أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد الرزاق الصباغ - دراما مسيسة














المزيد.....

دراما مسيسة


عباس عبد الرزاق الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 2858 - 2009 / 12 / 14 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت الميكافيلية هي الضابط الأساس لمبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة فان بعض الغايات تبررها وسائل هي بعيدة كل البعد عن الأسس الأخلاقية متجردة حتى من الهامش الميكافيلي النسبي او الجزئي المتاح للمتعاطي للوسيلة وصولا إلى الغاية المتوخاة بالتحرر كليا من أي ضابط أخلاقي او مبدئي وعلى هذا الأساس وبدوغمائية فجة ولغة تسقيطية مقصودة وفنطازيا استعراضية مبتذلة وبتهريج مفتعل لاستدرار الضحكة من أفواه المشاهدين واستعطاف انتباههم وسط الكم الهائل من القنوات الفضائية التي تعرض الكثير من النتاجات الدرامية ذات المواصفات الفنية الجيدة بحسب متطلبات "السوق" تحاول بعض الفضائيات "العراقية" إقحام الدراما في مجالات السياسة عنوة من خلال تسييسها وادلجتها وبقياسات معدة سلفا وبمواصفات درامية لا تشبه الدراما التي توسم بالسياسية أو تدخل مضمار السياسة بتوظيف بعض الحيثيات دراميا ومعالجتها لأغراض فنية محددة تتمتع بكاريزميات ومقاربات مهنية معروفة للمختصين في هذا المجال.
وهكذا يكون تناول الدراما للسياسة فنيا أو مهنيا بالأسلوب الذي يبطن بان الدراما مسيسة حتى النخاع ليس بتناولها مواضيع سياسية للمعالجة الفنية البحتة وإنما باختلاق أو افتعال مواضيع أو مشاهد واصطناع سيناريوهات مفبركة تتضمن إشارات أو تلميحات وأحيانا تصريحات تشير الى بعض تفاصيل الواقع العراقي الراهن الذي أعقب التغيير النيساني وبتوصيف مقارب للإعلام الأصفر الموجه أو المضاد أو الكيدي أو المغرض أو المؤدلج.
فالخطاب الإعلامي المنطلق عبر الأثير من تلك الفضائيات باعتبارها إحدى الأدوات الفاعلة لتوصيل المعلومة للمتلقي ، قائم على النظر بعين عوراء باستخدام أسلوب التسقيط عبر انتقاء المادة المراد توجيهها انتقاء مقصودا لبعض المظاهر التي يعج بها المشهد العراقي خصوصا ما يتعلق منها بحالات الفساد السياسي والإداري والمالي والاجتماعي وغير ذلك فضلا عن ملفات الأمن والإرهاب والتهجير والخدمات والبطاقة التموينية والبطالة والفقر وغيرها ، وباختصار يجري انتقاء وتسييس كل ما ورثه المشهد العراقي من الحكومات السابقة يضاف إليه ما استجد بعد زوال النظام السابق من حيثيات وتداعيات وأزمات ومشاكل ومآس ٍ وذلك بتوظيفها بشكل تهويلي مبالغ فيه ومقصود وإلصاق مسؤولية أسباب ونتائج الوضع المأزوم بالعملية السياسية التي ما تزال قائمة منذ نيسان 2003 مع الإشارة المقصودة بان المشهد العراقي كان بخير قبل "الاحتلال" وان الإنسان العراقي كان يعيش قبل هذا الاحتلال في "بحبوحة" وان المجتمع العراقي كان مجتمعا متماسكا ومتعايشا وراضيا في الوقت نفسه عن النظام السياسي آنذاك وان جميع المصائب والمواجع والفواجع والجروح الغائرة وحمامات الدم والتخندق الطائفي والاحتراب المذهبي والتشرذم السياسي والعزلة الإقليمية والتشظي المجتمعي والتفتت الطوبوغرافي والخراب الاقتصادي والتقهقر التنموي والفساد الذي جعل العراق في "خانة" متقدمة في تقارير الشفافية الدولية، كل ذلك جاء بسبب الإطماع الامبريالية والمطامع الاستعمارية التي تجسدت بالغزو الانجلوـ أميركي الذي أطاح بذلك النظام الذي تحاول هذه الفضائيات أن تسوقه أمام الرأي العام على كونه "ضحية" المؤامرات الدولية والإقليمية (نظرية المؤامرة) وبعض "العملاء" الذين جاؤوا على دبابات الاحتلال وهمراته، وكل ما تقدم يمثل جزءا من الإستراتيجية الإعلامية العامة التي تقوم على أساسها الأجندة المريبة لتلك الفضائيات تمويلا وتسويقا وطرحا وأهدافا من خلال النفاذ عبر معاناة الإنسان العراقي ومكابداته اليومية والمعيشية التي تراكمت عبر العقود العجاف الماضية، وهذه الأسباب وغيرها لم تولد نتيجة الصدفة المحضة أو كانت نتائج عابرة لمرحلة أو حقبة معينة لها مقارباتها السياسية والتاريخية والسيوسولوجية والانثروبولوجية بل تولدت وتناسلت عبر عقود ثمانية مضطربة في كل الميادين ومتشظية في كل المجالات كانت ذروتها إبان الحكم البائد وليس من المنطقي او العقلاني او الأخلاقي في أحسن تقدير أن تقوم بعض الفضائيات المغرضة او التي في قلبها مرض بإعادة إنتاج و"تزويق" تلك الحقب ومعها حقبة حكم البعث المقبور على أنها كانت تمثل "الفردوس " الذي كان يتنعم في ظله العراقيون إلا من كان على شاكلة ذلك النظام وكان يتقوت على فتات موائده ومنها هذه القنوات التي تحاول مغالطة جميع الوقائع والأدلة والوثائق والقفز على منطق التاريخ والمتاجرة بمعاناة المواطن العراقي لإغراض هي بعيدة كل البعد عن الدراما التي سيست عنوة وعن أي خطاب إعلامي ناضج وبمنهج ميكافيلي مبتسر وأهداف لم تعد تنطلي على اللبيب .



#عباس_عبد_الرزاق_الصباغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار الوطني ضرورة إستراتيجية
- البرلمان العراقي واتجاهات الرأي العام
- تكنو... فساد !!
- ديالكتيك الاستنكار الفارغ
- إعلام -متعدد- الجنسيات
- تدويل القضية العراقية
- إعادة البناء
- الاعلام العربي ودائرة المسكوت عنه
- رهاب الفصل السابع
- العراق في اطاره الاقليمي
- منطق الدولة
- الإعلام والفوضى الخلاقة
- الدبلوماسية العربية في العراق
- من صنعَ الوحش ؟
- العراق ومحنة الجيوبوليتيك
- حراك متأخر ولكن !!
- التكفير ... ثغرة فقهية أم شذوذ أخلاقي؟!!
- عقدة التاسيس الطائفي
- حكومة الدولة وحكومة القرية
- الاعلام العربي واشكالية المشهد العراقي


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس عبد الرزاق الصباغ - دراما مسيسة