|
مقتطفات من ((الرقص مع البوم ))
غادة السمان
الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 14:51
المحور:
الادب والفن
بومة تكتب عنك بالضوء
اتسخ إصبعي بالحبر فصار أسود .. غمست اصبعي الثاني في البحر فصار أزرق .. لامست القمر بالثالث فصار فضيا .. هدهدت خد الغابة بالإصبع الرابع فصار أخضر . وضعت الخامس على شفتيك كي تصمت ولاتقول لي أنك تحبني فصار اصبعا من ضوء .. غمسته في العسل وكتبت لك به على المرآه :حبك عيدي وعيناك قدري إلى الأبد ... عند الفجر شاهدت المرآه وقد كتبت لي بالهباب الأسود : يالك من كاذبه صادقة ككل الحمقى العشاق ..
بومة تكتب عنك بالظلمة .. في قلبي متحف لأدوات القتل التي اشتهيت مرات ومرات أن أقتلك بها .. أمشي إلى لقاءك ... وأخفيها في صدري كمقبرة سرية لاتضم إلا قبورا لك !
بومة الحاكم المختل .! ثمة مصاص دماء لطيف نتغزل به جميعا وندين له بالولاء اسمه الحب ... أصيب بالهياج في طفولته .. وأصيب بالجنون في مراهقته .. وبالفتور في كهولته .. أصيب بفقدان الذاكره في شيخوخته .. لكنه مازال يحكمنا !..
بومة متملقة .. قلت لي :الحب خط مستقيم هكذا .. ورسمت لي خطا فوق البحر .. ولحظتها ولد الأفق .. للظلام فضل على حبنا .. فلولاه لما عشقت ضوء حضورك في عتمتي ..
بومة تكتب حكاية عمر .. تسكعت في الغابة شاهدت ضفدعا .. قبلت الضفدع فأصبح أميرا .. وحين فتح عينيه قال لي بإحتقار : من أنت أيتها الضفدعة ؟
بومة قلبها في بيروت .. مازلت أحبك رغم كل شيء .. ففي شواطئك تعلمت كيف أشرب ضوء القمر في صدفة بحرية !
بومة تتقمص مهرة .. أتزلج على جليد قلبك .. ويطردني بمخالبه ذئب وحيد له وجهك ... أتزلج على كذبك وغدرك .. وأتظاهر بأنني لا أدري .. وأنا أترك آثار حوافري على جليد قلبك .. وأصهل :وداعا !
بومة غير مكابرة .. لاتحاول إعادة الحياة إلى الموتى .. والحب القديم .. كي لا تجد نفسك أمام مسخ مرعب .. وإذا لم تصدقني ... إسأل "الوسيم " فرنكشتاين .. !
وأخيرا الجائزة الكبرى لبومة .. ربحت جائزة النصيب الأكبر في العالم .. وفوجئت أن اسمها "ممحاة النسيان "
بومة شاهده على زواج من مستفر .. تزوجت من خيبتها .. وأنجبت عده كتب ..ودمعة سرية ..
بومة بعينين واسعتين .. العين ثرثارة كأرملة ضجرة .. العين نافذه بلا ستائر .. العين لم تسمع بكلمة الكتمان .. العين لافته إعلانية عن أسرار القلب .. ولذا أحرص على ارتداء نظارتي السوداء حين ألتقيك ..
تهمة تفخر بها بومة .. اتهموني بحبك .. وها أنا أقسم بأنني مذنبة بالتهمة بكل فخر .. وأؤكد للمدعي العام أسوأ شكوكه .. وأشهر حبي لك على رماح القبيلة .. وليحكموا علي بالسجن المؤبد داخل شرايينك أو بالنفي إلى عينيك ..
تغريد بومة .. أنا تفاحة نيوتن التي تمردت على قانون الجاذبية .. وأصرت على السقوط إلى أعلـــى ..
بومة في لحظة صدق .. أحزاني تأكل أظافرها في العتمة .. مثل صبي خجول في ركن باحة مدرسة الأيتام .. أتستر على أحزاني .. مثل سكير يتستر على رائحة أنفاسه في مأتم والده !
بومة من حبر وورق أنا قطرة حبر صارت غيمة زرقاء .. طاولتي من ورق سريري من ورق ..حبيبي من ورق حين أموت سيكون كفني من ورق وتابوتي من ورق .. وحين تبكيني ..ستنتحب على الورقة البيضاء إكراما لعمر مشترك من الخبز والملح والورق ...
بومة الرحيل .. حبي الكبير .. آه كم عذبتني .. تخليت لأجله عن أهلي ووطني .. حبي الكبير ...اسمه الحريه .. أما هديته لعشاقه الكثر مثلي فهي مقصلة الغربة ..
بومة تكشف سر اللؤلؤ هل الأصداف دفاتر مذكرات الغرقى ؟ ولذا ينبت اللؤلؤ في بعضها ؟
اعترافات بومة .. سأروي لك قصة حياتي بإختصار شديد .. خوفا عليك من الضجر . لقد اقترفت أخطاء كثيرة في حياتي .. هي التي أنقذت حياتي ..
بومة تعشق تشردها لقد كنت دائما زورقا من ورق طواه طفل عابث مشاكس .. ورمى به في البحر إلى ليل التيه والأسرار والرحيل .. ومن يومها وأنا أبحث عنه .. ذلك الطفل الذي رسم اقداري العابثة لأشكره على ذلك !
بومة الموت السعيد ترتجف الشمس بردا حين نفترق .. ينتحب البدر هلعا من كسوف ليلي . يدا بيد يمشي حزني مع فرحي .. فالفراق موت لكن الفراق حرية والحرية حياة .. الموت السعيد كان دائما ثمن الحرية .. !
الحب مكان موحش حتى لبومة .. لاطفت النجوم فأهملتني .. وسخر القمر مني .. أنشدت للشمس فغابت .. وخلفت لي ميراثا من الغيوم المكفهرة .. غازلت عصفورا دوريا فطار .. وجاء الديناصور ليغازلني ! أنا بومة التوقيت الخاطيء .. والسهم الطائش اعترفت لحبيبي أخيرا أنني أحبه .. لكنه كان قد استغرق في النوم ولم يسمعني .. الحب مكان موحش ..وأنا بومة الخيبات .. وذلك من أسرار أرقي الليلي منذ أقدم العصور ..
#غادة_السمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
و ها أنا أنساك . .
-
مساء الحزن
-
صباح الحب
-
حب من الوريد الى الوريد
-
خيط الحصى الحمر
-
كوابيس بيروت - 60
-
فزّاع طيور آخر
-
كوابيس بيروت 23و35
-
كوابيس بيروت 12و13و16
-
كوابيس بيروت 2,3,4,6,10,
-
هاربة من منبع الشمس
-
رسالة الدكتور جيكل والمستر هايد
-
سفوح جسد
-
ترقبوا أسراري العاطفية في مذكراتي
-
هاتف ليلي
-
ختم الذاكرة بالشمع الأحمر
-
بومة عاشقة في ليل الحبر
-
ذاكرة الانهيار
-
ذاكرة بصّارة في أمستردام
-
غفوة في أحضان البحر
المزيد.....
-
ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
-
“361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة
...
-
-أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف
...
-
بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع
...
-
الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
-
-عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
-
الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر
...
-
بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا
...
-
قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
-
الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|