أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حوار عن الهوية مع صديق عبر الهاتف















المزيد.....

حوار عن الهوية مع صديق عبر الهاتف


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 870 - 2004 / 6 / 20 - 05:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كنا, أحد الأصدقاء وأنا, نتجاذب بين فترة وأخرى أطراف الحديث عبر الهاتف عن الوضع في العراق وموقف الدول العربية والشعوب العربية إزاء ما يجري في الوطن بعد سقوط النظام الدكتاتوري. وجرنا الحديث إلى العمليات الإرهابية الجارية في العراق, فاختلفت وجهات نظرنا حول هذا الموضوع, إذ كان يرى بأن هناك حقاً بعض الإرهاب, ولكن القضية لم تعد إرهاباً بل مقاومة للاحتلال ولمجلس الحكم الانتقالي. فخالفته بذلك وأكدت بأن ما يجري في العراق من قتل وتدمير يتوجه بالأساس صوب العراقيات والعراقيين من عرب وكرد وقوميات أخرى ومن مختلف الأديان, كما أن في هذا الإرهاب محاولة لدفع الأمور باتجاه الصراع الطائفي, وأن فلول صدام والقاعدة وراء ذلك ضمن مجموعات أخرى. وربما هناك بعض الأشخاص الذين يساهمون بذلك من منطلقات أخرى, ولكن كما أرى فهي غير صائبة. وكان يرى بأن هذه المقاومة تعجل بخروج المحتلين, فأكدت له من جانبي بأنها تطيل أمد وجود القوات الأجنبية في البلاد. وجرنا الحديث المتبادل إلى قضايا عديدة أخرى في إطار المسألة العراقية ووصل بنا إلى موضوع هوية العراق, وإليكم الحوار التالي:
قال : ينبغي أن نؤكد بأن هوية العراق كانت وستبقى عربية!
قلت: ماذا تعني بذلك؟
قال : العراق عربي الهوية ويفترض أن نتذكر ذلك باستمرار.
قلت: نعم هوية العراق عربية ولا ينكر أحداً ذلك, ولكن هوية العراق كردية أيضاَ.
قال : أنا أحترم الشعب الكردي, ولكن تبقى هوية العراق عربية.
قلت: كيف تحترم الشعب الكردي وتريد إلغاء هوية العراق الكردية أو هويته الكردية في العراق الجديد الذي نسعى
إلى إقامته.
قال : أعترف بوجود شعب كردي وله حقوقه المشروعة, ولكن لا أجد مناسباً أن ندعي غير الهوية العربية للعراق.
قلت: ولكن أرجو أن تعرف بأن هوية العراق الراهن عربية وكردية وتركمانية وكلدانية وآشورية, فهؤلاء جميعاً ساهموا ببناء الحضارة العراقية القديمة والوسيطة والحديثة, وهؤلاء جميعاً يعيشون في هذا البلد ويتقاسمون السراء والضراء, فلِمَ تريد حرمانهم من هويتهم القومية وتأكيدها في عراقيتهم, وتريد الاعتراف بالهوية العربية للعراق.
قال : نعم كل هؤلاء يعيشون في العراق, ولكن لا يجوز القول بغير الهوية العربية للعراق.
قلت: ولكن ألا تعترف بوجود كردستان العراق بأغتباره إقليماً في إطار العراق ويعيش فيه الشعب الكردي وقوميات
أخرى.
قال : نعم هناك كردستان العراق, ولكن ي تغير هذه الحقيقة من هوية العراق العربية.
قلت : متى تكونت لكَ هذه القناعة وأنت الذي تبنيت القضية الكردية ودافعت عنها, فما حدا مما بدا؟ وكيف تفسر مثل هذا المنطق الشكلي: نعم هناك كردستان العراق وهناك شعب كردي ولكن لا وجود لهوية الكردية للعراق.
قال : أنا لم أتغير ولكن هذا هو الواقع فهوية العراق عربية وينبغي أن نصر عليها.
قلت: دعني أقول لكَ شيئاً آخر, أرجو أن تكون قد قرأت كتاب "الهويات القاتلة" للروائي والكاتب اللبناني المتميز أمين
المعلوف, حيث يتحدث في فيها عن تعدد الهويات لمختلف الشعوب ذات القوميات المتعددة أو حتى الأديان
المتعددة.
قال : نعم قرأت الكتاب.
قلت: إذن كان لا بد لكَ أن استخلصت استنتاجاً سليماً بشان العراق. فهوية العراقيين هي مزيج إنساني متفاعل, فهي هوية عربية ووأخرى كردية وثالثة خليجية ورابعة شرق أوسطية وخامسة آسيوية, إنها الحقيقة ولا يجوز إغفالها والتركيز على الهوية العربية فقط, علماً بأن الكرد كانوا قبل العرب في هذه المنطقة من العالم. هوية وادي الرافدين عربية منذ الفتح العربي للعراق وليس قبل ذاك, ولكن هوية كردستان كردية وتركمانية وكلدانية وآشورية ولا يجوز لأحد نكران ذلك. وعليك أن تعرف أيضاً بأن لنا هوية إسلامية وأخرى مسيحية وثالثة صابية مندائية ورابعة أيزيدية ... الخ. وهذا إناء لهويتنا وليس انتقاص منها. فهي كلها قد شاركت في تكوين هوية العراقي الراهن. ومن يتتبع الأديان الموجودة في العراق سيجد التشابك والتداخل والعادات والتقاليد العراقية التي وجدت مكاناً لها في طقوس وشعائر كل الأديان العراقية القديمة والراهنة.
قال : هناك من يريد أن يلغي الهوية العربية عن العراق, وينبغي أن نتصدى لهذا الاتجاه.
قلت : أنا لا أريد ذلك أولاً, ولا أعتقد بأن الكرد يريدون ذلك ثانياً, وأتفق معك في رفض أي إلغاء للهوية العربية عن
العراق, ولكين ارفض إلغاء الهويات الأخرى عن العراق, فلِمَ تريد أنتَ إلغاء الهويات الأخرى عن هذا العراق
الحبيب. أنت تعرف التاريخ العراقي وتعرف تراثنا الحضاري السومري والأكدي والبابلي والآشوري والكلدي, كما تعرف وجود ال?وتيين والميديين, وهي من القبائل الكردية التي عاشت في هذه المنطقة وكونت دولها, كما أنتَ تعرف متى قدم العرب إلى العراق. وعليه يفترض أن نقر بأن للعراق أكثر من هوية, وهذا لا يلغي حق العراق في الوحدة العربية شريطة أن نحترم وجود الشعب الكردي في هذه الوحدة وحقهم في إقامة فيدراليتهم, وكذلك حقوق القوميات الأخرى. ولم يمانع الكرد يوماً في ذلك.
لم يكن الصديق الذي أناقشة قومياً متعصباً أو شوفينياً, بل كان ماركسياً وأحد المشاركين في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان.
قال : إن الوضع في العراق خطير للغاية, فالحالة الراهنة تشير إلى عملية تغيير كامل في القوى, إن أن السنة
يشعرون بأن السلطة قد ذهبت من أيديهم وأن الشيعة يريدون إقامة سلطتهم, وهذا خطير وترفضه الدول
العربية كلها وبالتالي ستخلق مشاكل كبيرة للعراق.
قلت : لم يكن العراق مسلماً سنياً, بل كان دين الدولة هو الإسلام, وإذا كانت الحكومات المتعاقبة قد مارست الطائفية,
فلا يعني هذا أن الحكم كان بيد المسلمين السنة. كما ليس هناك من يريد تسليم السلطة إلى المسلمين الشيعة.
والمظاهر الأخيرة التي كرسها الأمريكيون بسبب إصرار بعض القوى الشيعية سيزول حال استعادة العراق
لاستقلاله وسيادته وخروج القوات المحتلة من العراق. فالعراق للعراقيات والعراقيين جميعاً وليس لطائفة
بعينها, ولهذا لا يجوز الخوف مما يجري في العراق, إذ أن الخوف يأتي من القوى الإرهابية.
قال : هذه الأعمال هي جزء من الشعور بهذا التغيير, ولهذا لا بد من تأكيد عروبة العراق.
قلت: أنت على خطأ يا صديقي, ويبدو أن تأثير القوى القومية اليمينية عليك آخذ بالتنامي, وليس بودي أن أحلل
أسباب ذلك, وعلينا أن نتذكر استمرار بأن العراق هو ملك للجميع, وإذا كان وادي الرافدين ملك للعرب
والقاطنين فيها من غير العرب, فأن كردستان هي للكرد والقاطنين فيها من غير الكرد, وإذا أردنا وحدة العراق,
فعلينا الإقرار بتعدد الهوية العراقية, وهي ليست نقيصة للهوية العربية ولا إخلال بها أو الإساءة إليها.
لم يكن الحوار هادئاً تماماً, ولكنه كان مقبولاً وتمنى كل منا للآخر بموفور الصحة والتمنيات الطيبة للشعب
العراقي.
إن هذا يؤكد حقيقة أن علينا أن نبذل جهداً كبيراً, وخاصة نحن الديمقراطيين العرب, من أجل التثقيف بحقوق الإنسان وحقوق القوميات المختلفة وأن من حق الشعب الكردي ليس فقط الفيدرالية,و بل حق تقرير المصير كاملاً بما في ذلك حقه في الانفصال وإقامة دولته الوطنية المستقلة. وإذا ما قرر الفيدرالية في إطار العراق الواحد فهو أمر إيجابي وسليم.
إن علينا أن نتعلم من دروس العراق الحديث والصراعات والحروب التي عاشها العراق, وعلينا أن نقر بحقوق الآخرين كما نريد أن يعترف لنا كعرب بحقوقنا المشروعة.
إن الأشخاص الذين يعملون في مجالات حقوق الإنسان وحقوق الشعوب والقوميات هم الذين يفترض فيهم أن يدركوا ويعووا هذه الحقوق قبل غيرهم, وإلا فعليهم التخلي عن الادعاء بالتزامهم بلائحة حقوق الإنسان وحقوق القوميات والعداء للعنصرية والشوفينية واضطهاد الشعوب الأخرى وسلبهم حقوقهم العادلة والمشروعة. إن نصيحة طيبة يمكن أن تقدم لكل قارئ بالعربية أو الفرنسية أو الألمانية او ربما غيرها من اللغات أن يقرأ بعناية بالغة كتاب الأستاذ الكاتب والروائي المبدع أمين المعلون الموسوم ب "الهويات القاتلة" الصادر باللغة الفرنسية والمترجم إلى العربية وإلى عدة لغات أخرى, فهو يستحق القراءة المتمعنة حقاً.

18/06/2004 كاظم حبيب

ملاحظة: أرجو أن أكون قد وفقت في عرض وجهة نظر الصديق كما جاءت في الحوار عبر الهاتف وعلى أساس الذاكرة, وهي ما تزال طرية.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الصدّامية في القاموس السياسي الحديث
- هل من سبيل لمواجهة الإرهاب المتفاقم في العراق؟
- هل مَن تَعرضَ يوماً للتعذيبِ, يرضى بتعذيب حتى جلاديه؟
- العراق وفضيحة التعذيب في السجون العراقية (1-4 حلقات) الحلقة ...
- هل من نهاية قريبة للإرهاب والاحتلال ومآسي القسوة والتعذيب في ...
- الخواء والاغتراب هي من أبرز نتائج المؤتمر القومي العربي الخا ...
- الخواء والاغتراب هي من أبرز نتائج المؤتمر القومي العربي الخا ...
- الأفكار الأساسية لمحاضرة حول -مستقبل الديمقراطية وحقوق الإنس ...
- التعذيب النفسي والجسدي للمعتقلين في العراق انتهاك شرس لحقوق ...
- ألا يريد مقتدى الصدر أن يتعلم من دروس الماضي القريب؟
- سياسة الإدارة الأمريكية في العراق كالمستجير من الرمضاء بالنا ...
- رسالة مفتوحة إلى الأخوات والأخوة العرب والكرد وبقية القوميات ...
- لِمَ الاحتراب ما دمنا قادرين على الحوار؟
- هل يعني نقل السلطة التمتع بالاستقلال والسيادة الوطنية؟
- ما الدور الذي يمكن أن تلعبه القوى الديمقراطية العراقية في ضو ...
- العراق وكوارؤثه المتلاحقة!
- إلى أين يمكن أن تقود السياسة المغامرة لمقتدى الصدر؟
- القوى الديمقراطية والتحديات الجديدة في العراق !
- المصالحة الوطنية والجراح العميقة في الإنسان العراقي!
- قراءة أولية في قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت!


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حوار عن الهوية مع صديق عبر الهاتف