أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام نفاع - فنون اسرائيلية في الاستغلال والنفاق














المزيد.....

فنون اسرائيلية في الاستغلال والنفاق


هشام نفاع

الحوار المتمدن-العدد: 2896 - 2010 / 1 / 22 - 18:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وزوجته شغّلا عاملة فقيرة في بيتهما بشروط أجر قاسية. وزير "الأمن" إيهود براك وزوجته شغّلا عاملة أجنبية في بيتهما بشكل يخالف القانون الاسرائيلي. في الحالتين احتفل معظم الاعلام الاسرائيلي بالقصتين من باب الثرثرة والقوقلة. قلما جرى التركيز على مسائل أساسية يعبر عنها سلوك "السادة".

لكن يُفترض بالأمر تجاوُز حدود "الإندهاش" من ان مسؤولين حكوميين كبيرين يسلكان بما يخالف القانون الذي يُفترض ان يحترماه لأنهما، أصلا، يحكمان المواطنين بموجبه. وهو يتجاوز الجدل حول وجوب التركيز على المسؤولين وليس على زوجتيهما، والذي خاضه نتنياهو بتعابير حربية من قاموس الكوماندوز حين قال: "وجهوا النار إليّ واتركوا زوجتي"!

في عمق النقاش تختفي حقائق لا يحاول الكثيرون الاقتراب منها ولا كشفها. منها أن سلوك نتنياهو وبراك يعبّر عن مكانة العامل والعاملة في هذا النظام الاسرائيلي المريض. فالاستغلال ليس خطًا أحمر يُحظر على الجميع انتهاكه. ومسألة تشغيل عامل بأجر يقل عن الحد الأدنى وبدون احترام حقوقه الاجتماعية والاقتصادية ليست جريمة، بل مجرد مسألة عادية، "بتصير كل يوم"، ولكن يُحبّذ عدم كشفها ليس أكثر!

هذا النقاش الاسرائيلي "المندهش والمصعوق" من سلوك رئيس الحكومة الحالي وذلك الأسبق هو نفاق تام. فاستغلال العمال والعاملات في هذه الدولة قائم وواضح وفاضح. المؤسسات الاعلامية التي تخرج منها أصوات النقد يملكها أثرياء يتحملون مسؤولية مباشرة عن وضع العمال الصعب. قسم كبير منها يشغّل عمالا وعاملات بناء على "اتفاقيات خاصة" وبموجب أنظمة "شركات القوى البشرية" سيئة الصيت والتي تصادر الكثير من حقوق العامل.

الثقافة السياسية المهيمنة في نظام إسرائيل هي ثقافة معادية للعامل. إنها ثقافة تعتبر النجاح في الإستغلال "شطارة". وترى في "استيراد" العمال المهاجرين بحثًا عن لقمة العيش وتشغيلهم في ظروف مهينة "براعة اقتصادية". قلائل مَن يشعرون بالخجل من الاستغلال هنا. فالغالبية تربت داخل أو على هامش أكبر دفيئات الاستغلال قاطبة، وهي دفيئة الاحتلال. فأمر الفلسطيني وحقوقه وحياته ومستقبله لا يُشغل بال الاسرائيلي المتوسط الجشع الذي لا تهمه سوى مصلحته الشخصية. محاصرة الفلسطيني وقمعه وحتى قتله هي مسائل مبرّرة طالما أنها تخدم مصلحة النهم الاسرائيلي الأناني، سواء جاء ذلك باسم "الأمن" أم غيره من أكاذيب.

