أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد حيدر - لذة المكان














المزيد.....

لذة المكان


أحمد حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 796 - 2004 / 4 / 6 - 07:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أخذ الاهتمام بالمكان - ومضامينه الدلالية - يأخذ منحى مغايرا ، في ظل المعطيات الجديدة التي تمخضت عنها الدراسات النقدية في الفلسفة ، وعلم الاجتماع ، وعلم النفس ، والانتروبولوجيا ، ن بعد أن ظل ردحا من الزمن تابعا ، وعنصرا غائبا ، لا تتعدى وظيفته حدود التأطير ، يخضع للرؤية المنهجية المتبعة في الدراسات التحليلية في الرواية ( كما هو شأن التابعية ) واسترد هيمنته ، وبدا طاغيا في العديد من الأبحاث - المستقلة -ن تناولت المكان من جميع جوانبه ( كاننا إزاء حقيقة أولية في كل فهم يروم النزول إلى أغوار الذات الإنسانية : شخصية ، وفردا ، ووجودا ، وهوية ، وفكرة ...! ) وغدا المكان امتدادا للجسد عند المفكرين الاجتماعيين ، والنفسانيين ، فقد قارن عالم الاجتماع أ. ت. هل ( هذا الحيز بالفقاعة التي يعيش الفرد بداخلها ، ويحملها أينما ذهب ) وصارت المقابلة ( الإنسان المكان ) بديهة ، وركيزة رئيسة لأية دراسة تحاول ملا مسة المكان ( فالمكان الذي يعيش فيه البشر مكان ثقافي ، أي ان الإنسان يحول معطيات الواقع المحسوس وينظمها ، لا من خلال توظيفها المادي لسد حاجاته المعيشية فقط بل من خلال إعطائها دلالة وقيمة ) وكتاب ( جماليات المكان ) لغا ستون باشلار الذي ترجمه المرحوم غالب هلسا ، يؤكد هذه العلاقة العضوية بين المكان والإنسان ، من خلال إبراز جماليات المكان ( الجغرافي ) وجماليات المكان ( النصي ) وأكد الشاعر الفلسطيني عزا لد ين المناصرة هذه الحقيقة بقوله : (الأمكنة جزء من التجربة الحياتية سلبا أو إيجابا ، وهي أيضا جزء من النص ، والشاعر يقرأ أسرار وخفايا الأمكنة ، ويقرأ جغرافيتها ، وتاريخها ، الماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، ولابد للمكان ان ينصهر ويذوب في دم النص ويعطيه صفات جديدة حيث يصبح للنص مكان خاص !!)

الأمكنة لا تتشابه ، تبعا لسيرورة الزمان ، قد تتشابه في المظهر الخارجي ، لكنه من المستحيل ان تتشابه من الداخل ، فالبيوت التي فقدناه إلى الأبد -كما يقول باشلار - تظل حية في داخلنا ، بلدة ( حلبجة ) الوادعة ، هيروشيما الكرد ، التي قصفت بالأسلحة الكيماوية ، والبيولوجية ، من قبل النظام العفلقي المخلوع صدام حسين ستعاني من البرد والخوف طوال حياتها ، ولاشيء يعيد الطمأنينة إلى طيورها ،و أشجارها ، وغيومها ، ...!!

وتعيد إليها وداعتها ، حتى لوشيدت في وديانها ناطحات سحاب ، وعلقت على مدخل بابها الرئيس حدائق بابل !

نادرا ماتتكرر الأمكنة - والكرد حالة نادرة - ففي المكان الذي أعلن فيه قيام جمهورية مها باد ( جار جرا ) أعدم في المكان نفسه فالمنزل الأول لا يبرح المخيلة ، ولا الحب الأول ، ولا القبلة الأولى !! شاعر الطفولة سليمان العيسى ، كلما سأله أحد الصحفيين عن مكان ولادته ، ترقرقت الدموع من عينيه ، لاذ بالصمت !! فما زال قميصه معفرا بتراب اللواء السليب ( الاسكندرونة ) !!؟

يقال ان ( المنفي أكثر تعلقا بالأمكنة ) يحمل المكان معه في حله ، وفي ترحاله ! ولكن كيف يكون حال ( المنفي داخل الأمكنة ) أليست أشد وطأة ! المواطن الذي جرد من جنسيته ، وحرم من ممارسة حقوقه ، وأداء واجباته ، وتبعثرت أحلامه ادراج الرياح ، العاطل عن العمل ، الخائف ، المقموع . كل هؤلاء يتبادلون الكرز ، والقبلات مع الأمكنة ، في المنعطفات الخطرة ، و الحرجة !

للأمكنة أوجاع هائلة ، تضفي القلاقل على ( الجماليات ) التي حرضنا باشلار على اكتشافها في الوطن ، وفي النص ، كيف يمكن ان نتصور منطقة الجزيرة الخضراء ، الغنية بثرواتها الطبيعية ، والباطنية ، تندرج ضمن المناطق النامية ، أسوة بالبلدان النامية في افريقيا ، وامريكا الجنوبية ، التي تتعرض للجفاف ، والمجاعة !!؟ هل تدفع الجزيرة ضريبة التاريخ أم ضريبة الجغرافية !!؟؟ومن يؤكد ان جميع القاطنين في مدينة ( القامشلي ) يعشقونها بالعنفوان نفسه !؟ مانوع العلاقة التي تربط ( المغمورين ) بالمكان ؟؟ هل هي علاقة انتماء ؟ ام انها علاقة ( براغماتية ) تخضع لعمليات السوق العرض،الطلب الربح ، والخسارة !!؟؟

الأمكنة لا تتساوى ، سواء في القيمة ام في الدلالة ! ؟

واذا تعمقنا في البحث نكتشف ان القيم الاجتماعية تكتسب صفات مكانية للدلالة على مكانتها ، فلا يستوي أهل اليمين ، وأهل الشمال كما جاء في القرآن الكريم ، كذلك المعدوم و المدعوم ؟ والذين فوق - والذين تحت !!

فلو اقيمت المباراة المشؤومة - 123 2004 - بين فريقي الفتوة والجهاد ، في ملعب دير الزور ، وراحت جماهير الجهاد - كاجراء استفزازي لا أكثر - تطوف شوارع المدينة ، وترفع اللافتات المناوئة للمخلوع صدام حسين ، وتهتف بحياة قادة الكرد ، وقبل ان يطلق الحكم صافرة البداية ، تبدأ بشن هجمة عنيفة على جماهير الفتوة

المسالمة ، وتحيل المدرجات الى حلبة للمصارعة الحرة ، تستخدم فيها العصي ، والحجارة ، والرصاص !!

ولنفترض ان محافظ دير الزور هو الدكتور سليم كبول ، ترى هل كان سيادته سيأمر قوات حفظ النظام باطلاق الرصاصات الحارقة- المتفجرة - بشكل عشوائي على الجماهير العزل ، اذن هل تتساوى الأمكنة سؤال برسم كل شريف ، وغيور على هذا الوطن !!؟؟؟



#أحمد_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفسيفساء المنخور
- الإصلاح.... بين المعنى والدلالة !!!؟؟؟


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد حيدر - لذة المكان