أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - عينتان: سيعية وسنية















المزيد.....

عينتان: سيعية وسنية


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2860 - 2009 / 12 / 16 - 00:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عيّنتان: شيعيّة وسنيّة
العيّنة الجزء الضئيل من الشيء، لكن الذي يدل دلالة واضحة على ماهيّة الشيء.
هاتان عينتان حاكمتان في الفكر الشعبوي الإسلامي. هما مثالان عن الجزئي (المقدس بحق أو بغير حق) والذي ما إن يُتبنّى من جمهور الناس حتى يتحول إلى قوة فعلية على أرض الواقع، تمنع وتعيق وتودي إلى نتائج خطيرة.
العيّنة السنية: كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
البدعة في اللغة هو الشيء الحديث المخترع على غير مثال سابق.
أبدع الشيء اخترعه لا على مثال.
سيحتج كثيرون بالقول: ولكن هذا القول يخص الدين ولا يتعداه. بينما سيتشدد البعض وينكر الفرق بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي للحديث بالقول أن النّص يصرّح بالتعميم الشامل لكل شيء: كل بدعة ضلالة.
أياً يكنْ، فعلى أرض الواقع يمكن التأكيد أن ما من حديث قد حفظ من قبل الناس، واستشهدوا به كهذا الحديث. وذلك ربما لقصره أولاً، ولوضوحه وجزمه ثانياً، ولأنه يريح القائل من تقييم الجديد الطارئ، فكل جديد ضال. إنه فِكْرُ النسج على المنوال المعروف، وكره أن يأتي المرء بجديد.
المشكلة أنه صار رمزاً وعنواناً للموقف المحافظ، فقد كان ومازال السلاح الماضي ضدّ أي إصلاح أو اجتهاد أو تجديد. يكفي أن يشهره المرء حتى يحيط نفسه والآخرين بسور فولاذي من العزلة عن المستجدات. يخيل للمرء أن نص ومفهوم هذا الحديث قد شكل ويشكل الأس الأهم في التفكير الشعبي العربي، وهذا الأس محروسٌ من قبل جيش من الفقهاء الشعبيين الذين تتقوى سلطتهم على الناس بالتذكير الدائم والمستمر بمضمونه.
والسؤال الكبير الذي يتطلب إجابة من الجميع وأولهم الفقهاء المتنورون الذي يرغبون بالإصلاح ولا يجرؤون، هو: كيف يمكن للمرء أن يخترع شيئاً جديداً، من صنع أداة صغيرة إلى صناعة مركبات الفضاء والكمبيوتر، إذا كان همه أن يقلد وأن لا يبدع؟ لأن الإبداع ضلالة ويؤدي إلى النار! أليس معروفاً أن كل إبداع أو اختراع هو خروج على المألوف وانحراف عن المجرى المتوسط الذي تسير به الغالبية. والحال أن المبدعين والمخترعين وأصحاب الأفكار الجديدة لاقوا العنت في كل الأمم، لكن الأمم في العصور الحديثة أزالت العوائق أمام أولاء، وبقينا نحن المسلمين في ذيل الأمم فيما يتعلق بالنظرة للجديد والإبداع والإصلاح، والفضل يعود لهذا الحديث وحاضنته الثقافية.
تعالوا نستذكر المستجدات الكبرى في المائة سنة الفائتة، ولنفكر بمن وقف ضدها وحرّمها أحيانا على قاعدة البدعة: ولنبدأ بمعركة السفور والحجاب المستمرة والدائمة، ثمّ الراديو "صندوق الشيطان"، ثم السينما والتلفزيون، ثم الفضائيات، ثم الآنترنت. إلى السيارة والدراجة الهوائية "فرس الشيطان"، ثم النزول على سطح القمر. إلى الثورات والمدارس الفكرية والفلسفية الحديثة، يكفي ذِكر جزءاً يسيراً من هذا، وهو ثورة العلوم النفسية التي حوربت على أنها نتاج يهودي. أما الفلسفة أم العلوم فالموقف منها معروفٌ ويصيب المرء بالغثيان. ولا أدل على ذلك من أن يُسمى فقهاء شعبيون بالعلماء، بينما لا يعترف الناس بالعلماء الدارسين للعلوم التطبيقية. حتى طرائق اللباس وقصات الشعر جوبهت وعلى الدوام على أنها بدعة فضلالة. وآخر العنقود الوقوف ضد الثورة في علوم الإدارة والقيادة والتربية الحديثة والتنمية البشرية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل بالتحجج بأن لنا أصالتنا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا.
وصل الأمر بأحد الفقهاء الشعبيين أن يفتي بما يلي " بعض الناس يتلفظ بقول لا يعلم معناه ولا خطره مثل قول "كل الطرق تؤدي إلى روما"، هذا القول خطأ وبدعة وضلال وهي مقولة نصرانية تبشيرية، معناه أن الإنسان من أي طريق يذهب مصيره إلى روما، أي يتنصر ويكون نصرانيا. فعلى المسلم أن يتحرز من كلامه ويتأكد منه قبل أن ينطقه ويتلفظ به ، وفقنا الله وإياكم لاتباع السنة الصحيحة وعمل الخير". الرجل يريد أغلاق النوافذ والأبواب والشقوق وكل شيء من شأنه أن يخالط هواء اعتاده. في الحقيقة المثل يحيل فقط إلى الامبراطورية الرومانية ذات السطوة عندما كانت روما عاصمة العالم، مثلما صارت بغداد فيما بعد. إنه مجرد مثل عميق المعنى مثلما هي الأمثال. والأمر له علاقة بالطرق الحجرية المرصوفة التي أنجزتها الامبراطورية، والتي ربط أطراف الامبراطورية بالعاصمة. كل تلك الطرق كانت تنتهي بروما. هو كقول أحد الخلفاء وهو ينظر غيمة في السماء: " شرقي غربي فأي الأماكن تمطريها سوف يأتيني خراجك ". والنصّان يحملان دلالة الغلبة والسيطرة والامتداد والاعتداد.
العينة الشيعيّة: يا لثارات الحسين!
لايمكن للمرء أن يعثر على شعار مُكثف للمنحى الفكري والعقيدي لجماعة كهذا: يا لثارات الحسين! فهو يصفّي عقيدة الجماعة ويبقي على الدعامة الكبرى التي تحمل البناء، حتى إذا ما انهارت انهار البناء، ولولاها لما بني البناء أصلاً. إنها الفكرة النواة وما عداها يدور في فلكها لا غير. إذْ من المعروف أن الفكر الشيعي يقوم على فكرة مظلومية آل البيت ورمزها الساطع هو مقتل الحسين.
للتدليل جوهرياً على أن لا شيعة دون هذه البضع كلمات، على المرء أن يتذكر أن الفكر الشيعي مبني على الثأر لآل البيت، والتكفير العلني أو الباطني لمن ليسوا شيعة، وطلب الحكم لآل البيت، إنه سعيٌ دهريٌ لا يتوقّف، وهو بالتالي مشروع صراع داخلي وحروب لا أفق لنهايتها. إذ كيف ينتهي مادام أهل البيت مظلومين ودمهم سال ويسيل على مر العصور؟
هذا ما يقوله إمامان شعبيان: " ولما كانت هذه الدماء قد أريقت في الصراع بين الحق والباطل فالمطالًب بالدم ليس هو شخص المجرم القاتل، بل يطالب به كل من وقف معه في تلك الجبهة، وكل من يقف معه بعد ذلك على طول الزمن"
وتر سرمدي لا ينتهي.
"شأن كل دم يراق في أي معركة ,ولما كانت معركة كربلاء قائمة مستمرة ومتصلة الحلقات إلى اليوم فكل من يقف مع أعداء الحسين عليه السلام ويتعاطف معهم ويهواهم ويميل إليهم ويرضى بفعلهم ويحبهم يكون مطالبا بدماء الحسين عليه السلام والثلة الطاهرة من أصحابه في كل زمان ومكان".
لا "أبلغ" ولا أدل!
طبعاً ليس من نفع يُرتجى من المحاججة أن الأمام عليّ ذاته رفض تسليم قتلة عثمان؛ ربما حقنا للدماء، ولأن معاوية استخدم دماء عثمان سياسياً، ولأنه أي معاوية شرعاً لا يحق له بالمطالبة، فهو ليس وريثاً لعثمان. ولا نفع يرتجى مرة أخرى وأخرى من التحجج بأن مضى على تلك "الجرائم!" أكثر ألف وثلاثمائة سنة، وأن الجرائم تموت بالتقادم، ولا الحجة ذاتها التي استخدمها الإمام عليّ من أنّ لاوريث مباشراً هنا. ربما لذلك كًثُرت العمائم السود كثرة ًتجعل من طالبي الثأر حزباً كبيراً، فاعلاً، ومقدساً بالانتماء للبيت النبوي. وأيضاً لن يفيد الإختباء خلف"ولا تزر وازرة وزر أخرى". كله لن يثمر لأن القبول بهذ الحجج يلغي يالثارات الحسين ويلغي مظلومية آل البيت وبالتالي لا شيعة.
العينة السنية ماضوية رجعية تكره الإصلاح والتجديد، والعيّنة الشيعية انتقامية موتورة تكره التسامح والتسويات. فإذا ما امتزجت العيّنات مخبرياً حصلنا على إعاقة تاريخية لا حل لها إلا بفصل الدين عن الدولة والسماح لخيول الدين أن ترمح في ميدانها فقط.

