أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - نكتة الغرب الديكتاتوري المغيب لشعوبه















المزيد.....

نكتة الغرب الديكتاتوري المغيب لشعوبه


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 868 - 2004 / 6 / 18 - 06:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مالذي يحدث، ومالذي نقراً، هل نحن أمام عصر نهضة جديدة، أم أمام عصر إنحطاط، وحالة عصبية للبعض الذي لايستطيع أن يميز بين طبيعة الاشياء على واقعها المعروف كضوء الشمس في أي مكان في العالم، إلا في عالمنا العربي ذو الخصوصية المميزة، وخصوصية المعرفة الغريبة التي تدعو إلى تساؤل معرفي قلق.

قد لايحب العرب الغرب، لإنه كان سبباً في تقسيم المنطقة العربية والإسلامية وبداية قيام دولة إسرائيل عبر وعد بلفور في وسطها، بعد الحرب العالمية الأولى في بداية القرن الماضي، ولإنه ساعد على قيام إنقلابات عسكرية ودعمها خلال عقود زمنية متعاقبة، بعد عصور الإستقلال. حيث كانت الحكومات العربية، السبب الأول في تأخر تطور مجتمعاتها من مشرقها إلى مغربها، إلاّ في حالات خاصة جداً، قد نأتي في يوم ما على ذكرها.

لكنه الزمن، بكل حسناته وكل ومساوئه، إنه تاريخ البشر والإنسانية والحضارات. وهو تاريخ الحروب والحروب المعاكسة، وقراراته القاسية جداً على الأضعف. إنه سلوك الأقوى به. حيث كان دائماً وابداً، يمارس سياسته، في كل منطقة استعمرها. هكذا كان اليونان والفرس والرومان والعرب والتتار ومابعد. لذا ليس غريباً أن يعمل الغرب في نطاق مصالحه، وإن كان ضد مصالح الدول العربية، والأفريقية والأسيوية، خاصة عندما كانت بريطانيا إمبراطورية عظمى كبيرة لاتغيب عنها الشمس، واليوم أمريكا وحلمها الإمبراطوري، وأوروبا المستقبل، التي تحاول إستعادة زمام المبادرة عبر قيام أتحاد الدول المتصارعة سابقاً عبر التاريخ.

ولايحتاج احد كثيراً إلى فهم تحقيق مصالح الدول الأقوى بوسائلها المتاحة، عسكرية أم سياسية كانت ام غيرها، على حساب الدول الأخرى، الأضعف، عسكرياً ومعرفياً وسياسياً. وهذا ليس غريباً ابداً عن منطق التاريخ، الذي بني عبر القوة وقوانينها القاسية فقط.

لكن مصالح دولة غربية متقدمة مع العالم الخارجي شئ، وسياستها في الداخل عبر دستورها وقوانينها وحقوق مواطنيها شئ أخر. حيث تمارس الدولة في الخارج سياسية التسويق الإخلاقي، في باطنية مصالح إقتصادية مباشرة، أو في سياسة خلق مناخ مناسب لمصالحها، أو مصالح مجموعة متضامنة معها. أما في الداخل، فإنها سياسية النمو الإقتصادي، وسياسية تصب في مصالح الدولة والمواطن، مباشرة أوغير مباشرة. لذا تهتم السلطات التنفيذية في قضايا الرأي العام، وقضايا الإنتخابات، لأنها، لاتحكم للأبد، كما هو حاصل في العالم العربي، بل لفترة زمنية معينة فقط، وتحتاج دائماً، إلى ثقة المواطن الناخب، المشرع الأول والأخير لها كحكومة.

لذا تتكرر قضية الإنتخابات كل فترة زمنية، حيث تقدم الأحزاب برامجاً، يمكن للناخب أن يحاسب الحزب الفائز على مستوى مصداقيته بها في كل دورة إنتخابية.

وهكذا قد تحسب السلطات السياسية في الدول الغربية حساب، إستطلاعات أراء الناخبين عن إدائها، وتحاول كسب هذه الأراء عبر الوسائل الإعلامية والإجراءات التنفيذية المتاحة.

كما يحق لأي حكومة منتخبة، تنفيذ سياسة ماتعتقد أنها في مصلحة البلاد. وقد تقوم مظاهرات، أو إعتراضات كبيرة وقوية على هذه السياسة، وهي جزء من مناخ الحرية السائد والمسموح بها في الدستور والقانون. لكن المظاهرات أو الإعتراضات، لاتستطيع منع حق الحكومة المنتخبة من تنفيذ سياستها، إلا عبر اختيار الشعب لسلطة أخرى في الإنتخابات القادمة، كما حصل في أسبانيا مؤخراً.

هذه هي صورة الغرب السعيد، في شكله الدستوري المنفذ بإحترام، وقوانينه المطبقة على الجميع. وقد يكون صحيحاً، أن الإنسان والمجتمع في هذا العالم الغربي الذي يعمل لمصالح الدولة والشعب، لم يصل إلى مرحلة الرقيّ الأسمى، في سلوكه، وادائه المجتمعي والسياسي في الداخل. لكن حالة النظام والمجتمع الغربي قد تكون أفضل بألف مرة، من حالة النظام العربي في ديكتاتوريات الشرق، حيث الحكم الشمولي، السافر والقمعي الذي يقتل ويخفي ويسجن بدون مدد زمنية. وهو حكم مضيع وناهب لثروات شعوبه، المخزنة وبكل أسف، في بنوك هذا الغرب السعيد.

لذا وأن قرأنا من مصدر إعلامي أو سياسي عربي، أو من مثقف معين، أن الغرب صليبي، وهو غرب علماني ليس أكثر، أو أنه مغيب لشعوبه، أو أنه ديكتاتوري، وشعوبه لاتشارك في الإنتخابات، او أنه غرب لاتوجد به ديموقراطية، بسبب المظاهرات والإعتراضات على سياسة الحكومات المنتخبة. فإن مانسمعه، ومانقرأه لايدل على الحقيقة ابداً، بل إن دلّ على شئ ما، فإنه يدل على إن بعض المثقفين والعاطفيين والسياسيين في بلاد العالم العربي، مازالوا في طور رد الفعل بدون تحليل واقعي لحالة تاريخية واقعية معاصرة.

ويحزن المرء فعلاً، ان يرى أن بعض النخب، مازالت تعيش عصر الرومانسية السياسية والتحليل البلاغي، الذي لايمت إلى الواقع بصلة، كونها نخب غير قادرة على الخروج من هذه الحالات المستعصية.

وأذكر مرّة، أن شاباً عربياً صغيرًا سألني، عندما كان يزور فرنسا لأول مرة، وشاهد مظاهرة لطلاب معارضين لسياسة بلدهم العربية ايضاً، سألني يومها، ألا يخاف هؤلاء من المخابرات أن تقبض عليهم، وكان يقصد مخابرات البلد العربي. وأذكر أنني أجبته في حينها، أننا في فرنسا، وليس في ذاك البلد، وفي فرنسا للمواطن، وأي مقيم حق أسمه الحرية، وما هذه المظاهرات إلا تعبير عن هذا الحق في ممارسته.

لأادري إن كان يمكن القول، أن الحكام العرب، هم فعلاً حكاماً أذكياء، يعرفون كيف يديرون عقول الشعوب ويغيبونها عن واقعها وحقوقها في الحريات والديموقراطية وحقوق المواطنة المعاصرة. هذه الشعوب التي سمعت وقرأت عن الحريات والديموقراطية في الكتيبات والمنشورات ووسائل الإعلام، لكنها لم تجرب أي منها (الحقوق) في تاريخها ابداً. ولو كان لديها الوعي الكافي والتجربة العملية لها، لما كانت قد رضيت بقسمتها الوضيعة بكل ابعادها، وفتات هؤلاء الحكام، ولكانت المقاومة الحقيقية ضد الظلم وضد هذه الديكتاتورية، مقاومة داخل الدول العربية المسماة مستقرة، لاداخل العراق الأن، الذي يتم فيه قتل النخب العلمية والسياسية، وزرع فوضى قوى اللاإستقرار، لتحقيق مصالح لاتصب أبداً في مستقبل عراق حضاري يتمتع بدستور وقانون وديموقراطية وحرية وحقوق إنسان.

لكن غياب المعرفة عبر التجربة العملية لمعنى الحرية والديموقراطية في العالم- العربي، وإقتصارها على شعارات ومسميات واشباه حريات، وديموقراطيات ناقصة، لابد وأن يؤدي إلى حالة من الركود والكمود المستعصيين، كما هو حاصل الأن. لذا لانستغرب أن نرى مثقفاً أو كاتباً أو إعلامياً، ومنتجاً إنسانياً بمعنى الإنتهازية أو اللاوعي، يصرخ على الملأ بصوت عال، أن الحرية في الغرب كذبة، والديموقراطية لاتحترم، وأن الأنظمة الغربية انظمة ديكتاتورية.

ألسنا مازلنا في هذه الحالة، في طور مخاض التعاريف، والإصطلاحات المعرفية. ألسنا مازلنا نمارس سياسية الخزعبلات على أنفسنا، عندما لانعي مانقول، أو نعرف مانقول ونصّر على تجاوز الحقائق، ونمارس ردّ الفعل العاطفي في ثورة بركانية، مؤذية لإصحابهأ أكثر مما هي مفيدة عندما نكتبها لغيرنا.

أنه مؤسف ومحزن ومخيب، أن نرى أن بعض مثقفينا، مازالوا لايملكون ادوات المعرفة، والواقعية وقليل من المصداقية في تحليل وكتابة أرائهم. إلا إذا كانت كتاباتهم ومساهماتهم، جزء من سياسية نفعية، اسمها المعرفي الإنتهازية، وهي سلوك يهدف إلى مسايرة ظروف خاصة، لها علاقة في واقع معاشي أو عملي أو بيئة مؤقتة أو رغبة مبيتة في اهداف مستقبلية خاصة.

ولاأدري إن كنا من المحظوظين أم من التعساء، لإننا نعيش في هذا الغرب، واحببناه، رغماً عنا. لا لشكله أو لطبيعته الخلابة، أو الحالة الإقتصادية الفردية أو الجماعية. بل إننا احببناه، لإنه كان صادقاً معنا، وقبلنا على علاتنا، كما نحن، نتكلم العربية في أي مكان، في المطعم والعمل والسوق. ونذكر له وبكل فخر اصولنا العربية، بدون حرج أو خوف أو مرج. حتى بدأ يسامرنا الشك أن الغرب الكندي حالة مميزة، عندما نسمع عن حالات خاصة في دول أخرى. إنها الحقيقة التي مارسناها ومازلنا في يومياتنا منذ أن وطئت أقدامنا هذه البلاد، وبلاد غربية أخرى.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل وطن - سورية الجديدة
- لكي لانضيع في حوار الطرشان - دور النخب في الحث والبناء والتع ...
- اعادة الهيكلة السورية - البدء من أسفل الهرم
- في مهب الريح
- شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط
- أوراق في الاغتراب
- في الإتهام المعاكس
- أكثر من الهزيمة
- الإصلاح في سورية إلى من يهمه الأمر
- الاحتقان العربي


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - نكتة الغرب الديكتاتوري المغيب لشعوبه