لتكن ذكرى ثورة العشرين محطة جديدة للكفاح ضد الاحتلال وصنائعه

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 880 - 2004 / 6 / 30 - 02:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

تتصادف غدا الأربعاء ،الثلاثين من حزيران ،الذكرى الرابعة والثمانون للثورة العراقية الكبرى سنة 1920 والتي اندلعت شرارتها الأولى في إقليم الفرات الأوسط مع مناسبة سياسية خطيرة تقرر أن تسلم فيها سلطاتُ الاحتلال الأمريكية البريطانية الحكمَ الشكلي والسيادة المزيفة إلى شلة من أصدقائها والمتعاملين علنا مع استخباراتها والمحرضين على حربها التدميرية ضد العراق والحريصين على بقائها وهيمنتها على العراق . ومن الطريف والمعبر أن مراسيم "تسليم السلطة " قد أجريت قبل يومين من موعدها الرسمي المقرر في تصرف يعكس العقلية اللصوصية الجبانة التي تتصرف بموجبها سلطات الاحتلال وعملاؤها في ما يسمى الحكومة المؤقتة فقد أجريت تلك المراسيم بسرية وعلى عجل وقبل موعدها الرسمي وهرب الحاكم الأمريكي المجرم بول بريمر في اليوم نفسه إلى خارج العراق كأي لص أو قاطع طريق ارتكب جريمته وفر من رد فعل أهل الدار .
لقد اندلعت الثورة العراقية الكبرى بعد ثلاثة أعوام تقريبا على سقوط بغداد بأيدي قوات الاحتلال البريطانية لتكون الجواب الوطني السياسي والمسلح على حالة سلب السيادة الوطنية ولقد كانت تلك الثورة ملحمة تاريخية فذة وباهرة قادها ثوار عظام وقدمت صفحات نادرة و راقية من البطولات الشعبية والأمجاد ولكنها لشديد الأسف لم تحقق هدفها الأساسي في طرد الاحتلال وتأسيس الدولة الوطنية العراقية المستقلة ولقد حدث ذلك نتيجة لعدة أسباب أهمها على الإطلاق هو غياب البرنامج السياسي التحرري المزود بآلياته الخاصة وتجسيداته العملية والمؤسساتية الذي يعبر وبقوة تمثيلية شعبية حقيقية عن المجتمع العراقي ككل . إن هذا الغياب بحد ذاته هو ما سهَّل على الاستعمار البريطاني وحلفائه المحليين تدمير الثورة وقياداتها ومن ثم فرض نظام عميل يدور في فلكه السياسي والاقتصادي . وثمة درس آخر تقدمه لنا ثورة العشرين وهو أن الدور البطولي الذي قامت به المرجعية الدينية النجفية كان له أعظم الأثر في انطلاق الثورة واكتساحها لأقاليم شاسعة من العراق وأن مَن مثَّل تلك المرجعية وأفتى بالجهاد ضد الاحتلال لم يكن هو المرجع الأول آية الله العظمى محمد كاظم اليزدي بل كانوا مراجع وعلماء دين أدنى مرتبة دينية وأعلى همة وجسارة ومنهم شيخ الشريعة ومحمد تقي الحائري ومحمد رضا الشبيبي و مهدي الخالصي وغيرهم .
إن هذا التصادف التأريخي بين ذكرى انطلاق الثورة العراقية الكبرى ويوم تسليم السلطة الشكلية من الحاكم الأمريكي بول بريمر إلى حكم هش ومعين من قبل الاحتلال الأمريكي ذاته يمكن أن يكون نافذة نطل من خلالها على تعقيدات المرحلة التاريخية التي تعيشها بلادنا وشعبنا الذي يعاني الأمرين اليوم بسبب الاحتلال الأجنبي البشع والإفرازات التي أنتجها . ومن تلك الإفرازات صعود النزعة الطائفية والعرقية العدوانية وانتشار العصابات الإجرامية والإرهابية المخترقة وإذلال المواطنين وتعذيبهم والحط من كرامتهم الإنسانية إضافة إلى عمليات نهب الثروات الوطنية وتدمير البنية التحتية التي بناها الشعب خلال أكثر من ثمانين عاما وتصفية العلماء والخبراء وذوي الخبرات التقنية والعلمية والفنية النادرة تصفية جسدية معلنة .
والمؤسف ،والذي يزيد من قتامة وخطورة هذه اللوحة ، هو استمرار المأزق المركب الذي تعاني منه الحركة الوطنية الرافضة للاحتلال بكافة تياراتها . ويتمثل هذا المأزق المركب في عدم تمكن هذه الحركة الوطنية من إنجاز مشروعها السياسي الموحد والكفيل بتقديم البديل الصحيح والفعال لمشروع الاحتلال وأصدقائه القائم على سياسات التعيين والفرض والإملاء وتزوير إرادة الشعب عن طريق مجاميع من الوصوليين والانتهازيين السياسيين وسماسرة المناصب والامتيازات الذين يعملون تحت الإشراف المباشر للخبراء والمستشارين وضباط المخابرات الأمريكان . إن من الواضح تماما أن مقاومة الشعب العراقي للاحتلال قد ارتقت درجات كبيرة وخصوصا على صعيد المقاومة المسلحة والمقاطعة المجتمعية والمدنية للاحتلال وصنائعه المحليين رغم كل جهود الاحتلال لتلطيخ تلك المقاومة بعمليات الإرهاب الدموي الرجعي الذي تقوم به العصابات المتطرفة المخترقة والتي استهدفت على الدوام جماهير الشعب من المدنيين العزل في الشوارع والمحلات العامة والأحياء السكنية ومراكز الشرطة المحلية التي لا علاقة لها بالاحتلال ومؤسساته ، غير إن الخلل الأكبر والأخطر الذي ينبغي التوقف عنده اليوم هو تأخر الحركة الوطنية العراقية والمقاومة بمختلف تياراتها في تقديم مشروعها السياسي المنسجم مع طبيعة المرحلة . إن هذا المشروع السياسي هو بالضبط برنامج التحرر الوطني من الاحتلال الأجنبي وبناء الدولة العراقية الديموقراطية عبر مخطط ملموس ومفصل يأخذ خصوصيات الشعب وتاريخه وتراثه الحضاري بنظر الاعتبار وينطلق من بديهية تاريخية قدمتها التجربة المأساوية للثورة العراقية الكبرى وتقول بأن أية ثورة أو حركة تحرر وطني لا مستقبل لها ما لم تقف على أرضية برنامج سياسي يشكل النقيض الفعلي والعملي لمشروع الاحتلال والحكم العميل الذي يحاولون اليوم فرضه على الشعب . وأن هذه الأرضية تتمثل في العودة إلى الشعب العراقي ذاته ليقدم ممثليه وطليعته السياسية عن طريق التوافق الوطني لا عن طريق المحاصصة الطائفية والعرقية وينبغي أن يحدث ذلك باستقلال تام عن الاحتلال والهيئات السياسية والعسكرية المنبثقة عنه . وإن هذه العودة إلى الشعب ينبغي أن تتكلل بقيام المؤتمر التأسيسي الوطني المستقل الذي ينطوي على الحل الوحيد والممكن للمأزق المركب الذي تعاني منه الحركة الوطنية والمقاومة العراقية الباسلة وهو الوسيلة الوحيدة التي يمكن لنا من خلالها تلافي المصير الدموي والمأساوي لثورة العشرين التي أغرقها الاستعمار البريطاني بالدماء ونفى وشرد وقتل قادتها ثم سارع إلى استيلاد نظام حكم طائفي بغيض هو النظام الملكي العميل .
إن آلية التوافق الوطني وما سوف يتمخض عنها من مؤتمر وطني تأسيسي هي مرحلة تاريخية مؤقتة ستنتهي بقيام الجمعية التأسيسية المنتخبة انتخابا ديموقراطيا والتي ستأخذ على عاتقها سن الدستور الدائم والإشراف على انتخاب السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية . وبين تشكّل وقيام المؤتمر التأسيسي الوطني المستقل وانتخاب الجمعية التأسيسية ستتولى قيادة العملية السياسية هيئات تنفيذية مؤقتة تنبثق عن المؤتمر التأسيسي ذاته وتشرف على قيادة العمل الوطني الهادف إلى طرد الاحتلال والتحضير لانتخاب الجمعية التأسيسية .
لقد انطوت صفحات ثورة العشرين تاركة لنا تلك العبرة والخلاصة التي لا محيص عنها لمن أراد للنضال الوطني أن يصل إلى غاياته السامية في الانتصار على الاحتلال وصنائعه وإقامة الدولة الوطنية الديموقراطية ، تلك العبرة التي تتلخص في ضرورة العمل من أجل تجسيد الإرادة الشعبية في برنامج سياسي له آلياته الخاصة وهيئة السياسية التنفيذية التي اقترحها تيارنا على الحركة الوطنية العراقية بعد سقوط بغداد بفترة قصيرة جدا والمتمثلة بتشكيل المؤتمر التأسيسي الوطني المستقل .
إن من الممكن والمفيد عقد ملتقى وطني أو اجتماع تحضيري خلال الفترة القادمة للأطراف الوطنية الرافضة للاحتلال وخصوصا تلك التي رفضت دعوة سلطات الاحتلال وصنائعها المحليين للمشاركة في مؤتمر بريمر وفؤاد معصوم المحمي بدبابات المحتلين الأمريكان والذي يخطط الاحتلال لعقده وتشكيله من أعضاء مجلس الحكم المنحل والتيارات والشخصيات القريبة منه . إن الأطراف الوطنية التي رفضت دعوات مؤتمر بريمر وفؤاد معصوم مدعوة وطنيا وتاريخيا إلى تحمل مسئولية المشاركة الفعالة في هذا الملتقى الوطني التحضيري ومن هذه الأطراف نذكر ونتوجه بالتحية إلى الأخوة في التيار الصدري وفي التيار الناصري وفي هيئة العلماء المسلمين الموحدة وفي الاتحادات العشائرية الوطنية والأحزاب والمنظمات التي تمثل أبناء الأقليات والمكونات الإثنية العراقية جميعا والمنظمات المهنية والنقابية والشخصيات الوطنية المستقلة . ونأمل أن تتم في ذلك الملتقى الوطني التحضيري مناقشة هذا المشروع الوطني الكبير ودراسة آلياته وتفاصيله الدقيقة واقتراح جدول أعمال شامل للمؤتمر التأسيسي الوطني المستقل .
ومن جانبنا نحن في التيار الوطني الديموقراطي فسنعمل جاهدين و بالتعاون والتنسيق الوثيق مع حلفائنا في الحركة الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال من أجل إنجاح وتجسيد عقد الملتقى الوطني التحضيري خلال الفترة القريبة القادمة داخل أو خارج بلادنا وسوف نبذل كل جهد ممكن من أجل إنجاح هذا المسعى الوطني على طريق النصر والتحرير وبناء الدولة الديموقراطية الذي دشنه ثوار العشرين الميامين .
المجد والخلود لشهداء الثورة العراقية الكبرى .
المجد والخلود لشهداء شعبنا في مواجهته الراهنة المتواصلة ضد الاحتلال الأمريكي وصنائعه المحليين .

#المكتب_الإعلامي_للتيار_الوطني_الديموقراطي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات