أحمد حيدر
الحوار المتمدن-العدد: 876 - 2004 / 6 / 26 - 17:40
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
نستذكر مسيرة غامضة ، عن مرحلة ( حائرة ) تكتنفها الغموض ، مرحلة أشد وطأة من أحابيل الطغاة ، وأشد قسوة من الغياب ، تأرجحت بطريقة تراجيدية بين فجائع ( كربلائية ) ونجاحات ( دونكيشوتية ) ، وظل الغموض العلامة الفارقة لهذه الحقبة - الملهاة !!العقد الخامس- تحديدا- من القرن الماضي ، كان شاهدا بائسا على دوي الانفجارات الهائلة التي زلزلت المنطقة ، بعد الانفراج النسبي ( الهدوء الذي يسبق العاصفة ) الذي خيم على الشارع السوري ، بعد جلاء القوات الفرنسية ، وحصول الحزب الشيوعي السوري على وسام الاستحقاق -بجدارة - ( حزب الجلاء ) المحرض الرئيس للنضا ل ضد سياسة ( العسكر - الانقلابيين ) !!
الحادثة الفريدة - التي أربكت الساسة في العالم العربي- والنادرة ، جرت أثناء الانتخابات البرلمانية في عهد سعيد غزة ، الذي كان رئيسا للوزراء ، ونجح الخالدان ، خالد بكداش ( النائب الشيوعي ) ، وخالد العظم ، بعد حصولهما على غالبية أصوات الناخبين !؟ وتحقق الحلم المؤجل - المشروع الوحدوي - منذ ارتكابات جسيمة ، وهزائم قومية متكررة ثم بدأت حملة الاعتقالات 31 5 1958 م ، طالت كل من له علاقة بالشيوعيين ، بدعوى ( العمالة للخارج ) وكان الرفيق فرج الله الحلو ، الرجل الثاني في الحزب ، من بين هؤلاء المعتقلين ( كان هادئا ، وشجاعا - يقول عنه خالد بكداش - اعتقلوه ، وعذبوه ، ثم ذوبوا جسده في ولكنهم أرسلوه من أجل تصفية الأمور !! ويسأله عماد نداف : من الذي أرسله ، فيجيب الأمين العام : القيادة الاسيد !!!!؟؟) أثار اعتقاله تساؤلات كثيرة خارج الحزب ، بينما اكتفى الرفاق( في الداخل ) بالغمز ، واللمز ، دون أن يتجرأ أحد على المواجهة ، وكشف الحقيقة ( خوفا على مكاسبه ، ونفوذه ) !! هل يندرج اعتقاله ضمن تصفيات المعارضة ، على غرار ماجرى مع تروتسكي ، ومع القائد الشيوعي عبد الفتاح إسماعيل وآ خرون ؟؟؟ألا تتحمل القيادة مسؤولية اعتقاله ؟؟ حاول الرفيق يوسف فيصل ( استثمار ) هذه القضية ، لكسب تأييد الرفاق ، بعد المؤتمر السادس ، لكنه تراجع ( لغاية في نفس يعقوب ) !!! في كتابه ( خالد بكداش يتحدث ) يطرح عماد نداف على الأمين العام للحزب ، سؤالا استفزازيا : لقد وضعت بعض الجهات المسؤولية عليك ، يقولون كنت السبب المباشر لتصفية فرج الله الحلو ؟؟ فقاطعني خالد بكداش غاضبا : ليس صحيحا !! ثم يتابع
عندما حصلت الضربة الشديدة ضدنا ، شكلنا قيادة مركزية سرية لقيادة الحركة الشيوعية في سورية ، وكان فرج الله الحلو يأتي إلى دمشق من أجل العمل السري ، وأنا كنت في موسكو ، فأرسلت خبرا مع حسن قريطم ، ومع يوسف فيصل بالذات ،وأخبرته انه ليس من الضروري أن يذهب فرج الله إلى دمشق ، خفت عليه ، في غيابي ، لم يردوا على اقتراحي !!! أما عن ظروف اعتقاله يتابع قائلا : اعتقل وهو داخل الى الحدود السورية اللبنانية ، وهناك من قال انه اعتقل في دمشق ، ذهب الى بيت سري ، وكان هناك رجال الأمن يعرفون هذا البيت ، كانوا ينتظرونه في نفس البيت ، فتح الباب ودخل ، فوجد الأمن فيه .. واعتقلوه !!! وتوالت الاتهامات المتبادلة من ( فوق ) والجميع ( بريء ) الذمة !!!
