في السعودية-2-العاذرية والمتحف

جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)

الحوار المتمدن-العدد: 2851 - 2009 / 12 / 7 - 21:22
المحور: الادب والفن
    

التراث الشعبي احد مقومات الهوية الوطنية لأي شعب من الشعوب، والجزيرة العربية منشأ العرب، ومنطلق أصولهم ومنابتهم، هي مهد الحضارة العربية والاسلامية، وأشقاؤنا في المملكة العربية السعودية يدركون ويعون ذلك جيدا، من هنا فإنهم أعطوا ولا يزالون يعطون الموروث الحضاري اهتماما خاصا تمثل في عدة أوجه منها قيام أحد الباحثين – لا يحضرني اسمه– بجمع الحكايات الشعبية السعودية في موسوعة من عشرة أجزاء تحوي اربعة آلاف وخمسمائة حكاية شعبية ،وعدا عن الجهود الفردية والتي تلقى الدعم الرسمي، هناك الجهود الرسمية والمؤسساتية التي رأيت جزئيتين منها ، هما المتحف الوطني في الرياض، وفرقة الفنون الشعبية التابعة لوزارة الثقافة .
المتحف الوطني:
وقد كان لنا نحن أعضاء الوفد الفلسطيني لأيام فلسطين الثقافية شرف زيارة المتحف الوطني السعودي في الرياض، برفقة الاستاذ عبد الرحمن بن عبد الكريم الرقراق، مدير ادارة الفنون المسرحية في وزارة الثقافة والاعلام، وهو فنان موهوب معروف، خفيف الظل، مرح أوقات المرح، وجدّيّ أوقات الجد، مازحناه وتبادلنا وإياه رواية بعض النوادر والفكاهات، كان خير رفيق لنا في ايامنا الأخيرة في الرياض، حتى اصطحابه لنا الى باب الطائرة ونحن في طريقنا من الرياض الى جدة في طريقنا لآداء مناسك الحج.
والمتحف الوطني مقام في بناية مصممة على أحدث الفنون المعمارية والهندسية في اقامة المتاحف حسب المواصفات العالمية .
وبجوار المتحف البيت الذي كان يسكنه الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة السعودية الحديثة، والبيت اصبح بموجوداته جزءا من المتحف، وفي المتحف موجودات لا تقدر بثمن منها نقوش وكتابات عربية وسامية قديمة على صخور قديمة عمرها آلاف السنين، وكان لافتا وجود مصاغ ذهبي لاحدى ملكات الممالك العربية القديمة في الجزيرة العربية، كما ان هناك دروعا وسيوفا وتروسا من العصور الجاهلية وصدر الاسلام .
وهناك جناح خاص لتاريخ العائلة المالكة في السعودية بدءا من الامام محمد بن سعود الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي،ومرورا بحفيده الذي يحمل اسمه(محمد بن سعود)الذي ولد في القرن الثامن عشر، وتمرد على العثمانيين الذي القوا القبض عليه وأعدموه في العام 1816 ميلادي، ليتوالى الزعامة من بعده ابناؤه وأحفاده، وعلى رأسهم الملك عبد العزيز آل سعود الذي خاض صراعا طويلا ومريرا متنقلا بين قبائل الجزيرة العربية، ومنفيا الى ان عاد واستولى على حامية( الدرعية) وليواصل طريقه الى ان استطاع السيطرة على كافة اجزاء المملكة السعودية بحدودها المعروفة حاليا، وكان ذلك في العام 1351 هجري الموافق 1933 ميلادي .
كما ان هناك جناحا خاص مصورا عن أماكن مناسك الحج .
وزيارتنا السريعة للمتحف لم تكن كافية للتمعن بكافة محتويات المتحف، وما ذكرته سوى لمحات سريعة وخاطفة وغير شمولية لهذا الصرح الحضاري الشامخ .
العاذرية:
وهي مكان في أحد أحياء مدينة الرياض، عبارة عن بيت مبني على نمط الفن المعماري للبيت السعودي القديم، محاط بسور يبلغ ارتفاعه حوالي المترين، فيه ساحتان كل ساحة تبلغ مساحتها حوالي 60x 50 مترا
دخلنا الساحة الأولى ووجدناها مفروشة بالبسط المزركشة، وجلسنا في"ديوان البيت" حيث احتسينا القهوة العربية، وأكلنا أطايب التمور، ثم خرجنا الى الساحة لنجلس جلسة عربية على(فرشات) تُقابلنا (فرقة الفنون الشعبية) وهي تابعة لوزارة الثقافة السعودية، حيث قدمت عروضا جميلة من روائع الفلكلور السعودي، ومنها رقصة(العرضة السعودية) وهي رقصة حربية يرقصها أبناء الشعب السعودي، وفي مقدمتم الملك والأمراء، حيث تبدأ الرقصة بدق الطبول، وتبدأ الأناشيد الشعبية، والراقصون يلوحون بسيوفهم، كما شاهدنا رقصة(السيف والعزاوي) المعروفة في منطقة جيزان، وقد شارك عدد من الحضور، ومن بينهم بعض أعضاء فرقة( أصايل) الفلسطينية ، بقيادة الفنان ناجي شمروخ في الرقصة .
كما شاهدنا عزفا وغناء على الربابة قدمه عضوان من الفرقة، وبحضور سعادة الدكتور عبد العزيز بن محمد السبيّل وكيل وزارة الثقافة والاعلام، وعدد من اركان الوزارة، اضافة الى عدد من اساتذة الجامعات والأدباء السعوديين، وعدد من المدعوين العرب من بينهم وكيل وزارة الثقافة السوداني، ثم تناولنا طعام العشاء في الساحة الثانية، والذي احتوى على عدد من الأكلات الشعبية السعودية، والكثير من الأكلات الحديثة.
لقد كانت ليلة من ليالي السمر التي لا تمحى من الذاكرة، استطعنا من خلالها الاطلاع على جزء من جانب مهم من الفلكلور السعودي، وعلمنا ايضا انه يوجد فرق شعبية اخرى في مختلف محافظات المملكة وترعاها وزارة الثقافة، وهذا نشاط مهم في الحفاظ على الموروث الشعبي، فمن لا ماضي له، لا حاضر ولا مستقبل له.
7-12-2009
يتبع

#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل