أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - اسماء اغبارية زحالقة - امريكا والسعودية في غرام وانتقام















المزيد.....

امريكا والسعودية في غرام وانتقام


اسماء اغبارية زحالقة

الحوار المتمدن-العدد: 89 - 2002 / 3 / 13 - 21:53
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    




انتهت الحرب في افغانستان ومرت خمسة اشهر على احداث 11 ايلول، ولكن التوتر الذي عصف بالعلاقات بين امريكا والسعودية لا يزال مستعراً. الحملة التي تشنها امريكا في وسائل اعلامها على السعودية، تشير الى ان هذا البلد لم يعد في نظر الامريكان مجرد المصدر الاهم للنفط والثراء، بل "الينبوع الاساسي لايديولوجية التعصب"، منه جاء بن لادن و15 من مختطفي الطائرات الذين فجروا اولى حروب هذا القرن. السعودية منذ 11 ايلول وُضعت تحت المجهر، وهي مطالبة باحداث تغييرات حادة من غير الواضح ان تكون السعودية قادرة على تلبيتها.
صحيفة "واشنطن بوست" التي وصمت السعودية بانها "ينبوع التعصب"، نشرت في 10-12/2 سلسلة مقالات تتضمن انتقادا لطريقة تعامل الادارات الامريكية مع هذا البلد الذي يجهل معظم الامريكيين ما يدور داخله، وتقترح اعادة النظر في اسس هذه العلاقة. ما لم يعد مقبولا، حسب الواشنطن بوست، هو سياسة "Dont ask, dont tell" (لا تسأل لا تخبر) التي ميزت هذه العلاقات منذ ستين عاما، فالتكتم وغض الطرف او حتى عدم الاهتمام بمعرفة كل ما هو خارج معادلة "النفط مقابل الامن"، كانت نتيجته الصدمة الرهيبة التي احدثها ارتطام الطائرات ببرجي التجارة العالمية والبنتاغون في 11/9.
ولا توفر الواشنطن بوست في نقد الادارة الامريكية التي سمحت للنفوذ السعودي بالتغلغل في دوائر صنع القرار السياسي الامريكي مقابل مليارات البترودولارات التي انهالت عليها في عهد الازدهار النفطي في السبعينات والثمانينات. فقد انفقت السعودية اموالها الغزيرة في وجوه عدة مثل التبرعات للمشاريع الخيرية الامريكية ضد الادمان على المخدرات، مرورا بشراء موظفين كبار في الادارة الامريكية بعد انهائهم مهامهم الدبلوماسية، وبينهم بوش الاب، وانتهاء بدعم الحملات السياسية والعسكرية من نيكاراغوا الى افغانستان.

علاقات جديدة.. ديمقراطية؟

ازاء السؤال حول القاسم المشترك بين الامريكيين وبين السعوديين في التوجه نحو بناء العلاقة الجديدة، تبرز المفاجأة التي ما كان يجب ان تفاجئ احدا، وهي انه ليس هناك أي قاسم مشترك، سوى المصالح. فالبلدان متناقضان كل التناقض: امريكا، اقدم نظام ديمقراطي في العالم، كما ترى نفسها، واكثر الدول عصرية وتمدنا وعلمانيةً، وفّرت الامن للنظام السعودي الملكي الدكتاتوري والفاسد والاكثر تشددا من الناحية الدينية، مقابل النفط الرخيص. الحل لهذا التناقض، في نظر الصحيفة الليبرالية، هو دمقرطة النظام في السعودية، على شاكلة ما فعلت البحرين مثلا.
في المقالات يجري التركيز على ان فقدان حقوق الانسان والحريات، وبالذات حرية التعبير عن الرأي والصحافة والانتخابات في السعودية، هو الذي فتح المجال لنمو النزعات المتطرفة بين الشباب الذين لا يجدون مكانا يستوعبهم سوى المساجد حيث يُدرَّس الدين السلفي المتشدد. الانتخابات اصبحت اداة ضرورية لابقاء الآراء الاخرى تحت السيطرة واحتوائها حتى لا تنمو في الظلام وتداهم الامريكان مرة اخرى بايلول جديد.
صحيفة "نيويورك تايمز" (20/2) نقلت صورة شبه خيالية لوضع الشباب السعودي الذي يبحث عن فرص للاشتباك مع الشرطة "بسبب الملل" وعدم وجود اماكن لهو مسموحة. ولكن، تضيف الصحيفة، ان هذا القمع يجعل هؤلاء الشباب يتعاطفون مع بن لادن لما يمثله من تمرد. الرسالة واضحة: اعطوهم المزيد من الحرية كيلا يذهبوا للمساجد!
المجتمع السعودي المدني الحديث، كما تريده امريكا، سيكون اكثر انفتاحا على الغرب، أمّا ان يبقى محكوما بالشريعة الاسلامية السلفية، وان يواصل نهل العلم من المناهج المشتقة من هذا التيار السلفي المتشدد الذي يرى في الغرب وامريكا كفرا وعدوا، وان يواصل العلماء الوهابيون سيطرتهم على 80% من الجوامع في الولايات المتحدة، فهذا ما لا يمكن المخاطرة به.

السعودية في مأزق

الموقف الامريكي الحازم اليوم والاصرار في الصحف على الدخول الى الفراش السعودي، أدخل السعودية الى وضع دقيق للغاية. النظام الذي يحكم السعودية منذ 250 عاما يجد نفسه امام قضية وجودية، فعليه ان يجيب الامريكان على سؤالهم: انت معنا ام ضدنا؟ ولا مجال للاجابات الرمادية.
كارثة هذا النظام ان كلتا الاجابتين تعنيان هلاكه. ففقدان النظام السعودي علاقاته بامريكا يعني انتحاره، كما ان حسم موقفه من الاسلام المتشدد وعزل الشريعة وتطبيق نظام عصري ديمقراطي شفاف تعني ايضا الانتحار للنظام الفاسد من جهة واحدة، والذي يستمد من جهة اخرى شرعية حكمه من تحالفه التاريخي مع التيار الوهابي السلفي الذي لا يعترف بغير الشريعة اساسا للحكم.
والحال ان السعودية لا تريد الاجابة مطلقا على السؤال الامريكي. والمخرج الامثل للتهرب من هذه المهمة، أي دمقرطة النظام والانفصال عن الاسلام المتشدد، تتم من خلال التلويح بالورقة الفلسطينية.
ان مطالبة النظام بتصفية الاسلام واجتثاثه من جذوره امر مستحيل، اذ يصعب على السعوديين، كما اوضح الامير، دعم الامريكيين بشكل مطلق في الوقت الذي يعطي فيه بوش الضوء الاخضر لحكومة شارون للتمادي في القمع الدموي للشعب الفلسطيني. المطلب اذن هو: اخرجوا اولا من المناطق المحتلة ثم نرى ما نحن فاعلين بالاسلاميين لدينا. اما ان نفتح اكثر من جبهة حرب دعما لامريكا: ضد الاسلام وضد العراق وايران، في وقت تغلي فيه دماء الشعوب العربية ازاء ما يحدث للشعب الفلسطيني فهو امر غير معقول.
ويتبين ان القضية الفلسطينية اصبحت احد محاور الخلاف الاساسية بين السعودية والامريكيين حتى قبل 11/9. فقد كشفت واشنطن بوست عن رسالة نقلها الامير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن، عن لسان الامير عبد الله الذي استشاط غضبا ازاء اعتبار بوش سياسة شارون العدوانية دفاعا مشروعا عن النفس، وجاء فيها: "من الآن فصاعدا، انتم من الارغواي (أي لا نعرفكم ولا تعرفونا - أ.أ.). امضوا انتم في سبيلكم ونحن سنمضي في سبيلنا. من الآن فصاعدا سنحمي مصالحنا القومية بانفسنا، دون اخذ مصالح امريكا في المنطقة في عين الاعتبار".
حتى ذلك التاريخ كان للسعودية تأثير معين رغم الفتور الذي ميز العلاقات في التسعينات، فخشية ان تنفذ السعودية تهديدها وتعقد قمة عربية واسلامية لاعادة النظر في العملية السلمية من اساسها، سارع بوش في آب 2001 للاعلان في خطابه عن موافقته على اقامة الدولة الفلسطينية، وكانت هناك نية للعودة للمفاوضات، ونجحت السعودية في انتزاع تنازلات معينة من عرفات (الحياة، 15/2) لم يُعرَف محتواها، بهدف تسهيل العملية للخروج من دوامة الانتفاضة. ثم جاءت احداث ايلول لتفرمل العملية.
الرسالة القاسية التي حفظت طي الكتمان، كشفت عمق خيبة امل السعوديين من امكانية استرجاع نفوذهم السياسي في فترة ادارة بوش. الصحافة العربية، وعلى رأسها "الحياة" اللندنية التابعة للسعودية، انفلتت على الامريكيين بحملة اعلامية مضادة ازاء الهجمة الاعلامية الامريكية الشعواء. وتمسك المحللون بان العلاقات بين الرياض وواشنطن كانت جيدة حتى جاء "اللوبي الصهيوني" وأفسد العلاقات.
خلاصة مقال الصحافي اللبناني سليم نصار (الحياة، 19/11) تجمِل الرد السعودي للهجمة الامريكية: "ان المزايدات التي يعلنها بوش كل يوم ليست اكثر من شهادة مزورة تظهر حاجته الملحّة الى كسب تأييد الشعب والكونغرس بعدما وفرت له مغامرات اسامة بن لادن الفرصة المثالية لتثبيت شرعيته الانتخابية. وفي ضوء عملية الاذعان هذه عرف شارون كيف يوظف هذا الوضع لصالحه بحيث انه اجبر بوش على تأييد اعمال القتل والقصف".

