|
مذكرة اعتذار
نزار بيرو
الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 03:45
المحور:
الادب والفن
مذكرة اعتذار
كـان يعتقد في ما مضى ، ان طيور البط ، حيوانات تفتقر إلى الحيلة و قلة الفهم و الإرادة . وهذا الاعتقاد كان قد ترسخ لديه منذ زمن بعيد ، وحملهُ معه منذ أن ترك موطنه وقصد الحرية والديمقراطية في مكان آخر من هذا العالم . وفي تلك البلاد ، وعندما كان يتمشى على ضفاف بحيراتها الجميلة و يصادف جموع هذه الطيور، وهي تسبح في مياهها الزرقاء ، وعندما كان يقترب منها ، تتجمع مع بعضها ، والتي تكون في المقدمة تصيح بأعلى صوتها وتسبح وهي تطير، ويتبعها البقية مرددين نفس صياحها ، و كانُ يملئون بصياحهم المكان ، عندهـا كان يـهز رأسه و يقول " كم هي بلهاء وعديمة الفهم تلك الطيور " وبقى هكذا إلـى ذلك اليوم الذي قرر فيه المعلم في مدرسة اللغة أن يأخذهم في نزهة ، و يكون درسهم لذلك اليوم عن الطبيعة . وعندما أصبحوا على ضفاف بحيرة جميلة، تتوسط غابة كثيفة بالأشجار، عندها بدأ المعلم درسه وقال " موضوع درسنا لهذا اليوم هو الحياة الطبيعية ، و ستكون هذه الطيور الجميلة و التي تسمى بـ " البط البري " هو موضوع الدرس " . وعندما سمع ما قاله المعلم ، قال محدثا نفسه" اعـتقد أن المعلم سوف يتحدث و قبل كل شي عن قلة فهمها وبصيرتها " بدأ المعلم يذكر اسمها العلمي ، و أنواعها، و ماذا تأكل ، و كيف تعيش ، و بعدها ذكر المعلم " في نهاية خريف كل سنة ، تترك هذه الطيور موطنها هنا قـرب القطب الشمالي لتبدأ رحلتها الطويلة إلى أفريقيا ، وفي الربيع تعود ثانية إلى هـنا " و استمر المعلم بالحديث ، و زمـلائه يستمعون إليه . أما هو فأصبح له جناحان ، و طار مع هذه الطيور في رحلتهم الطويلة . في البداية مرُ فوق بحر البلطيق ، الذي يفصل دول شمال أوروبا عن دول وسطها و جنوبها . و بعد أن اجتازُ دول أوروبا ، و البحر المتوسط مرُ فوق الاهرامات ، وبلاد الفراعنة ، و بـلاد النوبة ، ومنابع نهر النيل إلى أن وصلوا بلاد السود و أكواخ الحصير ومملكة الحيوان في أفريقيا ، وبعدها بدأُ رحلة العودة ، وأصبح مـع زملائه ثانية ، حينها كان قد تـرك المعلم و زملائه ضفاف البحيرة . فظل في مكانه محدقا تلك الطيور و يفكر بكل تلك السنين وهو يحتقر هذا الكائن الذكي ، ويصفه بقلة الحلية و الفهم و الإرادة . وكان يقول مع نفسه " ما يملكه هذا الطائر من الحيلة و الفهم في رأسها الصغير ، لهو اكبر من ما هو موجود في رؤوس الكثيرين من البشر ، والذين هم مقيدي الإرادة و يضعون بأمانيهم و آمالهم و مستقبلهم في ذات شخص . لو كان هذا الفهم وهذا التدبير ، في رؤوس هؤلاء البشر ، عندها كان ستزول تمنياتهم ، ويتحقق كل آمالـهم و طموحاتهم " ومنذ ذلك اليوم و في كل مـرة كان يقترب من جموع هذه الطيور ، يقف إجلالا و احتراما لها ، و في كل مـرة كان يقـدم اعـتذاره .
نـزار بـيرو [email protected]
#نزار_بيرو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة دكتاتور
-
طبق العسل التركي و طبق العسل الكوردي
-
حكاية عَلَمْ
-
قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟
-
من أوراق ذكرياتي عن انتخابات عام اثنان وتسعون.
-
عصفور النار
المزيد.....
-
تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان
...
-
ناشرون بمعرض الدوحة للكتاب: الأدب وعلوم النفس والتاريخ تتصدر
...
-
فنون الزخرفة الإسلامية والخط العربي تزين معرض الدوحة الدولي
...
-
محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية
-
المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
-
-مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم
...
-
معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا
...
-
-الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو
...
-
مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
-
“شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|