استثمر في اسرائيل يا ستيف

جهاد عقل
(Jhad Akel)

الحوار المتمدن-العدد: 877 - 2004 / 6 / 27 - 09:07
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

أكتبوا لنا استثمرْ في اسرائيل يا ستيف
إستثمر...
يواصل وزير المالية بنيامين نتنياهو (بيبي) حلم اليقظة. الذي يعيشه منذ فترة طويلة.. هذا الحلم الذي يدعي فيه "البيبي" بأن الاقتصاد الاسرائيلي في اوج الانتعاش، كيف لا.. وقد استطاع رفع مداخيل المالية من جباية الضرائب ، وبناء على ذلك أعلن عن برنامجه.. خطته رقم... الله اعلم سبعة، ثمانية، تسعة.. فرقم الخطة لم يعد يهم مثلما أرقام العاطلين عن العمل، او الفقراء، فعند نتنياهو إختلط الحابل بالنابل.. وارتفاع عدد العمال العاطلين عن العمل في نظره نمو إقتصادي، وارتفاع عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر.. إنتعاش اقتصادي كيف لا وهو يمثل قوى الرأسمال ومصالحها..
ضمن حلم الـ"بيبي" هذا إلتقى سيادة الوزير مع ستيف بالمر مدير عام شركة "ميكروسوفت" العالمية خلال مؤتمر نظمته الشركة في تل ابيب، وخلال محاضرته إنطلق سيادة الوزير في خياله الخصب جدا.. وسط الحضور متحدثا عن الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ يدب في أوصال الاسواق.. لدرجة أن الوزير كاد يحطم المايكروفون الذي نقل نبرات صوته الدراماتيكية جدا جدا وهو يدحرج بؤبؤ عينيه يمينا ويسارا من شدة التأثر "بإنجازه" التاريخي، الذي أدى الى مواصلة اغناء الاغنياء وزيادة ضائقة الفقراء والعاملين وغيرهم.. هذا الانجاز عند الـ"بيبي" هو "انتعاش إقتصادي".. قلنا الوزير "البارع" لم يفوت الفرصة الذهبية وبهدوء تام حدق في وجه الضيف -المدير العام- وهمس باتجاهه قائلا: "استثمر في اسرائيل الآن يا ستيف"!!
وأكمل: "هذا يساوي أكثر ، لأنك ستحصل كثيرا على كل استثمار، ما لا تقتنيه اليوم سيكلف أكثر إذا".. وقال الـ"بيبي" ان الاقتصاد الاسرائيلي خرج من وحل الركود وهو "يطير" نحو الانتعاش؟!!

فرحة لم تتم!!
هناك من قال أن هذا التحليق من قبل الوزير نتنياهو وانتعاشه الخاص جاء ردا على عميد بنك اسرائيل دافيد كلاين وطاقمه، حيث أصدروا دراسة حول وضعية الاقتصاد الاسرائيلي ظهرت فيها النتيجة المعروفة للجميع -عدا عن نتنياهو وكورسه شطريت- وهي ان من قطف ثمار التحرك في الاقتصاد الاسرائيلي حتى الآن هم " الاغنياء أصحاب رؤوس الأموال" وهذه "الثمار - الارباح" جاءت من المضاربة في البورصة - السوق المالي وليس من استثمار في اماكن عمل أو مشاريع بنية تحتية.

بإختصار كلاين وطاقمه كشفوا في دراستهم هذه عن حقيقة: ما يجري اليوم في الاقتصاد الاسرائيلي. بالامر الذي حاول نتنياهو - دي. في- دي (DVD) إخفاءه بمشاريعه التسويقية والتي يستفيد منها من لديه المال وليس من يبحث عن لقمة العيش لعائلته، أو من يبحث عن مكان عمل وكيس حليب. وواصل الــ"بيبي" الغوص في بحر خياله الهائج مؤكدا أن الانتعاش سوف يتغلغل نحو طبقات أخرى من السكان..." يا سلام.. يا سيادة الوزير.. الانتعاش الذي تتحدث عنه .. ربما يتغلغل حقا، لكن بإتجاه زيادة أرباح من تمثلهم من الاكاديميين. وبالمقابل تتعمق ضائقة الفقر والبطالة .. على ما نعتقد أن ضيفك "ستيف" يعي هذه الحقيقة أيضا.


"إنتعاش" .. فصل المزيد من العاملين
مشاريع حكومة اليمين الرأسمالية لا حدود لها.. والهدف أولا وقبل كل شيء ضرب حقوق العاملين والشرائح الضعيفة.. مهلا أيها القارئ.. تعال معنا نستذكر بعض التصريحات التي صدرت هذا الاسبوع فقط عن كبار المسؤولين في المالية.. ولدى أرباب العمل أيضا.. ومن هذه التصريحات فصل حوالي 400 عامل من شركة الطيران "الـ عال" وفصل المئات من شركة الكهرباء، ومن "بيزك" ومن " تديران"، وخطط "إشفاء" الحكم المحلي ستؤدي الى فصل الوف العاملين، وبرامجها المالية بخصوص التعليم والمعلمين ستؤدي الى فصل أكثر من 15 ألف معلم ومعلمه..، اتحاد ارباب العمل يعلن عن اغلاق الوف المصانع والمتاجر وفصل آلاف العاملين هناك أيضا، صندوق المرضى العام الادارة تهدد بفصل مئات العاملين لديها، شركات القوى العاملة تفصل العاملين لديها بالالوف.. خصخصة الموانئ ستؤدي الى فصل المئات ايضا.. والقائمة طويلة جدا، هذه المعلومات ستتصدر الملاحق الاقتصادية في الصحف يوميا.. ونعتقد أن الوزير بيبي يقرأها مثلنا، وضيفه ستيف بالمر إطلع عليها قبل أن يحضر الى البلاد.
لذلك واضح لنا أن إنتعاش الوزير نتنياهو هو إنتعاش اليائس فقط لا غير.. و"الانتعاش الاقتصادي" الذي يتمنى أن يحل بسرعة في الاقتصاد ولو صوريا، من أجل ضمان كرسي رئاسة الحكومة الذي يحلم به ما زال بعيدا عن جيوب وحياة الأكثرية الساحقة من المواطنين والعاملين الذين ما زالوا يتذكرون الضربات السبع التي وجهها لهم الوزير نتنياهو ضمن خططه الاقتصادية، بل مخططاته لدعم قوى الرأسمال التي ستدعمه لضمان كرسي الرئاسة!!

يوغيف قلق من ذوي المصالح الاقتصادية
أوري يوغيف، المسؤول عن ملف الميزانيات في وزارة المالية، قرر الاستقالة، وترك الوظيفة، عشية خروجه من مكتبه و"إعادة المفاتيح"، قرر "فتح فمه" كما قال موشيه بيرل، الصحفي في "معريف" والذي اجرى مقابلة مع يوغيف بالمناسبة (معريف 23/4/04) - لن ندخل في كافة تفاصيل المقابلة والتي يكشف فيها يوغيف الكثير من تصرفات الوزير نتنياهو ومن سبقه سلفان شالوم في ادارة وزارة المالية، لكن ما يقلق يوغيف، "انتصار المال الكبير" و"الخلط القوي" ما بين المصالح السياسية والاقتصادية، و"التأثير" الكبير لقوى إقتصادية على أعضاء الكنيست والوزراء. لدرجة أنه يصف هذا التأثير بأنه "مقلق" وان هذا "التأثير" عظيم جدا.


العمال الاجانب مثال
ويقدم يوغيف مثالا بسيطا على ارتباط مصالح قوى الرأسمال والمتنفذين في الحكم من وزراء واعضاء كنيست، في قضية العمال الاجانب، هؤلاء العمال يشكلون مصدر ربح كبير لجهات واسعة من ارباب الرأسمال، وقد تمكن أصحاب الرأسمال هؤلاء من "طعج" يد الحكومة، وكبار الموظفين، بواسطة التعاون مع وزراء ونواب، ومواصلة استقدام عمال أجانب، ليس للعمل فقط، بل من أجل جني الارباح الطائلة في سوق العبودية هذه.

لم نكن بحاجة لهذه المقابلة الصحفية مع الموظف الكبير اوري يوغيف، كي يكشف لنا عن أمثلة بسيطة تؤكد الارتباط العضوي والمتين، ما بين الرأسمال والحكم ومن يسيطرون عليه، لأننا كشفنا ذلك منذ مدة وهتفنا ضد هذا الارتباط الذي يدفع ثمنه العمال خاصة والمواطنون عامة. وأذكر أننا هتفنا ضد ذلك دائما في المظاهرات العمالية أمام وزارة المالية، محذرين من هذا الخطر الجارف. واليوم يصرح بذلك موظف كبير لمس ألم قوة الرأسمال على جلده. هذه القوة التي تسخر كل شيء من أجل زيادة أرباحها. من خلال كسر -ملائمة- القوانين والانظمة لتخدم مصالحها والمنفذ للقوى الحاكمة، وحكومة شارون برائحه الفساد النتن الصادرة عنها تخدم مصالح الرأسمالية بلا هوادة وبدون أي وازع من ضمير على حساب جيوب العاملين والضعفاء. لذلك لا بد لنا من مواصلة معركة الكفاح العنيد لاسقاط حكومة الفساد والعدوان.

#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل