أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - اسماء اغبارية زحالقة - الدولة المؤقتة اختراع محكوم بالفشل















المزيد.....

الدولة المؤقتة اختراع محكوم بالفشل


اسماء اغبارية زحالقة

الحوار المتمدن-العدد: 176 - 2002 / 6 / 30 - 09:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

المبادرة الامريكية التي وعدت بسياسة جديدة في الشرق الاوسط، وكان المفروض ان تعلن عن دولة فلسطينية مؤقتة، تأجلت اكثر من مرة، الامر الذي خلق فراغا سياسيا كبيرا في المنطقة. ورأى الرئيس الامريكي ان الوقت غير مناسب لالقاء خطابه بسبب العمليات الانتحارية المكثفة، غير ان ضغوطا دولية عليه دفعته لالقاء خطابه باي ثمن، حتى ولو كان اقل وضوحا وصراحة من الخطاب الاصلي، وذلك خشية تأزم الموقف.

حسب جدول الاعمال، كان المفروض ان يلقي الرئيس الامريكي، جورج بوش، خطابه يوم الاربعاء 19 حزيران، ولكن العمليات الانتحارية في القدس في نفس اليوم، شكلت حجة لتأجيل الموعد. وقد فتحت العمليات من جديد النقاش الحاد داخل الادارة الامريكية حول مشروع الدولة المؤقتة الذي كما يبدو لم يكن مطبوخا جيدا. علامة على ذلك ان مجلس الامن القومي الذي عكف على صياغة المشروع تجادل في القضية لمدة سبع ساعات، دون التوصل الى صيغة مشتركة، ودون تحديد موعد لمواصلة النقاش.

 

دولة بوش المؤقتة

رغم الخلافات، يقول مسؤولون في الادارة الامريكية لصحيفة "نيويورك تايمز" (22 حزيران): "ان الرئيس بوش يبقى ملتزما بالخطوط العريضة للمشروع وهي اقامة دولة فلسطينية بالتدريج مقابل قيام الفلسطينيين باصلاحات في الاجهزة الحكومية وتوحيد الاجهزة الامنية وتمكينها من محاربة الارهاب".

الدولة المؤقتة التي ينوي بوش اعلانها تشير الى نقلة في الموقف الامريكي. تكرار بوش شعار "دولتين لشعبين" يبدو مستهجنا خاصة ان الامريكيين اصروا على رفض هذا المبدأ طيلة 30 عاما عندما كان بالامكان ان يوفر حلا متوازنا للقضية. وقد تمسك الامريكيون بموقف ان مجرد اعلان الدولة سيكون اكبر تنازل للفلسطينيين، وفي نفس الوقت لم تعلن اسرائيل عن هذا الموقف بشكل رسمي حتى الآن ورغم توقيع اتفاقات اوسلو.

والواقع ان الدولة المؤقتة تفرغ هذا الشعار وهذه الدولة من أي مضمون. فالشروط التي يضعها الامريكيون لتحقيق هذه الدولة هي نفس الشروط التي رفضها الشعب الفلسطيني مما فجر الانتفاضة الراهنة. ما تحاول امريكا فعله هو اختراع كيان لا مثيل له في التاريخ اسمه "دولة مؤقتة"، لحمل الفلسطينيين على قبول شروطها من جديد.

ولا يزال النقاش يدور بين شخصيات قانونية في الادارة الامريكية حول الوضعية القانونية لهذا الكيان الجديد. فهل سيكون بالامكان اصلا الاعلان عنه كدولة دون ان تكون له حدود معرفة؟ وهل سيكون من حقه اصدار عملة او المشاركة في المحافل الدولية التي تمنع منها السلطة الفلسطينية اليوم؟. (نيويورك تايمز، 22 حزيران)

ان الدولة المؤقتة هي كيان غريب، لا حدود واضحة له ولا عاصمة، ومن غير الواضح ما هو مصير المستوطنات المزروعة داخله، ولا هو معروف اذا كان من حقه ان يكون له موقف من اللاجئين. والواقع ان شعار الدولة المؤقتة يأتي بهدف تأجيل كل هذه القضايا المصيرية من جديد، كما تم تأجيلها في اتفاق اوسلو الذي كان هو الآخر حلا مؤقتا، او "اختراعا تاريخيا مدهشا" كما يحلو لمهندسه بيرس ان يسميه. ولكن كما انفجر اوسلو لانه لم يحل هذه القضايا بل اجلها، فمن المتوقع ان ينفجر مشروع الدولة المؤقتة ايضا. وبدل ان تتعلم اسرائيل وامريكا العبر من فشل اوسلو وتسعى لحسم القضية وتعيد للعرب حقوقهم، فانهما تقترحان وصفة جديدة للتأجيل، حتى لا تضطران للتنازل.