نستذكر الخيبات ، وتداعيات حقبة مريرة ، كرست منظومة من القيم الوثنية ، كالفردانية ، والشخصنة ،وصلت الى درجة العبادة ، والتأله ( الرفيق يوسف فيصل أشار الى هذه الظاهرة ، بعد أزمته مع القيادة ، وتغاضى عنها ردحا طويلا من الزمن ، اثناء وجوده في القيادة - كان نائبا للأمين العام - ) انقلبت بموجبها - رأسا على عقب - المبادئ ( الاستراتيجية ) في الفكر ، والسياسة ، والتنظيم ، والأخلاق !! في انعدام البروليتاريا ،برزت الديكتاتورية على السطح ، واتسعت الهوة بين المركزية ، والديمقراطية ، وتحولت العائلة الى (أكاديمية ) لتخريج الكادر السياسي ، وحسب الطلب ، واضطربت ا لعلاقات الرفاقية ،وتشعبت الرؤى بحسب الأمزجة ، و التكتلات التي تفرعت : المكتب السياسي - رياض الترك ، منظمات القاعدة - مراد يوسف ، اللجنة المؤقتة في سبيل وحدة الحزب الشيوعي السوري المبدئية - بدر الدين السباعي ، اتحاد الشيوعيين في سورية - يوسف نمر ، لجنة ميثاق الشرف - قدري جميل !!!! ويتابع الربان ( خالد بكداش ) قيادة السفينة - الذي اقترن الحزب الشيوعي السوري باسمه ، بعد اقصاء سلفه من الذاكرة الجمعية ، بتهمة الخيانة - ويمخر عباب البحر - أكثر من ستين عاما - يواجه الأمواج المتلاطمة ، والرياح العاتية ( 25 ) عاما ، وهو يعارض عقد المؤتمرات الحزبية - بتأييد من الحلفاء - ومعظم المؤتمرات التي عقدت ، تعرضت للانشقاقات : المؤتمر الثالث ، المؤتمر الخامس ، المؤتمر السادس ، المؤتمر التاسع !! أود الإشارة الى عقدة لازمت الرفيق بكداش وأرقته ، وهي منشأه الكردي ، وقد حاول مرارا أن يتجاوزها ، لكن دون جدوى ( أنا كردي المنشأ ولكن من العرب المستعربة !! العرب العاربة قليلون جدا )ويقول في مكان آخر ( لقد تبنيت مسألة التعريب في الحزب ......يعني توسيعه بين العرب ، وبذلك تكون أكثرية القيادات عربية ، وكما ترى الآن فان القيادات عربية !!) ترى لوكانت أصوله عربية كيف كان سيتعامل مع قضية الكرد !!!؟؟؟ والمؤلم كانت ( موسكو ) مربط الفرس ، كلما تعرض الحزب لأزمة - ولو عابرة - للاحتكام ، دون أية اعتبارات للدور التاريخي للجماهير ، ومن المفارقات أن الوسيط( بوناماريوف ) المرشح للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك ، أسهم في الانشقاق الذي حدث في المؤتمر السادس ، من خلال تحريضه للطرف الآخر على التمرد ، وعدم الانصياع للقرارات التي صدر ت عن المؤتمر !!!أخيرا
تم- باستحياء- احياءذكرى الشهيد فرج الله الحلو في الحالة الجديدة ( ميثاق الشرف - اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين )والذي يتطلب تكريس هذا التوجه الجديد،لعودة الحزب إلى الجماهير ، وتجاوز كل عثرات الماضي ، واعادة النظر في العديد من القضا يا ، التي تهمشت ، ومنها قضية الكورد ، ووضعها ضمن أولويات سياستها من منظور ماركسي لينيني !!!؟؟
#أحمد_حيدر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