القمة السورية الليبية

محمد شريف الجيوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 03:57
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

في زيارة الرئيس العربي السوري بشار الأسد ، القصيرة لليبيا مؤخراً ، اتفق الزعيمان العربيان بشار الأسد ، ومعمر القذافي على ( تشكيل مجلس استراتيجي أعلى مشترك لإعطاءالدفع المرجو للعلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافة ) بحسب المصادر السورية والليبية الرسمية .
وبحسب المصادر تناولت المباحثات ؛ التحديات التي تواجه الأمة العربية والحصار المفروض على غزة والمعوقات التي تضعها إسرائيل في طريق تحقيق السلام وتطورات الأحداث في المنطقة ، ما يستوجب تجاوز الخلافات وتحقيق التضامن وتعزيز العمل العربي ، وخروج القمة العربية المقبلة بنتائج تخدم المصالح والطموحات العربية. كما يستوجب تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية .
وتتصل أهمية القمة السورية الليبية بكونها تأتي قبل نحو شهرين من موعد انعقاد القمة العربية المقبلة في ليبيا ؛ الأمر الذي يتطلب جهداً إضافيا لمزيد من تنقية الأجواء وتكريس المصالحات العربية البينية التي بدأت في قمم دمشق والكويت والدوحة ، وصولاً إلى مواقف موحدة حقيقية من مختلف القضايا العربية ولآليات عمل مشتركة قابلة للتنفيذ وفق جداول زمنية محددة .
إن تطورات الأوضاع على غير صعيد تنذر بمخاطر عديدة أحدها الأوضاع المتفاقمة في القدس وتدمير وسرقة المقدسات وتهويدها وطرد المقادسة منها ، وحصار غزة ، وتهويد الجليل والنقب والتضييق على مواطنيهما العرب وتصعيد الاستيطان في الجولان السوري المحتل وهدم البيوت والمداهمات وعمليات الأسر اليومي وخلع الأشجار وبناء الجدار العازل الخ .
ومن المخاطر التي تواجه الأمة استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق وفشل العملية السياسية لانشغال أطرافها بالصراعات وبسبب الحيلولة دون تشميلها مختلف الوان الطيف العراقي وقواه الحية واستثناء أجزاء مهمة من مكوناته السياسية والديمغرافية .
وما تزال هناك اخطاراً حقيقية تواجه السودان حيث احتمالات انفصال الجنوب ماثلة . والحرب الداخلية في الصومال مستمرة ، والتدخل الخارجي وشيك في اليمن ، وسط رفض داخلي من القبائل والمعارضة ، في وقت تتصارع فيه أطراف خمس : النظام السياسي .. وحراك الجنوب الانفصالي فالحوثيين فالقاعدة والتدخل الأمريكي .
وهناك حرب المياه التي تقود إسرائيل رحاها ( وهي ما تزال بعد في مراحلها الأولى بهدف تعطيش مصر والسودان وابتزازهما ) . والخلاف المصري الجزائري والخلاف الفلسطيني البيني وقضية الصحراء ، التي ما زالت تحول دون قيام اتحاد مغاربي في خدمة دوله وشعوبه ، وهناك احتلال فرنسا لواحدة من جزر دولة جزر القمر ، وقضايا أخرى.
إن حل أي قضية قطرية إيجابياً ،لا يمكن أن يكون منفرداً ، كما لا يمكن بالاعتماد على الأمريكان الذين ما فتئوا يخذلون العرب . ومن هنا لا بد من اعتماد سياسات مختلفة باتجاهات ثلاثة ـ عربيا و إقليميا ودوليا .. فعربياً لا بد من إدراك حقيقي بأن العمق العربي المستقل عن الضغوط الغربية الإمبريالية هو الأساس الذي ينبغي االبناء والاعتماد عليه .
وإقليمياً إيلاء دول الجوار التاريخي،أولوية ، تحصينا للعمق العربي ، ولبناء جسور التعاون وتأمين المصالح المشتركة وللحيلولة دون الالتفاف الأمريكي والصهيوني على الأمة من خلالها وهي قبرص وتركيا وإيران وأثيوبيا وأرتريا وتشاد والسنغال ودول البحيرات.
ودولياً ، لا بد من بناء تحالف جنوب ـ جنوب بدرجة اولى ، باتجاه إفريقيا وامريكا اللاتينية والعالم الإسلامي ودول المتوسط إضافة إلى دول كبرى كالصين الشعبية وروسيا الاتحادية والهند .
ويأتي تشكيل المجلس الأعلى الاستراتيجي السوري الليبي ، خطوة في اتجاه صحيح بعد خطوات شبيهة كانت سورية عقدتها مع إيران وتركيا ولبنان ، بما يؤكد أن التوجه السوري ليس حكراًعلى المشرق العربي ، ولا على أمم مجاورة غير عربية . كما أن هذا التوجه يعكس رؤية واقعية منهجية ولتشبيك المصالح والمواقف والعلاقات والقوى ، فأنت قوي بقدر ما انت قادراً على نسج التحالفات وكسب الأشقاء والأصدقاء .
لكن حتى أن تجري محاولة إحاطتك بالأعداء وتطويقك بالحصار والقرارات الدولية ، وبفجور الخصوم المفتعل ، لا ينبغي أن يفت من عزيمة أوبصيرة ، وهو ما أدركته سورية وتمكنت خلال وقت استثنائي من تغييرالمعادلة وقواعد اللعبة باتجاهات مختلفة ولصالحها .
بكلمات إن قمة الأسد ـ القذافي، خطوة في اتجاه صحيح ، واستمراراً لاتجاه صحيح ، من المرجح ان تعقبه خطوات أخرى لاستكمال أجواء عربية تصالحية ، وربما ما هو أوسع .

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل