرخها والرصافة
اكثر مما اعرف ان الاحبة راحوا
وتيبسوا من هول مراراتهم كالموميات
كأن الف قرن طوتهم
فما عاد احد منهم يوميء لي من بعيد
او يجيءَ الى قلبي .


* * *


بغداد روحي .....
/ اعرف ان امرها عند ربي /
ولكنني .. ومن ستين عاما
ارى الغزاة ينطون فوق اسوارها
كما تنط الحبيبات من حضن ٍ الى حضن ٍ
كالقطط العاهرة .

* * *


والبصرة روحي ...
ولكنني ...


ومن ستين عاما
ابصر ( كالسامري ) اسراب الجراد
تقضم غاباتها المستحيلة .
البصرة روحي ...
وغيم الرغبة فيها يرفض ان يهمي ...
ليغسل نخلها من سخام من داسوا عليها طويلا .


* * *
بغداد روحي ...
تبول على ارصفتها كلاب غريبة
وفي شوارعها العتيقة حمبر كثيرة / تجرها حمير كثر / وعربات تجر شيوخا في الثلاثين من العمر الى حتفهم / وصبيان يجرون عربات دون صهيلٍ
ووجبات الحزن فيها مجانية كالذهول .
كل شي ء في بغداد يوزع مجانا
ماعدا السكينة في آخر اليوم
والموت بسلام ٍ
مثل كلب ٍ هرم ..


* * *


بعد ستين عاما ....
ماعادت مدائن العراق قبلة روحي .
فأطفالها يموئون على الارصفة.. ونساءها يموئون من الرغبة في أسرة فارغة ما اعادت تنتظر القطارات الصاعدة الى بغداد او النازلة للبصرة..

لاتوجد في العراق قطارات صاعدة للموصل او نازلة للبصرة..
لم يعد في العراق صاعدٌ لنخلة روحي
كي ينزع عنها كَرَبَ الهمّ..
وأوهام البهجة..
فالرجال يعودون مساءاً الى ما تبقى من بيوتهم...
تاركين فحولتهم تلملم خيبتها فوق رغيفٍ /غيرُ حار/
تأكله النسوة الشبقات..
والاطفال الكهول..
والجدات الخرفات من الحزن..
والاجداد اليائسين من موت يرفض ان يصعد نحو بغداد
او ينزل للبصرة.


* * *

وداعاً لبغداد..
وداعاً للبصرة..
وداعاً لأمهات المدن الطيبات
البغايا
القديسات
البتولات.
وداعاً لارض بلا قطارات تصعد
أو تنزل.

بلا أحبة يصعدون...
أو ينزلون.

وداعاً لأرض من النفطِ
بلا شمس ٍ
بلا مطر ٍ
بلا طين ٍ
بلا طير ماءٍ / لائذ ٍ بقصب الهور ِ/
بلا ورد ٍ
بلا وطن ٍ
بلا ذاكرة.
20/2/2010



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
- اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
- ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال ...


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - قطار بغداد...