|
هل الخطان الفلسطينيان المتوازيان يلتقيان ...؟؟؟!!!
طلعت الصفدى
الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 16 - 08:10
المحور:
القضية الفلسطينية
هل الخطان الفلسطينيان المتوازيان يلتقيان ...؟؟؟!!!
لم يشهد التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر منعطفا حادا ربما يفضي لكارثة جديدة لم يشهدها من قبل ، لا تهدد القضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني فحسب ، بل وتهدد الوجود الفلسطيني على أرضه ، إذا لم نحسن قراءة الواقع بكل أبعاده الثلاثية ، العربية والإقليمية والدولية ، وندرك قوانينه ومحركاته الأساسية ، وقواه الفاعلة المؤثرة في حركة المجتمع السياسية والاجتماعية والديمقراطية .
في الماضي ، التقت مصالح القوى المعادية لشعبنا وللشعوب العربية على أرض فلسطين ، وخلقت الامبريالية البريطانية ، والحركة الصهيونية والرجعية العربية وفى القلب منها القيادات الإقطاعية والعشائرية الفلسطينية التي تصارعت لإرضاء هذه القوى، ونسيت في ذروة صراعاتها الداخلية ، المصالح الحقيقية للشعب الفلسطيني ، هذه القوى المعادية قد خلقت القضية الفلسطينية التي كان من نتائجها التشرد والمعاناة والاغتراب عن الوطن منذ أكثر من ستين عاما .
ولاحقا مع تبدل هذه القوى بقى مضمونها الاستعماري والرجعى ، فزادت من هيمنتها على المنطقة ، وأحاطتها بقواعدها العسكرية ، وأخضعتها لمصالحها النفطية، وحافظت على الأنظمة التي تقهر شعوبها ، وساندت العدوانية الإسرائيلية في المنطقة ، وتحولت المنطقة التي تحتاج شعوبها للأمن والسلام الاجتماعي والديمقراطية ، لثكنة عسكرية ، وساهمت في خلق صراعات محلية في كل بلد ، وشكل شعار الحرب على الإرهاب ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ، وتحولت المنطقة لصراعات حدودية ، ومذهبية ، وأثنية ، تهدد باندلاع معارك وحروب متواصلة ، تدفع ثمنها الجماهير الشعبية والفقراء من العمال والمزارعين والشبيبة والمرأة والمثقفين الثوريين ، وعلى الرغم من ذلك بقيت القضية الفلسطينية تشكل بؤرة الصراع الأساسية في المنطقة ، ومصدرا للتوتر والحروب.
وفى الواقع الفلسطيني الملموس ، إذا كان البعض ، يرى في المفاوضات مقاومة على الطاولة تعكس موازين القوى على الأرض ، وطبيعة القوى المساندة لكل طرف، ودور القانون الدولي ومدى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ، وقدرة المجتمع الدولي على تطبيقها ، فقد فشلت المفاوضات في تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة التي استمرت لأكثر من سبعة عشر عاما دون جدوى . لقد انتهزت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اليمينية والموغلة في التطرف المفاوضات الجارية والاتفاقيات ، لتنفيذ المخطط الإسرائيلي الاستيطاني ونهب الاراضى وبناء المستوطنات ، وتهويد القدس ، وإقامة جدار الفصل العنصري والحواجز ،وهدم البيوت ... الخ وفرضت وقائع أحادية على الأرض تتناقض مع قضايا الحل النهائي ، تمنع بنهجها الاستيطاني إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
إن تجربة المفاوضات الطويلة أظهرت عدم جدية الإسرائيليين للسلام طبقا لقرارات الشرعية الدولية ، وتهربها من استحقاقات عملية السلام ، وانحياز ومحاباة الولايات المتحدة الأمريكية لها راعية عملية المفاوضات، ورفضها ممارسة الضغط على إسرائيل ، مما دفع القيادة الفلسطينية والرئيس ابومازن باتخاذ قرار عدم العودة للمفاوضات إلا إذا توقف الاستيطان كليا وخصوصا في مدينة القدس ، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية كمرجعية للمفاوضات ، وتحديد زمن لإنهائها .هذا الموقف الذي تبنته القيادة الفلسطينية يتطلب دعمه وإسناده من كافة القوى الوطنية والإسلامية بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي ، ومكونات المجتمع المدني ، جماهيريا وشعبيا حتى يدرك العالم أن هذا المطلب ليس مرهونا بموقف الرئيس ابومازن بل بموقف الشعب الفلسطيني وقواه السياسية على اختلاف انتماءاتها السياسية والإيديولوجية ، وتحصين الموقف الفلسطيني من الانزلاق والتراجع عن موقفها ، والعودة للمفاوضات تحت تأثير الضغوطات العربية والدولية ،أو إغراءات وضمانات أمريكية مرتقبة لا يمكن الوثوق بها.
