أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يسرا القيسي - غيمة بيضاء















المزيد.....

غيمة بيضاء


يسرا القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2904 - 2010 / 2 / 1 - 01:26
المحور: الادب والفن
    


أستقلت سيارتها الشيروكي تجوب شوارع مدينتها المزدانة بكل الأنوار الملونة زاهية بهيبتها بتأريخها العتيد ... كعروسٍ في يوم فرحها متباهية بنجاحاتها واحدة تلو الأخرى لقد حصلت أمل على الشهادة الفخرية في مجال عملها .. كانت كفراشة .. فرحة بشبابها المتقد .. أحبها كل من حولها .. فتاة بكامل حيويتها .. ديناميكية ؛ تتقن عدة أعمال في آنٍ واحد .. ترتدي بما يليق بها ؛ توقفت أمل عند أشارة المرور .. وموسيقى مونامور تنساب من جهاز التسجيل تفكر بالقادم من أيامها .. جل أهتمامها تفوقها في عملها هي واثقة من شخصيتها لدرجة الأعتداد ؛ محط أحترام وتقدير رؤسائها وزملائها ؛ لها حضورآ فعالا في المحافل الدولية مما زادها أنبهارآ في نفسها .. مندفعة في عملها ؛ لم تعر أي أهمية لوجود رجل في حياتها .. رغم أنها محاطة بالكثير من المميزين ..

أغمضت عينيها وأستغرقت في حلمها مع مونامور .. أخذتها الى عوالم الحب الذي لم يطرق باب قلبها الأ حينما كانت مراهقة أحبت زميلها على المقاعد الدراسية حبآ بريئآ .. لم تنتبه أمل الى أشارة المرور الخضراء ؛ تعالت من خلفها منبهات السيارات كي تدور محرك سيارتها ؛ فاجئها رجل ذو عينيين زرقاويتين كزرقة السماء؛ يكحلها خطآ ربانيآ ؛ مرسومة كحبة لوز؛ وجهه كقمرٍ في يوم تمامه ؛ ينقر بسبابته لها من خلف الزجاج الجانبي ؛ فتحت عينيها كأنها في حلم وأيقظها .. ذهلت من حُسن وجهه وبريق عينيه .... أبتسم لها ورمقها بنظرة ساحرة ؛ أومئ برأسه وشاكسها بلطفٍ وشقاوة ؛ رجلٍ محترف بالعزف على أوتار قلوب الفتيات الجميلات ؛ أربكتها نظراته ؛ سحبت سيارتها هاربة من قدرها .. تاهت في أفكارها وقلبها يخفق كأنها لم تلتق رجلآ من قبله ..؛

سلكت الطريق الى صديقتها سلوى ؛ طرقت بابها بلا موعدٍ مسبق أخذتها بالأحضان والفرح يغمرها وكأنها وجدت كنزآ ثمينآ .. هذا هو قدري يا سلوى .. جائني من حيث لا أدري في كل مرة أتحاشى الحب والقدر ؛ هذه المرة فرض نفسه عليّ ؛ نعم الحب دخل قلبي دون أستئذان ؛ أمسكيني يا سلوى أنا أرتجف لا أعرف كيف وصلت اليكِ ؛ أأنا مراهقة يا سلوى ؟ ومَنَ يقول هو قدري؟ وهل سألتقيه في زاوية منفية ؟ أتعتقدين القدر سيضعه أمامي مرة أخرى ... رمت كل أسئلتها وما يدورفي خلدها من أفكار مرة واحدة كسهام في لب سلوى ولا تنتظر الجواب منها ؛ كانت أمل بحاجة الى أن تفرغ ما في جعبتها الى أن تسمعها صديقتها ؛ يااه كم أنا غبية يا سلوى أكان عليّ أن أتعرف عليه بأبتسامة ناعمة ؟ أكان عليّ أن أشكره بلطف بدلآ من الهروب ؛ أكان عليّ أن أبادره بنظرة ؟ ما دام هو قدري وجاء اليّ بنفسه ؛