المشكلة اقتصادية

الهلع السعودي يعبر عن خوف حقيقي على مصير النظام المطالَب بحسم مواقفه لصالح الامريكيين. في الرسالة الغاضبة كتب عبد الله لبوش انه "لا المملكة ولا العرب ولا المسلمون يستطيعون الوقوف موقف المتفرج على ما يدور من قمع دموي. وان قيادة المملكة ليست مثل شاه ايران الذي وضع مصالح الدول الاجنبية قبل مشاعر شعبه". ومعروف ما آل اليه مصير الشاه.
ان ظاهرة الرأي العام السعودي اصبحت عاملا مؤثرا وان لم يكن بعد مقررا بالنسبة لسياسة النظام. الخوف من الرأي العام السعودي يأتي على خلفية التقارب بين وضع الشعب السعودي وبين وضع الشعب الفلسطيني من الناحية الاقتصادية. فالسعودية تعاني ازمة اقتصادية نابعة من انخفاض اسعار النفط، وتراجع العائدات النفطية التي تشكل المصدر شبه الوحيد للخزانة السعودية (من 227 مليار دولار سنويا عام 1981 الى 60 مليار دولار سنويا في التسعينات).
النتيجة كانت انخفاض معدل دخل الفرد السعودي من 19 الف دولار عام 1981 الى 7.300 دولار اليوم. كما لم يعد بمقدور الدولة مواصلة تمويل برامج الرفاه بنفس الضخامة ولا توفير اماكن عمل، بالذات ازاء التكاثر السكاني الذي يعتبر من اعلى النسب في العالم. فقد قفز التعداد السكاني من سبعة ملايين عام 1980 الى 19 مليونا اليوم. وانعكس هذا التغيير في ارتفاع عظيم في نسبة البطالة، والمشكلة الاخطر ان نصف سكان السعودية هم دون الرابعة عشرة من العمر، الامر الذي يعني انه خلال بضعة سنوات سيزيد عدد طالبي العمل باضعاف مضاعفة دون ان تملك الدولة الوسيلة لاستيعابهم في اماكن عمل ملائمة.
هذا الوضع المتأزم هو ما يجعل الانتفاضة خطرا حقيقيا على النظام السعودي، وهو احد العوامل التي تكتّف يدي هذا النظام عن الاستجابة للمطالب الامريكية التي تدفعه دفعا نحو الانتحار. الا ان الامريكيين لم يعودوا على استعداد لتفهم الصعوبات الخاصة لكل بلد وبلد، والحرب مستمرة دون هوادة والحسم لا يبدو في الافق القريب.


الصبار 150



#اسماء_اغبارية_زحالقة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- "راب" عربي "روح شابة وبذور تمرد
- بعد طالبان امريكا تواجه الاسلام السياسي
- اولى حروب القرن امريكا تحارب الارهاب والحلفاء


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - اسماء اغبارية زحالقة - امريكا والسعودية في غرام وانتقام