رغم ان الدولة المؤقتة لا تحمل بشرى للحل، فلا بد من الاشارة الى ان الاعتراف الامريكي بدولتين لشعبين يحمل معنى تاريخيا مهما، وهو الاعتراف بعدم امكانية اسرائيل البقاء بشكل مباشر في المناطق الفلسطينية. والواقع ان اسرائيل لا تريد التواجد المباشر في هذه المناطق، بل تسعى لحكمها بطرق غير مباشرة من خلال اتباعها لها اقتصاديا وسياسيا. ولكن بما ان الفلسطينيين غير مستعدين ان يحكموا بالشروط الاسرائيلية، تضطر اسرائيل ان تحكم بنفسها، كخيار لا بد منه.

 

الخلافات

واكد المسؤولون ان النقاش الذي اثير من جديد في طاقم السياسة الخارجية الامريكية، يدور حول توقيت الاعلان عن الدولة، وحول ما اذا "كنا فعلا على استعداد لمكافأة الفلسطينيين الآن بالذات؟".

وينقسم هذا الطاقم الى جناحين: جناح نائب الرئيس، ريتشارد تشيني، ووزير الدفاع، دونالد رامسفلد، اللذين يعتقدان انه لا يجب باي حال مكافأة الفلسطينيين باعطائهم دولة على عملياتهم الارهابية. من جهة اخرى وزير الخارجية كولين باول الذي يعتقد انه من الضروري منح الفلسطينيين الامل والافق السياسي ليكون بالامكان احراز التقدم والامن.

ولم يبد ان بوش تمكن من الوصول الى اجماع في هذه المسألة، مما دفعه للرد ببرود على احد الصحافيين الذي سأله حول توقيت الخطاب، فاجاب: "سألقي الخطاب عندما أكون مستعدا لالقائه". (نيويورك تايمز، 22 حزيران)

الى هذا، يشار ان الرئيس الامريكي اعرب عن استنكاره للعمليات الانتحارية، مؤكدا حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، الامر الذي اعتبر ضوءا اخضر لاسرائيل لاعادة احتلال مدن الضفة الغربية.

 

التوقيت

التناقض السافر بين مبادرات السلام الامريكية وبين اعطاء بوش الضوء الاخضر للاحتلال الاسرائيلي، يتعلق بقضية التوقيت. ان طرح مبادرة السلام تتطلب الارضية المناسبة، والى حين تمهيدها لن تستعجل الادارة الامريكية لعقد المؤتمر الدولي المنظور لتطبيق مبادرتها. وحتى يحين الوقت سيكون مسموحا لاسرائيل "الدفاع عن نفسها"، وممارسة المزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بشروطها.

والواقع ان تفاقم الازمة وتلاحق العمليات الانتحارية قد افقدا الاطراف الفرصة التي بذلوا جهودا في الاعداد لها، تحديدا منذ عملية "السور الواقي". فقد عقد الامريكيون، وتحديدا كولين باول، لقاءات ومشاورات مكثفة مع وزراء خارجية السعودية، مصر، الاردن، روسيا، الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، بالاضافة الى ممثلين عن السلطة الفلسطينية. الى جانب هذا جاءت زيارات رئيس الوزراء الاسرائيلي المتكررة الى واشنطن بهدف توضيح ملامح الحل المقبول على اسرائيل. كما كانت المبادرات العربية، السعودية والمصرية، جزءا من نفس الجهود التي كان المفروض ان تجتمع في مبادرة امريكية تحظى باجماع كل الاطراف، ليعلن عنها في مؤتمر دولي كان المتوقع عقده في تموز (يوليو) القادم.

وكانت عملية السور الواقي عملية تنظيف لبقايا النظام القديم في الضفة الغربية، بعد ان تبين انه لا ينفع في حفظ الامن الاسرائيلي. وكان الهدف تحضير البيئة لطرح المبادرة الامريكية كبديل. وبكلمات اخرى، كان المفروض ان تقطف المبادرة الامريكية الثمار السياسية لعملية السور الواقي الاسرائيلية.

 

دولة بوش ودولة بيرس

والحقيقة ان المبادرة الامريكية التي تتضمن اعترافا مسبقا بالدولة الفلسطينية حسب قرار الامم المتحدة، هي كثيرة الشبه بخطة بيرس ابو علاء التي لم يعلن عنها ابدا. هذا ما تؤكده ايضا صحيفة "واشنطن بوست" (19 حزيران) التي اضافت موضحة ان خطة بيرس ابو علاء نادت لاقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة على 40% - 50% من المناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما نقلت الصحيفة تصريح بيرس بانه يتوقع ان "يشمل مشروع بوش عنصرين: الاول، الاعلان عن تأسيس الدولة الفلسطينية والثاني اصلاح السلطة الفلسطينية، مشيرا الى ان الكيان الفلسطيني يمكن ان يتأسس خلال ثمانية اسابيع".

هدف وثيقة بيرس ابو علاء كان تأسيس دولة كوسيلة للحكم، بدل نظام ابو عمار الذي فشل في توفير الامن لاسرائيل. ومن هذه الدولة كان من الممكن التفرغ للتفاوض طويل الامد على القضايا الجوهرية التي تتضمن القدس واللاجئين والاستيطان. ورغم عدم الاعلان عن الوثيقة الا ان بيرس لم يكن ليجلس الى ابو علاء للتفاوض دون تفويض من شارون. من جهة اخرى فان اسس الحل تتماشى مع رؤية شارون لحل مرحلي بعيد المدى.

غير ان بيرس لم يعلن مخططه لانه لم يشأ ان يحرقه، فهو يدرك ان تمريره على الفلسطينيين يحتاج الى اجماع دولي وليس اسرائيلي. ولكن اضطرار اسرائيل لتنفيذ عملية السور الواقي فاقم وضع السلطة الفلسطينية التي لم يعد بمقدورها ان تحكم، وصار لا بد من تدخل طرف ثالث وهو العنصر الاوروبي الذي ضغط بقوة لادخاله في العملية.

وكان على الولايات المتحدة ان تربط جميع الخيوط وتأخذ بالحسبان مصالح جميع الاطراف المتورطة او المعنية في القضية الفلسطينية، واولها الدول العربية والاوروبيين المموّلين والامم المتحدة. وكان المفروض طبخ الترتيب الجديد في المؤتمر الدولي، ولكن المؤتمر كان مشروطا بوجود شريك فلسطيني يمكنه التوقيع على هذا الترتيب والتعاطي معه وضمان تطبيقه على الارض.

من هنا فان ضعف هذا الطرف وعجزه عن القيام بالمطلوب منه وهو قمع حماس والجهاد الاسلامي والتنظيمات العسكرية، وضع المخطط في تعقيدات جديدة وصعبة، وجمد المؤتمر الدولي والمشروع الامريكي الى حين تهيئة ارضية جديدة، وقيام طرف بديل في الجانب الفلسطيني يمكنه حمل العبء والقبول بالدولة المؤقتة.

 

تموز 2002 العدد154 - ِالصبار 



#اسماء_اغبارية_زحالقة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرفات، الاصلاحات وقلة الخيارات
- المبادرة السعودية تهيئ للانتداب الامريكي
- "رجال في الشمس" لغسان كنفاني على مسرح جامعة حيفا
- العراق على هامش القمة العربية
- من يطفئ النار؟
- المبادرة السعودية استفزاز للرأي العام العربي
- امريكا والسعودية في غرام وانتقام
- "راب" عربي "روح شابة وبذور تمرد
- بعد طالبان امريكا تواجه الاسلام السياسي
- اولى حروب القرن امريكا تحارب الارهاب والحلفاء


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - اسماء اغبارية زحالقة - الدولة المؤقتة اختراع محكوم بالفشل