|
المسمار الأخير في نعش الانفتاح الأردوغاني!!!
شيار محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2858 - 2009 / 12 / 14 - 00:02
المحور:
القضية الكردية
بان الوجه الحقيقي للإنفتاح الأردوغاني على الداخل والخارج وأنه لا يسيّر سوى الأجندة التي يُأمر بها من الخارج وأنه ليس سوى أحد حجار وبيدق على رقعة الشطرنج له دوره الخاص الذي ينبغي القيام به وله حدوده التي لا يمكن تجاوزها. هذا هو قانون لعبة الشطرنج والذي ينفذه السيد أردوغان الملتحف بالعباءة الاسلاموية والذي ينادي بالعثمانوية الجديدة في المنطقة. انفتاح ليس له هدف سوى المصلحة الأنانية للذات الطورانية التي لا تعترف ولا تحترم الآخر مهما كان سوى أنه عبد وخدم في قصور السلاطين العثمانيين. بهذه التقربات حاول السيد أردوغان السير بخطواته الإنفتاحية نحو الداخل أولاً ومن ثم نحو الخارج، فما الذي جناه وإلى أين وصل؟ هذا ما تجيبه علينا المستجدات التي تتفاعل في الداخل التركي لأن الداخل هو مرآة للخارج والعكس صحيح. الانفتاح الداخلي الذي بدأته الحكومة التركية بقيادة السيد أردوغان بتسميته الانفتاح على الكرد ومن ثم تغيير شكله نحو الانفتاح الديمقراطي ومن بعده الوطني كل ذلك شماعات ومسميات هدفها الأول والأخير هو تصفية وإنكار الكرد بأسلوب مغاير وطريقة مختلفة. إذ أنه إلى الآن تقربت كافة الحكومات التركية وبمختلف توجهاتها وشرائبها من يمينها إلى يسارها ومن ليبرالييها إلى من يضعون العمامة الاسلاموية، تقربت على أساس عدم الإعتراف بالكرد كشعب له مقوماته التاريخية كشعب وأنه صاحب ثقافة ولغة خاصة به وينبغي التقرب منه على هذا الأساس، بل التقرب كان وفق اسلوب واحد فقط لا غير وهو الشعب الواحد والعلم الواحد واللغة الواحدة واللون الواحد وأي شيء خارج عن هذه المقدسات ينبغي تصفيته والقضاء عليه مهما كان الثمن. بهذه التقربات الطورانية ذات العقلية الأحادية تقربت من الكرد وكانت النتيجة لا تحمد عقباها مئات الآلاف من الضحايا من الجانبين الكرد والترك على مر تاريخ جمهورية تركيا. والآن وبعد مجيء السيد أردوغان أراد العمل على تحسين الوضع نحو الأفضل وهكذا زعم على الأقل من الناحية النظرية وأراد التحرك العملي ولكن كافة خطواته لم تكن توحي إلى ذلك بقدر ما كانت تريد تغيير الأسلوب فقط ولكن الهدف واحد. أي القضاء على الكرد بتسيير سياسة يد من حديد ويد من حرير علَّها توصل الحكومة التركية إلى هدفها ولكن كل ما كان مخبىء انكشف وانقلب السحر على الساحر وأن الانفتاح لم يكن منذ البداية حتى سوى دغدغة لعواطف الشعب الكردي والتركي على السواء وأن قناع الانفتاح سقط شر سقوط بحظر حزب المجتمع الديمقراطي بنسبة 11/11 من أصوات هيئة المحكمة الدستورية العليا في تركيا وكأن هذا السيناريو مخطط مسبقاً وليس على القضاة سوى عمل سكيتش مسرحي حقوقي يضفي على عملهم شرعية الغاب التي تنتهجها الحكومة التركية. بحظر حزب المجتمع الديمقراطي لم يبقَ هناك من طرف آخر لا في الشارع ولا في المؤسسة البرلمانية الرسمية يمكن ان تبحث عنها الحكومة التركية كي تتباحث معه أو تستشيره في قضايا حل النزاع. رسالة حظر حزب المجتمع الديمقراطي واضحة للكرد أجمع وهي أنه ليس بمقدور أحد أن يقف بوجه الحكومة وما تريد القيام به وأن ما تقدمه الحكومة التركية للكرد كاف وعليهم قبوله من دون تذمر ولا حتى فسلكات، بل عليهم التصفيق والدعاء لأردوغان لأنه منحهم هذه العطايا التي لم يكن يحلمون بها بتاتاً والتي لا تعتبر سوى فتات مقارنة بالحقوق الأساسية التي يطلبها الكرد. وكأن السماح للكرد بالتحدث بلغتهم ونحن في القرن الحادي والعشرون يعتبر منحة ويجب على الكرد أن يشكروا السيد أردوغان على هذه العطايا الربانية، وكم هو معيب أن تمنع حكومة ما شعب من التحدث بلغته الأم وهذا ما يحدث في تركيا وسوريا إذ أنه إلى الآن يمنع على الكرد التحدث بلغتهم الأم وتعلمها ونحن في مرحلة ينادي الكل فيها بالديمقراطية والعيش برفاهية. فالكرد يطلبون كل شيء أن يعيشوا بإرادتهم الخاصة بهم من دون أن يملي عليهم أي كان شيئاً ما. قرار أعضاء حزب المجتمع الديمقراطي الانسحاب من البرلمان سوف يجر تركيا نحو الوراء وربما يعجل من الانتخابات التشريعية وهذا لن يكون في مصلحة العدالة والتنمية بالطبع بل سيكون من مصلحة الكرد لأن