أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط















المزيد.....

شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 858 - 2004 / 6 / 8 - 07:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفخر صفة المهزومين في حياتهم اليومية، لذا كان شعر الوحدة يملأ الجزء الفارغ من الحياة المعنوية للمواطن المجرد من معظم وسائل الحياة. وكان السياسيون المنادون بهذا الشعار أشد حماساَ وتعصباً، إذ كيف يمكن للمواطن ألا يكون عربياً. أليس شعار الوحدة يعبر عن عودة للقوة والعظمة والعلا.
كان شعار الوحدة مشابهاً لقارورة من العرق المثلث أو زجاجة الويسكي (بلاك ليبل أو شيفاس ريغال)، يقدم كجزء من وجبة يومية، تسكر من لايعرف السكر أبداً. وإن كان الخمر وتوابعه ممنوعين شرعياً على غالبية ابناء الدول العربية قاطبة.
ومر الزمن والعقود المتتالية، وتجاوزنا أكثر من نصف قرن، ومازال الشعار يئن في ذاكرة المحبطين من الذين ناضلوا، والذين مازالوا غير قادرين على مراجعة واقعية لماضي وحاضر الدول العربية، التائهة بين طرق وأساليب حكم، وبين قضية مواطن غائبة كلياً عن جدول الحاكم وشعارات أكثر من ممزقة، وشعار الوحدة، الحلم الذهبي في عالم الغيبوبة والنشوة العقلية عبر زجاجات العرق الأبيض أو أويسكي أو أية خمرة ممنوع تداولها أو ذكرها.
كان شعار الوحدة جزءاًَ أساسياً من مكونات الإعلام السياسي لأي حزب عربي، أيديولوجي أو عقائدي أو يميني رأسمالي (رجعي، بحسب الأحزاب اليسارية). كان الماضي حاضراً، ومازال في عقول بعض الحالمين الغائبين في ذكريات لم تثمن، ولا يبدو أنها قد تثمن في مدى منظور لجيل أو لأكثر من جيل.
هل يمكن للوحدة العربية أن تتحقق، كما تحقق اللامعقول في وعي العقل العربي عبر قيام إتحاد أوروبي مؤلف من 25 دولة. مختلفة في اللغة والقومية والعادات والتقاليد، وتاريخ ساطع في حروب مدمية على مسار زمني لم يستريح إلا مؤخراً.
هل يمكن لثقافة غير واقعية مع معطياتها المادية والثقافية أن تتجاوز قدرها المحتوم في أزمات سياسية متواصلة، معبرة عن حالة تخلف. تخلف بكل معاني وأبعاد الكلمة، وما يتبعها من عدم وعي لظروف عالمية مدعمة بالقوة والإقتصاد والعلم والعقلانية بإفضل صورها وبما يتناسب مع مصالحها الأنبة والإستراتيجية.
هل يمكن فعلا لهذه الوحدة أن تتحقق ضمن هذه المعطيات المتشابكة والمعقدة جدأ.
قد يكابر البعض (بدون وصف لمثل هؤلاء أو أي إتهام لهم) في إمكانية قيام هذه الوحدة. قد يحاول الأخر أن يرسم صورة جميلة إقتصادية ولغوية وثقافية، مبرراً إمكان قيامها! وقد يصر بعض ماتبقى من رجال عصر الحيوية المعنوية في نشاط سياسي استهلك عمرهم وحياتهم الإيمان بها، والعمل السياسي من خلالها، بدون أن يكون هناك أية نتائج لكل هذا على مستوى التطبيق.
لقد كان الشعار في الماضي الوحدة، واليوم اصبح شعار التضامن، وغداً سيصبح شعار التحالف، وقد يكون في المستقبل علاقات دول بين بعضها لأأكثر.
كلا وللأسف الشديد وبكل مايحمل الإحباط المعنوي من صفات،نقول لأشد المتحمسين، أن الوحدة العربية لايمكن أن تقام اليوم أو غداً. لن تقام الوحدة في ظل واقع غير مفهوم من أبنائه، أو لايهمم أمر فهمه أو التعاطي مع واقعه، بعقلية مغايرة.