محمد الحاج صالح
كاتب سوري يقيم في النرويج
12/12/2009



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقطيع الأوصال العربية لمحة عن تاريخ التفكك العربي
- الوجعة العربية
- القوانين السيئة السمعة
- الزمن بين المعارضة والسلطة
- البطالة وعملية الإصلاح الشامل
- ماالعمل
- أنقذو مقابر عازار
- سوريا ومشروع الشرق الأوسط الجديد


المزيد.....




- ملامح متشابهة وجمال مختلف..نجمات الثمانينيات وبناتهنّ
- لمنعهم من الهروب.. صور لتماسيح بقبعات إدارة الهجرة الأمريكية ...
- استغرقت واحدة منها 249 ساعة من العمل..إطلالات دوا ليبا في جو ...
- مصر.. وزير الخارجية يكشف عن -مصادر قلق بلاده- من الوضع في سو ...
- ترامب يكشف إن كان يتحدث مع الإيرانيين منذ مهاجمة منشآتهم الن ...
- جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان عن خطة -السلام الشامل- في الشر ...
- تقرير عن -طلب- الجيش الإسرائيلي إنهاء الحرب أو احتلال غزة با ...
- ترامب يواجه تآكلًا في دعم قاعدته الانتخابية بعد الضربات الجو ...
- يورو 2025 للسيدات في سويسرا ـ ترقب لصراع كبار أوروبا
- موجة ترحيل جماعي... أكثر من 230 ألف مهاجر أفغاني غادروا إيرا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - عينتان: سيعية وسنية