الشارع الكردي الآن يميل بكل قوة نحو التعاطف الداخلي مع الحزب الذي سيتشكل بديلاً عن المجتمع الديمقراطي وربما يكون حزب السلام والديمقراطية. ولن يتوقف التاريخ بحظر المجتمع الديمقراطي بل على العكس ستتسارع المستجدات على الأقل في البداية من المحتمل أن تتكشر أنياب الجيش ثانية ويظهر على المسرح على أساس أنه المنقذ الوحيد من هذا المستنقع الذي دخلته تركيا بمركب السيد أردوغان وربما تزداد الهجمات العسكرية بين الكرد والترك خاصة أن الحكومة التركية والجيش إلى الآن ينظرون إلى الكرد الذين يخالفوهم الرأي بأنهم إرهابيون ويجب القضاء عليهم إن كان في المدن أو في الجبال فالأمر سيان بنظر الحكومة التركية فكل كردي يقول "لا" هو إرهابي وهذا ما أصرت عليه كافة التيارات المتواجدة في تركيا على عدم التعاطي مع العمال الكردستاني وبعد ذلك حظر المجتمع الديمقراطي على أساس أنه لم يترك مسافة مع العمال الكردستاني. طبعاً، مشروع أردوغان الانفتاحي الذي تمخض كجلمود صخر والذي طنطنت له كافة وسائل الإعلام التركية لم يولد سوى فأراً ميتاً وأن المحكمة الدستورية دقت المسمار الأخير في نعش الانفتاح الاردوغاني، وأن هذا النعش لن يكون للكرد هذه المرة بل سيكون للعدالة والتنمية الذي لن يطول عمره سوى شهور إن هو استمر على عقليته هذه بإقصاء الآخر وعدم قبوله كمخاطب لحل القضية الكردية. الكرد سيستمرون في انتهاج سياستهم الديمقراطية وحقهم في الدفاع المشروع عن قيمهم المقدسة وهذا ما أعلنه العمال الكردستاني على لسان السيد قرة يلان بأنهم "متمسكون بخيار المقاومة حتى تحقيق الحل الديمقراطي والعيش بكرامة وحرية وأن كافة تقربات الحكومة التركية الإنكارية لن تزيدهم سوى إصراراً على المقاومة وأنهم لم ولن يرضخوا لكافة التهديدات من أينما جاءت". وأمام تقربات الحكومة التركية الفاشية هذه والتي تصر على عدم الإعتراف بالكرد وإرادتهم وثقافتهم ينبغي على الكرد عامة في أجزاء كردستان الأربعة أن يعملوا كل ما في وسعهم من أجل عقد كونفرانس وطني شامل يحفظ لهم ماء الوجه أمام هذه التحديات الخطيرة وعلى كافة التيارات والأحزاب الكردستانية الوطنية أن تبدي ردة فعلها بكل علانية على تقرب الحكومة التركية من حظر المجتمع الديمقراطي وعدم التقرب بشكل دبلوماسي بل التقرب بشكل وطني حينها سوف يتم حساب الكرد أينما كانوا.
#شيار_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سجن عدرا وسقوط مفهوم الوطن!!!
-
سينما عامودا وفتاحيان وشيركو مورافي!!!
-
سوريا وسجن عدرا والمقاومة حياة!!!
-
تحية لرسل السلام في كردستان
-
مقال
-
شنكال، ضحية التعصب القوموي الشوفيني!!
-
قفزة 15 آب وخمسة وعشرون عاماً والكرد يقولون -كفى-!!!
-
قامشلوا، مدينة العشق الأبدي، ولو كره المنافقون!!!
-
رفض إعدام شخص لكنه وافق على إعدام ثورة وشعب!!! الطالباني إنم
...
-
الكرد والإتفاقيات التركية – الأمريكية
-
نظرة لزيارة المالكي لأنقرة وما تمخض عنها؟؟؟
-
النظام السوري وخنجر الحزام العربي والكرد
-
كي لا تفوتنا الفرصة!!!
-
هل حان الوقت لعقد كونفرانس قومي كردستاني؟؟؟!
-
ديمقراطية اللكمات في البرلمان التركي
-
هولير لا تحزني، إنه ليس إلا مخاض ولادة!!!
-
وماذا إذا أعلن العمال الكردستاني الحرب؟؟؟!
-
إذا كانت الحرية ستأتي بقتل طفل بريء فاللعنة على تلك الحرية..
...
-
الكرد بين بيكر – هملتون وكيسنجر – أردوغان؟؟؟!
-
نداء للمحامين الكرد.. إرفعوا دعوى ضد غول؟؟؟!
المزيد.....
-
سلوفاكيا تعتزم تخفيض الدعم المالي للاجئين الأوكران
-
بين صراع الظلم والمجاعة: الفلسطينيون يواجهون قسوة الأزمات ال
...
-
دولة قطر تؤكد ضرورة اضطلاع الجمعية العامة للأمم المتحدة بمسؤ
...
-
نائب في -الرادا- الأوكراني يدعو لاعتقال زيلينسكي فور إبرام ا
...
-
رسالة الجولاني لبشار الأسد ورؤيته لمستقبل سوريا ووضع الأقليا
...
-
الأمم المتحدة: العراق اليوم أكثر أمناً واستقراراً
-
رئيس إسرائيل يدعو إيلون ماسك للتوسط في إحياء صفقة تبادل الأس
...
-
في عامها الـ75.. هل تنجح حملة القضاء على الأونروا؟
-
-الفارس الشهم 3-.. الإمارات مستمرة في دعم وإغاثة سكان غزة
-
ما الذي يحدث في حمص حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان؟
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|