أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - وفاء -الاصدقاء-.!.















المزيد.....

وفاء -الاصدقاء-.!.


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 06:10
المحور: الادب والفن
    


يلتقي أحد أعظم فلاسفة اليونان والذي كان يحتل مكانة محترمة في مجتمع أثينا –يلتقي بأحد معارفه في الشارع، ويبادر الرجل الحديث مع الفيلسوف:
- تريد أن تعرف ما سمعته عن أفضل أصدقائك؟
+ انتظر لحظة! -قالها الفيلسوف باستهجانٍ- وبادر هو بطرح الأسئلة. قبل أن تقول أي شيء، أريد أن تجاوبني على ثلاثة أسئلة أو كما يقال مصفاية ثلاثية..
الفلتر الأول هو عن الحقيقة: أنت متأكد بشكل كامل بأن الذي تريد قوله عن صديقي صحيح؟
- لا، فقط سمعت ذلك، و...
+ طيب .. طيب، يعني ليس بالتأكيد أن ذلك صحيح وموثوق، يمكن أن يكون صحيح ويمكن أن يكون كذب..
والآن لنجرب الفلتر الثاني، ويتناول الخير: ما تريد قوله لي هو شيء جيد، ويحمل الخير؟
- لا، بالعكس من ذلك...
+ يعني، تريد قول شيئاً سيئاً لا يحمل الخير عن صديقي.
لا مشكلة، لنرى الفلتر الثالث، المنفعة: الشيء الذي ترغب إخباري به عن صديقي، يجلب لي منفعة؟
- لا، أبداً، لكنه...
+ المختصر من كل هذا الحديث، -يقول الفيلسوف مقاطعاً- هو أنك تريد أن تقول لي شيئاً عن صديق عزيز عليّ، شيئاً ليس صحيحاً وليس جيداً ولا يحمل منفعة لي، إذاً لماذا تقوله؟

هذا الفيلسوف العظيم والذي مازالت تدرس علومه حتى اليوم في جامعات العالم كلها بما فيها الجامعات السورية، ومن بينها ما يتعلق بالأخلاق والحكمة. ورغم ذكائه وعلمه الواسع المتنوع، لم يخطر في باله أبداً أن أقرب أصدقاؤه كانت تربطه علاقة حميمة مع زوجته (زوجة الفيلسوف). ومات بعد ذلك مقتولاً بالسم ليس بسبب زوجته وصديقه بل بسبب فكره وعِلمه. مات بعيداً عن دمشق، أو ربما غير ذلك؟. الحكيم العظيم أيضاً يحتاج أحياناً إلى الحكمة وإلى مصفاية وغربال للأصدقاء، لأن بعض "الأصدقاء" ربما هم بعض "أعداء"، باستثناء بعض الخدماء الظرفاء"..
.........
ومن أثينا نذهب إلى دمشق عبر بوابة النصر في باريس، تاركين هناك حكيم أثينا الكبير، و"روبسبير"-نا الصغير، وكمشة آلاف من السنين نصف القمرية، والتي يربطنا بها ورقة الروزنامة المصنوعة من ورقة توت ورقة بن نوفل. وحيث يعيش المساعد أبو محمود -الشريك السابق لنائب النائب صاحب السلوك المحمود، والذي يتحول التشبيح على "الأصدقاء" عنده إلى أخلاق وثقافة بلا حدود..
يدخل أبو محمود إلى غرفة ابنه الصغير مساءً ليطمئن على نومه ويغطّيه جيداً كي لا يبرد، ويجده يتقلب خائفاً قلقاً لا يستطيع النوم، فيسأل الوالد ابنه الصغير:
- شو المشكلة يا ابني، يا حبيبي؟
+ حلمت في النوم إنو جدتي ميتة.
يحتضن أبو محمود ابنه ويجلس بجانبه ليهدئه ويقول:
- جدتك صحتها كويسة، وما تقلق يا حبيبي، الصبح راح تلعب معك، حاول تنام وفكّر باللعب. وبعد فترة من تهدئة الطفل يعود ويغط في نومٍ عميق حتى الصباح.
من عادة الجدة الاستيقاظ مبكراً، وفي ذلك الصباح يستيقظ الجميع باستثناء الجدة، وبعد الدخول إلى غرفة نومها لاستجلاء الأمر يجدون الجدة متوفية..
تنقضي الأيام، وبدأ الطفل يتأقلم مع غياب جدته. وفي أحد الليالي يدخل الأب أبو محمود كعادته إلى غرفة الولد الصغير مساءً للاطمئنان على نومه، ونفس المشهد السابق عشية وفاة الجدة، خوف ورعشة في أطراف الطفل، وبالكاد يستطيع نطق الكلمات.. رأيت جدي ميتاً في الحلم–قالها ببكاء وارتباك.. وبعد تهدئة الأب أبو محمود للطفل والبقاء بجانبه حتى ينام من جديد، يخرج الوالد متعباً وقلقاً على صحة طفله، ثم يذهب للنوم.
وفي الصباح –وكان نهاية الأسبوع- يستيقظ أبو محمود وزوجته في وقت متأخر، حيث اعتادت الأسرة النهوض على صوت قرقعة حركات الجد (والد أبو محمود) وهو يحضّر القهوة، ويُجهّز "عدة" المتي كعادته. لكن هذا السكون لم يكن مريحاً، بل ازداد تخوّف أبو محمود من أن يكون والده أصابه مكروه، أو ربما حلم ابنه الصغير... قطع حبل التفكير، وهرع إلى غرفة الجد ليجده ميتاً..
ازداد قلق أبو محمود، وازداد خوفه على ابنه، والخوف من أحلام أخرى تسبب مشاكل نفسية للطفل، أحلام غير مفهومة وحزينة، دعت أبو محمود لزيادة اهتمامه بمواظبته على تأدية فرائضه الدينية..
من المعروف لزملاء المساعد أبو محمود أنه لا يهمل واجباته الدينية حتى في مكان العمل –وغالباً كان يقطع الاستجواب والتحقيق مع "ضيوفه" من أجل فروض العبادة بموعدها. وبعد تلك الأحداث صار اهتمامه الديني أكثر ولا ينسى التوكل عند أي عمل أو نشاط يقوم فيه، وصارت البسملة والحوقلة لا تفارق شفتيه.
وبدأ أبو محمود يتعايش مع الوضع الجديد بعد أن فقد والديه خلال فترة قصيرة. وازداد اهتمامه بابنه الوحيد أكثر لتعويض الرعاية التي فقدها بوفاة الجدة والجد..
وكان الحلم قبل الأخير للطفل، أنه شاهد العم نائب النائب للنائبة يقشّر التين ويأكل القشر في غرفة الغسّالة، وفي الصباح يجد أبو محمود في حديقة البيت جواز سفر مجهول الهوية وفيه ختم طلياني و"بولصة" شحن لمنظفات كيماوية وبجانبه حفارة كوسا. وقد أراحه أن حلم ابنه كان بريئاً ولا يحمل غير الأكل والنظافة والغسيل وملحقاته..
وبعد فترة من الزمن، يتكرر نفس موضوع الخوف والتوتر والبكاء عند الطفل في الليل، حيث كان حلم الطفل هذه الليلة عن وفاة الوالد بالذات. لقد حلم الطفل في نومه بجنازة والده.. وطبعاً يحاول أبو محمود تهدئة الطفل حتى ينام.. لكن أبو محمود نفسه بعد ذلك الحلم لم يستطع النوم! لقد ثبت حلم الطفل عن وفاة الجد والجدة، ثم مشاهدة نائب النائب نصف عارياً يأكل بقايا التين ويحفر الكوسا، وربما فعلاً تكون هذه الليلة هي آخر أيامه –جالت الخواطر في ذاكرة أبو محمود وبقي منزوياً في المطبخ حتى صلاة الفجر..
في الصباح، يذهب الرجل باكراً للعمل بقلق وتوتر، وخوف من كل شيء. لا يأكل، خوفاً من أن يتسمم. لا يجلس مع أحد، خوفاً من أن يقتله.. لا يستطيع إنجاز أي شيء خوفاً من الموت.. وصار يرى أبو محمود في كل شيء شبح الموت حقيقة يتخيلها ويعيشها..
بعد انتهاء دوام نصف يوم كان أطول يوم عاشه أبو محمود، يعود للبيت مع ساعات الظهر مُرهقاً ويقول لزوجته أن يومه كان تعيساً جداً وأنه تعبان ... وأنه.... وتقاطعه الزوجة بأنها في وضع أسوأ بكثير، وأنها تعيش كابوساً مرعباً منذ الصباح، وتصرخ مفجوعة من الخوف:
ونحن شو منقول، الصبح لقينا أعزّ أصدقاءك اللي كنت تشتغل معه بتنشيف الفراطة - نائب كابتن الباخرة الطليانية قدام الباب الخلفي للبيت ميت.؟!...
ملاحظة حسابية ملونة: هل من علاقة بين جهاد الملكة زنوبيا ضد الاغتصاب والنهب من قبل حكماء صقلية، وبين رحلتها في الباخرة الإيطالية لأصبغة الشَعر، مِن - أو إلى تدمر؟!..



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة للوطن والمواطنة.!.
- الجولان بين الأسد وليبرمان.!.
- بصراحة واضحة. حوار ساخن مع الأمل.!.
- 3 جي في1(جبهة الجهاد الجديدة للحزب).!.
- همزة الوصل والقطع وقواعد النصب والرفع.!.
- قبل أن تتكسر مرايا الشام.!.
- من شبّ على شيءٍ شابَ عليه؟ وَلَوْ صبغ شَعره؟.!
- رأس السنة الجديدة نصفه قديم.!.
- من طقوس الميلاد الشجرة وبابانويل.!.
- في ذكرى ضم الجولان
- الحوار المتمدن هو حرية التعبير.!.
- اطلبوا العلم ولو في أميركا..!
- المرأة هي حبّ ورعاية العالم.!.
- بو محمود بين أوباما والبابا..!
- نوسترداموس في سوريا..!
- الجندي المهزوم
- هل من مراجعة لبعض المعارضة؟
- الحرية كلمة حلوة فقط؟.
- هواجسٌ غير مرتبة..!
- أفكارٌ متضاربة بالقرب من ذكرى الميلاد..!


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل الخطيب - وفاء -الاصدقاء-.!.