أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرا جميل - قصة : اليقين والايمان ...














المزيد.....

قصة : اليقين والايمان ...


ميرا جميل

الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 10:22
المحور: الادب والفن
    



سقط في بئر عميقة واثناء سقوطه تمسك بقوة بجذع نابت داخل البئر. مما اوقف سقوطه المؤكد الى حتفه .
نظر الى أعلى فرأى فتحة السماء الزرقاء عبر فتحة البئر الدائرية.
لم يدرك آلامه للوهلة الأولى ، عندما عرف وضعه ، بعد ان استعاد نفسه من صدمة السقوط ، بدا يشعر بأوجاع ذراعية ويديه وصدره وساقيه ...
نظر الى اسفل ، كانت البئر عميقة لدرجة تصعب رؤية ارضيتها، او الماء في قعرها.
صرخ طلبا للنجدة . ويداه تقبضان بقوة على الجذع النافر داخل البئر. كان ألألم في ذراعية وقبضتيه يشتد ، وأيقن انه لن يصمد طويلا اذا لم يسارع أحد ما لإنقاذه . وأشد ما يرعبه ان لا يصمد الجذع امام ثقل جسمه .
صرخ صراخا جنونيا طلبا للنجدة.
هل أصيب الناس بالطرش ؟
نظر الى قطعة السماء المرئية عبر فتحة البئر راجيا ربه ان يرسل ما ينقذه ، او يجعل ما هو به حلما مرعبا يستيقظ منه فورا ممددا على سريره ، او مغميا عليه فوق أرض صلبة ...
خاطب الرب برجاء يصل حد البكاء قائلا انه مؤمن ويقوم بكل الفرائض ولم يدع نفسه تجره الى المعاصي ، وانه يذكر اسم الله الاف المرات في يومه ، ولا يفوت عملا صالحا الا ويقوم به ، لدرجة انه تزوج من الجارة الصبية التي توفى الله زوجها ولم يتركها لحظها التعيس ، رغم معارضة زوجته واولاده ، بحجة أنها أصغر من أحفاده .. ولكن العمل الصالح لا يوقفه الجيل. هل سيحرمها الله من احتضانه لها ، ويرملها مرة أخرى ، ويجعل حياتها مليئة بالحرمان وهو الرحيم ؟
عاد يصرخ لعل الله يرسل من يسمعه وينقذه من أجل تلك الزوجة الجديدة وخلاصها من قسوة الترمل ، او يجعل ما هو به حلما مرعبا ، فهو على كل شيء قدير.
الألم لم يعد يحتمل ولكنه يشد قبضتيه بقوة وتصميم حتى لا يهوى الى موته .
يصرخ بكل ما في صوته من قوة ورجاء لرب العالمين ولمن يمكن ان يسمعه من الموجودين فوق . او من يرسلة رب العالمين ليقوم بواجب انقاذه.
كان اليأس يصارع يقينه بأن الرب ، سد آذان الناس الذين فوق.. وانه في تجربة صعبة .. او هو المسجل له منذ ولدته امه ، وحان وقت تنفيذه. ولكن في رقبته هم اعالة زوجة طرية لا قدرة لها على مصارعة الحياة ، وقال في نفسه ان الزوجة الأولى لا خوف عليها يضمنها اولادها الكبار.. وهمس : " رحمتك يا رب بالزوجة الصبية ، انقذني من أجلها ".
وفكر: هل يكون القدر بمثل هذه القسوة ، بأن يرى الانسان نهايته ويعيش تفاصيلها المرعبة ؟
هل يكون الله الذي يدعو للرحمة ، وهذا ما جعله يضم الأرملة الصغيرة الى حمايته ، بمثل هذه القساوة ؟ اليس الموت بدون معرفة ساعة النهاية ، أكثر رحمة ؟
مئات الإسئلة هاجمته في لحظاته الحرجة .. كانت ثقته برب العالمين كبيرة .. على الأقل اذا لم يشفق عليه ، يشفق على الزوجة الصبية من الترمل مرتين في سنة واحدة .
استمر يطلب مساعدة الله ورحمته... كان واثقا ان المساعدة لن تتعوق.. وعليه الصمود في التمسك بالجذع ، تماما كما يتمسك بايمانه الذي لا يتزعوع برب العالمين.
وفجأة .. توهج ضوء هائل أضاء البئر لدرجة اعشت عينيه عن رؤية أي شيء عداه .. كان ضوءا يبهر الأعين وكأن الشمس بكل وهجها وقوة ضوئها قد دخلت البئر .
شعر بأن يد الله تمسه .. فازداد تمسكه الصلب بجذع الشجرة متوقعا نهاية لهذه التجربة التي لم تزعزع ايمانه بالله ورحمته ...
وفجأة ، اذ بصوت هائل تهتز له اعماق البئر يخترق اذنيه : اترك الجذع يا بني ، لا خوف عليك ، نهايتك لم تحل بعد ...
كان واثقا انه صوت رباني.. ولكنه تردد ، وفكر ، وأيقن ان ترك الجذع سيقوده الى حتفه ..
نظر الى فوق ليتأكد من يقينه . فلم يشاهد الا قطعة السماء الزرقاء عبر فتحة البئر.. فصرخ بأعلى صوته يائسا : هل من شخص غيره فوق ؟!

د . ميرا جميل – كاتبة وباحثة اجتماعية – نيقوسيا
[email protected]



#ميرا_جميل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المفكر الفلسطيني الدكتور أفنان القاسم حول خطته لإقام ...
- الحوار حول خطة د. افنان القاسم
- خطة الدكتور أفنان القاسم لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي اضا ...
- من أجل حركة نسوية عربية
- الله يفرِّج عن الحزب الشيوعي وخصوصا عن جريدة -الإتحاد-!
- قصة : رجل ...!!
- الامبراطورية لا تستجيب للنداء
- من النصر الإلهي عام 2006
- النمو الاقتصادي .. كطريق إلى الديمقراطية
- صحيفة - الوقت- البحرينية تحاور الدكتورة ميرا جميل:العالم الع ...
- علمانية للتنوير .. وعلموية للتخلف !!
- النهضة المشلولة والأوهام الخارقة...
- العقم الفكري في التفكير الاستعلائي
- هرطقة -الحداثة- في النقد داخل فلسطين 48
- الذخيرة غير موجودة : لمصلحة من هذا الدفاع المستميت ؟!
- -الموقد- يحاور الكاتبة المثيرة للجدل ميرا جميل
- مطلوبة حية أو ميتة .. التهمة : كاتبة غير معروفة!!
- يسرقون ما ليس لهم ...
- حوار الإعجاز العلمي.. حوار بين طرشان !!
- لا نحتاج الى كتب العلوم ... لدينا كتاب يشملها !!


المزيد.....




- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة
- صَرَخَاتٌ تَرْتَدِيهَا أسْئِلَةْ 
- فيلم -خلف أشجار النخيل- يثير جدلا بالمغرب بسبب -مشاهد حميمية ...
- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرا جميل - قصة : اليقين والايمان ...