لايمكن ان تقام الوحدة إلا إذا حدثت المعجزة، أو الهزة البركانية الشاملة في العقل المتوطن في بلاد العرب أو في بيئة وثقافة الإنسان العربي بدون جغرافيا، وسادت فلسفة جديدة تعتمد على الواقعية. يمكن للدول العربية بها ان تتحول إلى دول عصرية ذات دستور مطبق ومحترم من كل ابناء الشعب، وقوانين تساوي بين الأخضر واليابس، وانتخابات حقيقية نزيهة لا لبس فيهاأو تشويه.
وقد يقال أن الأقتصاد العربي قابل للتكامل، ونحن نقول أن الإقتصاد غير قابل للتكامل. ويقال أن بعض الدول العربية تملك رؤؤس الأموال، وغيرها يملك القوى البشرية، ودول أخرى تملك المعرفة. وهذا يسمح بقيام انصهار وتفاعل افضل من دول أوروربا، خاصة أن الدول العربية تتحدث نفس اللغة، ولها نفس العادات والتقاليد والتاريخ المشترك.
ويتناسى العاطفيون ان رأس المال العربي موظف في مكان أخر في عقول أصحابه، ومتواجد في بنوك وإستثمارات أجنبية، غير مؤمن عليها على المستوى الإستراتيجي. كما ان القوة العاملة الفائضة في عديد من الدول العربية غير مرغوب بها بكميات كبيرة لتنتقل من بلد إلى أخر.
وماذا لو قرر عدة ملايين مصري بالهجرة إلى دول بترولية إلى قطر أو الكويت؟ ماذا لوطالب هؤلاء بعد زمن بالجنسية؟ هل يقبل أهل البلاد الأصليين التخلى عن إمتيازاتهم المادية والمعنوية، والعودة إلى حالة إقتصادية تقارب الفقر بسبب شعار الوحدة؟ ومالذي يضمن استمرار الحكم في يد أبناء البلد الإصليين!
أضافة إلى هذه التساؤلات المحقة، مالذي يمكن أن تقدمه دولة عربية لأخرى أقتصادياً! غير البترول وبعض المواد الإستهلاكية، أو شبه المصنعة! هل يمكن لأي دولة عربية أن تصدر التكنولوجيا العالية، أو هل تملك أية دولة عربية القدرة على إنتاج مثل هذه التكنولوجيا؟ أليست معظم أو كل الدول العربية مسهلك ذو شهية واسعة لتكنولوجيا مصنعة بالغرب او الشرق!
على المدى المنظور لايمكن لشعار الوحدة إلا أن يبقى، كقصيدة عاطفية ذات بعد معنوي يحاكي التاريخ القديم في قوة الحضارة الإسلامية، التي كانت بصفات عربية ذات مرة بالتاريخ.
أما اليوم شكل وبنية الدولة العربية المتخلف، لايمكن لمثل هذا الشعار أن يتحقق أبداً. أذ لابد لهذه الدولة أن تمّر بمراحل أساسية متعددة لكي تغّير من بناها ومفاهيمها وتبدأ في عصرنة عملية لخلق مناخات مايسمّى بالدولة الحديثة.
ولا بدّ من بناء الأسس السليمة وإعادة هيكلة ثقافية تحدد نمط وطبيعة الحكم المرتجى إنسانياً ومواطنياً. لاحكماً منصهراً مع ماضيه وتاريخه بدون أيّ تعديل أو تبديل.
قد يكون واجب النخب العربية والمقيمة في الأوطان العربية أن تسعى إلى تحرير ذاتها من جهل شياك اخطبوط الماضي ومن سرطان النزعات اللاإنسانية في الإصرار على الفصل العرقي والمذهي والديني، أو حتى الإجتماعي والإقتصادي. كما قد يكون من واجبها أن تكف عن إتهام العقول الجديدة المتحررة من كل ضغط ارثوي أو تقولب زمني، أو حلم شاعري. وأن تقبل الدخول في صراع جدلي ضروري للدفاع عن مواقفها، مع مفكري الحداثة النادرين عربياً. كما قد يكون من واجبها مناقشة الجانب الواقعي لمفهوم المواطنة وقيمة الإنسان المطلق وعلاقته بحقوقه وواجباته بكيان الدولة الإسطوري المعلب لصالح فئة على حساب أخرى.
كما قد يكون من مهماتها أن تعيد النظر في مفهوم الأخر، المختلف أصلاً وعرقاً وعقيدة، وتقبل بالمحتوى الكوني لمفهمو الإنسان الواسع، المتجاوز لحدود أية خريطة جغرافية أو بيئة ثقافية مكبلة بالغيبيات. أنه واجب إنساني لمراجعة هذه الذات المشوهة في واقع الإنسانية المطلق بلا حدود. وواجب للقيادات السياسية (المتزمّـتة) في دوائر مصالحها العجيبة وجشعها المادّي وعلاقتها بالإنسان المضطهد من أدواتها وبنية حكمها الإسطورية. أن تبدأ على صعيد ذاتها بمراجعة مفاهيم وعقلانية حكمها واستبدادها.
إنه واجب المواطن المهاجر والمغترب. الذي جرّب نمطاً فردياً لم يكن يعرفه في قاموسه المعاشي تاريخياً أو عبر مهجية ثقافية مسيطرة بدون إدراك لهذا من قبله. انّه من واجبه أن يعيد النظر في فهمه بمستوى وعيه لحقه الجديد الذي اكتسبه بمجرد حصوله على حق الإقامة أو الجنسية الجديدة. حقه وواجبه القيام بتساؤل جذري، لماذا يحق له كمواطن من اصل غريب، ممارسة حياته بشكل مسالم وحضاري، في وطن جديد لم يكن يعتقد إنه موجود عملياً في ذاكرته التاريخية والثقافية بالأصل.
إنه واجب أن يبدأ الجميع بالتساؤل والمبادرة، بهدف الدخول في مخاض عسير ممكن في نتائجه ان تتحرر العقول من بنى فكرية كهولية متزمتة، محتقنة برغبات دنيوية على حساب مفهوم الأخر بأقصر الطرق.
لذا لن تكون هناك وحدة في مسيرة تاريخ العرب القادم والمنظور. لن يكون هناك إتحاداً عربياً، ولاجواز سفر مشاعي بحق التنقل والعمل والتجنس.
إنه عالم واقعي يصر عالمنا العربي من الخروج من حركته عبر خيال اسمه ديوان الشعر في حياة وضجيج يومي مرتبك.
إنه عالم يتطور لحظة بلحظة، بدون أحلام المراهقين في رقمية المنتج، وأسس سليمة منسجمة في الأداء.
إنه عالم العقل المتنور المنفتح على تطور على تطور التاريخ وتجاربه الدامية في الحروب واتمانها الباهظة. أنه عالم مستوعب لمفاهيم العيش المسالم لكل كائن أرضي يقبل بهذه المعادلة.
هذا العالم هو عالمنا وعالمهم، هو عالم الكونية الأرضية القادمة المعانقة للأفضل، بدون أن تكون لنا رغبة بالمشاركة به، عبر تطوير ذاتنا نحو التألف الإنساني في الأفضل.
**
قتلنا الروح بالعدوى..
ومارسنا الإنفصام الإنساني، مخالفين أوامر كتبنا المقدّسة..
كطفل يحب اللعب بالنار.
فأحرقت النار ماتبقى من خضرة في حديقته بدون ثمر..
قتلنا معنى الموت بالحياة في عواصف إبتكرناها..
ومشينا في جنازتنا المعطرة رمزاً في أي موقع.
حاصرتنا غابات الأمازون بإعشابها البرية واشواكها السامة..
أطفال مازلنا في لعبة المعاصرة..
وسكارى أكبرنا عقلاً
المتهم بالردة العصبية والإنفلات المتوحش بالعمالة..
كان التمزق فينا سلوكاً، ومكراً، وحذاقة..
ومازال، يراودنا في أعز ممتلكاتنا الحضارية، الأثر اليوم..
فكيف ضباب التألف والتوالف والصبابة، والإنشاد..
من المحيط إلى الخليج..
ووحدة، وجبة وغذاء الطبول والإنتهازيين الجدد..



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق في الاغتراب
- في الإتهام المعاكس
- أكثر من الهزيمة
- الإصلاح في سورية إلى من يهمه الأمر
- الاحتقان العربي


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل فضة - شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط