أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم عبد العباس الجنابي - وأقام الفجر أعراسا لنا














المزيد.....

وأقام الفجر أعراسا لنا


باسم عبد العباس الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 2909 - 2010 / 2 / 6 - 12:58
المحور: الادب والفن
    



حوراء مرتبكة هذا الصباح، التقطت المرآة وجدتها مكسورة فخشيت النظر فيها، ولمحت صورة معلقة على الحائط لامرأة متشحة بالسواد رافعة قبضتي يديها لا.. انهما اكثر من ذلك، لم تتبين العدد، فقد كانت مشوشة،الوقت يداهمها، المشط هو الاخر انكسر، بحثت عن آخر، ولما كان لابد من استعمال المرآة وجدت عينيها منتفختين، وعندما اخرجت احمر الشفاه من حقيبتها هلعت لرؤية شفتيها المتضخمتين فرمت المرآة وفضلت الاستعانة بمرايا صديقاتها، وهرعت الى الشارع مرتدية عباءتها العتيقة وادركت في اللحظة الاخيرة دوامها.
اشراق استحم ليلا ونام مبكرا وغادر فجرا، صعد سيارة متوجهة الى النجف، معظم الركاب نائمون او ساكنون لا حياة فيهم عدا انفاسهم الصاعدة النازلة. بدأ يقرأ جريدة وبعد فترة نظر من النافذة، فشاهد اسد بابل، عاد يتصفح الجريدة لم يكن يحب مطالعة المقالات الطويلة خصوصا تلك التي تحتل صفحة كاملة، تطلع مرة ثانية، فشاهد منارة الكفل، يعرف انها كانت كنيسا لنبي يهودي (ذي الكفل) تم جلب اصحابه في السبي البابلي الشهير، امتعض وطوى الجريدة وتصنع الاغفاء. كان ضنجرا ،ندم لسفره وحده، فالصحبة قانون الحياة الانسانية، احس بثقل على كتفه ،كتلة مقرفة، فتح عينيه، شاهد رأسها المتدلي ،عباءتها السوداء غطتهما، جسدها العنيف، هيج جراحه، حاول جهد امكانه ان لا يثير فزعها، حياؤه ومروءته تمنعانه من ارتكاب اي دنس كان طاهرا عفيفا، وعد أباه ان يبقى كذلك لحين عرسه، لكن الالم الدفين ايقظ ماردا خبيثا رعديدا جثم منذ ثلاثين عاما ونيف في احشائه، مزقها، نهشها، وبث سمومه، ولطالما امتص دمه، كانت اعواما جافة، ظل أثنائها محتفظا بنبله، وعبثا ذهبت محاولاته لاطفاء شهوة المارد المميت، فحريق كاد يلتهم كيانه، انتفض واقفا مرتعشا وبصق على تلك القذارة، كانت السيارة آنذاك قد حطت ركبها وتوقفت، نزل وقصد وادي السلام، ادى مراسيم زيارة قبري أبويه السنوية، وزار مرقد الامام علي بن ابي طالب، وتجول في المدينة الحزينة، دخل بعض المكتبات، ومع انقضاء الوقت احس بالجوع، فتش عن مطعم؟ لكن يدا حانية طبطبت على كتفه، ثار وقال في نفسه يا لهذا الكتف.. صوت ناعم أنثوي ظنه الراكبة التي كتمت انفاسه وبالكاد صدق انه تخلص من ذلك الموقف العصيب، تعمد الالتفات ببطء وحذر شديد محاولا تحاشي المفاجآت، حيته باسمة، وقالت: لا تدخل، تعال معي، فانقاد لها، ومضيا معا، في هجير ظهر تموزي، صحبته تحت اشعة الشمس الحارقة، ولهيب هواء حار رملي، كانت تتحدث بلباقة اعجبته، وجدها لينة مرنة، باقة ورد بل اكليل ياسمين في صحراء مجدبة، وصلا دارها في حي الاسكان، فتحت الباب وقالت: ادخل فلست غريبا، جلس في الصالة قدمت له الماء البارد شرب ولم يرتو، فتحت مبردة الهواء وغابت، الوحدة تقتله، مرت عدة دقائق ولم تعد.. نصف ساعة ولم تظهر ومن شدة التعب نام. وبعد حين اطلت ولما كان نائما خطت بحذر ومشت على رؤوس اصابعها حافية القدمين، هذا الضيف محبوب، شاهدت بقربه المرآة المكسورة، اقتربت وتمعنت في تقاسيم وجهه المضيء، شمت رائحة جسده فانتعشت لا تعرف ايما سبب يشدها اليه، قياد هذه النفس الابية انفلت، وتساءلت اطريقي صحيح ام انها الهاوية، وبوعي وبصيرة حاولت ان تتمنع لم تكن لديها اية وسيلة تدميرية انها انسية وليست ماردا قبيحا، حاولت الثبات لطمت خديها، شدت شعرها لكن قوى اخرى لا تفقه لها معنى تدفعها لمصيرها المحتوم، قاومت بشتى السبل.. لا جدوى شفتاها ترتجفان، لعابها يسيل، يا للعار أؤخذ على حين غرة، استدارت للعودة الى المطبخ حيث اعدت له الطعام أبت قدماها مطاوعتها وتسمرتا في مكانهما، عزمت على اسدال جفنيها كي تتلافى جاذبيته فلم يستجيبا، تضرعت يداها عدم تحسسه وحتى لمسه رفضتا صرخت فلم يتحرك اي وتر من حنجرتها، ماذا تفعل؟ لم يعد امامها غير عقلها فقد توسمت ان يغيثها وينقذها من محنتها، سالت دموعها، ورجته كتمان امرها، وقالت: هو مجرد زائر بغدادي زاه، بريق جذل يستوعب كل احلامي، اعترف اني معجبة به حد الهيام ولا اعلم ما هذا الهوس او الجنون؟ حتى الشبان الذين كانوا يحومون حولي ويسترضونني للموافقة على الزواج محيت صورهم واختفت اسماؤهم لم تكن خيبة امل..
لم تكن ملاصقة له بل كانت منحنية وتذكر الراكبة والمارد ولما كانا وحيدين، التقى قطبا جاذبية الانسان وتاها في ميادين الفيض العاطفي الذي لا يعرف له مكانا او زمانا مسألة نجهل كنهها، لم يكن اقل منها طلبا واندفاعا لاسيما وهي قريبته، قام ولم يكن يفصله عنها وعن العالم ايما فراغ، فقد تلاشت المسافات، مسد بيديه الرقيقتين شعرها ومررها على ظهرها وجذبها بقوة وضمها، واحتوى بعضهما بعضا تداعت بين جوانحه وتحطمت جدران صمته وسكنت فؤاده، وعندما ايقنت استجابته تهادت وتباعدت ضاحكة راكضة وجلبت الطعام، الا ان النفس البشرية العاشقة المنشغلة انى لها ادراك المحسوس كانا في عالم يصح تمييزه عن عالمنا السادي المفرط بالانانية والمادية وحتى الروحانية، عالمهما تتمدد فيه المساحات وتتوسع الافاق وحتى المسرات، عالم رائق بهيج، وربما هناك اسرار اخرى.
قالت: لنتمهل قليلا، امي واخوتي في بيت خالتي فهل تود الذهاب معي ام تفضل تفادي الحر، سأعود بهم سريعا؟ قال: هيا نذهب معا فلكزته بعكسها وشبكت يدها بيده وانطلقا. كان الوقت مساء وعليهما اجتياز منطقة صحراوية كي يصلا الى حي الانصار، القمر مضيء، الفرات شفتاها، والتمر خداها، وسعف النخل خصلات شعرها، وحشرجات صوتها انغام تطرب. توقفا وسط الصحراء، رفع رأسها فارتفعت الارض ازاحت بيدها شعرها عن عينيها فانزوى القمر خجلا، تناول رأسها بيديه فتدلت شفتاها وتحولت سفوف الرمال الى حبات ماس وازهار، وذبلت الاشواك وتم اجتثاثها، اقتطف قبلة فدارت الارض دورتها، اعاد الكرة فاستمرت الارض في دورانها شابان ثملان يرتويان لكنما انثى الفرات الهائمة العطشى قالت: او تعرف؟ قال: اعرف. قالت: وما تعرف؟ قال: سيقيم الفجر اعراسا لنا.



#باسم_عبد_العباس_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرس الحرية ..الحقيقة المرعبة
- التعصب... رق عقلي طاغ جهول
- مبررات انحياز الشعب العراقي للقوى الديمقراطية
- سؤال انطولوجيا الانتخابات ..نكون دولة ديمقراطية أو لا نكون
- ثنائية التقدم والتخلف في الانتخابات المقبلة
- المرشحون والناخبون في المعادل الموضوعي
- جنون احراق العراق الجديد
- الانتخابات .. نقطة الشروع لتنوير المجتمع
- متطلبات الحداثة في الانتخابات المقبلة


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم عبد العباس الجنابي - وأقام الفجر أعراسا لنا