أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار بيرو - بعد ان أصبحت كوردستان فردوساَ ، كانت فردوسُ قد ماتت !














المزيد.....

بعد ان أصبحت كوردستان فردوساَ ، كانت فردوسُ قد ماتت !


نزار بيرو

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 02:07
المحور: القضية الكردية
    



في عام ثمانية و ثمانين ، حين قصف الطيران العراقي مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي وقتلَ أكثر من خمسة آلاف من أهلها ، فرَ من بقي منهم أحياء ، إلى إيران وهم يعانون من آثار ذلك السلاح المدمر من جهة ، ومن جهة ثانية فقدهم لأهلهم و أقربائهم الذين اندثرُ هنا وهناك و بين أزقة و شوارع مدينتهم الشهيدة . حينها كان هنالك ولد رضيع ، جاء ولادته في هذه المدينة قبل ذلك الحادث بشهر أو أكثر ، وقد أسمياه والداه ( زمناكو ) على اسم قمة أو جبل أشم من جبال كوردستان ، ولكنه و منذ ذلك الوقت عاش باسم آخر اختارته له أمه التي لم تلده ، و كَبُرَ ووعى على ارض ليس بأرضه ، ووطن لا يعترف به ، حتى ان كان يتكلم بلغتهم ، ولا يفهم لغة غيرها . قصة هذا الطفل بدأ عندما فرَ مع والدته من مدينة حلبجة باتجاه إيران ، و فرقتهم القدر ، و اختار له ان يتربى في كنف عائلة إيرانية أكثر من عشرين عاماً ، والذي اختارت له اسم ( علي ) ، ولكن و بعد ان أصبح في العشرين من عمره ، وجد نفسه وحيدا بعد ان توفيت السيدة التي قامت بتربيته كل تلك السنين ، فأخذ يبحث عن جذوره لكي يحصل على وثيقة أو أوراق تثبت هويته في ( إيران ) و لكن وعندما تعذر ذلك ، وعرف بحقيقة أمره ، كان قد عاد أخيرا إلى مدينته ( حلبجة ) تلك المدينة التي ولد فيها . حينها تقدمت أكثر من عائلة تبحث عن أفراد فُقِدُ لهم في تلك الظروف عسى ان يكون ( علي ) ضالة إحدى هذه العائلات . و بعد ان كشف الفحص الجيني هوية الشاب والذي تعرف و بعد أكثر من عشرين عاماً على عائلته الحقيقية و اسمه الحقيقي ( زمناكو ) ، كان لحظات الإعلان عن نسبه لحظات مفعمة بالمشاعر و كل من شاهدها و كان موجودا في ذلك المكان ، و من تابعها من على نشرات الأخبار، لعل وانه قد تأثر بها ، و يكون قد تذكر و أحس بهول كارثة حلبجة و بشاعة ما حدث ذلك اليوم . وأنا أتابع ذلك الحدث تذكرت حادثة أخرى كانت قد حدثت في مدينة حلبجة قبل سنوات و في الوقت الذي كان الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني ، في فترة تطبيع العلاقات من جديد بعد اتفاق الصلح الأخير بينهما، و في تلك الفترة كان قد بدأ صراع من نوع جديد بين أجهزة الأعلام للطرفين و كان كل طرف يعرض تقارير خبرية في مناطق الطرف الآخر ، و يعرض أوجه الخلل و التقصير فيها ، و الحادثة كان ضمن تقرير مصور من مدينة حلبجة و في نشرة للأخبار لقناة فضائية تابعة للديمقراطي الكوردستاني . التقرير كان يدور حول فتاة صغيرة ذات عشرة أعوام وحيدة والديها و اسمها ( فردوس ) كان والداها من هؤلاء الذين فقدُ أهلهم في قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي، و كانت الفتاة الصغيرة قد تعودت ان تلعب بمرجوحتها و التي عُلقت حبالها في ركيزة خشبية لإحدى الغرف المحطمة بفعل القصف ( الصدامي ) لها منذ سنين ، حيث كانت الفتاة الصغيرة تفيق كل صباح ، و تظل تلعب بمرجوحتها إلى ان تستيقظ والديها ، ذلك الصباح استيقظ والدها ولم يجد الصغيرة ( فردوس ) . اخذ يبحث عنها في باحة الدار مثل المجنون ، و ينادي باسمها عسى أنها تسمعه ، و لكن دون جدوى. وأخيرا سقط على ركبتيه وانتابه موجة من البكاء الهستيري ، ذلك عندما رأى خصلات من شَعر فردوس الأصفر تبرز من بين حجارة الجدار العتيق . هذه هي حلبجة ، المدينة التي ألهمت الشعراء والفنانين في شعرهم و لوحاتهم وأفاقت ضمير و وجدان العالم حتى أصبحت قبلة لزوار وضيوف كوردستان ، يضعون أكاليل الورود بين ثناياها وعلى مروجها الخضراء و التي لم تعد كذلك بعد ان لبست البياض ، البياض الذي لفت به الأجساد الطاهرة ، البياض التي سممت ترابها وحرقت نباتها و أبادت أهلها ، أهلها هؤلاء الذين دفعُ الثمن ، هم دفع الثمن والكل قد قبض . و أول القابضين كنا نحن ، نحن من نعيش في بلاد الغربة، بلاد الأحلام والنعيم و العذاب، حيث لولا هم لما كنا هنا، لو لم يلتف أجساد أطفالهم البياض و يمتلأ بطونهم بالخردل الأبيض، لما لبس أطفالنا الفرو الأبيض كالثلج، ولما احتسوا الحليب و الشكولاتة و هم جالسين على مقاعدهم المريحة في قاعة الدرس، وهم يأخذون دروساً في المساواة واحترام المقابل كانسان. لو لم يلتف أجساد أطفالهم البياض و يمتلأ بطونهم الخردل الأبيض ، لما ترفرفَ علم كوردستان في كل بيتْ . لما تحققَ الحلم وأصبح الرئيس كوردياً. لما كان هناك إقليم ورئيس، باسم إقليم كوردستان ، و رئيس إقليم كوردستان . لما كان هناك حكومة ولا برلمان . و لا نفط ولا بنيان . ولا كان هناك صروحاً و قصوراً عملاقة . ولا كان هناك ثروات ولا شركات ولا أبراج تعالي السماء و تنتظر من يدفع لكي يسكن فيها ، و يتمتع بنعمها . لولا هم لما كان هناك سهر ، ولا طرب ، يطرب لياليها ( عندليب الفرس ) و ( فنانات العرب ) .



#نزار_بيرو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة أكوام من الحجارة
- فانوس*فاتىٌ
- هل سيحول القيادات الكوردية حق تقرير المصير وفكرة الدولة الكو ...
- مذكرة اعتذار
- رسالة دكتاتور
- طبق العسل التركي و طبق العسل الكوردي
- حكاية عَلَمْ
- قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟
- من أوراق ذكرياتي عن انتخابات عام اثنان وتسعون.
- عصفور النار


المزيد.....




- حماس تدعو السلطة الوطنية الفلسطينية للإفراج الفوري عن كافة ا ...
- مصدر بالخارجية الألمانية: برلين ستوقف تمويل منظمات إنقاذ الم ...
- تلقت الضربة فأوقفت الرغبة
- حكومة الشرق الليبي تطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم بمغادرة ال ...
- اعتقال جواسيس لكيان الاحتلال بمحافظتي أصفهان وفارس
- داعش في التشيك؟ اعتقال 5 مراهقين يشتبه أن التنظيم جندهم عبر ...
- قضية وليد عبود.. حرية التعبير في مواجهة الترهيب الرقمي
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: منطق الحرب قد فشل
- -الأغذية العالمي-: أدخلنا مساعدات أقل من حاجة غزة ليوم واحد ...
- الاحتلال يصدر 600 أمر اعتقال إداري في أسبوعين


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار بيرو - بعد ان أصبحت كوردستان فردوساَ ، كانت فردوسُ قد ماتت !