من يستغلّ الفلسطيني ويسرق أرضه ويستولي على موارده لا يهمه فعلا رؤية رئيس حكومة يستغلّ عاملة فقيرة. لأن معاداة الاستغلال مسألة أخلاقية ولا تتجزأ. من ينتقد نتنياهو اليوم، ومن انتقد براك في الأمس، ولا يملك موقفًا واضحًا وحازمًا ضد استغلال الفلسطيني وموارده وأرضه هو مجرّد منافق مزيّف. وهؤلاء كثيرون جدًا في نظام اسرائيل.
إن من يوافق على توطين ربع مليون مستوطن على ارض منهوبة ومن يخلق وضعًا من الأبرتهايد، لا يمكنه أن يتبجّح ويثرثر في كل ما يتعلق بالعدل والحق. من لا تهزّه الفجوة الهائلة بين المُتاح أمام الاسرائيلي وبين الهامش الخانق للفلسطيني، لن يقنع أحدًا بأن مشاعره اهتزّت على استغلال هذه العاملة أو تلك. ومن يقبل بهذا وذاك إنما يساهم في وضع الأرضية الأساس لاستغلال كل من يمكن استضعافه، سواء أكان عاملا فلسطينيًا أم أجنبيًا أم يهوديًا إسرائيليًا فقيرًا.
أكثر المشاهد إثارة للقرف هي رؤية حوارات النفاق على شاشات إعلام إسرائيل. اعلاميون سخفاء وإعلاميات تافهات يتلاعبون بتعابير وجوههم تعبيرًا عن اندهاشهم من أن رئيس الحكومة يستغلّ عاملة فقيرة، لكنهم لا يجدون دقيقة أو اثنتين للخوض بعمق في أصل الداء.

في تقرير لمنظمة العمل الدولية قبل سنتين جاء: " إن وجود وضع يسوده الرخاء والأمن من جهة، وآخر يسيطر عليه الاحتلال العسكري والفقر وانعدام الأمن من جهة أخرى إنما هو وضع محفوف بالمخاطر بالنسبة للجانبين ولا يمكن أن يدوم".. هذا الوضع أنتج انتفاضات ومقاومة وسيظلّ ينتجها إلى أن يتغيّر جوهريًا. لو كان العقلاء كثيرين لفهموا أن انتفاضة الفلسطيني تهزّ أيضًا أرضية الاستغلال في اسرائيل.. لكن ما أقلّ العقلاء وما اندر الجريئين في نظام وإعلام ومجتمع إسرائيل!



#هشام_نفاع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساةُ الصّنوبرهشام نفاع
- الحقيقة المرّة
- حق درويش في العودة
- طيف ماركس على ممرّ مشاة
- ماركس و-الفلورنسيّ العظيم-
- تجميلٌ فاشل ل -صورة إسرائيل-
- عن الطائفية وأسرار يغآل ألون!
- محكمة عُليا تحت الاحتلال
- جُرح غزّة، بعيدًا عن أصوليّات بعض اليسار
- جوهر السياسة الأمريكية هو نفسه: الهيمنة... وفقط الهيمنة!! -أ ...
- قمة مختلفة بفضل المقاومة
- ما أحوجنا الى -تيّار كُفّار- في حزبنا وجبهتنا
- نيران شقيقة تخدم الإحتلال
- يبدو أن مؤسسة الجريمة المنظمة الحاكمة في اسرائيل، كأخلاقها، ...
- شرطة اسرائيل تحارب إعلاميًا أيضًا لمنع كشف جرائمها
- عنجهيات الحرْب ومسارات الهرَب
- ملاحظة على حرب الحسابات الخاطئة
- البلدوزر التاريخ لا يغيب خلف آخر أيام الجنرال هشام نفاع
- التحريض والاستعلاء العنصري شفاعمرنا وصحافتهم
- عن اعادة ترتيب الدبابات


المزيد.....




- مصر.. سجال علاء مبارك ونشأت الديهي يشعل ضجة وساويرس وإعلامي ...
- إسرائيل.. فيديو ردة فعل نتنياهو على صوت خلفه خلال تفقد موقع ...
- السعودية.. الرقابة النووية والإشعاعية تعلق بعد استهداف منشأة ...
- هل يُشعل استهداف منشأة -فوردو- الإيرانية فتيل كارثة نووية؟
- المواجهة الإسرائيلية الإيرانية بالصوت والصورة من اللحظة الأو ...
- الجيش الإسرائيلي: 60 طائرة حربية نفذت غارات ليلية استهدفت عش ...
- هل يقترب العالم من لقاح يقضي على الإيدز بجرعة واحدة؟.. إعلان ...
- ما الذي حدث بالفعل؟.. نائب أمريكي يتهم سائقا بمحاولة دهسه حا ...
- تطورات المواجهة الإسرائيلية الإيرانية لحظة بلحظة - اليوم الث ...
- إسرائيل.. فيديو ما حدث على الهواء خلال تغطية CNN لأضرار ضربا ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام نفاع - فنون اسرائيلية في الاستغلال والنفاق