أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس عبد الرزاق الصباغ - ديالكتيك الاستنكار الفارغ














المزيد.....

ديالكتيك الاستنكار الفارغ


عباس عبد الرزاق الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 12:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ ست سنوات وحمى الاستكلاب الإرهابي التكفيري القاعدي ـ الوهابي والبعثي ـ الصدامي لم تزل مستعرة ولحد الآن وان يعتورها بعض الفتور في بعض الأحيان فإنه لالتقاط الأنفاس ولملمة الصفوف وإعادة الترتيبات التكتيكية واللوجستية المتعلقة بالعمليات الإرهابية وإحداث "طفرات" نوعية فيها لإيقاع اكبر عدد من الضحايا الأبرياء ولإرباك الفعاليات السياسية في مسلسل مكشوف ومفضوح الإستراتيجية الهدف منه إرجاع العراق وشعبه إلى المربع الأول وتدمير جميع المكتسبات التي نيلت بالتضحيات الجسام عبر عقود من النضال ضد الديكتاتورية المقيتة ، وهذه إستراتيجية تتوالف فيها قوى إقليمية وبعض القوى المحلية (حواضن ومرتكزات تنفيذ) وجدت نفسها خارج نطاق صنع القرار الذي احتكرته قسرا.
وفي أتون حمى الإرهاب وغمرة الأعمال الإرهابية شبه اليومية والتي تتصاعد وتائرها بين فترة وأخرى متسببة بسقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى وتهديم البنى التحتية ومنازل المواطنين (خاصة في المناطق الفقيرة والمحرومة ) وبإضافة أرقام أخرى الى سجلات أيتام العراق التي صارت "مفتوحة" وغير قابلة ـ كما يبدوـ للغلق ، وترميل النساء وإعاقة مالا يحصى من الناس بكل أنواع العوق النفسي والجسدي..في هكذا أجواء تفوح منها روائح الموت والمأساة تتصاعد في المقابل "وتائر" أخرى كرد فعل "مواز ٍ" ومعاكس ألا وهي صيحات الاستنكار والتنديد والشجب والإدانة والرفض القاطع داخل وخارج البلد من شخصيات ومؤسسات ومنتديات ووزارات وهيئات وتجمعات وغيرها مقابل هذه الأعمال البربرية التي تنكرها جميع الأديان والقيم والأخلاق والأعراف والنظم، ولا يخلو الكثير من هذه الاستنكارات من تعاطف صادق وتفاعل حقيقي مع التصاعد الدراماتيكي الدموي والمأساوي لتلك الأحداث كما لا يخلو البعض منها من أسلوب المجاملة و"الاتكيت" الذي يفرض على المسؤولين ان "يستنكروا" ويشجبوا مرغمين من باب الواجب المطلوب إجراؤه في هكذا أمور...
وهكذا نرى إن عبارات الاستنكار جاهزة في القالب وفي المعنى وبصيغ لغوية تكاد تكون متشابهة او متقاربة كأنها كانت تنتظر "المناسبة " كي تنطلق من عقالها لتمتلئ بها جميع صفحات وسائل الإعلام وما تلبث أن تنتهي او تتبخر بعد انتهاء الشد النفسي الذي تتركه "الصدمة" الناتجة عن الحدث وتذهب معها المأساة الى خانة النسيان ويبقى المتضررون وحدهم يلعقون مرارة أحزانهم وجراحاتهم .
والكثير من صيحات الاستنكار لا تخلو أيضا من المصداقية والتعاطف والتفجع والتأثر النفسي البالغ تجاه الآثار المروعة التي تتركها الأعمال الإرهابية وآثار الدماء وأشلاء الضحايا وصرخات ذوي الضحايا ولا يشكك احد في ان السلسلة اللامتناهية من عبارات الشجب والاستنكار هي عبارة عن رد فعل طبيعي تمثل في واقع الحال الحد الأدنى للتعبير عن مشاعر الحزن والأسى والأسف تجاه جرائم كبرى تحدث وسط صمت أشبه بصمت القبور من بعض "الأشقاء" وتشفي البعض الآخر منهم ووسط استنكارات خجولة ومتحفظة في الوقت نفسه من قبل آخرين جاء بعضها للدعاية أو التسويق الإعلامي او لتطعيم نشرات الأخبار بمادة "دسمة" عن المصائب والويلات العراقية ولخلق شيء من "الإثارة" الخبرية وكسر الجمود والرتابة وكسب اكبر عدد من المشاهدين وليس كرد فعل إنساني تجاه جرائم كبرى بحق الإنسانية (الإنسان العراقي) ! وعلى ارض العراق التي قدر لها ان تبتلى وعلى مدار التاريخ بالمستعمرين والمحتلين و"الفاتحين" والطواغيت والمستبدين والفاسدين والمفسدين والشامتين والمتفرجين كما قدر لها ان تبتلى بالإرهابيين والتكفيريين السلفيين والوهابيين خوارج هذا العصر وبالبعثيين العفلقيين الداء العضال الذي مازال ينخر بجسد الأمة العراقية.
وعلى مدار السنين الست السابقة شاعت ثقافة الاستنكار وفي جميع الأوساط النخبوية والشعبية والجماهيرية والإعلامية والحزبية حتى غدت هوسا لا معنى له او إجراء لا تجنى منه أية فائدة سوى إجراء "اللازم" وبميكانيكية روتينية فجة وأداء الواجب وإبراز تأثر المسؤول الفلاني او العلاني ممن هو بعيد عن هذه المعمعات ومحصن بكل أنواع التحصينات تجاه مآس ٍ يبدو الاستنكار أمامها مجرد كلام فارغ المحتوى ومشاعر مستهلكة وواجب في غير محله وتغدو جميع الكلمات أمام هذه الفواجع والمواجع والكوارث ودموع الأمهات والثكالى وصراخ الأيتام والبيوت التي انهدمت على من فيها جدلا تافها لا يغني ولا يسمن من جوع ومن العيب بعد ألان أن يخرج أي "مسؤول" عراقي وفي جميع المستويات من المسؤولية ليعرب عن "استنكاره" و"أسفه" لهذا الحادث الإرهابي او ذاك فالشهداء والضحايا غير محتاجين إلى جعجعة فارغة من مسؤولين لعملية سياسية خاوية على عروشها .



#عباس_عبد_الرزاق_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلام -متعدد- الجنسيات
- تدويل القضية العراقية
- إعادة البناء
- الاعلام العربي ودائرة المسكوت عنه
- رهاب الفصل السابع
- العراق في اطاره الاقليمي
- منطق الدولة
- الإعلام والفوضى الخلاقة
- الدبلوماسية العربية في العراق
- من صنعَ الوحش ؟
- العراق ومحنة الجيوبوليتيك
- حراك متأخر ولكن !!
- التكفير ... ثغرة فقهية أم شذوذ أخلاقي؟!!
- عقدة التاسيس الطائفي
- حكومة الدولة وحكومة القرية
- الاعلام العربي واشكالية المشهد العراقي
- الاعلام العراقي ...هل هو سلطة رابعة؟
- القرضاوي والهلوسة الطائفية
- الاعلام العربي وصناعة الوهم
- فلسفة التغيير


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس عبد الرزاق الصباغ - ديالكتيك الاستنكار الفارغ