وفى نفس الوقت ، فان غزة التي تحولت لمخزن من البارود قد ينفجر في أية لحظة داخليا ، أو بسبب استمرار العدوان ، والحصار الاسرائيلى على شعبنا ، فقد فشلت القوى بتشكيل جبهة مقاومة موحدة بمرجعية سياسية طبقا لوثيقة الوفاق الوطني ، واستبدلتها بإطلاق الصواريخ من غزة التي لم تجلب لشعبنا سوى الدمار ، ولم تحقق أهدافه في الحرية والاستقلال والعودة ، في حين شعبنا الفلسطيني في غزة يداوي جراحه جراء العدوان الاسرائيلى الأخير ، وينتظر بفارغ الصبر إعادة اعمار ما دمره الاحتلال على الرغم من مرور أكثر من عام على العدوان . لقد تصاعدت في الآونة الأخيرة، تصريحات السياسيين والعسكريين الهستيرية في إسرائيل ، ضد أهلنا في غزة ، وارتفعت حمى التهديد بتوجيه ضربة موجعة إذا استمر إطلاق الصواريخ. إن المسؤولية الوطنية تتطلب من كافة القوى أن تأخذ هذه التهديدات بمنتهى الجدية ، فدماء شعبنا ليست رخيصة ، وعليها أن تعيد النظر بالأساليب والأدوات الكفاحية ،وأن تتوقف عن إطلاق الصواريخ فورا بعيدا عن الحسابات التنافسية والأجندات الخاصة ، ودون إعلان ذلك في هذه اللحظة التاريخية الحالية التي تتطلب حسا ويقظة ، وتوفيت الفرصة على المتطرفين الإسرائيليين ، وعدم تقديم ذرائع لعدوانها وتجنيب شعبنا الكارثة التي يحاول الاحتلال الاسرائيلى استدراجها لضربة موجعة ، وإلا كيف نفهم التصعيد الإسرائيلي الأخير والهجمات المختلفة على القطاع، وفشل صفقة شاليط التي كانت قاب قوسين أو ادني من تنفيذها ، والتصلب في موقف حكومة نتينياهو العنصرية ؟؟ . إن إدراك خطورة اللحظة ، وأهميتها تتطلب اتخاذ قرارا مسئولا بالتوقف عن إطلاق الصواريخ من كل الجهات باعتباره مطلبا شعبيا ووطنيا ، ودعم وإسناد حركة حماس في موقفها منع إطلاق الصواريخ من غزة ، بغض النظر عن هدفها ، وتبريد الوضع في غزة ، والعمل على تشكيل جبهة مقاومة شعبية في الضفة الغربية وإعادة الاعتبار لقطاع غزة كداعم للمعركة الحقيقية في الضفة الغربية وليس خنجرا في خاصرتها الجنوبية .
إن التهدئة في قطاع غزة والتزام كافة القوى بها هى مصلحة فلسطينية ، تهدف لقطع الطريق على كافة المساعي الإسرائيلية لاستمرار وتوسيع عدوانها على غزة ، وعلى الرغم من خطورة الانقسام وآثاره السلبية على المجتمع الفلسطيني ، فان موقف القيادة الفلسطينية ،والرئيس ابومازن بعدم العودة للمفاوضات إلا إذا توقف الاستيطان كليا ، وليس جزئيا ولفترة زمنية محددة ،وتحددت مرجعيتها ، وموقف حركة حماس بوقف إطلاق الصواريخ من غزة الآن ، يلتقيان في نفس الهدف ويخدمانه . فهل بعد ذلك يمكن القول إن الخطين المتوازين يلتقيان في المحصلة النهائية لأهداف شعبنا في الحفاظ على قضيته الوطنية التحررية من التبدد والانقسام ، على طريق تعزيز الوحدة الوطنية ، وإعادة الاعتبار لقضيته العادلة، وتوجيه كفاح شعبنا الفلسطيني نحو العدو الحقيقي- دولة الاحتلال الإسرائيلي ، والبحث عن أدوات ووسائل إبداعية كفاحية أخرى لمواجهته.
#طلعت_الصفدى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معبر رفح ليس معركة وطنية فلسطينية!!!
-
غزة ... والخنازير
-
قرار عدم الممانعة انتهاك لحقوق المواطن في غزة
-
في ذكرى تأبين الشيوعي والقائد الكبير عبد الله ابو العطا /عضو
...
-
عالم استعماري مخادع ، وإرادة مفقودة ...!!!
-
إلى الجحيم كل المبررات للهروب من المصالحة الوطنية...!!!
-
معبر رفح .. معبر الموت والإذلال ...!!!
-
لا لشرعنة الانقسام.. والسطو على الوطن ..!!!
-
بلاش أوهام، لا ينقذ غزة إلا أهلها ...!!!
-
أحداث رفح مؤشر على المستقبل المظلم المتربص بشعبنا
-
لا يهم المواطن .. فأنتم المسئولون عن تراجعه ..!!
-
لا تجديد ولا تمديد ، كفى بالشعب والوطن اغتصابا!!!
-
لماذا التراجع يا وفد فتح فى القاهرة !!!؟؟؟
-
إسرائيل دولة العنصرية والإرهاب
-
الانتخابات الديمقراطية هي المخرج الحقيقي لازمة الحركة النقاب
...
-
جبهة اليسارالماركسى الفلسطيني ضرورة وحاجة موضوعية ...!!!
-
التمثيل النسبي الكامل أرقى الأنظمة الانتخابية وأكثرها عدلا..
...
-
فى احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009
-
في يوم الأرض ...ينتفض شهداء الوطن ...!!
-
- آفاق الوضع الفلسطيني بعد العدوان على غزة -
المزيد.....
-
بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير
...
-
تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو
...
-
11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف
...
-
لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
-
-كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
-
هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
-
عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
-
أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
-
أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود
...
-
عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|