العلاقات والمصالح الإسرائيلية الأذرية

محمد شريف الجيوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 00:05
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

زار مؤخراً وزير خارجية إسرائيل الإرهابي الصهيوني ليبرمان ، أذربيجان ، مع مسؤولين إسرائيليين آخرين ، في زيارة ليست الأولى التي يقوم بها مسؤول إسرائيلي لهذا البلد ، منذ تفكك الاتحاد السوفيتي بداية تسعينات القرن الماضي .
ولكن أين تقع مصلحة إسرائيل في زيارة هذا البلد المسلم الذي يتصف ببنية هشة ورخوة، والذي لا يتبادل التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل رغم وجود سفارة إسرائيلية فيه ، والمجاور لإيران لمسافة كبيرة ؛ والذي 70% من مواطنيه هم شيعة ، ويَعتبرُ أن جزءاً كبيراً من أراضيه الأذرية تقع داخل إيران ، ويعيش ما يقارب 20 مليون أذري فيها . ما يجعل من إيران تمتلك امكانيات إختراق مهمة في أذربيجان ، باعتبارها الطرف الأضعف .
وتزداد اهمية أذربيجان بالنسبة لإسرائيل ، حيث تزود الكيان الصهيوني بنحو 40% من احتياجاته من النفط والغاز ، كما انها تقع على بحر قزوين ، وهي واحدة من الجمهوريات الإسلامية الآسيوية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق والمتحاذية معها ، والتي تعتبر أيضاً مدخلاً ممكناً لإسرائيل إلى كل من هذه الجمهوريات وروسيا الاتحادية وبمثابة تعويض عن تراجع العلاقات الإسرائيلية مع تركيا.
وبهذا المعنى فإن أذربيجان تشكل اهمية بالغة بالنسبة لإسرائيل ليس فقط على صعيد صادرات أذربيجان من الطاقة إليها ، ولا على صعيد صادرات إسرائيل إلى أذربيجان (طائرات بدون طيار ) ولا أيضاً على صعيد تدريب طيارين أذريين وفق عقيدة إسرائيل القتالية ، أوعلى صعيد توفير حراسات إسرائيلية للرئيس الأذري أو تدريب حراسات لعناصر أذرية في إسرائيل .. وإنما أيضاً باستخدام أذربيجان كمحطة تجسس وحصار لإيران والمنطقة هناك ، في وقت تراجع فيه وجود إسرائيل في تركيا ، ما يضاعف ( حاجة ) إسرائيل لحدود مجاورة لإيران التي تعتبرها إسرائيل عدوها الإقليمي الأول راهناً . مع احتمال استخدام الأراضي الأذرية في عدوان محتمل ضدها .
لا بد أن أذربيجان العلمانية ( من حيث النظام السياسي ) تحسب كثيراً لأي إساءة للعلاقات مع إيران المجاورة والقوية بالقياس لها ، والتي يدين أغلب سكانها بالمذهب الشيعي وتربطهم علاقات إثنية بأبناء جلدتهم هناك في إيران .. ما قد يفسر انها لم تفتتح سفارة لها بعد في إسرائيل .
لكن إسرائيل تعمل بشتى الوسائل على إحداث اختراق في تلك البنية الهشة في أذربيجان ، مستغلة جملة عوامل منها عدم توفر التفات عربي وإسلامي كافٍ تجاه الأذريين ، ما يعبئ الفراغ الناجم عن انفصالها عن الاتحاد السوفيتي السابق وعلاقاتها غير الطيبة حالياً مع روسيا الاتحادية ، ووجود احتياجات عسكرية أذرية وتعليمية وتقنية وامنية ، تقوم إسرائيل بتوفيرها بقدر إنسجامها مع أمنها الاستراتيجي . التي تتعلق فضلا عن مصالحها الأذرية ، بمصالحها في إحداث اختراق بإيران كأولوية وفي الدول الإسلامية الأخرى ثانياً ، باستخدامها كرأس جسر ، وهو ما كشفا ما كشفت عنه الخارجية الأذرية بالاستناد لوثائق إسرائيلية وما أكدته إذاعة إسرائيل أنه " كبح للنفوذ الإيراني في أذربيجان " .
والسؤال هل يدفع الدور الإسرائيلي الالتفافي عبر البوابة الأذرية ، الدول العربية والإسلامية ودولة كبيرة كروسيا إلى التنبه للدور الإسرائيلي المشبوه في تلك تلك الدولة المهمة جغرافيا ونفطيا واستراتيجيا ، وبالتالي تطويق هذا الدور الإسرائيلي القذر ، الذي تبدو أذربيجان مضطرة لممارسته أكثر منها مختارة له .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل