محمد الحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 07:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد فترة سبات طويلة استمرت أربعة عقود أخذ الصحو يدب في سوريا, ولعلَّ نشرات الانترنيت المتعددة ساعدت وشجعت الناس المثقفين والمهتمين بالشأن الداخلي والخارجي للبلد على الصحو والتحرك . .
وصار هناك نمطين من الحركة والكتابة .
1 - الصحافة الرسمية لا تسمح بنشر كتابات المثقفين بسبب قوانين الصحافة والخطوط الحمر المفروضة على بعض الكتابات أو بعض الأشخاص,
2- النشرات الإلكترونية التي يقبل عليها مئات الآلاف من المثقفين في سوريا هي التي تظهر مطالب المعارضة الممثلة لأغلبية الشعب الصامتة والمغلوبة على أمرها, وصرنا نشهد حرية صحافة الانترنيت بنسبة كبيرة وعدم حرية الصحافة المعلنة في الجرائد الرسمية, أما الصحف والمجلات الخاصة التي سمح بافتتاحها فتسحب من السوق أو تغلق إذا ما تجاوز مقال فيها الخطوط الحمر .
من رسم تلك الخطوط ؟
إنها واحدة من القوانين السيئة السمعة التي تحد من حرية الصحافة والرأي، وتعاقب المخالف معاقبة شديدة؛ لكن المعاقبة تبدو في طريقها إلى الزوال.
وواحد من الأحلام للمثقفين في هذا القطر أن تنتقل حرية الكتابة من ضوء البريد الإلكتروني إلى نور الشمس لنرى صحيفة مثلاً : بعنوان كلنا شركاء تطبع علناً وتوزع بحرية, وهذا سيعني معادل إقصاء واحد من القوانين سيئة السمعة, وإبداله بقانون حرية الصحافة, وحرية الصحافة سيترتب عليها القضاء على الفساد والرشاوى,والمحسوبيات, والسرقات, وسوف يصاب المسؤول المرتكب أو الذي يحاول الارتكاب بالرعب من صحيفة حرة ستؤدي إلى فضحه, وكشف ارتكاباته, وثم محاسبته .
أما القانون الأكثر شهرة والأسوأ سمعة فهو قانون الطوارئ, وهو القانون الذي جعل المواطنين غير البعثيين في سوريا مصابين بالرعب, كمَّ الأفواه ومراقبة الهواتف والأشخاص, وإدخال السجون بدون حق, والإيقاف على ذمة التحقيق للكثيرين ، كما جعل البعثيين الشرفاء يتحدثون بصمت خشية الفصل والعقاب.
أما القانون الثالث وهو قانون حكم الحزب الواحد, وهو ما يسمى المادة الثامنة من الدستور, ماذا سيكون مصير هذا القانون إذا افترضنا جدلاً أن كل الشعب السوري انتمى لحزب البعث، هل يسمح لهم بذلك وهل سيشارك الشعب السوري كله بالسياسة والحكم ؟
أعلم بأن البعثيين سيرفضون, فعددهم المتضخم أضحى عبئاً عليهم, ومعظم البعثيين دخلوا الحزب للحصول على الوظائف أو المكاسب, وحزب البعث المعارض الذي حمل المبادئ والآمال الكبيرة أيام مايسمى بالنضال السلبي؛ تحول في السلطة إلى حزب حاكم, توَّرم بالطفيليين والانتهازيين, أما معظم الشعب الذي لم ينتسب للحزب الحاكم فصار مصنفاً درجة ثانية أو ثالثة, وحتى أحزاب الجبهة الخلبية ذات الواجهة الديمقراطية, وذات القمة الهرمية المقلوبة, وكثير من أحزاب الجبهة -ماعدا الحزبين الشيوعيين - يعدون قيادات بدون قواعد ، لم تُجنِ قواعدها رغم قلة عددها المكاسب، بل قياداتها قطفت ثمار مجلس الشعب والوزارات وبض الفتات في المجالس البلدية والمحافظات ،
أما عامة الشعب فلم تشارك في الحكم, ولم تستشار في أي شأن حيوي يخصها، ولم يشعر أحداً بوجودها إلاَّ بمقدار ما يمكن أن يقدم من منفعة لمسؤول في السلطة
فهل ستتحرك المادة الثامنة من الدستور لتجعل الشعب يشارك في حكم نفسه، ونرى قانون حرية الأحزاب، ليست الجبهوية بل حرية تشكيل الأحزاب.
قامت ثورة البعث تحمل مبادئ الوحدة والحرية والاشتراكية, وكان بدل الوحدة تكريس التجزئة, فلم تتحقق وحدة عربية، أما الحرية فلقد رأينا السجون ملآى بسجناء الرأي, وأما الاشتراكية فلقد بدأ المسؤولون الحزبيون فقراء ثم أصبحوا أغنياء وصار همهم أن تتحول رؤوس أموالهم إلى تجارة السوق.
قضي على الإقطاع القديم البرجوازي ليأت بديلاً عنه إقطاع حديث نشأ من قلب الفقر ومن مزرعة الشعب ، وهو نوع آخر من الإقطاع , صار يبحث عن تجارة السوق لأن الاشتراكية لم تعد تحقق تراكم رأس المال لديه. ..
وبرغم كل ذلك فإنَّ الشعب السوري بغالبيته ومعه البعثيين الشرفاء الذين لم يسرقوا, ولم يرتشوا, ولم يصابوا بالفساد يرغبون بالتطوير والتحديث, والمشاركة السياسية.
الشعب السوري المعارض يريد التماسك مع السلطة التي تمد يدها إليه بين الحين والحين ، ويرغب في مشاركتها السياسة والحكم, ولا يرغب في المصير العراقي, كما لا يرغب في مد يده إلى الخارج؛ بل يريد التغيير الديمقراطي من الداخل بالمشاركة مع الشرفاء من الحزب الحاكم
- فهل سيصدر قانون للأحزاب ، وقانون حرية الصحافة والإعلام ؟
- ويلغى قانون الطوارئ
- وهل سينفتح المؤتمر القطري على المواطنين, ويعلن أمامهم الحقائق ولا يخفي عنهم مصائرهم؟
- وهل ستكون مقرراته بمستوى المرحلة التي تمر بها بلدنا سوريا ؟
- وهل ستطوى صفحة اعتقالات أصحاب الرأي الذين يريدون الخير لبلدهم بعيداً عن الدبابة الأمريكية وحاملات الطائرات، ويفرج عن البقية الباقية منهم.
نتمنى للمؤتمر القطري التوفيق في القضاء على القوانين السيئة السمعة, وتغييرها مرة واحدة وإلى الأبد .
5/6/2005 د. محمد الحاج صالح
طرطوس
#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