- لالالا كيف وأنا المعروف عني بالفتاة التي تمسك بلجام عواطفها ؛ أنا أمل لم يستطع أي رجل من قبله أن يفوز بي رغم كل مهارتهم في الآطراء ؛ تثرثر أمل على غير عادتها وهي تحرق سيكارة بعد سيكارة وفنجان قهوة بعد آخر تذرع المطبخ الواسع في حالة أرتباك ؛ تغلق المذياع فهي ترغب في أن تسمعها لوحدها ؛ بينما سلوى مشغولة في أعداد العشاء لعائلتها ؛ تصغي اليها ولا تعلق على ثرثرتها أعتبرتها هلوسات وستنتهي بعد أن تهدأ من أنفعالها ؛

قولي لي يا سلوى لماذا أنا أرتعد وأنا أملك كل مفاتيح الكلام ؛ وأجيد لغة الحوار مع الرجل .. ماذا دهاني ؟ أجيبني باللهي عليك

ضحكت سلوى على هذيانها وأرتباكها

•- يا أمل ماذا جرى لك أنت مجنونة حقآ ؛ ترتبكي وتفرحي لمجرد أنك التقيت رجلآ بالصدفة ..؛ لقد مرعليك رجال كثيرون ولم تتوقف أو تنبهري بهم ما الذي ميزه عن الآخرين ؟ أهدأي يا صديقتي أنت اليوم غير طبيعية..؛

•- لا أعرف صعقني جمال عينيه ؛ هيبته هزت كياني من خلف زجاج السيارة ؛ ماسٍ كهربائي ضرب عقلي وقلبي .. لو رأيته مرة ثانية لن أفوت الفرصة سأطلب منه يتزوجني في الحال ؛ ماذا تقولين ؟ تتكلم بحماسٍ وسرعة لم تعهدها من قبل ؛ تكلمي أنطقي لا تقفي أمامي كالمسمار لو التقيتيه ستعجبي به أنا واثقة من ذلك يا سلوى

- ماذا أرد والجنون قد سيطر عليك .. أهدئي يا صديقتي الحب ليس كذلك ..

- أنت صديقتي الأنتيم تعرفين كل تفاصيل حياتي لم أتوقف عند رجل لم يخفق قلبي لأحدهم .. لكن هذا هو الفارس الذي يزورني بين فينة وأخرى في أحلامي .. ما العمل يا سلوى ؟ كيف أعثر عليه وأنا بغبائي أضعت فرصة قلبي ..؛

- يا صديقتي قلت لك أهدئي لوكان قدرك ومكتوب عليك ستجديه في يومٍ ما .. وقد تلتقون في نفس أشارة المرور ؛

- أتسخرين مني ؟

- لو كان قدرك ستعثرين عليه حتى لو كان في المريخ ..؛

خرجت أمل من بيت سلوى بين شعورّي الحب والفرح ؛ الخيبة والحزن ؛ أمطرت عيونها كغيمة بيضاء .. تمكلها أحساسٌ غريب أنها ستلتقيه ؛ ولد في قلبها أيمان سيكون لها .. لكنها لا تعلم كيف ومتى ؟ تقاذفت بها أفكارها تملكتها رغبة أن يكون لو كان هو يفكر بها أيضآ كما تفكر به .. وأن تحتل جزءآ بسيطآ من أهتمامه..؛

جالت شوارع المدينة في سيارتها كاد أن ينفذ وقودها لولا أنها أنتبهت للعداد..؛

عادت الى البيت وصورته لم تغب عن بالها ... أدارت مفتاح باب الفيلا وقفت بذهول وجدته في ضيافة أخيها !! نعم ها هو فارسها في عقر دارها ؛ أستنشقت عطره الفرنسي وهي تمد يدها كقطعة ثلج أختلجت مشاعرها بمزيج من فرح وأرتباك ؛ بانت أرجلها من خلف سروالها ترتجف كسعفة في يوم عاصف .. ؛ تمنت في تلك اللحظة أن ترتمي بأحضانه وتطلق العنان لنفسها وتفصح عن خفقات قلبها المتسارعة ؛ لكنها تماسكت ولجمت تسرعها ؛ حاولت أن تخفي أرتباكها ومشاعرها جلست أمامه تتبادل أطراف الحديث معه ؛ تذكرت كلام صديقتها سلوى لو كان قدرك ستلتقيه يومآ ما .. تحّدث نفسها ها هو أمامك يا أمل بعد سويعات .. لا تفوتي عليك الفرصة مرة أخرى ؛ لقد أعاده القدر لك ثانية ؛ هم بالخروج ؛ قدم لهما دعوة غداء في مطعم يليق بمكانتهما ومستواهما الأجتماعي ؛ ذهبت برفقة أخيها الغداء ؛ تبادلا نظرات الأعجاب ؛ لكن ما أفسد الدعوة حين شاهدته يوزع أبتساماته الرقيقة لطاولة أمامه فيها فتاتان جميلتان ؛ وهو من رواد المطعم ؛ طلباته آوامر؛ رسمت على وجهها علامات الأستياء ؛ قررت العودة الى الفيلا ؛ شد على يديها وهو يودعها ؛ أتفقا على اللقاء ثانية ؛ أتصل فيها عدة مرات وبعث لها بمسجات الغزل والأعتذار ؛ كرر زيارته لأخيها ... بادر بدعوتهم الى معرضه الشخصي الذي سيقيمه ؛ من خلال لقاءاتهم المتكررة عاشا قصة حب شفافة ؛ أرتبطت به كثيرآ ؛ أحبته بنقاء تمسكت به أصبحت ترافقه كظله ..؛

كان شريف ماهرآ في صياغة الكلمات ورسمها كريشته

الرشيقة حدثهّا عن مرسمه الصغير بعد أن سيطر على تفكيرها أقترح عليها أن يرسم وجهها لمِا تملكه من أنوثة طاغية تثير غريزة الرجال وغيرة النساء ؛ ترددت في البدء ثم وافقت أن ترافقه الى مرسمه بعد الحاحٍ منه كي تتعرف وتتقرب الى شخصيته وعالمه البعيد عن عالمها ؛ مرسمه عبارة عن شقة صغيرة في عمارة ذو مدخلٍ رخامي فخم ... تبعته بخطواتها كطفلة تتبع أمها ... خطواتها مرتبكة خجولة مترددة ؛ فتح باب المصعد لها ؛ لم يحاول أن يلمسها كي يبدد مخاوفها من أحتمال أي تفكير ممكن أن يخطر على بالها ؛ وصلا الطابق العاشر ؛ مرسمٍ صغيرٍ يطل على النيل الخالد الذي يحاكي تأريخ وحضارة هذا البلد بماضيها وحاضرها ؛ بجمال لياليه ورواده ؛ تعط من مرسمه رائحة زيوت الألوان ؛ مبهج بألوان اللوحات بعضها معلقة على الجدران أكثرها لنساء عاريات والبعض الآخر مرمية على الأرض تنتظر لمساته الأخيرة ؛ كتبٍ هنا ؛ صحف ومجلات قديمة هناك ؛ أحبت عبثيته في مرسمه ؛ أبتهجت أمل وهي تدخل عالمآ غير عالمها بحثت بين اللوحات عن وجهآ يشبه وجهها فلم تجده ؛ أقنعها بأنها الفتاة الأولى التي أحبها بصدق لعذوبة كلامها ؛ فرحت لفكرته خاصة أنها لم تجلس أمام رسام ؛ جلست أمامه ببراءة وثقة حبيبة بحبيها ؛ يحاول أن يرتب جلستها يمرر يديه الناعمتين على وجنتيها ؛ في كل مرة يتسرب الى روحها شعورٍ غريب لم تحسه من قبل ؛ لقد أذابها بلمساته وهو يغير من جلستها ويرتب خصلات من شعرها ؛ أقنعها بفتح أزرار قميصها الأبيض ليرسم مفاتن صدرها الناهد ليعطي للوحة جمالآ آخر ... صدقته ؛ وبدأ بلمساته الرقيقة من يديه على خدها نزولآ الى جيدها ؛ لمسات رجلٍ ناضج ؛ لم يمسد أحدٍ شعرها الأشقر من قبل أطاعته بحبٍ وبدأ بقبلات أشعلت جسدها ... أستدرجها الى غرفه فيه سرير صغير بفرش عبثي وأنارة ملونة خافتة ؛ ولوحات معلقة لجسد امرأة عارية ؛ أبجورة تدللى من سقف الغرفة على السرير بأضاءة حمراء ؛ في لحظة ضعف سلمت نفسها لحبيبها عرفت لذه الذكورة مع شريف أستمتعت معه بكل أنوثتها أدركت مع شريف أن الجنس لذيذ ؛ وثقت بوعوده بعدم التخلي عنها .. أصبحت زيارتها لمرسم شريف جزءآ من طقوسها اليومية أراقت لها حياته ؛ أدمنته ؛ كل شئ في شخصيته تجذبها اليه يغرقها في غزلٍ يجعلها تذوب في أحضانه ؛ باتت تهيئ الأجواء لأغراءه لتمارس متعتها .. أحبت السهر معه ومعاشرته أنه رجل محترف بالحب .. بعد مرور شهرين من الحب والأندفاع بمشاعرها والأستمتاع مع شريف ؛رفت أحشائها .. تلمست بطنها ؛ فزعت حين تأكدت من حملها ؛ ما الذي ستقوله لأمها التي أفنت حياتها وشبابها لأجلها وأخوها ؛ كيف ستواجه أخيها التي تحترمه وله مركزآ مرموقآ ؛

ركضت فرحِة وزفت اليه خبر حملها .. التفت اليها بذهول وأمتعاض لم يحرك ساكنآ تجمد في مكانه تغيرت كل ملامح وجهه الجميل وتحول جمال عينيه الى قبحٍ وأزدراء ؛ سألته : شريف ألم تسمعني ؟ لماذا لم ترد ؟ ألم تحبني ؟ أجبني باللهي عليك ؟

•- لا علاقة للحب بما نحن فيه ..

توقفت عينيهما ببعض ؛ لم يرف قلبه عليها ؛ مسكته من ذراعيه هزته بعنف ألم تسمع ما قلته ؛ غرزت أظافرها بذراعية ؛ كادت أن تنهش لحمه ؛ لحظتها رأته ذئبآ كاسرآ تفاجئت حين ؛

أجابها ببرودٍ صقيعي وكأس بيرة مثلج بيده ..؛

•- ليست مشكلتي ؛ بكلمات مقتضبة تنصل وتنكر ..؛

•- مستحيل مستحيل أصلاح ما حدث لي .. مستحيل يكون قلبك حجرآ تتركني أنا أتحمل النتيجة لوحدي ؛ الجنيين أبنك من صلبك ..؛ وليس أبني وحدي ..؛ بكت ؛ توسلته ؛ ركعت تحت قدميه ؛ لم يبالٍ كأنه لم يسمع شيئآ منها..؛

•- وضعت يديها على بطنها وتحسست كائنها الصغير ودموعها تغسل مقلتيها ..

أحبت نبضاته وتمسكت به أنه ثمرة لأول حبٍ من رجل ٍ عصف بوجدانها .. خرجت منه وصراخٍ ينطلق بصمت من صدرها ؛ فكرت تلجأ الى سلوى لكنها غيرت رأيها ..؛ وصلت الفيلا حبست نفسها في غرفتها ؛ صارعت أفكارها وقلقها وحياة آخر يعيش بأحشائها يتنفس ويتغذى منها ؛ صرخت بألم بكت عينيها كشلال ؛ ضربت رأسها بيديها أصبحت حياة أمل وعاطفتها الى شريف مشبوبة مخنوقة ..؛ أنه غير جديرٍ بها وبحبها ..؛

أبتعدت عن صديقتها سلوى كي لا تراها بحالتها وهي مكسورة محبطة ؛ لتحافظ على بريقها في عين صديقتها كي لا تتهشم مرآتها البلورية ؛ لكنها كم أحتاجت لها لتزدي بالنصيحة لتقف الى جانبها ؛ أمل الفتاة الجذابة ؛ المبدعة ؛ صاحبة الحضور الآخاذ ؛ كسرها شريف ؛ باتت تتوجل من مواجهة مجتمعها ؛ هذا الرجل الذي سكن أيامها دون أن تعرف سطوة أحتلاله عليها ؛ تراجعت في عملها سهر ؛ قلق ؛ أضطراب في تفكيرها ؛ شحوب الوجه تدخين أخذ من صحتها و قد بانت عليها أعراض الحمل بدأت بطنها تتكور حاولت أن تخفيها بملابس فضفاضة ؛ لكن لا جدوى ؛ واجهت مصيرها بنفسها ؛ خبأت وجهها من مسؤليها وزملائها ؛ لقد أنفرط حلمها في شريف كأنفراط حب الرمان ؛ رماها .. أنه يغير فتياته كتغييره لعطره اليومي أو لربطات عنقه ؛ مع مرور الأيام تحول حلمها الوردي الى كابوس جاثم على صدرها ؛ تقلص الفرح في حياتها غادرتها الأبتسامة وحلت محلها الدمعة ؛ أسودت الحياة بعينيها ؛ كدر حياتها حولها الى جحيم وألم ؛ خاب أملها في شريف هشم حلمها الجميل ؛ كبرت حسرتها في صدرها كلما كبر جنينها في أحشائها . ..؛ كشف عن حقيقته المغلفة بالمظاهر المزيفة .. هيبته وطلته تبهر؛ تجذب أي فتاة هذا هو حبها الأول ؛ أصبحت حياتها معلقة بين السماء والأرض ... بين الموت والحياة..؛

كغيمة حبلى في شتاءٍ ملبدٍ بالغيوم ...

مرت أيام وشهور تصارع مخاوفها وبدأت تظهر على جسدها التغييرات قررت أن تصارح أخيها فكرت مئات المرات ثم تراجعت خشية من ردة فعله خشت على هيبته ؛ حبست أنفاسها صمتت كثيرآ أمتنعت عن الأكل ؛ بين حبها لحملها وأحساسها بالأمومة وبين خوفها من أن ينكشف أمرها وشعورها بالآسى ؛ سهرت الليالي تفكر بأيجاد حل ؛ أحترقت أعصابها كأحتراق سيكارة ؛ توارى شريف عن الأنظار أنقطعت أخباره خطف عمرها وزهرة شبابها ؛ أثقلها بخطيئة دفعت ثمن ضعفها أمام مشاعرها وحبها له وثقتها به أنها ضحية لأفكاره المريضة للايقاع بها ؛ أنتبهت أمها لتغيرها المفاجئ وأنقطاعها عن الطعام وأنعزالها سألتها عن سبب تغيير مزاجها وشحوبها ؛ هالة سوداء التفت حول عينيها التي كانت تشبع عين البومة ؛ أدارت وجهها ولم تعر أي أهمية لأسئلة أمها اللجوجة ..؛ مسكت ريموند كونترول التلفازالذي يتوسط غرفة الجلوس المفروشة بأثاثٍ فاخر؛ لتشغل نفسها المتعب من الأفكار السوداوية في أي برنامج حتى لو كان تافهآ كلما الحت أمها عليها بأسئلتها أزدادت أمل بقضم أظافرها وتتجاهل أسئلة أمها ؛ أصابها دوارٍ مفاجئ هوت على الأرض أتصلت أمها بدكتور العائلة صدمت حين أبلغها بأرتباك وأستياء بحملها في شهرها الرابع .. أوصلته الى باب الفيلا بخطوات ثقيلة وكأنها في جنازة ؛ أحست بشلل في أرجلها ؛ بكت شقت ثوبها لطمت وجهها وصدرها ؛ كيف ستداري عليها وما الذي ستقوله لأخيها الوحيد ؛ خاصمتها ؛ قاطعتها عنفتها لامتها حرقت أعصابها ؛ كل هذا لا يلئم جرحآ عميقآ لا بل فضيحة لن يغفر لها الدين والمجتمع الأهل والأقارب ومَنَ سيتزوجها ؟ مَنَ سيرضى بالأرتباط بفتاة سلمت جسدها لحبيبها ؛ ورجلنا العربي يعتبر عفة الفتاة بعذريتها ؛ لقد أضاعت سمعتها .. ومستقبلها قد أنتهى ؛ مرغت سمعة العائلة في التراب ؛ لن تعود أمل كما كانت عذراء ؛ قضت أمها عمرها تحلم بيوم زفافها بفستان فرحها الأبيض كملاك طاهر على رجلٍ يحافظ عليها ويصونها ..؛

عاشت أمها أيامٍ من القلق ؛ ومزجا ليلهما بنهارهما نسيا طعم النوم ؛ حصلت أمل على أجازة مرضية طويلة من عملها .. لتتحاشى الأسئلة الفضولية لزميلات وزملاء العمل ونظراتهم ؛ نميمتهم عليها ..؛ عادت لأمها رحلة المتاعب والشقاء بعد أن غادرتها سنيين بعد أن كبرتها وأخوها وأوصلتهما لمراكزهما المهمة ..؛ أنتبه أخوها أحمد لأجازتها الطويلة ؛ لكن أمها بررت له هي بحاجة الى راحة من عملها ؛ سافر أحمد في مهمة عمل فأستغلت الأم غيابه لتدارك الفضيحة ودفنها في مهدها قبل أن ينكشف أمرها ..؛ أتصلت بدكتور العائلة ترجته بأجهاضها والتستر عليها ؛ رفض بكل أدب لأنه لا يساهم في قتل نفسٍ بريئة ولا يتستر على خطيئة ؛ بينما الأم تفكر في حلٍ لفضيحة حلت على رأسها ومن مَنَ ؟ من أمل البنت الشفافة الهادئة الطباع الرزينة في تصرفاتها ... أخذت سلم الطابق العلوي بخطوات بطيئة ؛ صاحت بأسمها مرتين متتاليتين لتطمئن على أبنتها .. رغم ما أقدمت عليه ؛ كانت تردد بهذيان ؛ أطفأ حلمي قتل جسدي ؛ ذبح روحي ؛ لم تسمع منها أي رد ؛ فتحت باب غرفتها وجدتها جثة هامدة باردة بلا أحساس .. فمها الذي كان أشبه بحبة كرز تحول الى أزرق كلون الحبر ؛



#يسرا_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أم كلثوم
- مملكة الخنديد
- الحب المر
- المرأة والفروسية
- نزق الحب
- قصة قصيرة جدآ / أحتواء
- 1/2 المثقفين
- الصمت
- صرخة امرأة
- دراسة نفسية
- القسم الثقافي / قصة / ذلك المساء
- المرأة العراقية في البرلمان
- المرأة العربية أستهلاك أم أستغلال


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يسرا القيسي - غيمة بيضاء